الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق السرير .!

ميشيل زهرة

2018 / 11 / 16
الادب والفن


لم تكن بنت خالتي سعدى من الصبايا المثقفات ، و لا القارئات ..لكنها كانت جميلة و مثيرة جدا ، و تكتب بعض نصوص يسميها ، بعض من ينشئون المجموعات الأدبية على الفيس ، شعرا ..! لكنه من ذاك النمط المبني على جمال صورة سعدى و إثارتها ..! كل ما لديها أنها عاشت على ذكرى أبيها الذي رحل عن مكتبة تعدّ ما يزيد عن ألف كتاب ..أحرقت سعدى أغلبها في مدفاة الحطب ..و لم تبخل على سندويشات الأطفال ، من الأقرباء ، بتمزيق بعض الكتب ذات الحجم الكبير للفّها . و قد فوجيء الجميع بأن سعدى ، تتصل بشخص من ( المثقفين ) الذين لهم نفوذ في المنتديات الثقافية ، و عندما يخاطبها تُقرّب الهاتف من آذان الجالسين لكي يسمع و ينقل للآخرين أنه يُلقّبها بلقب : الأستاذة ، و هي نصف الأمية ..حتى لو طلبها على التلفون السلكي ، و رد أحد من أهل البيت ، يتقصد أن يقول للمخاطب بأدب مبالغ فيه : من فضلك ..هل أستطيع أن أتحدث مع الأستاذة سعدى .؟ فيرتد من رد على عقبيه ليبحث عن ( الأستاذة ) سعدى و قد قلب شفتيه اندهاشا و شكا . فتأتي سعدى لترد على الرجل بكل أدب ، و احترام ، و تعظيم ، ليس من أجل المخاطب على الطرف الآخر من الخط ، لأنها لو حضرت في مكتبه بإمكانها أن تدوس على مبلع شدوقه ، و تجره من ربطة عنقه لو أرادت .لأنها شوهدت في مكتبه ، لا تجلس على الكنبة ، أو كرسي من كراسي المكتب ، إنما كانت تجلس فوق المكتب ، و تدير ظهرها لصاحب المكتب و هي تهز رجليها ، و أردافها ، فوق المكتب ، في مرح طفولي . لهذا يفهم من يدقق ، و يسمع تعظيمها للرجل ، على أنه تعظيم لذاتها أمام من يسمع حوارها معه . سعدى أدهشت الجميع من صديقاتها ، و أصدقائها ، و الأقرباء أيضا ، عندما بدأت بتوزيع بطاقات الدعوة إلى أمسية شعرية ، إلى أكبر منبر ثقافي بالمدينة ، مع عبارة : لا قيمة لنبي في قومه .. لكي تمنع التساؤل ، و الدهشة التي كانت تراها في الوجوه . و عندما عادت من المدينة ، و التصفيق مازال يتردد في أذنيها ، و خاصة من ( أساتذة ) الصف الأول العجائز الذين دلقوا زجاجات من العطر على ثيابهم ، و مضغوا العلكة المنكهة لأفواههم ذات الرائحة النتنة بسبب التهابات اللثة ، و تسوس الأسنان ، و قد جعلها الحضور الكبير تنتفخ كبالون عندما تسابق عدد من ( الشعراء ) العجائز ، على توصيلها بسياراتهم إلى منزلها الذي اصطف الأصدقاء و الصديقات ، لاستقبالها أمام بابه . و عندما دخلت غرفة نومها متبوعة بصديقاتها المقربات جدا ، و تساءلن عن سر المجد و الاحتفاء الكبير التي تحظى به سعدى ، فما كان منها إلا أن همست بأذن أقربهن إلى أسرارها : لقد اكتشفت طريق السرير يا مجنونة ..! و عندما أرادت الصديقة أن تصحح لها مع ابتسامة لا تخلو من حسد : لعلك تقصدين : طريق الحرير يا سعدى ..و قد ترددت أن تناديها بلقب الأستاذة ، عندما أجابت سعدى بكل ثقة : لا فرق بين طريق الحرير ، و طريق السرير يا فهمانة ..افهميها ..العالم تغير ..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال