الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثائق جديدة تدين صدام واعوانه بضرب الكرد بالأسلحة الكيمياوية في عام 1987 الحلقة الثالثة

جبار قادر

2006 / 4 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


دور رئاسة اركان الجيش والفيلقين الأول والخامس في تنفيذ المجازر
استندت الهجمات الكيمياوية على القرى و المواقع الكردية في قره داغ وباليسان ومناطق بادينان على المعلومات التفصيلية التي جمعتها وحللتها مديرية الأستخبارات العسكرية العامة عن تلك المواقع مع خرائط عسكرية كان من شأنها ان تسهل على الطيارين وقوات المدفعية مهمة تحديد الأهداف بصورة دقيقة وتجعل الضربات مدمر ة وصاعقة على المدنيين الكرد ومعارضي النظام على حد سواء .
بعثت مديرية الأستخبارات العسكرية العامة في العاشر من اذار 1987 بكتاب سري للغاية وشخصي بعدد م1/ش3 / ق2 / 5809 الى رئاسة اركان الجيش يتضمن المعلومات الأستخبارية التفصيلية التي جرى جمعها عن تواجد قوات البيشمركة وعدد افرادها في كل موقع في (كاني رش، الزيبار، بيبو، ميركه سور، بارزان، خواكورك، كلي رش، شيروان مزن وغيرها ) . ويفهم من مضمون الكتاب ان خرائط عسكرية ارفقت به حددت عليها المواقع لتجري دراستها من قبل الجهات المنفذة اي رئاسة اركان الجيش والفيلقين الأول والخامس وزمر العتاد الخاص وغيرهم.
من ناحية اخرى لابد ان الأستخبارات العسكرية والأطراف المشاركة في تنفيذ الهجمات كانت تجد صعوبة في تبرير القيام بهذه الأفعال الشنيعة لأفرادها ، من هنا كان الحديث الدائم عن التواجد الايراني في تلك المناطق وذلك في المراسلات التي كانت تجري بين الدوائر والمؤسسات العسكرية والأستخبارية، الأمر الذي لم تكن تؤكده الوقائع على الأرض .
الغريب انه في الوقت الذي كان يجري فيه هذا الحديث المتكرر عن التواجد الأيراني وحرس خميني وتهديد هذا التواجد للأمن الوطني العراقي بخاصة في كوردستان، وهو امر يمكن تفهم اسبابه نتيجة استمرار الحرب العراقية - الأيرانية العبثية التي الحقت الكوارث بالبلدين، الا ان السلطات العراقية لم تكن تجد ضيرا في تبادل ضباط الأرتباط مع الجانب التركي في المنطقة . فقد جاء في كتاب مديرية الأستخبارات العسكرية العامة المشار اليه اعلاه مايلي ( … وان عملية التسلل من قاعدة (حياة) الى قاعدة (بارزان ) وبالعكس تجري من خلال الأراضي التركية الكائنة شمال منطقة شيروان مازن ولغرض احكام السيطرة على هذه المنطقة اقترحنا تبادل ضباط الأرتباط مع الجانب التركي في المنطقة المشار اليها وسيجري تبادل ضباط الأرتباط حال حصول الموافقة على ماورد بكتابكم السري وشخصي وعلى الفور 2404 في 1 اذار87 ).
من الجدير بالذكر في هذه المناسبة انه رغم تحالف الحكام العراقيين على مدى عمر الدولة العراقية مع حكومات دول الجوار ضد جزء كبير من شعب بلادهم، الا ان صدام حسين بزهم جميعا عندما استقوى بالأجنبي لقمع هذا الشعب والحركة الكردية على وجه الخصوص ، ووفر بذلك فرصة لا تفوت لتلك الدول ان تتدخل في شؤون العراق الداخلية كما تشاء. لقد شهدت نهاية السبعينات وعقد الثمانينات تحالفا قويا بين صدام حسين والحكومة التركية اذ عقدت الأتفاقيات الأمنية بين الطرفين سمح صدام بموجبها للقوات التركية بالتوغل في عمق الأراضي العراقية لملاحقة قوات الأنصار الكردية على طرفي الحدود .
واشارت مديرية الأستخبارات العسكرية العامة في كتابها المشار اليه اعلاه الى الهجمات الجوية التي قامت بها الطائرات العراقية ضد المواقع الكردية في تلك المناطق ، اذ جاء في الكتاب انه ( سبق وان تم توجيه اكثر من ضربة جوية من قبل طائراتنا على القواعد المشار اليها وكان تاثير الضربات الجوية محدودا "بسبب طبيعة الأرض ولكون القواعد بحجم لا يشكل هدفا "ملائما " للقوة الجوية ). ( انظر الوثيقة رقم 11 ) . وارسلت نسخ من هذا الكتاب الى ئاسة الجمهورية - السكرتير ومكتب امانة سر القيادة العامة للقوات المسلحة ولجنة شؤون الشمال بمجلس قيادة الثورة وديوان وزارة الدفاع وقيادة الفيلق الخامس .
نشير الى هذه المؤسسات والدوائر بهدف اظهار حقيقة بسيطة وهي ان شبكة الدوائر والأفراد التي قامت بالتخطيط لتلك الضربات وتنفيذها لم تكن مجرد دائرة ضيقة تحيط بصدام حسين كما تحاول ان تصورها المزاعم التي تنشرها هنا وهناك قوى سياسية بعثية الهوى ، بل ساهمت فيها اطراف ودوائر عديدة وعدد كبير من الضباط والمسؤولين العراقيين .
وتفضح هذه الوثائق حقيقة ان استخدام نظام صدام حسين لهذه الأسلحة على جبهات القتال كان امرا روتينيا قبل عام 1987 بسنوات . كما لم يأتي استخدامها ضد الحركة القومية الكردية وبعض قوى المعارضة العراقية في لحظة غضب منفلتة بل وفق سياسة منهجية قامت على اسس الأبادة الجماعية للكرد كشعب وتدمير مواطنهم وقراهم. كما انها كانت رسالة واضحة الى المجتمع العراقي ككل وجهتها الدكتاتورية بعد ان احكمت سيطرتها على مختلف مرافق الحياة وفرضت العسكرة على الناس وبددت ثروات البلاد في شراء الأسلحة المدمرة مفادها ان الأبادة تنتظر كل من يفكر بمعارضتها .
كان صدام والمحيطين به يريدون من وراء تلك الضربات زرع اليأس في قلوب المعارضين لنظامه واجبارهم على الأستسلام لدكتاتوريته مادام النظام يمتلك تلك الأسلحة التي لا يمكن مقاومتها . كما كانت الضربات رسالة قوية الى النظام في ايران مفادها ان استمرار الحرب لن يكون في صالح الأخير ولن يؤدي الى اسقاط نظام صدام حسين.
ويبدو ان انتاج مؤسسات السموم البشرية لم يكن يساير مديات استخدام النظام لها ،اذ يشكو كتاب سري للغاية وشخصي ومستعجل من مديرية الأستخبارات العسكرية العامة الى رئاسة الجمهورية - السكرتير يحمل العدد س3 / ق2 / 6885 بتاريخ 29 /3 / 1987 من قلة المتوفر من الأسلحة الكيمياوية داعيا الى الإستخدام (الرشيد !) للكمية المتوفرة ومؤكدا على ضرورة انتاج المزيد منها . فيما يلي نص ماورد في هذا الكتاب ( الى رئاسة الجمهورية - السكرتير . الموضوع - استخدام العتاد الخاص . كتابكم السري للغاية والشخصي وعلى الفور 7 / ج2 / 877 /ك في 19 اذار 1987 …
1. تمت دراسة اماكن تواجد مقرات عملاء ايران وانتخاب الأهداف أدناه إستنادا الى حجم التواجد المعادي فيها وتأثير هذا التواجد على الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية بما يتلائم والأمكانيات المتيسرة من العتاد الخاص ووسائل الأطلاق :-
أ.مقرات عملاء ايران في منطقة حوض باليسان (قرى باليسان ، توتمة ، ختي وشيخ وسان ) الكائنة قرب الطريق العام جوارقرنة - خليفان … ب . مقرات عملاء ايران في حوض قرى (تكية ، بلكجار وسيوسنان ) التابعة لناحية قره داغ …
2 . الأهداف المشار اليها اعلاه من المقرات المهمة لعملاء ايران وأفراد العدو الأيراني وان حجم التواجد المعادي فيها يؤثر على الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية وهي بعيدة بعدا كافيا (كأهداف للعتاد الخاص) عن مواقع قطعاتنا وتعتبر ملائمة اكثر من غيرها لأستخدام هذا العتاد لوقوعها في مناطق منخفضة تساعد على ركود ابخرة العامل الكيمياوي وبالأمكان معالجتها بالوسائل المتيسرة (القوة الجوية / القاذفات الأنبوبية واسمتيات ليلا)…
3 . لمحدودية الكمية المتيسرة من العتاد الخاص في الوقت الحاضر يفضل العمل بأحد البديلين ادناه :-
أ .البديل الأول :- توجيه الضربة للهدفين المنتخبة خلال هذه الفترة باستخدام ثلثي المتيسر من العتاد الخاص (عامل الزارين ) إضافة الى ثلث المتيسر من العتاد الخاص (عامل الخردل ) والأحتفاظ بالمتبقي للحالات الطارئة في قواطع العمليات …
ب . البديل الثاني تأجيل تنفيذ الضربة الى منتصف شهر نيسان 1987 ولحين تيسر الكميات الكافية من العتاد الخاص وتحسن موقف الأنتاج … 4 . نؤيد العمل بالبديل الأول … يرجى التفضل بالأطلاع وما ترونه مناسبا واعلامنا … مع التقدير . توقيع اللواء الركن مدير الأستخبارات العكسرية العامة) . (انظر الوثيقة رقم 12 )
بعد كل هذه التحضيرات حان وقت التنفيذ وجاء دور رئاسة أركان الجيش والفيلقين الأول والخامس الذين كانا يتمركزان انذاك في كركوك وأربيل .
الأمر الذي يثير الأهتمام في هذه الوثائق والتي تتحدث عن الدور الذي لعبته رئاسة أركان الجيش في الضربات الكيمياوية الموجهة ضد الكرد عام 1987، ان المسؤولين فيها يوقعون الكتب الرسمية الصادرة عنها بأسمائهم الصريحة. فقد حملت احدى هذه الوثائق توقيع رئيس أركان الجيش الفريق الأول الركن سعدالدين عزيز مصطفى، فيما اشارت وثيقة ثانية الى اسم أمين السر الأقدم لرئاسة أركان الجيش اللواء الركن طارق حسين نجيب.
أعطت رئاسة أركان الجيش اوامرها في وقت مبكر بضرب القرى ومواقع البيشمركة . ففي كتاب صادر من المكتب الخاص برئاسة اركان الجيش بعدد 2786 بتاريخ 11 اذار 1987 سري للغاية وشخصي جاء ما نصه ( الى قيادة الفيلق الخامس. الموضوع / معلومات. نشيركم لكتاب مديرية الأستخبارات العسكرية العامة سري للغاية وشخصي 5809 في 10 اذار 87 . تنسب اتخاذ الأجراءات اللازمة للحد من نشاط المخربين المشار اليهم والعمل على تدمير قواعدهم التي يرتكزون عليها . نرجو التفضل باتخاذ ما يلزم واعلامنا . توقيع اللواء الركن طارق حسين نجيب . امين السر الأقدم لرئاسة اركان الجيش ). (راجع الوثيقة رقم 13 ) .
ارسلت نسخ من هذا الكتاب الى مكتب امانة سر القيادة العامة للقوات المسلحة، مجلس قيادة الثورة -لجنة شؤون الشمال ، ديوان وزارة الدفاع ومديرية الأستخبارات العسكرية العامة .
ولكن اوامر التنفيذ جاءت في كتاب اخر من المكتب الخاص برئاسة اركان الجيش سري للغاية وشخصي وعلى الفور ويحمل العدد 3656 وتاريخ 5 نيسان 1987، اذ نص على (الى / قيادة الفيلق الأول .قيادة الفيلق الخامس. الموضوع/ استخدام العتاد الخاص .
1. تنسب القيام بعمليات مكافحة المخربين وعملاء ايران وحرس خميني في قاطعيكما وكما يلي بالأستفادة من العتاد الخاص .
أ . مقرات عملاء ايران في حوض باليسان (قرى باليسان، توتمة، ختي، شيخ وسان ) الكائنة قرب الطريق العام جوارتة - خليفان .
ب . مقرات عملاء ايران في حوض قرى (تكية - بلكجار - سيوسنان ) التابعة لناحية قره داغ .
2 . اشارة الى المؤتمر المنعقد في رئاستنا يوم 5 نيسان 87 نسبنا ما يلي :-
أ. يقوم الفيلق الأول باعداد الخطة بما يخص الفقرة (ب) من المادة (1) اعلاه وعرضها علينا لمناقشتها خلال زيارتنا لمقركم يوم الخميس 9 نيسان 87.
ب . تعد قيادتيكما الخطة المشتركة الازمة لتنفيذ ما جاء بالفقرة (أ ) من المادة(1) اعلاه وارسالها لرئاستنا بيد مأمورين للقرار عليها والتنسيق . نرجو اتخاذ مايلزم واعلامنا. توقيع الفريق الأول الركن سعدالدين عزيز مصطفى رئيس اركان الجيش ). أرسلت نسخ من الكتاب الى :
رئاسة الجمهورية - السكرتير .كتابكم سري للغاية وشخصي ومستعجل 1016 في 2 نيسان 87 وسنخبركم لاحقا بتفاصيل الخطة وكيفية استثمار نتائجها . ديوان وزارة الدفاع - للأطلاع …، دائرة العمليات - اشارة الى المؤتمر المنعقد برئاستنا يوم 5 نيسان 87 نرجو إرسال زمرة العتاد الخاص الى مقر فل1 يوم الثلاثاء 7 نيسان 87 لتقديم المشورة للفيلق ووضع الخطة لغرض التنفيذ. مديرية الأستخبارات العسكرية العامة - كتابكم سري للغاية وشخصي وعلى الفور 7371 في 31 اذار 87 نرجو الأطلاع . ( انظر الوثيقة رقم 14 ) .
هكذا تلقي هذه الوثائق الأضواء على التحضيرات التي سبقت ضرب مناطق كوردستان بالأسلحة الكيمياوية قبل تنفيذ جريمة حلبجة بحوالي العام، فضلا عن الآليات البيروقراطية التي اعتمدتها المؤسسات المختلفة لتنفيذ هذه الجرائم الكبرى بحق الكرد بل بحق الأنسانية جمعاء. كما تشكل أدلة دامغة تدين صدام حسين وتحمله المسؤولية الأولى عن هذه الجرائم دون ان تعفي الدائرة المحيطة به ومسؤولي العديد من الدوائر القمعية والمؤسسات العسكرية والأستخبارية من المسؤولية الجنائية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال