الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناتج

عادل جوهر

2018 / 11 / 4
الادب والفن


جلس الأستاذ رامي في ركنه المفضل بالمقهى الشعبي الكائن في وسط البلد، والذي دائماً ما يمتلأ بالكثير من الرواد، سواء من أهل المدينة أو الغرباء القادمين من الضواحي النائية. بالمقهى شاشة كبيرة معدة لمباريات كرة القدم، وأخرى أقل في الحجم دائماً مضبوطة على قناة للأغاني الشعبية.
جذب الأستاذ رامي منضدة بلاستيكية إلى كرسيه البلاستيكي، ثم وضع فوقها حقيبته وراح يخرج أشياءه، الهاتف، "اللاب توب"، بعض الأوراق البيضاء وقلم جاف.. كتب في أول سطر: يبقى السؤال دائماً، لماذا نحاسب الناتج ولا نحاسب المسألة؟
قرأ محمد عامل المقهى السطر وهو يضع قهوة الأستاذ رامي أمامه، فسأله: معلشي يا أستاذ رامي.. يعني إيه الكلام ده؟ مين اللي تعبك في الحساب وانا هقول للمعلم عليه.. نفسنا نجاملك في أي حاجه يا أستاذ..
رد الأستاذ رامي ضاحكاً: لا يا محمد مفيش حد تعبني في الحساب ولا حاجه.. أنا هقولك أقصد إيه بطريقه تانيه.. مثلاً لو المعلم قالك إسرق كهربا من العمود للقهوه.. ينفع الحكومه تحاسبك انت؟
هرش محمد في رأسه وهو يقول: طبعاً لأ.. بس انا عشان بفهم في الأصول هشيلها عن معلمي...
قطع حوارهما مناداة الكثير من الزبائن على محمد، مما اضطره إلى ترك الأستاذ رامي قائلاً: "راجعلك يا أستاذ". وعلى الرغم من كم الدخان الكثيف الخارج من الشِيشّ، والأصوات المزعجة للزبائن الذي يلعبون الكوتشينة أو الدومينو أو الطاولة، إلا أن الأستاذ رامي بدا كأنه لا يشعر أو يسمع أي شيء، فكتب: هل من المعقول يا سادة أن نحاكم قطع الشطرنج؟! هل من المعقول أن نحاسب القلم على كلمة كتبها مولاه؟...
وعندما كان محمد يرفع كوب القهوة الفارغ من فوق المنضدة، نظر إلى الورقة بدافع الفضول وقرأ السطرين، لكنه لم يقف وقال محدثاً نفسه: "الأستاذ باين عليه النهارده مش هنا خالص!"..
لم يلحظ الأستاذ رامي مرور محمد، وكان يكتب مكملاً: قطع الشطرنج تكمل دورها كما يريد سيدها اللاعب. والقلم يكتب ما أراد مولاه. لماذا إذاً يلوم الأغبياء على من ينفذ ما ليس له إرادة فيه. لا إجابة. محمد رغم أنه عامل بأجر إلا إنه يرحب بتنفيذ العقوبة مكان معلمه! لماذا؟..

جاء محمد مرة أخرى وقال: معلشي تاني يا أستاذ رامي.. هو الشطرنج وللا القلم ليهم حق يتكلموا وهما مجرد لعبة؟؟
- ياه يا محمد لو الشطرنج والقلم فعلاً اتكلموا وأصبحوا أحرار فعلاً.. ساعتها بس ممكن حاجات كتير تتغير...

لملم الأستاذ رامي أوراقه وخرج من المقهى عائداً إلى منزله، والأسئلة ما زالت تتراكم برأسه المتعب. فما زالت قطع الشطرنج تشعر بأنها حرة رغم أن هناك سيداً يحركها، وما زال القلم يكتب ما أراده مولاه ظناً منه أنه من يكتب!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??