الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير الاسلام السياسي الشيعي على العالم العربي وخارجه

أحمد الهدهد

2018 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إن تطور السياسة الإسلامية الشيعية يعد بتأثير جيوسياسي كبير في العالم العربي وخارجه. حيث ان أهم التحولات التي حصلت في المنطقة هو بزوغ المضطهدين والمهمشين من الشيعة في المجتمع العراقي ككتلة بشرية ذات تطلعات سياسية شيعية نابضة بالحياة ساعية للتحكم بمقاليد السلطة في العراق. الشيعة في كل مكان اصبحوا يدركون هذا الحدث و سيبدؤون بتعزيز المطالبات الخاصة بالحريات المدنية والتمثيل الديمقراطي. أول الدول تأثرا وتضررا من هذا الحدث هي البحرين.
يشكل شيعة البحرين حوالي ثلثي السكان ، ولكن ، كما هو الحال بالنسبة لشيعة العراق ، تم استبعادهم بشكل كبير عن السلطة السياسية في البلد من قبل أقلية النخبة السنية الحاكمة. الأخيرة سعت لإدخال عدد من الإصلاحات من اجل بعض التمثيل في البرلمان ، ولكن لا يزال الشيعة محرومون بشدة قدر تعلق الأمر بالسلطة الحقيقية. ظهور ونمو القوة الشيعية باعتبارها القوة السياسية الرئيسية في العراق سوف بشكل كبير عل تسريع حملة الشيعة البحرينية لكسب صوت أكبر في النظام السياسي ومن المرجح أن يزيد التوتر في الجزيرة. قد يتم النظر بإيجابية من خلال تبني احداث تغيير في النظام السياسي ، يمكن أن يساعد في تحقيق إصلاحات أكبر لمنظومة ادارة البلد ، لكن من المستبعد أن تتبنى الطبقة الحاكمة السنية في البحرين هذا في المستقبل المنظور.
في السعودية حيث يعتقد ان تمثيل الشيعة فيها بحدود 5-10٪ من السكان (النسبة متنازع عليها كثيرا). حيث كانوا ولا يزالوا معرضين للتمييز من خلال نظام الحكم او التمثيل الديني الغالب للمجتمع على حد سواء بل ويعبر عنهم بالكفار .
(الوهابيون) وهم طائفة من الإسلام ، ومقرها في المملكة العربية السعودية ، يتبنون وبشكل ضيق ، حرفي ، وغير متسامح للإسلام وينبذون اي شكل من أشكال الإسلام في جميع المدارس الإسلامية الأخرى .حيث الحال منذ سقوط صدام حسين وبروز القوى السياسية الشيعية في العراق ، بدأ الشيعة السعوديين بتشجيع أنفسهم للدعوة إلى المزيد من الحقوق الثقافية داخل النظام السعودي. ولخصوصية وحميمة الروابط العائلية بين شيعة البحرين ونظيرتها في منطقة الاحساء في المملكة العربية السعودية والتي لا يفصلها سوى الجسر فأن السياسة الشيعية بين المنطقتين كانت دوما تفاعلية للغاية. لا يعتقد ان النظام السعودي سيعمل على تقلل التمييز ضد الشيعة في المملكة ، بل على العكس يتوقع الاستمرار بالقيام بقمعهم بمزيد من القسوة ، وهذا سيكفل زيادة المشاكل الأمنية في المنطقة.
في سوريا ، تحكم الأقلية الشيعية غير المتعصبة الأقلية السنية. حيث طائفة العلويون التي قد لا يعتبروا جزءاً من التقليد الإثني عشري الشيعي السائد في إيران والعراق ، الا ان الجمهورية الإيرانية بعد الثورة اتخذت القرار السياسي بالاعتراف بالعلويين كشيعة ويبدوا جليا المصد من هذا القرار. اثبتت الاحداث ان هناك تفاعل بين الشيعة العراقيين والحكام العلويين لدمشق في السنوات الاخيرة مما عزز ذلك أن كلا من حزب الدعوة و المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق قد تم احتضانهما في دمشق منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ، للعمل بدعم من سوريا ضد نظام حسين. نظرا للعلاقات السياسية الوثيقة بين طهران ودمشق ، كما ان من المنطقي تماماً أن القوى السياسية الشيعية الجديدة في العراق سوف تفعل ذلك استمرا لهذه العلاقات. في ظل هذه الظروف ، من المتوقع كرد فعل ان يقوم الإسلاميون السنة من كلا البلدين للتعاون ضد الشيعة في كلا البلدين.
في لبنان حيث تعتبر الطائفة الشيعية اكبر مجموعة طائفية مستقلة في البلاد , التأثير الايراني علي المجتمع اللبناني قد يعود بجذوره الى 1960 . في الحاضر تتبنى وتدعم ايران حزب الله وهو الحركة الراديكالية الاكثر انتشارا في لبنان يساعدها في ذلك سوريا التي تجد فيه ضالتها للضغط على اسرائيل . اكيدا بعد سقوط نظام صدام حسين اصبح الدور لشيعة العراق في التأثير على لبنان اكبر بكثير حيث بدأت النجف تسعى لان تأخذ الريادة في العالم الشيعي منافسة لإيران.
وعلى الرغم من النفوذ القوي الذي يتمتع به «حزب الله» في لبنان، تتطلع نسبة كبيرة من المجتمع الشيعي في تلك البلاد إلى مدينة النجف المقدسة في العراق للتوجيه الديني والقيادة. وعلى الرغم من عدم تدخل النجف في الشؤون السياسية اللبنانية كما تفعل إيران، إلا أنّ المؤسسات الشيعية في المدينة كانت ذات مرة المرجع الديني -- والاجتماعي أيضاً -- الوحيد للمجتمع الشيعي في لبنان. وعلى مر السنين، استخدم «حزب الله» نفوذه لإعادة توجيه عدد كبير من الشيعة نحو المرشد الأعلى من أجل التوجيه والإرشاد، ولكن تأثير النجف ظل قائماً.
خارج العراق ، من المرجح أن الأقليات الشيعية في أفغانستان وباكستان والهند تستمر بتطوير الاهتمام المتجدد في النجف كمركز لاهوتي، وتقويتها بشكل أكبر للحيلولة دون تدخل إيران في هذه المناطق.
التنافس بين القيادة الشيعية في ايران والعراق سيؤثر حتما على الظروف الخارجية للشيعة بل وسوف يؤثر على الخط الديني الراديكالي في ايران نفسها , حيث كانت ولا تزال السياسة الايرانية مثيرة للجدل داخل ايران منذ البداية .
لطالما كانت الاسس الدينية التي اعتمدت في ايران محل جدل ديني حيث دائما ما يخشى من فتح النقاش فيه في النجف لأنه سيؤدي بالتأكيد للتشكيك في شرعية الحكم المطلق من قبل رجال الدين .
لقد سمح غزو العراق واحتلاله من قبل القوات بقيادة الولايات المتحدة للأغلبية الشيعية بتأكيد نفسها سياسياً. وتركز جزء كبير من النقاش المتعلق بتطوره السياسي على دور علماء الدين ، على حساب الجماعات السياسية الشيعية الأخرى. يمتلك حزب الدعوة أطول تاريخ في النشاط السياسي المجتمعي المنظم في العراق بين الشيعة وهو الحزب الرئيسي الوحيد الذي لا يرأسه رجل دين بارز . إن الاضطهاد الذي عانت منه في عهد صدام حسين والتضحيات التي قدمها قد أكسبها الدعم بين السكان الشيعة ، لكن طبيعته المتشنجة وفشله المتكرر في توفير الخدمات اطاحت به من السلطة و ستجعل من الصعب على الحزب استعادة نفوذه السابق بين الشيعة.
يصعب التنبؤ بكيفية رد فعل الشيعة العراقيين على الجماعات الدينية المتنافسة على القيادة. التنافس بين الزعماء الدينيين ليس جديدا في التاريخ العراقي. درجة الدعم الشعبي سوف تستند على قناعات العامة التي تعتمد على عوامل متنوعة بما في ذلك المتطلبات الفردية لكل مواطن عراقي. السيستاني يستحضر أكثر الاحترام باعتباره السلطة الدينية الاعلى بين الشيعة داخل وخارج العراق على الارض جناح الحكيم في وضع جيد بسبب دعمه القوي من إيران. الدعم اللوجستي لإيران يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المشهد . كما أن الانتماءات الإقليمية والقبلية مهمة لأن بعضها هو العامل المهم في مدن معينة أكثر من غيرها.
تلعب الموارد المالية التي تمتلكها كل مجموعة دورًا كبيرا في بيان قدرتها على توفير الدعم لأفرادها ولماكنة الدعاية الخاصة بها ، مما يسهل لاتباعها الفوز . هنا يمكن أن يكون الدعم الإيراني مهمًا جدًا كذلك الفساد المستشري في مفاصل الدولة يشكل ركيزة اساسية للتمويل . ستستمر إيران بدعم أي مجموعة تعمل على تسريع رحيل الولايات المتحدة من العراق وانحسار تأثيرها عليه. قدرة زعيم عراقي معين على التأثير في التقاليد الشيعية من خلال المواقف المتبناة تعمل بالتوازي مع القوة المالية. كذلك القبول بين السنة كشركاء محتملين للحكم المشترك في المستقبل ايضا عاملا استراتيجي. علاوة على ذلك، سوف تتأثر أيضا المواقف الأيديولوجية التي افترضها كل من هذه الحركات من المواقف التكتيكية التي اتخذتها المجموعات الأخرى ، أي موقف معتدل قد تتخذه جهة ما قد يساعد في دفع الجهة المنافسة نحو موقف أكثر راديكالية.
الاستياء الشعبي من الاحتلال الأمريكي اجبر القادة الشيعة المعتدلين الابتعاد عن التعاون الجزئي مع واشنطن باتجاه أكثر صلابة في المواقف . في الواقع ،ساهمت الدارة الامريكية السيئة للأحداث في جعل رجال الدين الشيعة في العراق ينصهرون في صنع قضية مشتركة مع المتشددين الايرانيين. وأخيراً ، في النهاية التدخل الارهابي عن طريق داعش مهد لسقوط المجتمع الشيعي رهينة للتنظيمات المتشددة الشيعية . اعتناق المزيد من الجماعات المدنية الشيعية في العراق هويتها القومية، حاول بعض قادتها -- وخاصة العبادي والصدر والحكيم -- في التحالفٍ كحل سياسي بديل. وعلى الرغم من خلافاتهم ونقاط ضعفهم، لكن واقعا اختار شيعة العراق هؤلاء القادة كخيارٍ أفضل من المالكي و«وحدات الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، التي غالباً ما ارتبط اسمها بالفساد والعنف والطائفية. وعلى الرغم من أنّه قد يكون من الصعب جداً على هؤلاء الرجال أن يكونوا على توافق تام ويتمكنوا من بناء حكومة قوية ، إلا أن دعم مثل هذه الحركة قد يكون الرهان الأفضل بالنسبة لواشنطن وحلفائها نظراً إلى افتقادهم المستمر لاستراتيجية طويلة الأمد لمواجهة إيران في المنطقة.
في النهاية ، فإن القيادة النهائية للشيعة العراقيين ستظل محل صراع هي من أجل الاستيلاء على السلطة . أنا أميل إلى أعتقد أن "الوطنيين" قد يكونون في النهاية هم القوة الأقوى ، لكن الذكريات السيئة التي خلفتها ولا تزال الادارة الامريكية على أفعالهم تبقي واشنطن غير مطمئنة لهم حتى لو كانوا بعيدين عن طهران. في الواقع ، لا يمكن ان يظهر أي زعيم بمنظور المسيطر الاوحد من بين المتنافسين من رجال الدين ، مما يتطلب التعاون بين عدة قوى متنافسة ، لكل منها رؤيتها الخاصة.
لكن في نهاية المطاف ، من المهم أن نتذكر أن شيعة العراق لا يكادون يكونون متجانسين. لانهم تعودوا ان يكونوا أكثر اتحادًا فقط عندما يكونون تحت التهديد والاضطهاد.
بخلاف ذلك ، فإنهم ، مثلهم مثل جميع المجتمعات ، مقسمون أيضًا إلى اتجاهات سياسية مختلفة - الشيوعية ،وطني ، إسلامي ، ليبرالي ، مع مصالح طبقية وقبلية وإقليمية مختلفة. كذلك حتى عندما حصلوا على القوة والسلطة ، فإنهم لم يتحدثوا بصوت واحد بل واقعهم كالجهة المعارضة التي تبحث عن حلفاء سياسيين داخل المجتمعات الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة