الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة لفتاة عراقية تلاعبتها الاقدار

انعام السلطاني

2018 / 11 / 5
الادب والفن


واصبر لحكم ربك فانك باعيننا
قصة واقعية لفتاة عراقية تلاعبتها الاقدار.
" مرارة العيش التي كنتُ اعانيها جعلت امنيتي بالحياة ان اتزوج بأي رجل مهما كانت مواصفاته يطرق ابواب بيت جدي حيث كنت اعيش ، كان همي ان اتخلّص من الذل والمرار بعد وفاة امي وزواج ابي وانتقاله الى عمَان مع زوجته الجديدة وتركني لذلّ الحياة في بيت جدي سنين طويلة ، فكان الاب بالنسبة لي مجرد نسب واسم في اوراقي الرسمية. كان عمري تسع سنوات حين انتقلت الى العيش في بيت جدي وحينها كانوا اعمامي وعماتي بعمر الشباب واصبحت مهنتي هي خادمة للجميع لا تعليم ولا رعاية وكنت اخدم الصغير والكبير وكان العم الصغير يعجز من فعل اي شئ مهما كان وكنت انا حتى اقلَم له الاظافر، وذات ليلة وبينما كنت اقلَم اظافره كالعادة مفترشة الارض ومنهمكة في تقليم اظافره اخطأت واخذ المقراض عمقاً في اظفر عمّي مماسبَب له ألماً فوجئت بأنه ركلني ركلة دفعتني الى معرض الصحون الذي كان خلفي.. أوقع المعرض وما فيه على جسدي الصغير وانهال عليَ بالضرب صرخت بشكل هستيري أيقظ كل من كان في المنزل ، كان عقلي الصغير حينها يصور لي ان اعمامي وعماتي سيتدافعون لنجدتي وإذا بهم ينهالوا عليَ بالضرب لاني كسرتُ صحونهم اضف الى شتى انواع الشتائم والسباب ويلعنون الساعة التي رأوني فيها .. كل هذا لانّي دون قصد تسببت في كسر صحونهم ، عشت مع تلك الهموم طفولتي كلها حرمان من حنان الابوين ومن العيش الكريم ومرّت السنين تلو السنين ، كبرت واصبح ضربهم لي لايؤذيني جسديا فحسب بل يؤذيني نفسيا لاني بدأت اشعر بان لا كرامة لي ولم اكن ادرك في صغري معنى الكرامة . فكرت مرارا ان اهرب من هذا السجن اللعين لكني لم اكن املك الجرأة الكافية ورغم مرور السنين لم ارى والدي ولا مرة واحدة ولم يفكر أن يتصل بي ابدا. كل الذي كان يقوم به هو ارسال مبلغ شهري وبالطبع لم يكن يصل لي بل تتم مصادرته من قبل أعمامي وكنت في قرارة نفسي اقول" لولا هذا المبلغ لما تقبلوني للعيش معهم طيل تلك السنين" . وبعد زواج عمَاتي اضيفت لي مهمة اخرى في منزل جدي غير التنظيف والخدمة هي التسوق ، فرِح عقلي الصغير بهذه المهمة فهي المتنفس الوحيد من ذلك السجن المقيت وبالفعل بدأت مهمتي الجديدة التسوق وكنت اهتم بهندامي وشكلي اثناء ذهابي للسوق وكأنني اتوجه الى حفل وذات يوم وكعادة الشباب في الحي الشعبي الذي كنّا نسكنه تبعني احدهم وبدا يطرق على مسامعي بعض الكلمات وامام الملا ولان مجتمعنا محافظ ويستهجن احيانا تلك التصرفات مما حدا باحد الاشخاص "بائع خضروات " الى توبيخه ثم تطور الامر الى عراك بالايدي خفتُ كثيرا وذهبتُ مسرعة الى البيت خوفاً من ردة الفعل ، ثم بعد مرور اسبوع على الحادث ذهبتُ مرّة اخرى الى السوق وتوجهتُ الى بائع الخضار وكنتُ في قرارة نفسي أقول لعلني اجده قد قُتل او نُقل الى المشفى او او...... ولكن المفاجاة وجدته كما هو يجلس في محله ومُنهمك بعمله اقتربت منه بحذر شديد والقيتُ التحية وقلتُ له " اعتذر عن الموقف الذي حدث" فكان ردّه اي موقف استدركتُ الذي حدث قبل اسبوع وانا الفتاة التي تشاجرت من اجلها وجاء رده اعذريني لاني لم انتبه في حينها الى سحنتك وعموما انّي ارفض تلك التصرفات ولا نقبلها ولوتعرضت اي فتاة لهكذا الموقف كنتُ اتصرف نفس الشئ ، فشكرته وانصرفتْ ولكنّي ولاول مرة في حياتي احسستُ انّ هذا الشاب هو رجل بألف رجل رغم قلّة هندامه ومنذ ذلك الحين بدأتُ اتردد كثيرا على صاحب المحل بحجة شراء الخضروات ولم يكُ يعلم اني معجبة به ابداً ( لانه بصراحة كان قفل .. قفل بمعنى الكلمة) حاولتُ ان المَح له مرارا وتكرارا فمثلاً مرّة سألته هل انت متزوج !!... لسوء حظي لم يفهم انّي اريد التقرّب اليه وبدأ يتكلّم عن معاناته بالعمل وانه من منتسبي وزارة النفط لكن ضعف الدخل جعله اضافة الى ذلك يعمل بالخضار ومواضيع شتى لاعلاقة لها بسؤالي ومااريد الوصول اليه ، ثم حاولتُ مرّة اخرى حيث خطرتْ لي فكرة فقلت في نفسي افضل الحلول هو ان استجمع قواي واتكلم معه بوضوح واقول له اني معجبة بخُلقك لعله يفهم بأني احبّه , وجاءني الرد الذي صعقني قال لي بالحرف الواحد ( رحم الله والديك) انه قفل بمعنى الكلمة , عرفت وقتها انه لا امل بهذا الرجل . وبعد مرور فترة كنتُ اتردد على السوق كالعادة وبدأت اتسوق من محل مجاور له نكايةً به واثناء انصرافي من السوق تبعني ثم ألقى التحية وقال لي هاتي عنك الاكياس انا احملها فأجبته بعنفوان" لا.. شكرا لك ولاتتبعني" ، فكان ردّه ارجوك اعتذر لسذاجتي حيث سألت اخي وقلت له ان فتاة اعربت عن اعجابها بخلقي فقال لي ياغبي انها تحبك واعذري جهلي فانا مااعرف ماعندي تجربة ، في تلك اللحظة ضحكتُ كثيرا واحسست ان القدر ابتسم لي اخيرا وكانت البداية بداية لقصة حب نقية وصار لي حبّ حياتي ثم بعد فترة قصيرة تقدم لخطبتي ورغم ضعف حالته المادية تزوجنا وسكنت غرفة مصنوعة من حجر البلوك فوق سطح دار اهله حيث كانت في الصيف لهيب الحر لايوصف وفي الشتاء برد قارص لكن هذه الحجرة كانت قصري وكنت انا ملكة هذا القصر وعشنا ايام حلوة ومرة سوية , وبعد الحرب الامريكية على بلدي واحداث سنة 2003 وماتبعتها من احداث ادّت الى تحسّن الوضع المادي لمنتسبي وزارة النفط بشكل كبير ومن ضمنهم زوجي ورزقنا الله بدل الحجرة دارين وسيارة احدث موديل والذرية الصالحة فلنا الآن بنتين وولد واصبح لزوجي اكثر من مشروع تجاري لا اعرف ماذا اصف هذا الرجل الذي بعثه الله لي كطوق النجاة فكل الكلمات لاتصفه ومهما اشهدُ له بحسن الخُلق تبقى شهادتي مجروحة بحقه ودارت الايام واليوم يحاول والدي بشتّى الطرق يتصل بي لكي يراني هو الذي نساني سنين عمري كلها الاّ ان قلبي المجروح يأبى رؤيته رغم محاولة زوجي اقناعي برؤيته دون ملل لانه متاكد لابد ياتي اليوم الذي احن لرؤية ابي , آه يادنيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??