الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات ورؤى حول المنعطف التاريخي في فلسطين

عبد الحميد الموساوي

2006 / 4 / 7
القضية الفلسطينية


وصفت الصحافة العربية والعالمية نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة بالزلزال، او بتوسانامي سياسي، إلا ان الأمر يبدو ابعد واكبر بكثير من ذلك.
فقد حصل تحول في المجتمع الفلسطيني الذي عرفناه، مجتمعا ديموقراطيا ويساريا علمانيا، ذلك المجتمع ذو النزعة الاشتراكية، الذي حاول بدءا من أواخر الستينات من القرن الماضي ان لا يكون فقط حركة تحرر من اجل استرجاع الأرض والسيادة بل كذلك قدوة لتحرير شعوب الشرق الأوسط عموما، واصطدم من جراء ذلك بالسياسة الاستعمارية الإسرائيلية من جهة وبالمعارضة الصلبة للأنظمة العربية من جهة أخرى.
ان انتصار حركة حماس الاسلامية وفوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة هو في حد ذاته انهيار أحزاب وحركات منظمة التحرير الفلسطينية بدءا بحركة فتح ومن ثم كل التنظيمات اليسارية واليسارية المتطرفة.
لذلك يبدو الأمر اليوم وكان ياسر عرفات قد مات للمرة الثانية.
إذ يبدو لنا انه من غير الممكن فصل هذا الحدث عن الإطار العام للشرق الأوسط والعالم العربي الذي يتميز اليوم ببروز تيارات الإسلام السياسي، الذي ظهر كبديل وحيد ممكن في ظل غياب آلية للديموقراطية في المنطقة علاوة على فساد الأنظمة السياسية وحالة الركود التي تعيشها هذه الأنظمة.
ومن اجل ان نفهم بشكل افضل هذا المنعطف التاريخي في فلسطين يتوجب علينا الرجوع وتسليط الضوء على الحركة الفلسطينية في عام 1970.
ففي ذلك الوقت أكدت حركة فتح وجودها كحركة تحررية كانت تفضل الاطروحات الماوية التي تدعو للثورة الدائمة المستمرة> تلك الحرب التي كان من المؤمل ان تفضي الى إجراء تحولات اشتراكية تقضي على الامتيازات في إطار دولة فلسطينية علمانية وديمقراطية تضم العرب واليهود.
ومن ناحيتهما، كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تصران على إقامة حزب ثوري ماركسي لينيني من اجل قيادة الثورة الفلسطينية على مدى بعيد تحت زعامة البروليتاريا.
وكانت منظمة التحرير الفلسطينية تنادي في إحدى مراحل تطورها بإقامة دولة ديموقراطية علمانية يعيش فيها معا المسلمون واليهود والمسيحيون.
في حين لم تكن الحركة الاسلامية في ذلك الوقت تمثل ركيزة ثقافية للهوية الوطنية ولم يكن بمقدورها ممارسة دور إيديولوجي مهيمن.
واليوم ظهر ما كان خارج نطاق المخيلة منذ 15 عاما عند انهيار نظام الكتل وقيام مؤتمر مدريد.
فحركة حماس، هي نتيجة للحرب التي تخوضها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بالكامل وفي كل أوقات حياته اليومية.
لقد ولدت حركة حماس من اليأس، ومن فوضى قواعد القانون الدولي الذي حيّد واستخدم في غير مرة ضد مصالح الفلسطينيين ولمصلحة إسرائيل، وكذلك من عدم مبالاة المجموعة الدولية أمام عنجهية إسرائيل، في عالم أحادي القطب حلت فيه > محل القانون الدولي بشكل كامل.
فلا احد يستطيع القول اليوم ان آلية السلام توقفت بسبب فوز حركة حماس ووصولها الى السلطة، فآلية السلام قد اغتيلت عام 1995 مع اغتيال إسحاق رابيين.
اليوم تدفع حركة فتح فاتورة عدم تمكنها من إدارة السلطة الفلسطينية إدارة رشيدة، تلك السلطة التي أصبحت حيلة قانونية فكرت بها إسرائيل كبديل لقيام دولة فلسطينية لم تجد منذ زمن محاورا حقيقيا وجادا من اجل السلام.
فقد فعلت إسرائيل كل شيء من اجل نزع الشرعية والمصداقية عن الراحل ياسر عرفات، وجعلت من الرئيس الحالي- أبو مازن- نوعا ما دمية متحركة او ألعوبة أمام شعبه عندما وضعته أمام أمر واقع تمثل في الانسحاب الأحادي من قطاع غزة.
وإذا كان العالم قد بارك هذه الخطوة وصفق لها كثيرا، إلا ان تعبير الأحادي الجانب يعني فيما يعنيه القول ان الأمر قد تم تحت شروط المنتصر.
ان الانتصار الذي حققته حركة حماس قد جرى والضفة الغربية لا تزال تحت الاحتلال العسكري.
لقد استمدت الحركة قوتها عندما بدأت في تقديم المساعدات والنجدة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من الفقر والخصاصة عبر نظام التكافل الإسلامي الذي جاء من تمويل القطاع الخاص وصناديق الزكاة في العالم الإسلامي عبر الجمعيات الخيرية، في الوقت الذي تم فيه إخراج أغلبية الكوادر الوسطى لحركة فتح من خلال عمليات الاغتيال او الزج بهم في السجون ومنهم جزء كبير من قياداتها بدءا بياسر عرفات و مروان ألبرغوثي وانتهاء بسواهم وبالتحديد منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
لكن حركة حماس لم تستطع تحقيق الغلبة عندما كان ياسر عرفات حيّا يرزق، لكن بغيابه عن الساحة، كانت حماس هي التي ملأت الفراغ وكانت الرد على عدوانية إسرائيل.
واليوم نرى اليمين الإسرائيلي غير منزعج من هذه النتيجة التي أرادها وتمناها، إذ خلقت له مبررا، فالأمور أصبحت لديه أكثر يسرّا من ذي قبل إذ يمكنه مواصلة بناء الجدار بكل هدوء في الضفة الغربية، وتطويق مدينة القدس بالكامل، والبدء بتطبيق برامج جديدة أخرى أحادية الجانب.
وبوجود حكومة تقودها حماس لا احد في العالم يستطيع ان يتفوه بكلمة واحدة احتجاجا على الأعمال الإسرائيلية عدا البعض من الدول الاسلامية.
عندما بدأت تتبلور في فلسطين الحركة التحررية الوطنية منفردة التي قادها الحاج أمين الحسيني، لم تأخذ تلك الحركة الطابع الديني على الرغم من زعامة الحاج أمين الحسيني لها، وبعد فشل الحركة أيد الفلسطينيون الراحل جمال عبد الناصر الذي حمل على أكتافه الحركة الوطنية العلمانية العربية، فيما لم يميز ياسر عرفات كذلك بين المسلمين والمسيحيين وكان يشدد دائما على تحرير مساجد وكنائس القدس.
إلا ان النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي وصل الى ذروته عند بدء الانتفاضة الأولى عام 1987 أعطى دفعة هائلة للقوى المتدينة(حركة حماس والجهاد الإسلامي) التي نمت حتى ذلك الوقت بهدوء (رافقه صمت من سلطات الاحتلال التي رأت فيها ثقلا مضادا لمنظمة التحرير الفلسطينية العلمانية).
وان كانت الانتفاضة الأولى قد أدت الى اتفاقية اوسلو وإعادة عرفات الى البلاد فان السلطة الفلسطينية الجديدة لم تنجح في وضع حد للاحتلال وإقامة دولة فلسطينية علمانية.
وعندما اخذ النداء بين أوساط الجمهور الفلسطيني للمقاومة المسلحة يتعزز ويأخذ صداه بعد انتشار المستوطنات، برعت الفئات الفلسطينية المتدينة بهذه المقاومة، حيث يسهل على الشاب الفلسطيني المتدين التضحية بحياته في عملية استشهادية أكثر من زميله العلماني.
وهنا يمكن ان يطرح السؤال الأتي:
هل يتوقف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ويكف عن كونه نزاعا وطنيا بعد وصول حركة حماس الى السلطة وفي محيط إقليمي إسلامي، ويتحول الى نزاع ديني؟
من المعروف ان النزاعات الوطنية حتى وان كانت شديدة هي نزاعات بالأساس منطقية ويمكن إنهاؤها بشكل حكيم من خلال القيام بالتسويات الإقليمية....إلا ان الأمر ليس كذلك في النزاعات الدينية، فالتوصل الى تسوية أصعب بكثير عندما يكون الأطراف مقيدين بوصايا إلهية.
حيث يؤمن اليهود المتدينون بان الله وعدهم بالأرض كلها، وان تسليم جزء منها يعد خطيئة لا تغتفر، فيما يؤمن المسلمون بان البلاد وقف إسلامي يمنع تسليم أي جزء منه للكفار...
وعلى فكرة الأصوليين الذين يسيطرون الآن على واشنطن ويعتبرون البلاد ممتلكات دينية، وبإعادة اليهود إليها فقط يمكن ان تتاح فرصة عودة يسوع المسيح،
فهل من الممكن ان تتوصل هذه الأطراف الى تسوية وصنع السلام معا؟
بالتأكيد ممكنا لكن ذلك يتطلب الكثير من الحكمة والحنكة والصبر....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز