الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بنية الإيقاع في النص

ثامر الأنصاري

2018 / 11 / 17
الادب والفن


بنية الإيقاع في النص.
سوال أثاره أحد اساتذتي الاجلاء قبل مدة، وهو متعلق بإشكالية مفهوم بنية الإيقاع ، والسوآل هو: هل أن للإيقاع بنية أم هو ناتج للتكرار أو الحركة وهل أن بنية الإيقاع يمكن إدركها والوقوف على مخرجاتها بشرطها وشروطها؟ وعندها يمكننا القول أن "للإيقاع بنية" لنتخذ منها مصطلحاً نضيفه الى قائمة المصطلحات التي يفاد منها الباحثين في مجال الدراسات العليا، والحقيقة أني لم أجد أجابة وافية كافية في حينها، ولربما كان السبب في إثبات الإجابة الصحيحة أو القريبة الى التفسير المنطقي لمجريات المصطلح نفسه تكمن في كون الموضوع يتعلق بجانب لغوي موسيقي في الدرجة الاولى، ولكون مفردة النص أتت في معرض حديثنا ، وجدتني منجذباً للموضوع الأمر الذي أستعى مني الأهتمام بالأمر وعلى النحو التالي (( إعادة قراءة بنية الإيقاع في النص لغوياُ كان أم بصرياً )) من وجهة نظر نقدية لذا حاولت في ما يلي أن أجد مدخلا مناسبا يفضي الى ماهية بنية الايقاع في النص وذلك عن طريق أكتشاف بنيته الداخلية والخارجية مستعينا بما أورده العديد من النقاد اللغوين من أمثال الاستاذ نديم دانيال الوزة وكمال أبو ديب وسيد البحراوي والدكتور صلاح فضل وصبحي الطعان وزكريا إبراهيم وأيديث كيرزويل وجان بياجيه ... وآخرون:
أولاً:مستويات الإيقاع: وله أربعة مستويات وهي كما في الآتي:
1- للإيقاع نظام يعتمد المقاطع ويدعى بالإيقاع الكمي، وهذا الامر يستدعي وجود ما يعرف بالنظام العام، أذ تتجمع العناصر كنبرات صوتية في النص اللغوي الذي يعتمد الفواصل الزمنية على الأغلب، وتتحدد هذه النبرات بعلاقاتها في النص البصري لتتجمع فضائياً لتعكس نسقاً لحركة أوأتجاه أوتدرج أوتضاد أوتكرار يفضى الى تحقيق توازناً وأنسجاماً مع بعضها البعض.
2- للإيقاع كيف، كونه يقوم على النبر في المقاطع ولربما في المقطع الواحد، وهو النظام الذاتي الخاص بالعنصر المساهم في توليد الأيقاع، أي طاقته الداخلية المؤثرة بعلاقتها عما يجاورها من عناصر أخرى.
3- مستوى الإيقاع: ويعتمد لغوياً على أصوات الجمل من صعود وأنحدار، وبصرياً على صعود مستوى الإشارة المتولدة بفعل هيمنة عنصر أو مجموعة عناصر على طبعية نظم وتيرة أو نسق الإيقاع.
4- المستوى الخارجي المتولد عن بنية الإيقاع الداخلية ، أي مستوى الأحالة الدلالية المباشرة أو المضمرة ، ومما تجدر الأشارة أليه أن المحور الزمني هو بنية بحد ذاتها لها مقاوماتها الخارجية ولا علاقة لها ببنية الإيقاع الداخلية.
ومما تقدم يتضح أن للإيقاع ثلاث خصائص بنيوية أشار اليهما جان بياجيه وهي كما في الآتي:
الأولى هي "الكلية أو الشمول " ، التي تفرض بأن الكل يختلف عن جمع لعناصر متقدمة، وهو سابق لها أو معاصر لتماسها، بالإضافة الى كونه يمثل حصيلة الأجزاء والعلاقات الرابطة بينها ضمن الكل وما يضفيه عليها الكل من خصائص. والثانية التنظيم الذاتي: وهي خاصية تفرض عمليات لا زمنية للتحويل ضمن البنية، ويجب التمييز في هذه الحالة بين العناصر التي تخضع لهذه التحويلات والقوانين التي تضبط عملية التحويل، أذ أن مثل هذه القوانين يمكن أن تحمل على أنها ثابتة، والثالثة هي التنظيم الذاتي أو الضبط الذاتي: إذ أن التنظيم يؤدي الى الحفاظ على البنية وهو نوع من الانغلاق وعلى الرغم من انغلاقها ، هذا لا يعني أن تندرج ضمن بنية أخرى أوسع منها، دون أن تفقد خواصها الذاتية.
ثانيا: الإيقاع بإعتباره بنية دلالية: كون مستوى الدلالة سيتحدد تبعاً لبنية الإيقاع الداخلية وأعني بها هنا البنية الذهنية والتي تعد كمولد للبنية السطحية عند التفكيكيين من أمثال رولان بارث ونعوم تشومسكي،إلا أن هذا المستوى لا يعد مطلقاً ، كون أن معظم الباحثين يرون أن الأيقاع هو نتاج للجناس والتكرارات بشكل عام أو الحركة المتسقة التي تفرض مسنوى زمني متغير بصورة متساوية والحقيقة أن الإيقاع هو من طبيعة اللغة نثرية كانت ام شعرية وأن مستوى تحولاته البنيوية تكون في أوجها فيما يعرف بشعر التفعيلة (الشعرالحر) ولكن هل يمكن تحديد بنية الإيقاع الدلالية؟ الجواب هو نعم، بالإمكان ذلك تبعاً لأمرين وهما كما في الآتي:
1- المستوى الدلالي السطحي لبنية الإيقاع ، متمثلاً بالتكرار والتناغم المستمر والتضاد المتسلسل بمساحات لونية وشكلية متغايرة شكليا ومتسقة دلالياً في شكلها المعقد كما في التكرار المختلف ، ومتسقة المبنى والمعنى في شكلها المبسط كما في التكرار المتشابه.
2- المستوى الدلالي المضمر ( العميق) لبنية الأيقاع: الناتج عن منظومات الأختلاف الحجم واللون والشكل والتضاد والتباين والتقديم والتأخير والبعد الثالث وغيرها من المهارات التشكيلة والتصميمية المعبرة عن الايقاع.
وخلاصة القول: بما أن للإيقاع بنية مرئية تتحدد مستوياتها الشكلية للمتلقي كونها تؤدي الى أثارته ومن ثم التفاعل مع العمل، وكيف إن بنية الأيقاع هذه ستقوده في النهاية الى رسم منظومته الذهنية النصية التي ستتخذ من بنية الايقاع الشكلي سواء البلاغية أم الدلالية المرئية دوراً رئيسياً لفهم أتجاه وطبيعة حركية الإيقاع إبتداءاً ، ومن ثم حركية النص ككل ، ولربما أن الإيقاع هو صيغة جوهرية لطبيعة النصوص لغوية كانت أم مرئية وأن هذه القراءة التي أقدمها لا تمتلك القدرة على فك طلاسم طبيعة الإيقاع في أجناس الاعمال الفنية بشقيها اللغوي والبصري، وقد لا تكون مقنعة بقر كونها محاولة لفهم بنية الأيقاع في هذه الإجناس الفنية والتي نطلق عليها لفظة النصوص، ولربما يتطلب الامر دراسة أوسع تشمل البنية الجوهرية للإيقاع كونه نصاً مكتفيا بذاته تارة وكنص ضمن النص وكنموذج إحالي الى نص أو نصوص أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري