الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاءاتي بالقائد الأب مصطفى البارزاني 2/3

خالد يونس خالد

2006 / 4 / 9
مقابلات و حوارات


لقاءاتي بالقائد الأب مصطفى البارزاني 2/3
بمناسبة الذكرى 27 لرحيل البارزاني الخالد
القسم الثاني: حكمة البارزاني
اللقاء الثاني
يفكر كل كردي بما تعرض له رئيس الشعب ورمز الأمة من مؤامرات ومحاولات اغتيال. وكان أول هذه المحاولات في 29 سبتمبر/أيلول عام 1971، والمحاولة الثانية في 16 يوليو/تموز عام 1972، ونجى من المحاولتين بأعجوبة. ومع ذلك كان قائد الشعب الكردي يفكر بمستقبل شعبه، دون أن يفسخ الاتفاقية التي عقدت بينه وبين صدام حسين في 11 مارس/آذار عام 1970، حتى لا يعطي ذريعة للنظام بضرب القضية الكردية، وحتى لا تستغل الأوساط المعادية للشعب الكردي من أن البارزاني لم يكن جديا في السلام.

كنا مجموعة من أساتذة معهد الكوادر العائد للثورة الكردية، التقينا بسيادته عام 1974 في حاجي عمران، وأخبرناه عن طريقة تدريبنا وتدريسنا للكوادر الذين تخرجوا من المعهد. شعر بالغبطة الكبيرة، وقال بإعتزاز: "إعلموا ياأبنائي أن المال لايصنع الشرف، ولا يقول أحد أن فلان شريف لأنه غني. المسؤولية الوطنية والنضال الوطني الديمقراطي من أجل الحرية والكرامة تحفظ لنا الشرف". وقال بوقار وبنفس مليئة بالثقة والاطمئنان، هذه القصة الرائعة: "طلب مني رئيس الوزراء العراقي الأسبق في العهد البائد نوري السعيد أن أكف عن النضال، وعرض علي وعلى أبنائي المال الكثير والقصور والوظائف العالية فرفضتُ ذلك قطعا. واستغرب الرجل نوري السعيد متسائلا لماذا يا بارزاني؟ فجاوبته بلا تردد وبشكل حاسم: للإنسان شيئان عزيزان، الشرف والحياة. فإماّ أن يضحي الإنسان بحياته من أجل شرفه أو يضحي بشرفه من أجل حياته. وأنا أضحي بحياتي من أجل شرفي، لأنه لا حياة بلا شرف، فالشرف باق والحياة فانية، وشرفي هو كرامة الشعب الكردي".
فما أعظم هذا الإنسان الذي يعطينا أجلى أيات الكرامة والفداء والتضحية بعيدا عن الماديات لنفسه، ومعَلما يعي كيف يوجه الكوادر والعامة نحو النور.
ولنا في البارزاني الراحل دروسا في الإنسان الواثق بنفسه إلى درجة خارقة حين قال: "أنا فلاح مع الفلاح الذي يعمل في حقله ليُعيل عائلته بشرف ونزاهة، وأنا عامل مع العامل في معمله لينتج ويعيش حرا. لكنني مَلك مع الملوك ورئيس مع الرؤساء ولن أخضع لأي ظالم أومعتد".
تحدث عن أهمية العدل في الحكم، وتحدث كيف ينصف للمظلوم من الظالم حتى إذا كان من ذوي القربى. وهنا أنقل حادثة فريدة كيف أن البارزاني يأخذ العدل نبراسا في حكمه؟ وكيف أنه كان يساوي بين الحاكم والمحكوم في المعاملات؟ وكيف كان يقتص من الظالم للمظلوم؟
حدث مرة أن اشتكى بيشمه ركه كردي عند البارزاني الخالد من أن مسؤوله الأعلى ضربه بالسياط دون سبب وجيه. فأمر البارزاني الخالد أن يُحضِرَ ذلك المسؤول، وحدد موعدا للقاء به وبالبيشمه ركه المظلوم. وفي ساعة اللقاء، سأل البارزاني ذلك المسؤول عن أسباب ظلمه لذلك البيشمه ركه، وتبين أنه اعتدى عليه. فوضع البارزاني العصا بيد البيشمه ركه وطلب منه أن يضرب مسؤوله الذي ظلمه بنفس الطريقة التي تعامل معه المسؤول. تردد البيشمه ركه أن يفعل، ولكن البارزاني أصر من أن يأخذ المظلوم حقه من الظالم في مجلسه ذاك.
ماذا يمكننا أن نأخذ من دروس في هذه التجربة الفريدة؟ إنها وسيلة من وسائل التعليم المنهجي لكل كردي يشعر أنه مكَرَم في بيته الكردستاني، وأنه المناضل في ساحات التضحية ليحتفظ بكرامته. وأنه قبل ذلك ليس في مرتبة أدنى من المسؤول في ساحات الوغى. إنه عضو كامل النمو في المجتمع تماما كالذي هو أكبر منه أو أقل منه. أنه لا أكبر ولا أقل من مناضل كردي آخر. مدرسة يقودها البارزاني الخالد، لا من أجل أن يحصل على شهادة التخرج، بل من أجل ان يتعلم فيها ويُعَلم الآخرين ويتعامل مع الأجيال ماشاء الله تعالى أن يفعل.

كان يتألم حين كان يتحدث عن الإنشقاقات التي حدثت في صفوف الحزب، وتحدث بمرارة عن أولئك الذين يحملون السلاح ضد الشعب الكردي. لكنه أثبت بجدارة عن تسامحه وقدرته على العفو عند المقدرة، فانتهز فرصة العفو عن جميع الذين وقفوا ضده وضد الثورة الكردية بعد إتفاقية 11 آذار1970. وسمح لهم بالمساهمة في البناء الديمقراطي. وهو بهذا أثبت بأنه أب الكرد بلا منازع.
كان الراحل متسامحا يحمل في أعماقه أسمى الأخلاق الأنسانية، مؤمنا أشد الإيمان باللّه، وبحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة. حديثه شيق وجدي، يعرف أن الكلمة مسؤولية، وهو يدعم كلامه بالآيات القرآنية الكريمة. إنها صفات القائد الإنسان الذي لم يعرف الحقد على أي كردي معبرا بذلك عن كرامة الإنسان بمنتهى درجات العظمة الإنسانية.
الراحل مصطفى البارزاني ذلك الصرح الشامخ الذي رفع راية الكوردايه تى عالية
بقلبه وفكره وعمله، ودخل قلوب الجماهير لتحتضنه وتحبه ماشاء الله تعالى أن تدوم الحياة، فسارت الجماهير الكردستانية تحت تلك الراية منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. حملها الأب، ويحملها الذين من بعده، ويحملها الشعب الكردي كله، وتحميها الأفئدة والأنفس، وتدافع عنها الجوارح والأرواح.
1 مارس آذار 2006
• باحث وكاتب صحفي مستقل
• القسم الثالث: إرادة البارزاني الصامدة وآلام المؤامرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: انقسام الجمهوريون وأمل تبعثه الجبهة الشعبية الجديدة


.. هل تتجه فرنسا نحو المجهول بعد قرار ماكرون حل البرلمان وإجراء




.. حزب الله.. كيف أصبح العدو الأكثر شراسة لإسرائيل منذ عام 1973


.. ترامب ينتقد زيلينسكي ويصفه -بأفضل رجل مبيعات-| #أميركا_اليوم




.. تصادم قطارين في الهند يودي بالعشرات