الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح الاقتصادي في سوريا- نسخة معدلة- الجزء الثاني

أشواق عباس

2006 / 4 / 8
الادارة و الاقتصاد


ثانيا : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي .

إن الهدف الحقيقي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي هو رفع كفاءة الاقتصاد السوري، وذلك من خلال جملة من الآليات التي يمكن أن نشير إلى أبرزها:
1 - زيادة كفاءة تخصيص الموارد المتاحة: إذ أن سوريا وبالرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعانيها إلا أن ذلك ليس انعكاس لقلة الموارد المتاحة. فسوريا تتمتع بفائض اقتصادي من معظم الموارد الطبيعية والبشرية، لكن القسم الأكبر من تلك الموارد معطل ولا يستغل بالشكل الأمثل. الأمر الذي قلص من إمكانية انعكاسه على تقوية الاقتصاد السوري، وبالرغم من المزايا الكثيرة التي تتوفر في سوريا (المواد الأولية-الإمكانات البشرية غير المستثمرة-الموقع الجغرافي القريب من أسواق كبيرة) إلا ن ذلك كله لم ينعكس على القدرة التنافسية وجودة الإنتاج. وتتطلب القدرة التنافسية التي تعرف بأنها الدرجة التي يمكن التحكم وفقها وفي شروط سوق حرة وعادلة إنتاج السلع والخدمات التي تلبي أذواق الأسواق الدولية، وتحافظ أو توسع الدخول الحقيقة للمواطنين على المدى الطويل ، وتحسين القدرة التنافسية يتطلب الاستثمار الأمثل للموارد وعدم هدرها وتطوير البنية التحتية والاعتماد بشكل اكبر على التكنولوجيا وتجسير الهوة الرقمية.
2- تقليص الاختلالات المالية واحتواء التضخم: إن الاختلالات المالية تنجم في العادة عن إتباع سياسيات مالية ونقدية غير مدروسة، وعدم انسجام تلك السياسات مع تطورات الحالة الاقتصادية. وهذا ما كان يحدث في سوريا ففي فترات الرواج كانت الإيرادات الضريبية تنخفض، وفي فترات الكساد كان يحدث العكس. كما أن الإيرادات في الموازنة ظلت تعتمد على الإيراد النفطي (44%) ،أما الإنفاق فقد ظل غير مدروس ولا تشكل نسبته على الرواتب والأجور سوى 4% من الناتج المحلي الإجمالي. وكل ذلك كان يسبب تضخما مرتفعا في سنوات أخرى (12.3% عام 1993-2%عام 2000) ، وبالرغم من توفر احتياطي أجنبي كبير في سوريا يشكل 65% من الكتلة النقدية إلا أنه لم يتم الاستفادة منه بشكل جيد حتى الآن في سوريا.
3- تحقيق النمو الاقتصادي المستمر: وذلك من خلال معالجة المشكلات التي تعيق تحقيق النتائج المتناسبة مع امكانات الاقتصاد السوري، وإجراء بعض الإصلاحات التي سيشار إليها لاحقا. ومن خلال ذلك زيادة فرص التشغيل وتحسين مستوى المعيشة، لأن أي نمو يجب أن يضمن مستوى معيشة لائق، وهو لا يتم إلا من خلال ديمومة النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، وتحسن مستويات المعيشة .

ثالثا: محاور الإصلاح الاقتصادي.
1 – إصلاح القطاع العام الاقتصادي، والمقصود هنا هو مؤسسات القطاع العام التي تعمل بهدف الربح.
يعاني القطاع العام من مشكلات عديدة منها البيروقراطية، البطالة المقنعة، انخفاض الإنتاجية، ضعف المردود، انخفاض القيمة المضافة، وجود أنظمة جامدة تُفقد الاقتصاد المرونة وتضعف مبادرته وقدرته التنافسية، بالإضافة إلى مشاكل نقص السيولة والسياسات المالية والضريبية غير المناسبة. ولإصلاح القطاع العام الاقتصادي نقترح ما يلي:
• حصر الوحدات الإنتاجية وتوصيفها و تقييمها .
• إصلاح الإطار القانوني والتشريعي.
• إعادة هيكلة الشركات الخاسرة أو المتعثرة مالياً وفنياً.
• إنشاء الشركات القابضة. لأننا في سوريا بحاجة إلى شركات ضخمة تستطيع العمل بشكل أفضل على استثمار الإمكانيات المتاحة في سوريا بدلا من الشركات الصغيرة التي وعلى ايجابياتها إلا أنها صغيرة، لاسيما وان كل منشات سوريا الخاصة تقريبا هي من النوع الصغير (99.875) من مجمل الشركات.
و لتحقيق المقترحات السابقة ، نقترح العمل على ما يلي :
 تصنيف المؤسسات العامة في سوريا حسب النشاط الاقتصادي في ثلاث مجموعات أساسية على النحو التالي:
- مجموعة شركات أو معامل أو وحدات اقتصادية تعمل في مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، وتمتلكها الدولة، وهي تضم أنشطة مثل (صناعة، تشييد، تجارة، نقل، فنادق، سياحة).
- مجموعة المؤسسات الاقتصادية التي تقوم بأنشطة لها طبيعة خاصة، وعلاقتها بالمجتمع مؤثرة (شركات كهرباء، ري، الثروة الطبيعية)، وقد تمارس بعض هذه الشركات نشاطا استثمارياً مع شريك أجنبي وفق اتفاقيات وعقود محددة.
- مجموعة مؤسسات الخدمة العامة: كالبريد و الهاتف و الاتصالات ومؤسسات توزيع الطاقة الكهربائية.
و هنا نستطيع القول أنه من الممكن أن يبدأ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالمجموعة الأولى، تتبعها مباشرة المجموعتان الثانية والثالثة. وتكون الخطوة الأولى في برنامج الإصلاح الاقتصادي هي تحديد الوحدات الاقتصادية التي تدخل ضمن البرنامج. و لتسهيل إدارتها من الممكن تقسيم هذه الوحدات الاقتصادية إلى مجموعات حسب نوعية نشاطها الاقتصادي، حيث تدار كل مجموعة بواسطة شركة قابضة هي المالك لأصول هذه الوحدات. ويكون هدف الشركة القابضة الرئيسي هو إدارة المحفظة المالية التي تجمع الأصول.
 تصنيف المؤسسات العامة حسب الأداء المالي والفني. ويمكن هنا أن نقسمها إلى:
- شركات جيدة من الناحية المالية والفنية، ولا تواجه أي مشاكل .
- شركات وسط من الناحية المالية والفنية، تواجه مشاكل لكن يمكن حلها.
- شركات خاسرة، وتواجه مشاكل غير قابلة للحل.
بناءً على هذا التصنيف يمكن اتخاذ الخطوات التنفيذية لإصلاح كافة المؤسسات، بحيث يتم في المجموعة الأولى وضع برنامج طويل الأجل يهدف إلى توسيع قاعدة الملكية في الشركات الناجحة، و في المجموعة الثانية لابد من وضع برنامج تأهيل مالي وفني لمواجهة الصعوبات، أما المجموعة الثالثة فتدرس إمكانية تصفيتها .
 الاهتمام بالشركات التي تعمل في مجال الإنتاج السلعي والخدمي، والبدء في عملية الإصلاح من خلال دراسة أوضاعها ومعرفة الشركات التي تعاني من خلل بنيوي قائم على أن طبيعة إنتاجها تتوفر بكثرة في القطاع الخاص وبشروط أفضل من القطاع العام، وبالتالي يصعب على القطاع العام المنافسة فيها. والأفضل هنا إما خصخصة هذه الشركات العامة أو العمل على تحويلها بشروط إلى القطاع الخاص، مثل بقاء الملكية بيد الدولة بينما يقوم القطاع الخاص بأمور الإدارة والتشغيل مقابل ضمان حقوق العمال (عدم استخدام عمال غير عمال الشركة وتعويض عادل لمن لا يتم استخدامهم) .

2 – إصلاح القطاع الصناعي في سوريا .
درست لجان متخصصة في وزارة الصناعة هذا الأمر، كما أقرت الوزارة في عام 2002 برنامج لإعادة تأهيل القطاع الصناعي لمدة 15 سنة بقيمة 2 مليار يورو . ويهدف كل إصلاح القطاع الصناعي إلى حل المشكلات التي يعاني منها القطاع مثل (العمالة غير الماهرة ، ووجود نسبة من العمال غير المتعلمين، القوانين التي تحد من حرية العمل في الشركات وفق متطلبات السوق، اللات والتجهيزات القديمة، وسع حجم المنافسة بعد الانفتاح الاقتصادي الذي أصبحت تدعمه اتفاقية تحرير التجارة التي أشير إليها سابقا) .
ومن ضمن نقاط إصلاح القطاع الصناعي يمكن أن نقترح:
- تقليص عدد الجهات الوصائية .
- الاعتماد على خبراء في مجال الإنتاج والتسويق.
- تقليل الهدر في الشركات الصناعية، وتخفيض التكلفة عبر دراسة الحاجة الحقيقية في كل منشأة من العمالة والمواد الأولية والإجراءات الإدارية.
- تفعيل مراكز دعم الصناعة ماديا ومعنويا .
- تحقيق التكامل الصناعي بين القطاع العام والخاص.
- دعم القطاع الخاص منخلال تفعيل قوانين تشجيع الاستثمار، وتطوير البنية التحتية المساعدة على ذلك.
-تطوير المدن الصناعية وتوسيعها.
- وضع إستراتيجية صناعية شاملة ، و يتم ذلك عن طريق :
 تحقيق التكيف مع النظام لاقتصادي الدولي .
 الاندماج في منطقة التجارة الحرة GAFTA و الشراكة مع الاتحاد الأوروبي .
 المحافظة على التعددية الاقتصادية السائدة .
 تطوير مستوى استغلال الطاقات الإنتاجية.
 تشجيع القطاع الخاص.
 إعادة صياغة السياسات الإنتاجية و التسويقية باتجاه تخفيف الأعباء على الإنتاج الصناعي، وتخفيض التكاليف وزيادة روح المنافسة.
 دعم الصناعات الصغيرة و المتوسطة .

3– إصلاح القطاع المصرفي و المالي.
يعاني القطاع المصرفي في سوريا من مشكلات عديدة منها :
• الأساليب البدائية في العمل وعدم استخدام التكنولوجيا بشكل فعال.
• قلة عدد الخدمات المصرفية (أربع خدمات) بينما في العالم اليوم أصبح عدد الخدمات المصرفية هائلا.
• عدم الثقة التكافلية بالنظام المصرفي والدليل على ذلك أن قسما كبير من السوزوريين يودعون أموالهم في مصارف الدول المجاورة .
• معدلات الفائدة الحقيقية المتدنية و السالبة التي لم تمكن الجهاز المصرفي من خلق أوعية ادخارية لحشد المدخرات المحلية بفعالية.
• تراكم الديون المتعثرة في المصارف ، مما أضعف النشاط الإقراضي وزاد مخاطره .
• عدم تمكن المصارف من تطوير قدراتها الفنية .
ولحل مشاكل القطاع المصرفي نقترح ما يلي:
- التركيز على السرية المصرفية لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية .
- إعداد و تأهيل الكوادر المصرفية.
- زيادة عدد الخدمات المصرفية في المصارف السورية.
- السعي لإقامة اتحاد بين المصارف الوطنية لزيادة إمكاناتها وقدرتها على المنافسة الدولية .
لإصلاح النظام المالي في سوريا نقترح :
أ - إصلاح النظام الضريبي: بإدخال ضرائب أكثر تطوراً، والبحث عن آليات ضريبية تضمن العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وإلغاء الضرائب المؤذية اقتصاديا مثل الضرائب على التصدير. واختيار كادر الجهاز الضريبي من الأشخاص المؤهلين علمياً وفنياً وأخلاقياً، وأن تصبح إيرادات الضرائب كافية لتحقيق النهوض بمشاريع الدولة وتمويل إنفاقها ومنع مظاهر التهرب الضريبي بتطبيق القانون حيال ذلك.
ب - إقامة سوق للأوراق المالية: يُعَدُّ قيام سوق مالية عنصراً أساسياً في عملية الإصلاح الاقتصادي. وهي الوسيلة لتزويد المدخرين بالمعلومات المتعلقة بالموارد الفعلية، ومنحهم الفرصة لتنويع استثماراتهم، وتعزيز إيراداتهم. وتوفر السوق أيضا للمستثمرين مصدراً جديداً للموارد المالية القابلة للاستثمار، بهدف حشد واستغلال كافة الموارد المحلية المتاحة. والجدير بالذكر أن مجلس الشعب قد أصدر قانوناً بإعادة سوق الأوراق المالية إلى دمشق منذ العام 1994، و لكن القانون لم يجد طريقه للحياة حتى العام 2004. إذ بدأت على أرض الواقع إجراءات عملية، وإن كانت بطيئة بعض الشيء في سبيل ذلك. حيث أحدثت هيئة لسوق الأوراق المالية، وأعدت العديد من الدراسات لطبيعة السوق، وكيفية ممارسة عملها. ولكن الأمر ما زال بحاجة إلى المزيد من الجهد بغية الإسراع بتنفيذ السوق المالية و بدء العمل فيها.
ت - دعم الاستقرار النقدي: باستخدام الوسائل المتطورة مثل أسعار الخصم والسندات الحكومية ونسب الاحتياطي الإجباري للمصارف.
ث – جعل سعر الفائدة مرن ومرتبط بالظروف الاقتصادية.

4 - دور الدولة: لا بد أنه في إطار الإصلاح الاقتصادي من تغيير في دور الدولة. وهذا التغير لا يعني الغياب المطلق لدورها، وإنما حصر هذا الدور في مجالات محددة. مثل الحفاظ على الأمن، محاربة الفقر، وتوزيع الثروة، وتحقيق التكافؤ في الفرص، ووضع أطر قانونية وجهاز قضائي فعال، والإشراف على حسن سير مختلف مفاصل المجتمع. أي أن دور الدولة يجب أن يتقلص وخصوصاً في المجال الاقتصادي مقابل إطلاق المزيد من الحرية أمام القطاع الخاص وغيره، ليمارسوا دورهم بالشكل الذي يعود بالنفع على المجتمع. فبعد أربعة عقود من الإشراف الكامل والمباشر للدولة في سورية على النشاط الاقتصادي، تبين أنها غير قادرة على حل معظم المشاكل، التي تفاقمَ بعضها وأصبح أكثر خطورة (البطالة، الفقر، الخلل الاقتصادي، المشاكل الاجتماعية ذات المنشأ الاقتصادي ). ولذلك يجب الآن في إطار الإصلاح الاقتصادي إعادة النظر بشكل جاد في موضوع دور الدولة ،
بغية تفعيل و تحفيز جميع الطاقات في المجتمع .

يتبع .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي