الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ووترغيت سعودية

حاتم عبد الواحد

2018 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تكتسب عملية اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول اهمية دولية واهتمام قانوني وسياسي عالمي ليس لانها مجرد جريمة يمكن ان تحدث ضد اي انسان في هذا الكوكب ولكن لانها جريمة فتحت الباب لمناقشة جرائم اخرى لم تكن ظاهرة في نصوص القانون الدولي الذي ينظم علاقات الدول ببعضها.
لقد روج الاعلام السعودي طيلة شهر مضى كثيرا من الاخبار التي كان يراد منها تشويه تاريخ جمال خاشقجي للتقليل من اهمية موته، ومن هذه الاخبار التي تناولها الاعلام الامريكي ان جمال كان على صلة وثيقة بزميل دراسته اسامة بن لادن وانه اجرى معه عددا من اللقاءات الصحفية ، ولم يكن بحسبان من روجوا لهذه الاخبار القديمة ان السعودية في زمن الاجتياح الروسي لافغانستان وتعيين بابراك كارمل كرئيس لها في كابول كانت تمد حركة المقاومة الافغانية بالمال والرجال وكانت السعودية ترسل سعوديين وخليجيين بصورة منتظمة ليشاركوا في المقاومة الافغانية كمجاهدين وكان ذلك يتم بقبول ورضا امريكي تامين. كما ان جمال خاشقجي لم يكن الوحيد من الصحفيين من اجرى لقاءات مع اسامة بن لادن ، هناك صحفيون عرب اخرون يعيشون في اوربا اجروا لقاءات مع زعيم القاعدة و مازالوا احياء ولم تلحق بعملهم اية شبهة جرمية او ارهابية .
ثم روج كتاب المنصات الاجتماعية على الانتريت من الجيش الالكتروني السعودي كما في المطبوعات السعودية او التي تتلقى مساعدات سعودية او التي تصدر في دول حليفة لنظام الرياض خبر انتماء جمال خاشقجي الى جماعة الاخوان المسلمين لتأليب الراي العام ضده في الدول المتقدمة في اوربا واسيا وامريكا ولم يدر بخلد من اعطى خبر ترويج هذا الخبر ان السعودية هي صنيعة الاسلام السياسي وهي التي تحمي وتمول وتدير عمليات القتل والخطف والتغييب باسم الاسلام السياسي في كل انحاء المعمورة .
كان على السعوديين ان يدركوا منذ بداية مسلسل كذبهم الذي بدأه القنصل السعودي في اسطنبول حين قال لمندوب وكالة رويترز بعد اربعة ايام من اختفاء جمال خاشقجي ان جمال قد خرج من القنصلية حيا وان اختفاءه يثير قلق المسؤوليين السعوديين وهو كان على علم تام بمقتله امام عينيه وعلى مسمع منه، ان " اختفاء " جمال خاشقجي سيكون له رد فعل مدوٍ حول العالم للاسباب التالية :
اولا : ان الجريمة حصلت داخل منشأة دبلوماسية تابعة لدولة حليفة للولايات المتحدة وشريك مهم للغرب يمكن ان يؤثر بالقرارات الدولية بتأثيره السياسي والاقتصادي.
ثانيا : ان الجريمة وقعت ضد صحفي كان يرى ان اسّ التغيير في السعودية لن يتم بواسطة الاستثمارات الخارجية للرياض في دول اوربا وامريكا وانما يتم بواسطة تطوير السياسات الاقتصادية الداخلية واصلاح النظام القانوني وارساء دعائم الديمقراطية .
ثالثا : ان الجريمة حصلت في بلد عضو في حلف الناتو وله تأثير كبير في المجتمعات الاسلامية .
رابعا : ان الجريمة اخترقت بنود معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 التي تحدد الاجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بافراد البعثات الدبلوماسية .
خامسا : تثير جريمة الاغتيال هذه جدلا حول كيفية الاستخدام القانوني للارض التي تقام عليها البعثات الدبلوماسية وما يلحقها من اماكن اقامة للدبلوماسيين في البلدان المعتمدة فيها خصوصا وان معاهدة فيينا انفة الذكر لم تتطرق الى هذه المباديء.
ورغم كل هذه المعطيات التي لا تخفى على اي متابع بقي النظام السياسي وماكنته الاعلامية والقضائية مصابا بالخرس منذ شهر ولم يستطع الاجابة على سؤالين مهمين متعلقين باغتيال جمال خاشقجي اولهما : من هو المتعهد المحلي الذي تصرف بجثة جمال الذي ذكره اعتراف السعودية بموت جمال اثر " شجار" داخل القنصلية ، وثانيهما اين هي جثة جمال التي قال عنها الرئيس التركي اردوغان اننا فتشنا السماء والارض ولم نجد اثرا لها ؟
ان سياسة الاذن الطرشاء التي تتبعها السعودية ازاء المطالبات الدولية المتعلقة بايضاح ما جرى بشفافية تامة لا يمكن ان تؤدي الى حل مقبول دوليا فعمليا بدأت دول اوربية عديدة التفكير بممارسة ضغوط اكبر على النظام السعودي لتوضيح ما جرى ومن هذه الضغوط اللجوء الى تحقيق دولي محايد ، وتعليق عقود توريد سلاح ، واستدعاء سفراء السعودية في هذه الدول للاستفسار منهم عن نشاطاتهم داخل سفاراتهم ، كما ان التعويل على التقادم الزمني للقضية من اجل نسيانها لا يمكن ان يؤدي الى مخرج يؤمن حماية من اوعز بتنفيذ الاغتيال وان كانت الادارة الامريكية الحليف الداعم للسعودية تريد التغطية على ما حدث بتقديم اكباش فداء قال وزير الخارجية الامريكي ان واشنطن تنتظر ادلة ادانتهم من اجل معاقبتهم ، فجريدة الوشنطن بوست التي اطاحت بالرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نيكسون في قضية ووترغيت عام 1972 عندما اشاعت خبر اكبر فضيحة سياسية في تاريخ امريكا عن طريق صحفييها " كارل برنستين " و " بوب وود ورد " قادرة على اطاحة اكبر رؤوس السعودية سيما وان جمال خاشقجي احد كتابها ، فالرأي العام العالمي والمزاج الشعبي حول العالم لم يعد يثق بالسلوك البيت الابيض تجاه هذه القضية ، بل بدات الاصوات ترتفع بحماية العدالة الامريكية التي يريد الرئيس دونالد ترامب الحط من قداستها مقابل المال السعودي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل