الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسات الحلّ في سوريا

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2018 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


سوف تطول مساومات اللحظة الراهنة، في الحالة السورية، الى أقصى أفق ممكن من قبل جميع الاطراف المتدخلة بصورة مباشرة. ثمة ما يدفعها لاستمرار عقد الاجتماعات، وعلى مستوى القمة، ليس من أجل اتخاذ القرارات، بل من أجل تسوية قضايا عالقة أو مستجدة، تُحدث إرباكاُ في مسارات مصالحها المتعارضة، على الأرض – ميدانياً – في سوريا. والدافع الى ذلك، هي العثرات الكبيرة التي يواجهونها، في الطريق لفرض خطط عملهم، وإرباكاتها، بعد ثماني سنوات من مواجهة الانتفاضة السورية، بالحل الأمني، وثلاث سنوات على العملية العسكرية الروسية الواسعة، التي لم تنته، ولم تحقق أهدافها بالسرعة التي أرادها بوتين، كي يخلق الأرضية الملائمة كما أشار قبل أيام، من أجل إحلال السلام في سوريا.
ولن ينقطع الحديث عن أن مرجعية اي حل هي القرار الدولي 2254 وليس غيره، ومع أن الإشارة الى بنود جنيف الأولى والثانية، تظل قائمة بصورة غائمة، دون التذكير بالقرار الدولي2118 الذي يحدد أن العملية السياسية في سوريا، تتأسس مع تشكيل هيئة حكم انتقالي. فما تلاه من لقاءات دولية تخص القضية السورية، شهدت تجاذبات كبيرة، بسبب الموقف الروسي الرافض مبدئياً لأي تسوية سياسية تتم وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وقد نجحت حتى اليوم، في الحيلولة دون توصل مفاوضات جنيف الى أية نتيجة بين المعارضة السورية، والنظام السوري، يمكن أن تشكل أرضية يُبنى عليها، ما يقود الى إطلاق مفاوضات جادة ومثمرة.
أرادت موسكو أن يمرّ أي جهد دولي عبر قناتها السياسية، بإخضاعها لمعايير المعالجة الأمنية والعسكرية، وهو سعيٌ حظي بمباركة غير معلنة من واشنطن، إبان إدارة أوباما. وبقي الأمر سارياً الى عهد ترامب، الذي تظل القضية السورية، بعيداً عن أولوياته الأساسية. وفي الواقع تحاول واشنطن الإيحاء دائماً، بأنها حاضرة في كل جهد سياسي، أو لقاء دولي متصل بسوريا. لكنها في الحقيقة تتابع ولا تشارك، وهذا مؤشر دالٌّ بقوة على أن إدارة ترامب بعيدة عن اتخاذ قرار بشان الحل في سوريا.
لو كانت الإدارة الامريكية راغبة في إحداث تحوّلٍ جذري، لفعلت ذلك، لكنها تتعمد انتهاج سياسة إدارة الملفات بالوكالة وعن بعد، بما يقود الى تسويات مؤقتة، لقضايا عالقة أو أنها تشكل مقدمات مفترضة، تساهم في بلورة تصورات السلام. ما يزال هذا الأمر بعيداً، فالبيت الابيض يجمع بين يديه خيوطاً عديدة، يساوم في البعض منها، ويزجي وقتاً في بعضها، مثال ذلك قضايا منطقة الشرق الأوسط، بما فيها إيران. لكنه معني أساساً بدعم صعود اليمين في العالم، والعمل على تطويق الاقتصادات المؤثرة، بما يقود الى استعادة لعملية إخضاع واستتباع العالم لواشنطن، بمثل هذه الكيفية التي يديرها ترامب وفريقه.
دون شك – ومنذ ماقبل حالة الاحتلالات الواسعة التي تشهدها سوريا – كان الحلّ ولا يزال بيد القوى الخارجية. ولكنه اليوم يتحدد أكثر بمقدرة القوى ذات التواجد العسكري على الأرض. موسكو تبدو أكثر الدول فاعلية، خاصة إذا وضعنا جميع القوى الدائرة في فلكها، في السلّة الروسية: إيران، والميليشيات المتعددة، والنظام السوري. ولكن السؤال المهم، هل تملك موسكو القدرة على الوصول نحو تسوية ناجزة للوضع في سوريا؟
خلافاً لما يتم تداوله سياسياً بشأن طهران، فقد شدد بوتين في قمة اسطنبول على الدور الإيراني، فيما أشادت واشنطن بنتائج اللقاء، وهذا يكشف مدى التقاطع في سياسات واشنطن وموسكو في سوريا، خاصة بشأن إيران، وعملياً يطالب البيت الأبيض بانسحاب قواتها، وتفكيك القواعد العسكرية، بما يُلبي مطالب اسرائيل. لكنه لايُمانع إذن، من دور سياسي لطهران. هذه نقطة جديرة بالتوقف، ومعرفة ما إذا حدث تغير حقيقي بشأن إيران، والتي كان منع مشاركتها ( أميركياً ) في جنيف 2013 أحد أسباب تقويض ذلك المسار. وهل يمكن البناء على ترحيب جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون السورية، بشأن احتمال بروز دور أمريكي فعّال في التوصل الى تسوية ؟
إذا وضعنا خطط موسكو جانباً، فإنهرلاتوجد حتى اليوم استراتيجيات لتسوية واضحة، تقود الى حل دائم في سوريا. ثمة توجهات، خطوات مؤقتة لتثبيت أوضاع قائمة، كوقف إطلاق النار في إدلب، والعمل على تنفيذ سياسات تمنع تدهور الأوضاع، أو تضرر واسع للمدنيين. وليست هناك أية آليات تشير بوضوح الى احتمال أن تغير موسكو في نهجها العدواني، المتمثل في فرض حل يقوم على دور أساسي للنظام السوري، في تشكيل حكومة جديدة ( تدخل فيها المعارضة كطرف ) وفي الذهاب الى لجنة دستورية، وهي النقطة التي يرى فيها عدد من الأطراف الدولية بوابة الحلّ، فيما تراها وثائق الأمم المتحدة، نتيجة لجهود التسوية، ومرحلة من مراحلها، التي تتأسس على التفاوض، وعلى هيئة حكم انتقالي، أضحت طيّ النسيان.
إنهم متوافقون على وضع الحصان خلف العربة، ويختلفون في الوسيلة الى ذلك!
الحقيقة المريرة، أن ثمة عدم اكتراث دولي، بانجاز تسوية حقيقية في سوريا حتى الآن. وأن أحداً لا يمكنه إنجاز تسوية دون موافقة الأطراف الأخرى، وتشاركها معاً، وخاصة موسكو وواشنطن.
وعلى الرغم من الآمال الضعيفة، بشأن ذلك، فإن الأوضاع قابلة للإنفجار في أي وقت، طالما أن هناك ملفات ومصالح، ومساومات وقوى احتلال، لا تعبأ بمصائر المدنيين، ولا بمستقبلهم في سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة