الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة حماس في اجراء الانتخابات

رمزي عودة

2018 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا يبدو أن هنالك انفراج قريب في ملف المصالحة المتعثر منذ أكثر من 11 عاما، فمفاوضات القاهرة التي تجرى رحاها الان تتحدث عن تهدئة أكثر من كونها مصالحة حقيقية، وحماس ما زالت تصر على رفضها تطبيق اتفاق القاهرة الاخير في نوفمبر الماضي. في هذه المقالة، أجادل بأن أحد أهم أسباب تعنت حماس في ملف المصالحة هو ملف الانتخابات والتي تؤكد غالبية اتفاقيات المصالحة على أهمية عقدها خلال العام الاول من أي اتفاق. وبرغم أن حماس لم تعلن رسميا عن رفضها هذا لاجراء الانتخابات، الا أن مصادر مقربة من اسماعيل هنية رئيس الحركة، قد أبرقت عدة رسائل للمصريين تفيد بأن حركة حماس هي أقرب للتوافق من الانتخابات في أي مفاوضات مع حركة فتح، بمعنى أنها يمكن أن تصل الى صيغة محاصصة لمؤسسات السلطة ومؤسسات منظمة التحرير دون أن يتم اللجوء الى الانتخابات، وهذا بالضبط ما تفضله حماس. هنا، يمكن لنا أن نتساءل لماذا؟ تقدم هذه المقالة عدة أسباب لهذا الرفض أهمها تراجع التأييد الشعبي للحركة، والصراع الداخلي بين قيادات الحركة نفسها، وعدم التوافق داخل أوساط حماس على النظام الانتخابي الافضل.

تشير العديد من استطلاعات الرأي مؤخرا الى تراجع شعبية حماس في الشارع الفلسطيني، فوفقا لاستطلاع مركز البحوث والدراسات المسحية الذي خرجت نتائجه للعلن الشهر الماضي، فان ثقل حركة حماس تراجع الى مستويات أدنى من حركة فتح سواء في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية ان اجريتا، فوفقا للاستطلاع نفسه أفادت نسبة 49.6% من المستطلعين بتأييدها لانتخاب الرئيس محود عباس مقابل 45.4% لصالح اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، وقد حقق الاسير الفتحاوي مروان البرغوثي نسبة تأييد أعلى من نسبة اسماعيل هنية في قطاع غزة نفسه، كما أن حركة فتح ستحقق ما نسبته 35.6% من مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات التشريعية المقبلة مقابل 26.7% فقط لحركة حماس. هذه النسب تؤشر جميعها على أن حماس ستخسر أي انتخابات رئاسية أو تشريعية مقبلة، فالناخبون أصبحوا أكثر سخطا على حركة حماس نتيجة لسياساتها القمعية في القطاع، ونتيجة لاستمرار الانقسام وتدهور الاوضاع في القطاع كما أوضح الاستطلاع نفسه. وبالضرورة، فان حماس ليست حزبا يؤمن بالعملية الديمقراطية في أيديولوجيتها الاسلامية، ولن تقبل أبداً نقل السلطة إلا إذا اعتقدت أن عملية الانتخابات ستعزز موقعها على منافسيها، وفي هذه الحالة ، فان حماس لن تقبل باجراء انتخابات هي تدرك أنها ستخسرها، وهي في نفس الوقت غير مستعدة لتداول السلطة وخسارة شرعيتها التي اكتسبتها مسبقا في انتخابات عام 2006.

من جانب أخر، فان حركة حماس تعاني من العديد من الانقسامات الداخلية، الان حماس أصبحت حزب السلطة في القطاع وهنالك العديد من قياداتها ومناصيريها الذين يشعرون بالظلم من جراء توزيع القيم السياسية والاقتصادية على عناصر وقيادات الحركة من قبل السلطة في غزة، فالمسألة ليست تلك التي سادت في الانتخابات التشريعية عام 2006، حيث كانت حماس حزب معارضة وليس حزب سلطة. في هذا الاطار، يتم تداول أخبار كثيرة في الغرف المغلقة في القطاع، تفيد بقيام الحركة بتصفية القيادات المعارضة من داخل الحركة، وهو الامر الذي ذكره تقرير هيومن ووتش في عام 2009. اضافة الى ذلك، فان اوساطا سياسية داخل الحركة تتحدث بصراحة عن توتر العلاقة بين يحيى السنوار رئيس الحركة وبين محمود الزهار القيادي في الحركة، انتهى بوضع الاخير تحت الاقامة الجبرية لبضعة أشهر، كما أن أحد قيادي الحركة الصقور وهو فتحي حماد تحامل علانية على السنوار في أعقاب اتفاق القاهرة للمصالحة في نوفمبر من العام الماضي، واعتبر حماد لدى الكثير من المراقبين بأنه المسؤول عن فشل جهود المصالحة وأن له يد واضحة في سلسلة محاولة الاغتيالات السياسية التي جرت في غزة خلال الاربعة أعوام السابقة. ان مثل هذه الانقسامات داخل حركة حماس ستؤدي الى انشقاقات مهمة داخل الحركة، وستؤدي حتما الى قيام العديد من مرشحي الحركة للتنافس ضد بعضهم البعض في أي انتخابات مقبلة، وسيعمد هؤلاء المنشقون أو الغاضبون على الحركة من داخلها الى تشكيل قوائم مستقلة أو التنافس ضد الحركة بشكل فردي وفقا لنظام الدوائر، وبالضرورة وحسب رأي العديد من الخبراء والمراقبين، فان حماس ستهزم نفسها في أي انتخابات مقبلة لاسيما في مقاعد الدوائر.

العامل الثالث والمهم في معضلة حماس في الانتخابات المقبلة هو عدم التوافق داخل الحركة نفسها على النظام الانتخابي الذي يمكن أن يحقق نتائج أفضل لها، فالنظام الانتخابي النسبي اذا ما تم اعتماده حسب مرسوم الرئيس للعام 2007، سيحقق فوزا ساحقا لحركة فتح بفارق لن يقل عن 10 نقاط وذلك وفقا لاستطلاع الرأي الذي تم ذكره سابقا، أما اذا تم تكرار اجراء الانتخابات وفقا للنظام المختلط، ونتيجة لارتفاع شعبية فتح والانقسامات الداخلية في حماس فان فتح يمكن أن تحقق تقريبا 30 نقطة أعلى من حركة حماس. وبالضرورة، فان نظام الاكثرية لن يكون أبدا لمصلحة حماس التي تعاني من الانقسامات وتغذي العديد من قياداتها الرغبة في الترشح حتى ولو بشكل مستقل. وفي جميع الحالات، فان حماس وحتى الان غير متوافقة على أي من النظم الانتخابية الافضل لها، فهي تارة ترفض النسبي، وتارة تقبل المختلط، وتارة توافق على تعديل نسب المقاعد في المختلط، وتارة تقبل بالتفاوض على اختيار النظام الانتخابي، وبالمحصلة فان حركة حماس تدرك أن فتح ستستفيد أكثر من أي نظام انتخابي سيتم التعامل معه لاسيما بعد الخبرة الطويلة التي اكتسبتها في ممارسة الانتخابات في أكثر من نظام، تماما كما حدث في الانتخابات البلدية التي جربت فيها أكثر من نظام واحد ولم تخض غمارها حماس.

من الواضح، أن حماس لن تقبل باجراء انتخابات في المناطق الفلسطينية للاسباب السابقة وهي؛ انحسار شعبيتها مقابل فتح، والانقسامات الداخلية المتعددة التي آكلت شعبيتها وتركتها رهينة لمعادلة "حماس ستهزم نفسها" في الانتخابات المقبلة، ونتيجة لعدم التوافق داخل الحركة على النظام الانتخابي الافضل الذي يحقق لها مقاعد أكثر في ضوء تزايد خبرة فتح في غالبية النظم الانتخابية. وبالضرورة، فان حركة حماس ستستمر في المماطلة في رفض اجراء الانتخابات تحت حجج متعددة منها الانقسام والاحتلال، وهو الامر الذي يعني بالمحصلة الاخيرة رفض عملية المصالحة أو تعطيلها لان المصالحة وفقا للتحليل السابق هي عملية نتاجها الانتخابات، والانتخابات عملية ستؤدي الى خسارة حماس في ظل أن الانتخابات في الحالة الحمساوية ليست هي اللعبة الوحيدة في الوطن، فهي ما زالت تسيطر على قطاع غزة، ولا تشعر بحاجتها الى المراهنة على أي عملية انتخابية يمكن أن تفقدها السلطة في القطاع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24