الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانزلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للرئيس التركي راجب طيب أردوغان

ابراهيم منصوري

2018 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يرى الملاحظون أن التحولات التي عرفتها تركيا مؤخراً على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قد فشلت فشلاً دريعا ليس على صعيد النمو الاقتصادي المستدام فحسب ولكن أيضا في ما يتصل بآثار هذه التحولات على تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في بلاد الأناضول. إلا أن الكثير من الناس المتعاطفين مع التوجه الإسلاموي للرئيس أردوغان يعتقدون نِفاقأ أو خطأً أن الرجل خطا خطوات عملاقة على درب التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى أن البعض، خاصة في العالم العربي، لا يشك قيد أُنملة في كون تركيا أصبحت بقدرة قادر في مصاف البلدان المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً وأن الأتراك يرفلون في نعمة ما بعدها نعمة.

لا غرو أن ثلة من المتأسلمين بالغت في مدح السيد أردوغان حتى جاوزوا قدرهم او اجتازوا السحاب، بل إن شرذمة منهم نعتته بخليفة المسلمين الجديد الذي أرسله الله للأمة ليس فقط ليجدد لها دينها بل أيضاُ ليحقق لها أسباب التقدم والرقي والازدهار ومن ثمة التمكين لها في الأرض والجو والبحر وغزو بقاع العالم كما كان يفعل العرب في عصر الخلفاء الراشدين.

سُئِل أحد الحكماء يوماً عن تعريف جامع ومانع للديمقراطية فأجاب: "إنما الديمقراطية هي النظام السياسي الذي يُمْكِنُ فيه لأي حزب أو شخص كان أن يَخْسِرَ الانتخابات". إلا أن حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان لا يبدو أنه يؤمن بهذه الحكمة المدنية؛ بل إنه كجميع الأحزاب ذات التوجه الإسلاموي يعشق الكراسي الحكومية حتى النخاع إلى درجة أن الرجل حول تركيا فجأة من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي حتى يرتاح من انتقادات خصومه اللدودين.

ما فتئ حزب العدالة والتنمية يسيطر على زِمَام الحُكم حتى بدأ الاقتصاد التركي يُبْدي عجزه الواضح في الإقلاع رغم قطار طويل من الإصلاحات الاقتصادية التي تم تبنيها مع العلم أن السبب الرئيسي للفشل الملحوظ يتمثل في سوء التدبير الاقتصادي (Economic mismanagement)، وما الانزلاق الراهن لليرة التركية إلا قطعة صغيرة من جبل الجليد الغائص مؤقتاً تحت المياه الراكدة. إن تدارك التنمية المستدامة في تركيا يستدعي بالأساس الرجوع إلى النظام الديمقراطي العِلْمَانِي مع التركيز على التماسك الاجتماعي وتشجيع التعليم العلمي الراقي وتكافؤ الفرص على مستوى تخصيص الموارد، بدل الركوب على إيديولوجية خاوية على عروشها. وفي هذا الإطار، أتذكر مقولة شهيرة للزعيم التركي كمال أتاتورك خلال لقائه بالشباب في 1927: "إن التغيير الإيجابي في تركيا سيحصل لا محالة إذا وفقط إذا تمكن المواطنون من التحكم في مستقبلهم باستغلال الطاقات الكامنة فيهم". إلا أن السيد أردوغان يسير حتماً عكس التيار حتى أن الطاقات الكامنة في الأتراك لا تهمه بتاتًاً بقدر ما تهمه مصالحه الحزبية الضيقة.

منذ تأسيس الجمهورية التركية سنة 1923 بعد التفكك الصارخ للإمبراطورية العثمانية أو ما يصطلح عليه تاريخياً بالرجُل المريض، عرف المسار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد مداً وجزراً واضحين. فقد تأثرت تركيا بالتقلبات الاقتصادية والمالية والسياسية منذ ذلك الحين بما فيها الأزمة الاقتصادية العالمية لنهاية عشرينيات القرن الماضي والحربان العالميتان كما الصراعات الجيوسياسية في المنطقة في ارتباط وثيق بالشؤون الداخلية والدولية.

تدل القراءات التاريخية المتوفرة على أن أهم قفزة اقتصادية واجتماعية كَماً وكَيْفاً قد تحققت خلال السنوات الأولى للجمهورية التركية حيث تحسن المستوى العام للتربية والتعليم، خاصة بالارتكاز على العلوم والفنون في إطار المدارس الجديدة التي تم بناؤها على امتداد التراب التركي في المدن كما في القرى. كما أن القدرة الإنتاجية في القطاع الفلاحي تحسنت كثيراً وتم ضخ أموال ضخمة في مشاريع البنية التحتية والصناعة، مما نجم عنه نمو اقتصادي مضطرد وصل في متوسطه السنوي إلى أكثر من 5 في المائة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. إلا أن النمو الاقتصادي أصبح يتسم بالتذبذب ابتداء من نهاية السبعينيات مما جعل تركيا تفشل في اللحاق بنادي بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والاكتفاء إلى حد الآن بدرجتها ضمن بلدان العالم الثالث ذات الدخل المتوسط (Middle-income developing countries)، في تناقض صارخ مع بلدان تمكنت من إقلاع اقتصادي حقيقي مع أن ظروفها الأولية لم تكن مشجعة كما هو الحال في ألمانيا والنمور الأسيوية من أمثال كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ والتي أصبح يضرب بها المثل في التقدم التقني والصناعي بينما يعتقد المتأسلمون أن تركيا الأردوغانية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ أبعد المجرات.

سُئِلَ مسافر إلى بلاد الأناضول يوماً عن أحوال الأتراك فقال: "أينما رحلت وارتحلت في البلاد رأيت مشاريع عملاقه تدل بلا شك عن عبقرية أردوغان وحزب أردوغان". رد عليه مُحاوِرُهُ: "أتتحكم تركيا في التكنولوجية فِعْلاً؟". عقب المسافر متلعثماً: "أينما وليت وجهك في تركيا فثمةَ سِلَعٌ وخدمات من شتى الأنواع والضروب، مما يدل على رُقي تلك البلاد الإسلامية حفظها الله ورعاها من كل حاسد إذا حسد". عقب المُحاور للتو فقال: "لقد أنعم الله علي إذ اعتمرت هذا العام فرأيت في بلاد الحرمين ما لم تَرَهُ عين من شتى أصناف السلع والخدمات رغم أن مملكة الحجاز لا تتحكم في أية تكنولوجية ولا هم يحزنون حتى أن الهدايا التي اقتنيتها من هناك أصبح من دب وذاب يقرأ على متنها صُنِعَ في الصين، صُنِعَ في تايوان ، بما فيها العَقال المُدار على الرؤوس بمعنى ‘عِمَم على رِمَم ورؤوس على تُيُوس ...". في تركيا كما في مملكة الحجاز وما تلاها من بلاد العرب والبربر المستعربين، وفي الظروف الحالية المتسمة بتعالي الناس على العولمة والعلوم والتقنيات، لا يمكن للشعوب تلك أن تتحكم في التكنولوجية رغم مواردها المالية من شتى ضروب العملة الصعبة.

إن سوء التدبير الاقتصادي تحت عِمَم رِمَم حزب أردوغان أدى في النهاية إلى تراكم مهول للديون الخارجية، ويبدو أن السيد الرئيس يتعمد إخفاء ذلك في أكثر من مرة عندما يتباهى بنجاح حكومته في تصفية كامل الدين العام الخارجي تجاه مؤسسات التمويل الدولية، متناسياً أن الدين العام تم استبداله في الحقيقة بعبء أثقل على مؤسسات القطاع الخاص التي تخنقها ديون متراكمة بالعملة الصعبة ومضمونة من طرف الدولة تقدر قيمتها بما لا يقل عن 520 مليار دولار أمريكي مع العلم أن الاقتصاد التركي سيحتاج للمزيد من الديون الخارجية بما يناهز 300 مليار دولار إضافية خلال السنوات الإثني عشر القادمة بالإضافة إلى الديون الداخلية التي تقدر حالياً بحوالي 40 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يربو على 350 مليار دولار أمريكي. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن هذا العبء المالي الثقيل قد دفع بتركيا إلى تبني سياسات اقتصادية تتوخى الحيطة والحذر بما فيها الحرص على استقلالية البنك المركزي وصياغة إستراتيجية لاستهداف التضخم (Inflation targeting)، خاصة في إطار سعيها إلى تثبيت القيمة الحقيقية لليرة التركية التي تعرف حالياً انكساراً مُهولاً .

إن الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها تركيا فرضتها أساساً الأزمة المصرفية الخانقة التي ضربت البلاد سنة 2001 والناجمة عن تفاقم المشاكل الماكرو-اقتصادية المتعلقة بالتضخم المُزمن وسوء تدبير ميزانية الدولة. إلا أن الظروف الملائمة التي وفرها تدفق السيولة الدولية في الفترة التي سبقت الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية بداية من عام 2008 قد أعطت الانطباع الخاطئ لدى عامة الناس أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي التي حققتها تركيا على مدى سنوات مردهُ إلى نجاح الإصلاحات التي تم تبنيها، مع العلم أن حزب أردوغان الحاكم، في إطار النفاق الاجتماعي السائد، ما فتئ يتباهى هو الآخر بكونه المُخلص الأوحد لهموم الأتراك أجمعين. ويبدو جلياً أن حزب العدالة والتنمية الحاكم قد شرع في انحرافه عن الإطار المؤسساتي المعني بالإصلاحات، خاصة بعد الانتهاء من تنفيذ البرنامج التقويمي سنة 2006، والذي كان يرعاه آنذاك صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund).

قبل الإمساك بزمام الحُكم، كان أباطرة حزب العدالة والتنمية التركي يُعبرون جهراً عن تصميمهم على إعادة هيكلة أسس الجمهورية وذلك بالخصوص عبر استبدال الديمقراطية البرلمانية العلمانية بنظام رئاسي يستمد شرعيته من مبادئ دينية محضة. وبعد أن انتهى من المسلسل الإصلاحي سنة 2006، ضاعف الحزب جهوده من أجل تقوية نفوذه السياسي، وذلك بالاعتماد على الأسس الثلاثة الرئيسية للتربية والتعليم من جهة والاقتصاد والمؤسسات من جهة أخرى، والتي تعتبر في فكر "ألتوسير"، أدوات رئيسية للتحكم على رقاب الناس.

في الميدان التربوي-التعليمي، استغل حزب العدالة والتنمية الأردوغاني الفرصة التي أتاحها له الانقضاض على الحُكم من أجل توزيع مبالغ مالية ضخمة على المدارس الدينية والاستثمار في بناء مدارس لاهوتية جديدة؛ مما نتج عنه نقص في فُرص التوظيف بالنسبة للأساتذة المُجازين من المؤسسات غير الدينية وإغلاق واسع للمدارس العلمانية في المدن كما في القرى مع كل ما يترتب عن ذلك من هدر مدرسي أو لجوء التلاميذ إلى المدارس الدينية رغماً عنهم في خُطوة حزبية تصبو أساساً إلى محو الفكر العلماني وتاريخ الجمهورية وإقبار بعض المواد الأساسية كالفلسفة وعلم الاجتماع وما إلى ذلك. إن هذا الفكر الأردوغاني الضيق سيؤدي حتماً إلى تقليص فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل لأن التاريخ الإيجابي للأمم ينبني أساساً على التعليم التنويري والفكر الحر وليس على الفكر الظلامي الذي يتبناه الرئيس وجماعته.

في الوقت الراهن، لاَ يَتَنَاطَحُ عَنْزَانِ على كون الولاء لحزب العدالة والتنمية التركي يتم زرعه عن طريق نشر القيم المضادة للعلمانية وبناء المدارس اللاهوتية على حساب المؤسسات التعليمية المُدرة للعلم والمعرفة والتسامح. كما أن التنظيم المُحكم للحزب يمكن من مساعدة الموالين له على تسلق الدرجات الاجتماعية كيفما كانت تجاربهم واختصاصاتهم ومستواهم المعرفي بحيث أُدْمِج الكثير منهم في دهاليز القطاع العام كما في مواقع أخرى مؤثرة بما في ذلك الجامعات ومعاهد التفكير (Think tanks). ويبين هذا بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام السياسي في تركيا يطاوع مجموعات المصلحة (Interest groups) في هواها مما سيقض فرص تنميه البلاد على المدى الطويل.

إن المحسوبية في القطاع الاقتصادي ضربت أطنابها ملأ الجمهورية التركية المترامية الأطراف، خاصة أن التعديلات المتعلقة بقانون الصفقات مكنت الشركات التي تبدي ولاءها للحزب من الاغتناء السريع على حساب المؤسسات الأخرى بغض النظر عن مدى تخصصها ونجاعتها الإنتاجية. أما بالنسبة لعبء المديونية على الأسر (Households) فحدث ولا حرج، فبالنظر إلى تشجيع الاستهلاك واتساع دائرة الوساطة المالية (Financial intermediation)، انبثقت طبقة غنية جديدة تتسم بولائها للحزب، خاصة ضمن مافيا العقار، وارتفعت مديونية الأُسر من 5 في المائة من الدخل المُتاح (Disposable income) سنة 2002 إلى ما يناهز 32 في المائة حاليا.

أما بالنسبة للهجرة القروية وحركية التمدن فيلاحظ أن الحزب الأردوغاني قلص من الدعم المُوجه إلى الفلاحة كما إلى التشغيل داخل ضواحي المدن مما نجم عنه اتساع البطالة والتهميش والإقصاء الاجتماعي ومن ثمة تكدس الفقراء في المدن والارتفاع المُهول في نسبة التمدن التي تناهز حالياً 82 في المائة. أليس هذا مُرادفاً للنمو الاقتصادي المؤدي إلى الفقر المُدْقِع (Immiserizing Growth)؟ ففي السابق كان التخصيص اللامتكافئ للموارد لفائدة مافيا العقار يساعد على التشغيل وكسب الأرباح، أما الآن فقد انتهت البحبوحة المالية فانهار الإنتاج وانحدرت القيمة المضافة وتراجع الطلب الداخلي.

على كل حال، تم تعديل الدستور سنة 2017 فحل النظام الرئاسي محل النظام البرلماني الديمقراطي بعد استفتاء شعبي إيجابي بنسبة 50,98 في المائة، رغم الاختلافات حول هذا التعديل بين الهيئات الحقوقية والذي برره الحزب الحاكم بالحاجة إلى تفادي العراقيل التي تخلقها النقاشات البرلمانية الطويلة وأهمية الإسراع في صياغة وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. ونتيجة لهذا التعديل المشؤوم، اتسعت دائرة تحكم أردوغان وحزبه في الآليات البيروقراطية وساء أداء المؤسسات بما فيها البنك المركزي الذي أصبحت استقلاليته على كف عفريت كما يوضح ذلك تدخل أردوغان بنفسه في القرارات السيادية لمعهد الإصدار، خاصه عندما فرض على محافظ البنك الإبقاء على معدلات فائدة منخفضة في عز أزمة الليرة الحالية التي أثرت تأثيراً كبيراً على اقتصاد البلاد. كيف لرجل دولة درس العلوم الاقتصادية لفترة طويلة وشنف أُذُنَيه بالنظريات الاقتصادية عندما كان لا يكاد يبرح مدرجات الجامعة أن يفرض معدلات فائدة متدنية في سياق يتسم بانهيار قيمة عملته الوطنية وارتفاع في معدلات التضخم؟ كما أن السيد أردوغان فشل فشلا دريعاً في استهداف التضخم وترشيد الإنفاق العام وتثبيت ميزان الأداءات الجارية، مما أثر كثيراً في مصداقيته ومصداقية أعضاء حكومته بمن فيهم صهره (زوج ابنته)، المدعو البيرق، الذي عينه الرئيس وزيراً للمالية والاقتصاد رغم أن كفاءاته لا تؤهله لتحمل تلك المسؤولية الجسيمة بالإضافة إلى العصا الأردوغانية التي تسلط كل حين على أعصاب صهره المُنعم.

إن غياب الشفافية والمساءلة، خاصة على مستوى السياسة المالية للدولة (Fiscal Policy) هو بمثابة مشكل شائك ليس فقط على مستوى الاستقرار الماكرو-اقتصادي ولكن أيضاً على صعيد الأداء السياسي والاجتماعي. ولا غرو أن ما يربو على نصف الساكنة التركية حسب استطلاعات الرأي ترى أن السنوات الست عشر التي قضاها حزب أردوغان في سدة الحكم ليست مرضية إن على صعيد القطاعات الاجتماعية أو على مستوى البنية الاقتصادية للبلاد. إلا أن الآلة الإعلامية للحزب الحاكم ومن يلف لفه ما زالت تنشر البروباغاندا وتعتم الحقائق حول مآل الاقتصاد التركي وتطلعات الأجيال القادمة.

وباختصار، فإن النمو الاقتصادي في تركيا تحت مظلة حزب العدالة والتنمية الحاكم ما زال بعيداً عن الاستدامة اللازمة ليس على المستوى الاقتصادي فحسب ولكن على الصعيد الاجتماعي أيضاً، ما دامت جماعات المصلحة تستفيد دون حدود من خيرات البلاد بل تزداد غنى بينما تزداد الفئة الأقل ولاءً فقراً على فقر. أما على مستوى التنمية الاقتصادية كظاهرة نوعية فإن الإشكالية الأساسية تكمن في أن السياسات المتبعة من طرف أردوغان وجماعته قادت إلى تقهقر ملحوظ في الرأسمالين البشري والاجتماعي وذلك نظراً لتقلص جودة التعليم والاستقطاب السياسي والاجتماعي (Political and social polarization). إن قسطاً كبيراً من الموارد المتاحة في تركيا يذهب إلى الجماعات الباحثة عن الريع (Rent-seeking groups) على حساب الأنشطة الاقتصادية الضامنة للشغل والمدرة للدخل على المدى الطويل. وباتباع هذا السلوك غير الرشيد فإن أردوغان وأتباعه يتعاملون على شاكلة شيوخ البترول رغم أن البترول لا ينبع من أرض العثمانيين.

يبدو للأسف أن أردوغان ومن يجالسهم في مقرات الحزب المتناسلة في تركيا كما تتناسل الفطريات ليس لديهم أي حس للتعلم الاجتماعي (Social learning). إنهم لا يريدون أن يعترفوا أن الانكماش الاقتصادي الذي تولد عن الأزمة الحالية إنما مرده إلى ست عشر سنة من حكم الحزب الوحيد، وليس إلى أزمة القسيس الأمريكى أو العقوبات الأمريكية الظرفية. لقد اتسمت هذه الفترة بسوء التدبير سياسياً واقتصادياً واجتماعيا.ً أما البرنامج الإصلاحي الراهن والرامي إلى إنعاش الاقتصاد ووضعه على سكة الاستدامة فلن يؤتي أكله، خاصة مع الإكراهات المتمثلة في معدل بطالة يفوق 12 في المائة ومعدل تضخم جامح يزيد على 22 في المائة وفي ظل تنامي مجموعات المصلحة التي أغناها الحزب الحاكم وبزوغ إطار مؤسساتي لا يؤمن بالمُحاسبة. إذا أراد الأتراك أن تتحسن وضعيتهم فما عليهم إلا التمسك بمبادئ العلمانية التي يسعى أردوغان وجماعته إلى وأدها. أما النظام الأردوغاني الذي يطبل له الغوغائيون صباح مساء فلن يفيد التنمية المستدامة في شيء لأنه بكل بساطة لا يهمه المدى الطويل بقدر ما يأبه بالمدى القصير في إطار حسابات سياسوية ضيقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس