الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة في طريق مفتوح للتحول إلى -الحارس- رقم واحد للنظام وقيادة مسار الإنتقال الديمقراطي في طوره القادم

بشير الحامدي

2018 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تولى يوسف الشاهد رئاسة ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية في [27 أوت 2016] لم يكن أحد يتصور أنه يمكن أن يبتعد كثيرا عن عتبات قصر قرطاج ويقترب من سياسات حركة النهضة أو لنقل يحظى بدعمها من موقع المصلحة المتبادلة أو يمكن أن تكبر أحلامه وتكبر.
الظاهر أن الشاهد ومنذ أن تغيّر موقفه من بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل بعد ن استعملها لإخماد فتيل الاحتجاجات وأضعف قدرتها على التأثير سياسيا وفرض عليها حالة من الارباك [لا سلم اجتماعي واضح ولا قدرة على التعبئة الفاعلة ] صار يحظى بثقة الأمريكان والأكيد أن قرار حركة النهضة بعدم إرباك حكومته وراءه نجاحه هذا وموقف الأمريكان تحديدا.
حملة يوسف الشاهد المحدودة على الفساد والتي ساندتها أحزاب معارضة كثيرة وكتل برلمانية عديدة و أكسبته شيئا من الثقة في سياساته وضمنت بقاءه على رأس الحكومة حتى الآن والأهم أنها نزعت عنه ونهائيا جبة نداء تونس وفتحت له أكثر من باب لتصعيد الخلاف معه إلى حدّ القطيعة وهو ما يثبته التحوير الجزئي في تركيبة حكومته الذي أعلن عنه يوم أمس 05 نوفمبر 2018 الذي رفضه نداء تنس وكذلك الباجي قايد السبسي ـ انظر تصريح نور الدين بن تيشة.
نجاح حركة النهضة في تفتيت حزب نداء تونس يعود أولا وقبل كل شيء إلى هشاشة وضعف وطفيلية البرجوازية التونسية بدرجة أولى وإلى الميل التاريخي التقليدي لدى أغلب فئاتها الذي أسس له الديكتاتور بورقيبة والمتمثل في نبذ تعدد المحاور السياسية والركون إلى سياسة القطب الواحد القوي. هذا المعطى كان محددا في تشظي نداء تونس وفي ظهور حزب حركة النهضة كحزب متماسك وقادر على مواصلة ضمان مصالح هذه البرجوازية الرثة التي برهنت محطات كثيرة على أن الحداثة والديمقراطية والدولة المدنية ووو هي آخر اهتماماتها ومجرد عدّة دعائية يمكن اسقاطها في كل وقت مقابل استمرار مصالحها وارتباطاتها الخارجية. وما اقتراب ـ حزب محسن مرزوق والكتلة البرلمانية الداعمة ليوسف الشاهد ـ تحديدا ومجموعات أخرى من حركة النهضة إلا دليل على أن المرحلة القادمة ستعرف تسارعا كبيرا في تجسيم هذا الميل لدى البرجوازية التونسية.
حركة النهضة وكما أدركت سنة 2013 عدم قدرتها على الاستمرار في مواجهة الكل وخيرت كما قال راشد الغنوشي أن تخرج من الحكومة وتبقى في الحكم تدرك اليوم أيضا أنها في طريق مفتوح للتحول إلى "الحارس" رقم واحد لمسار الإنتقال الديمقراطي ولكنها تتعامل مع هذه الإمكانية بكل حذر ولا تقطع الجسور كليا سواء مع الباجي قايد السبسي أو مع أحزاب أخرى قريبة منها في التوجه.
التحوير الوزاري الذي أعلن عنه يوسف الشاهد أيضا يسير في هذا الاتجاه وبرغم أن تمثيلية حركة النهضة في هذا التحوير ضعيفة إلا أن ذلك لا يقلقها بالمرة لأنها لن تخسر شيئا من جرائه بقدر ما ستكسب ويكفيها أنها نجحت في تمرير معالجاتها التي عبرت عنها في الأشهر السابقة والمتمثلة في "الاستقرار السياسي والاستمرارية".
هكذا يبدو أن رهانات الباجي قايد السبسي وحزب نداء تونس في علاقة بـالترتيبات لاستحقاقات 2019 التشريعية والرئاسية ستذهب في مهب الريح ولن يجنى منها لا هو ولا حزبه شيئا. فالوضع منذ 2017 بدأ يتشكل على قاعدة مختلفة عما كان عليه زمن 2013 و 2014 وهذا ما لم يدركه الباجي الذي استمر متشبثا بقواعد اللعبة السياسية مع النهضة كما كانت عليه قبل ثلاثة سنوات. ليست رهانات الباجي قايد السبسي وحدها التي ستذهب في مهب الريح فرهانات الجبهة الشعبية وكذلك بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل هي أيضا ستتبخر فالجبهة الشعبية المعزولة عن الحركة الجماهيرية والواقفة على برنامج لبرالي وبيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل المراهنة أولا على لعب دور سياسي وتوظيف قوة الاتحاد ـ جماهيريته ـ وطبيعته كنقابة ـ للانخراط كطرف في الاستقطاب ـ نهضة نداء ـ سينتهيان بهما إلى مجرد قوى هامشية لا تأثيرلها.
هكذا يمكن القول أن حزب حركة النهضة يواصل التحكم في الوضع برمته ماسكا بكل أوراق سياسات "الانقلاب الديمقراطي" ومن هنا نفهم أيضا غايات دعمه المباشر ليوسف الشاهد ودفعه بعض القوى اللبرالية الأخرى للاقتراب منه من أجل تمهيد الطريق له أكثر لقيادة مسار الانتقال الديمقراطي في الطور القادم دون عناء كبير وكذلك من أجل التمهيد لمزيد من المسالك لكسب دعم دوائر المال و الأعمال المحلية و الأجنبية.
ــــــ
بشير الحامدي
06 نوفمبر 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات