الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيمن العثماني : صوت قُتل قبل الأوان

فاطمة دالي

2018 / 10 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قُتل أيمن العثماني برصاصة وقالوا على وجه الخطأ ، الرّصاصة حسب قول القتلة كانت مرتدّة واعترضها جسد الفتى الغضّ الذّي لم يُجد فنّ الهروب من الموت فاستقرّت في ظهره لتُرديه قتيلا .
على سبيل الخطأ قُتل أيمن العثماني وعلى سبيل الخطأ أيضا قُتل عمر غرقا بعد محاصرته من قبل أعوان الامن الذّين لم يستجيبوا لتوسّلاته بأن يتركوه وشأنه فهو لا يعرف السّباحة وهذا ما أخبرهم به ، لكنّ ردّ الامنّي كان واضحا وحاسما "تعلّم عوم" فما كان من عمر ، الصبيّ الذّي لم يكن يحسن تقدير الامور و لا يجيد حسابات اخرى غير الهرب من قبضة الامنيّين ، الاّ أن يقفز في الوادي معتقدا أنّ مياه الوادي قد تكون أرحم به .
وعلى سبيل الخطأ والارتداد أيضا قُتل معظم شباب تونس غرقا في البحر اثر محاولتهم الهرب من الجوع ومن الرصّاصات المرتدّة التّي تتربّص بهم وبوجودهم على تراب وطنهم .
وعلى سبيل الخطأ أيضا قتل شكري بلعيد و البراهمي ، الاوّل بأربع رصّاصات واحدة بالرّأس وواحدة بالرّقبة و رصّاصتين بالصّدر والثّاني بأربعة عشرة رصّاصة في أنحاء متفرّقة من جسده .

ويأتي تقرير الطّب الشّرعي ليؤكّد أن ّ الرّصاصة كانت مباشرة ولم تكن مرتدّة
ماذا يعني هذا ؟
هذا يعني أنّ من صوّب كان يريد أن يقتل وكان ينتظر حتّى آخر ثانية من عمر الرّصاصة اللّحظة المناسبة للتصويب
لكنّ أيمن لم يكن مجرما ولا ارهابيّا ولا هاربا من العدالة ولم يكن حتّى لصّا ولم يكن يحمل سلاحا ولم يهدّد احدا بالقتل ولم يكن بحوزته رهينة مثلما نشاهد في الافلام .
حادثة قتل أيمن لا تختلف كثيرا عن حادثتي اغتيال شكري بلعيد او البراهمي فالجاني وان لم يكن واحدا فارادة القتل لدى الجناة كانت واحدة و رغبة انتزاع الحياة كانت واحدة و قرار اخماد الصّوت كان واحدا .
جاءته رصاصة غادرة من الخلف بينما كان يحاول تسلّق السّور هربا من قبضة اعوان الديوانة فهو وحده يعلم حجم الألم الذّي سيتعرّض له مع كلّ ركلة بأحذيتهم العسكريّة .
هرب أيمن لأنّه لا يريد أن يقتل ركلا لكنّه لم يكن يعلم أنّ الغدر سيكون له بالمرصاد في زمن لا يعرف لغة سواه .
أيمن لم يكن سياسيّا ولا معارضا ولكن يوما ما سيصبح كذلك او قد يكون في الصّفوف الاولى لثورة مرتقبة لو بقي على قيد الحياة .
قُتل أيمن العثماني لأنّه مفقّر ولأنّه لا يمثّل الاّ المتاعب كغيره من المفقّرين الّذين يعتبرون عالة اجتماعيّة وسياسيّة واقتصادية تهدّد أمن الطّغاة في عروشهم مثلما يمثّل ايّ طفل فلسطيني تهديدا للكيان الصّهيوني الذّي اغتصب أرضه مستعينا بحكّامنا الأشاوس
هذه الحسابات البسيطة لن يغفل عنها عقل واع باختناق الوضع اقتصاديّا وسياسيا عربيّا وعالميّا مرحلة ستحدّد فيها الاولويّات و تُتخّذ فيها القرارات وسيكون البقاء فيها للأقوى على حساب الأضعف وللأثرى على حساب الأفقر وللأكثر تمسّكا بقيم النّذالة و الانحطاط الاخلاقيّ على حساب اولئك الابرياء الذّين لا يجيدون منطق العمليات الحسابية البسيطة فأكلهم الفقر والقهر و داستهم الأحذية العسكريّة .
لكنّ قتل أيمن ببرودة الدّم تلك ليس اشكالا ولا يمثّل نهاية العالم الذّي يأكلنا الواحد تلو الآخر لأنّ الجاني ببساطة لن ينال عقابه ولن يُفصَلَ من عمله على أقّل تقدير وليس غريبا أن يكرَّمَ في قادم الأيّام أو قد يقع ترقيته او توسيمه .
هذا لا يهّم لأنّ الجريمة ستُنسى وسيمّر الكلام مرور الأيّام ولن يعاقب أحد سوى هذا الشّعب على جريمة لم يقترفها جريمة وجوده المقلق لحكّامه وطغاته.
وبين صمت الجميع و برودة الرّصاصة و تخاذل المتخاذلين يصبح القتل اعتياديّا و يوميّا و يصير الدّم مستباحا بسبب أو بدونه هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرح
نحن إلى أين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري


.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج


.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي