الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افتتاحية تيار مواطنة : تطبيع الاحتلال ......دراما سورية من نوع اخر

تيار مواطنة

2018 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الحالة السورية أصبحت أقرب إلى دراما تطرح أسئلة أقرب إلى الفانتازيا، يترك المشاهد أمامها عابثا بعقله دون أجوبة تريحه أو خيار يلائم قناعاته أو تصور يتوافق مع نمط الحياة الاجتماعية والأخلاقية التي تحيط به.
عندما عُرض مسلسل ” صرخة الروح ” في جزءه الأول عام 2013 أحدث هزة عنيفة في عقل المتابع، وبدون الدخول في التفاصيل، فإن المسلسل كان صدى جريئا لمتغيرات الواقع السوري وتعبيرا عن تغيرات الحالة النفسية والسلوكية التي يعانيها المواطن السوري نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي فرضها النظام على مدى أكثر من نصف قرن، وكان بمثابة جرس إنذار، لتحولات أعمق ستلامس القيم الأساسية لدى المواطن السوري مع دخول انتفاضته الشعبية طور العسكرة والاحتلالات.
“صرخة الروح” رغم فجاجته في معالجة قضية الخيانة الزوجية ومخالفته الفظة للقيم الاجتماعية السائدة، من عادات وتقاليد ودين، إلا أنه بقي يُعرض بدون أي معارضة تذكر من الجمهور بل إنه حاز على عدد هائل من المتابعين والمشاهدين ،وأضحى حديثَ الشارع السوري، لكنه أيضا حاز على اهتمام عدد هائل من الأقلام الناقدة التي اعتبرته خروجا عن المألوف، لكنّ كلا الفريقين اعتبروه محاولة لتطبيع الخيانة الزوجية.!
بعد أعوام قليلة من عرض المسلسل، نقف أمام دراما من نوع أخر، دراما واقعية، تعكس التغير الواضح في الحالة النفسية والسلوكية السياسية للمواطن السوري والتي يمكن وصفها بانهيار الإطار الوطني للصراع، بين سلطة مستبدة ومواطنين يطمحون للحرية إلى صراع بين قوى خارجية وإقليمية تستند في صراعها على ركائز محلية.
نحن لانشك أن أساس انهيار الإطار الوطني هو العنف المعمم الذي مارسه النظام ضد المجتمع السوري قبل أن يستجلب القوى الخارجية من الميليشيات الطائفية والحزبية لتتوج بقوات روسية تقوم بإدارة الصراع العسكري والسياسي، وقبل أن يتحول المجتمع السوري إلى مجتمع معارض وآخر موالي بعد 2011 .
لكن هذا لا ينفي أيضا ضرورة القول أو التذكير أن المعارضة وبشكل خاص الإسلامية ساهمت بالقدر ذاته في انهيار الإطار الوطني من خلال تجاوز الإطار الوطني إلى الإطار الديني “المسلمين ” وسلمت قرارها إلى دول إقليمية ومجموعات محلية جهادية.
لكن ما هو أهم من كل ذلك هو هذا الانهيار الوطني العام الذي حدث في الوعي السياسي والمجتمعي في سوريا، فالموالون يصفقون للاحتلال الروسي والإيراني ويتباهون بالأدوات التي يقتل بها الشعب السوري ويطبق بها السماء على سكان الغوطة وحلب.
والمعارضون يصفقون للاحتلال التركي لعفرين وجرابلس وإدلب ويتباهون برفع العلم التركي ويصفقون لمرتزقته ولصوصه الذين يعبثون بعفرين.
هل هو تطبيع للاحتلالات؟! كذاك التطبيع للخيانة الزوجية في مسلسل صرخة الروح عبر خماسيات لاحقة؟!
قلنا إن سبب هذا الانهيار هو نظام الأسد الذي كبح كل القيم الوطنية والإنسانية في المجتمع السوري على مدى أكثر من نصف قرن ودمر البنى الأخلاقية والاجتماعية وأضاف إليه تدمير البنى التحية والروابط الاجتماعية نتيجة التهجير والاعتقال والقتل بعد 2011.
لكننا على طول الخط نقول إنه نظام مجرم ومستبد ولابد من تغييره والتأسيس لنظام سياسي يعبر عن كل المجتمع السوري ,ويحفظ حريته وكرامته، ويعيد قيم التسامح والوطنية إلى المجتمع السوري الذي طالما تباهى بها، فهل ما تقوم به المجموعات المعارضة وبشكل خاص الائتلاف الذي يستسهل الاحتلال التركي بوصفه منقذا له من نظام الأسد بديلا ونموذجا أفضل عن نظام الأسد؟ .
فهل تغيرت علاقة الشعوب مع محتليها إلى هذه الدرجة من انهيار منظومة القيم الوطنية وتحولها إلى انتماءات سابقة على الهوية الوطنية؟ هل نجح النظام في جر المعارضة إلى موقعها في تفكيك كل ارتباط بالسيادة الوطنية؟
نعم إنه نجح في ذلك وبات كل السوريين منزوعي القرار، ولم يبق لهم قرار سوى الإذعان للاحتلال أولا، وهو في الحقيقة إذلال لكل السوريين بغض النظر عن المعارضة أو الموالاة.
لذلك على السوريين أن يكفّوا عن النظر إلى مشاكلهم الوطنية بعين الدول الأخرى، لا مسألة السلطة يصلح لها المنظور الروسي والإيراني ،ولا مسألة الكرد يصلح لها المنظور التركي ،ولا مسألة الدستور يصالح لها المنظور الأممي “الديمستوري” ولا مسألة المعارضة والإسلام السياسي يصلح لها المنظور الخليجي ،وحده المنظور السوري يصلح للسوريين.

تيار مواطنة 27.10.2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟