الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقليات ... وشرعنة حق الاختلاف مع الآخر ...!!!

ابراهيم الداقوقي

2006 / 4 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


كانت الاقليات القومية او الدينية او المذهبية ، موجودة في جميع بلدان الكرة الارضية منذ ان عرفت البشرية رسم خرائط اقطار المعمورة ، وحتى يوم الناس هذا . حيث استأثرت الاكثرية بالسلطة والجاه – بعد تشكيلها للحكومات القومية - مع رفضها للآخر المتمثل بتلك الاقليات التي القى بها القدر في احضانها ليسوموها سوء العذاب ويحرمونها من ابسط حقوقها الانسانية : ممارسة لغاتها او التمتع بابداعات ثقافاتها وملامح فولكلورها ، لاسيما في بلدان الشرق الاوسط . و قد استطاعت الاقطار الاوروبية حل مشكلة الاقليات منذ منتصف القرن العشرين بالاعتراف بحقوق تلك الاقليات ، السياسية والثقافية ، في اطار الديموقراطية والتعددية واخيرا ، الفيدرالية . شرط ان لا يؤدي ذلك الى الحاق اجزاء من تلك الدول الاوروبية بدول الجوار بحجة حق تقرير المصير او التمتع بفضائل الفيدرالية الديموقراطية ، لاسيما وان الاتحاد الاوروبي – بتشكيلته الحالية – قد حلّ هذه المعضلة بجمع شتات كل الاقليات ضمن دولة الاتحاد .
واذا كانت كل الايديولوجيات السياسية – ومن ضمنها الايديولوجية القومية - قد سقطت بسقوط جدار برلين وبهيمنة العولمة الاقتصادية الثقافية - لان العولمة السياسية كانت موجودة منذ ايام الاسكندر المقدوني - وفق النمط الاميركي على العالم ، فانه قد بات على العرب ضرورة اكتشاف سبل جديدة لتحقيق الوحدة العربية ، اذا كانوا يريدون فعلا ... اللحاق بركوب قطار العولمة الانسانية ، من اجل التقدم والازدهار الحضاري . لاسيما وان اسس الفكر القومي التي نشرها المفكرون العثمانيون – المتأثرين بالفكر القومي الالماني – للاقوام الاخرى وليس لابناء جلدتهم ، كانت تعتمد – بالدرجة الاولى – على افكار شتراوس وشوبنهاور ونيتشه الفاشية المغلفة بالعنف والارهاب ورفض الاخر . فقد كان المفكر العثماني الكردي ( ضياء كوك ألب ) والمربي العثماني التركي ساطع بك ( ساطع الحصري ) فرسا رهان الفكر القومي خلال 1912 – 1918 بعد ان تبنى كوك الب وضع اسس الطورانية الحديثة ، في حين دافع ساطع بك – من خلال دراساته التربوية ، حيث كان مفتشا عاما في وزارة التربية والمعارف ايام الاتحاديين – عن " ضرورة منح القوميات و الاقليات المتآلفة في الدولة العثمانية نوعا من الادارة المحلية اللامركزية لتنشيط عمليات الاعمار والمشاركة السياسية الفعالة – لاسيما بالنسبة الى العرب الذين كانوا يشكلون القومية الثانية بعد الاتراك والاكراد الذين يشكلون القومية الثالثة - في نطاق فكرة ( الوحدة العثمانية ) التي دعا اليها السلطان عبدالحميد الثاني ، باعتبار ان كل القوميات القاطنة في الدولة هم عثمانيون من حيث الانتماء والهوية الوطنية " . غير ان القوميين العرب ، رفضوا في انطلاقتهم الفكرية للدعوة القومية فكرة اللامركزية العثمانية : بدءا بصرخة الشيخ ابراهيم اليازجي " تنبهوا واستفيقوا ايها العرب " وصولا الى نجيب عازوري المنادي باقامة امبراطورية عربية تمتد من العراق الى مصر .
واذا كانت المحاصصة اللبنانية المعترف بها دستوريا كانت فيدرالية " مستورة " او غير شرعية وحلا استعماريا – كما يذهب القوميون الشوفينيون - لحماية الاقليات من جور الاكثرية ، فان اول دولة فيدرالية في الشرق الاوسط – بل الشرق كله – هي دولة الامارات العربية المتحدة التي تأسست او قامت على اساس فيدرالية الامارات السبع القائمة أنذاك ، في اطار الديموقراطية والتعددية والمشاركة السياسية الفعالة لحكام الولايات وافراد الشعب – كل الشعب - سواءا بسواء . فكان هذا الازدهار السياسي – الاجتماعي – الثقافي والاقتصادي ، الذي تشهده دولة الامارات العربية المتحدة ، بحيث اصبحت تعتمد على 8 بالمئة فقط من مواردها البترولية الغنية ، في ميزانيتها الضخمة الموظفة للتحول الحضاري والازدهار الثقافي والنمو الاقتصادي . لان الفيدرالية الديموقراطية اساس التقدم والازدهار الحضاري ، ولنا في الفيدراليات الديموقراطية الاوروبية : سويسرا وبلجيكا والنمسا ، خير مثل على ذلك .
ان معظم اقطار الشرق الاوسط : العربية والاسلامية ، لا تزال تحرم مواطنيها من الاقليات من ابسط حقوقها ، بل وتتهمها احيانا بالعمالة لدولتها الأم او للدول الاخرى ذات الايديولوجيات المسيطرة في المنطقة او بضعف ولائها للدولة ، او برغبتها في الانفصال – مع اعترافنا بوجود مثل هذه الميول لدى القلة القليلة من الاقليات – غير ان تلك الحكومات تنسى – او تتناسى - ان الاقليات هي جزء من النسيج الاجتماعي في بلادها ، ولها ما للاكثرية من الحقوق والالتزامات ، ضمن الوحدة الوطنية ، ولذلك يجب قيام تلك الحكومات بشرعنة حق الاختلاف مع الآخر . لاسيما وان استبداد دولها وحرمانها لاقلياتها من حقوقها او محاولتها القضاء عليها ، هي التي تدفع تلك الاقليات العرقية والدينية والمذهبية الى التمرد على الاغلبية والتظلم من استبدادها اوطلب المعونات الخارجية . ولنا في علاقات تركيا والعراق ولبنان والسودان وسوريا ومصر ، السيئة والمشينة مع اقلياتها ، خير مثل على ما نقول .
ان الديموقراطية والفيدرالية ، وجهان لعملة واحدة ، لانهما يجسدان مصطلح " السلام الاجتماعي " حيث تكمل أحداهما الاخرى . ومن هنا فان الثلاثي : الديموقراطية والفيدرالية والسلام الاجتماعي ، هو الاثافي الثلاث التي تستقر عليها بودقة الوحدة الوطنية لدولة القانون ، التي دينها التسامح وايديولوجيتها الحياد ومذهبها العلمانية ... لكي تستطيع نشر المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية للجميع . كما انها – أي الاثافي – هي خميرة الولاء الجغرافي للهوية الوطنية الديموقراطية واساس الانسجام الاجتماعي ، والحل الديموقراطي المأمول لمشكلة الاقليات في عراق الغد ، وفي اقطار الشرق الاوسط الاخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يلقي مناشير في معسكر جباليا تطالب السكان بالإخلاء ا


.. مظاهرة في العاصمة الإسبانية مدريد تطالب الدول الأوروبية بالا




.. لحظة استهداف إسرائيلي بمنطقة جباليا في غزة أثناء تغطية صحفيي


.. مظاهرة لعشرات الإسرائيليين بالجليل تطالب بتنحي الحكومة لتخلي




.. أمريكا تعرض على إسرائيل معلومات استخباراتية لتحديد موقع قادة