الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد نقد الادعائات التروتسكية

سيزار ماثيوس

2018 / 11 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بعد وفاة الرفيق لينين وصعود البرجوازية الوطنية بزعامة ستالين كان هناك البرجوازية الاصلاحية المتمثلة بتروتسكي التي كانت أكثر رجعية من الستالينية من الناحية النظرية حيث ان كان القطب البرجوازي الروسي آنذاك يقوم بالمجاز للعمال والفلاحين وإقامة سلطة البلد الدكتاتورية وتقديس الأفراد الذي نتج من البيروقراطية التي صنعها البلاشفة وهي التي ادت الى تهالك الثورة الاشتراكية حيث يتضح التراتبية التي فصلت السلطة الجماهيرية للعمال والفلاحين عن ادوات الاقتصاد والسياسة والحكم حيث يدعي اتباع الاممية الرابعة ما يسمى بال IMT التيار الماركسي الأممي انه الاتحاد السوفيتي كان دولة اشتراكية مشوهة بيروقراطية والذي لا مكان له من الصحة لانه بالاصل لم تكن هناك حكومة للعمال كما ادعى تروتسكي في احدى مقابلاته انه الاتحاد السوفيتي نجح بالوصول الى الاشتراكية (رأسمالية الدولة ) ولكنه تم تشويهها بيروقراطية ولكن كيف ذلك ؟ نكتشف ان تروتسكي يمتلك نفس الروح السلطوية التي عند ستالين وقد تكون تنامت اكثر واكثر فانه الرجل الذي عرف بمجازره بحق الاناركسية والمسيحيين وغيره وقراراته التي لم ياخذ بها راي لينين اصلا الرجل المتعجرف البرجوازي الذي عاش في فنادق فاخرة في بوسطن وكان خاله مدير اكبر المصارف التي موجودة في امريكا في حين لينين كان يفكر بالثورة كان تروتسكي ينعم بالبرجوازية التي منحت إياه ناهيك عن كون هناك قصص تتكلم عنه كعميل للولايات المتحدة مهمته اقتصرت على إخراج روسيا من الحرب وتدمير الثورات العمالية حيث هنا سوف نأتي ونقتبس عدد من المقالات ونتكلم عنها.

اولا: تروتسكي جزار كرونشتاد ما بين كلانه والحقيقة

في رد تروتسكي، عام 1938، على مقال في مجلة أسبوعية مكسيك يتهمه بأنه “أمر بإطلاق النار على 1500 بحار من كرونشتاد، وهم من أصفى الأصفياء”، في حين تبنى بالكامل مسؤولية القرار السياسي الذي جرى اتخاذه في مجلس مفوضي الشعب، وكان يقضي بإخماد التمرد، يوضح واقع أنه لم يشترك شخصيا، بأي شكل، “في القضاء على تمرد كرونشتات، ولا في حملة القمع التي أعقبته”. يقول: “كنت عضوا في الحكومة واعتبرت قمع التمرد ضروريا، وأتحمل بالتالي مسؤولية الإخضاع. وضمن هذه الحدود فقط أجبت عن النقد، حتى الآن، ولكن عندما يبدأ الأخلاقيين بإزعاجي شخصيا، ويتهمونني بالإغراق في الوحشية التي لا تستوجبه الظروف، أعتبر أنه من حقي أن أقول: أيها السادة الأخلاقيون، إنكم تكذبون بعض الشيء”.

“لقد اندلع التمرد خلال إقامتي في الأورال، و وجئت فورا من هناك إلى موسكو لحضور مؤتمر الحزب العاشر. إن قرار القضاء على التمرد بالقوة (…) قد تم تبينه بمشاركتي المباشرة، ولكن بعد اتخاذ القرار، بقيت في موسكو ولم أشترك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في العمليات العسكرية، وفي ما يخص حملة القمع اللاحقة كانت كليا من شأن التشيكا” (الشرطة السياسية، التي أسسها درجينسكي، وقادها حتى وفاته عام 1926).

ويضيف في نهاية هذا الرد القصير: “لست أدري إذا وقعت ضحايا غير ضرورية (…)، ولنقص المعطيات لا استطيع الآن أن أقرر بَعْديّاً من كان يجب معاقبته وكيف (تهرب قائد الجيش الاحمر من الجريمة…)، ولكنني على استعداد للاعتراف بأن الحرب الأهلية ليست بمدرسة إنسانية. إن المثاليين والمساومين قد اتهموا الثورة دوما بالتجاوزات، غير أن النقطة الرئيسية هي أن “التجاوزات” تنبع من طبيعة الثورة عينها، التي ليست سوى “تجاوز” للتاريخ. إن كل من أراد إنما يستطيع أن يرفض، على هذا الأساس، في مقالات صغيرة، الثورةَ بالإجمال. إنني لا أرفضها”.
ويختمها ب (صراع أصحاب الملكية الصغيرة، المغتاظين ضد الدكتاتورية العمالية”.)

الحقيقة هي انه لم يتبق مساعي التفاهم والتهدئة حكراً على السلطة في اوكرانيا الحرة وعدد من المناطق المنتفظة في الدولة، بل شارك فيها سوفييت بتروغراد بالذات، الذي اقترح على اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي استقبال وفد يضم خليطا من الممثلين العماليين، الحزبيين منهم وغير الحزبيين. إلا أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي رفضت الاقتراح، في ما يشبه إعلان حرب، وإغلاق الجسور جميعا أمام إمكانات التفاهم وإطفاء النيران.
وان قوات الجيش الأحمر، بتوجيه تروتسكي ومباركته و بقيادة توخاتشيفسكي، تولَّت “قمع الانتفاضة بوحشية نادرة”. وفي الواقع أن محاولات التقدم في الأيام الأولى، التي تلت إنذارَيْ 5 آذار/مارس و6 منه بإلقاء السلاح، فشلت بصورة ذريعة، وأدت إلى سقوط أعداد كبير من قوات المتمردين التي انتشرت جثثهم على الثلوج، فيما ابتلع الخليج المئات منها، في أكثر من مكان، وذلك تحت وطأة القصف المدفعي، الذي أحدث فجوات داخل الجليد. إلا أن الإصرار على إنهاء التمرد، في أسرع وقت ممكن، وقبل أن يصبح “مرقاة، وسُلَّماً، وجسرا”…. ومن ضمن هذه الحالة بالذات، تطوَّع لا أقل من ثلاثمائة مندوب إلى المؤتمر العاشر، للمشاركة في القتال، وبينهم العديد من قادة المعارضة الشيوعية وعناصرها داخل الحزب. وعلى هذا الأساس، جاءت المرحلة الأخيرة من الهجوم، التي بدأت في 16 آذار/مارس على قدر كبير، بالتأكيد، من الشراسة، من الجيش الاحمر، علما بأن الخسائر الكبرى وقعت في صفوف الجيش الاسود الذي كان يقاوم الغدر البلشفي التروتسكي بهم ، الذي قدَّر البعض خسائرهم بـ 25 ألفاً بين قتيل ومفقود وجريح، فيما قدرها القنصل الأمريكي في فيبور، بفنلندا، هارولد كارتن، بعشرة آلاف، وهو رقم أقرب إلى الدقة. . حيث كتب احد قادت التمرد انذاك مؤسس اوكرانيا الحرة نستور ماخنو* حيث كتب في ذكراها السادسة:

إن تاريخ السابع من مارس آذار هو تاريخ مروع لكادحي "اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية" الذين شاركوا بشكل أو بآخر في الأحداث التي وقعت في ذلك التاريخ في كرونشتادت . إن إحياء ذكرى هذا التاريخ مؤلمة أيضا لكادحي كل البلاد , لأنها تعيد ذكرى ما طلبه العمال و البحارة الأحرار في كرونشتادت من جلادهم الأحمر , "الحزب الشيوعي السوفيتي " , و أداته , "الحكومة السوفييتية" , المنشغلين بدفع الثورة الروسية إلى الموت .
لقد أصرت كرونشتادت على هؤلاء الجلادين الدولتيين أن يعيدوا كل شيء تعود ملكيته لكادحي المدن و الريف , باعتبار أنهم كانوا هم من قام بالثورة . أصر أهالي كرونشتادت على التطبيق العملي لمبادئ ثورة أكتوبر تشرين الأول :
سوفييت منتخب بحرية , حرية التعبير و الصحافة للعمال والفلاحين , الأناركيين و الاشتراكيين
الثوريين اليساريين .
لكن الحزب الشيوعي رأى في ذلك تحديا غير مقبولا لوضعه الاحتكاري في البلد , و أخفى الوجه الجبان للجلاد وراء قناع الثوري صديق العمال , معلنا أن البحارة و العمال الأحرار من كرونشتادت ينتمون إلى الثورة المضادة ثم أرسل ضدهم عشرات الآلاف من الشرطة المطيعين و العبيد : أعضاء التشيكا , كورسانتي ( التلاميذ الضباط في الجيش الأحمر – ملاحظة من الكسندر سكيردا ) و أعضاء الحزب...ليذبحوا هؤلاء المقاتلين و الثوريين الشرفاء – الكرونشتاديين - بوحشية , أولئك الذين لا يوجد أي شيء يمكن أن يشكل مصدر خزي لهم أمام الجماهير الثورية , كانت خطيئتهم الوحيدة أنهم شعروا بالغضب بسبب أكاذيب و جبن الحزب الشيوعي الروسي الذي كان يدوس على حقوق الكادحين و على الثورة .
في السابع من آذار 1921 عند الساعة 6,45 صباحا أطلقت عاصفة من نيران المدفعية ضد كرونشتادت . و كما كان من الطبيعي و الحتمي فقد قاتلت كرونشتادت ردا على هذا الهجوم . قاتلت ليس فقط باسم مطالبها الخاصة , بل أيضا نيابة عن بقية كادحي البلاد الذين كانوا يناضلون انطلاقا من حقوقهم الثورية التي داست عليها السلطات البلشفية .
تردد صدى قتالهم عبر روسيا المستعبدة التي وقفت مستعدة لدعم قتالهم العادل و البطولي , لكنها كانت لسوء الحظ مهيضة الجناح لتفعل ذلك , لأنه كان قد جرى نزع سلاحها و استغلالها باستمرار و وضعت بحالة عبودية من قبل القوى القمعية من الجيش الأحمر و التشيكا , التي شكلت خصيصا لكسر الروح الحرة و الإرادة الحرة للبلاد .
من الصعب إحصاء الخسائر التي عانى منها المدافعون عن كرونشتادت و الكتلة العمياء للجيش الأحمر , لكن يمكننا أن نقول باقتناع مرتاحين إلى أنها أكثر من عشرة آلاف قتيل . كانوا في معظمهم عمالا و فلاحين , ذات الناس الذين استخدمهم حزب الأكاذيب ليستولي على السلطة بخداعهم بوعوده عن مستقبل أفضل . لقد استخدمهم لسنوات حصريا في سعيه وراء مصالح الحزب الخاصة , لكي ينشر و يقوي هيمنته القوية على حياة البلاد الاقتصادية و السياسية .
في مواجهة الأوليغارشية ( الطغمة ) البلشفية دافعت كرونشتادت عن أفضل ما في نضال العمال و الفلاحين في الثورة الروسية . لهذا السبب تحديدا أباد الأوليغارشية أهل كرونشتادت , بعضهم بعد النصر العسكري مباشرة , و البقية في الزنازين و القلاع الموروثة من النظامين القيصري و البرجوازي . لهذا يمكن أن نفهم لماذا على تاريخ السابع من آذار مارس أن يبدو كذكرى سنوية مؤلمة بشدة لعمال كل الشعوب . هذا ليس فقط بين الكادحين الروس أن الذكرى المؤلمة لثوريي كرونشتادت الذين قضوا في القتال أو الناجين الذين تركوا ليتعفنوا في سجون البلاشفة تعود إلى الحياة من جديد في هذا التاريخ . لكن هذه القضية لن يتم حلها بالنواح , فإلى جانب تأبين السابع من مارس آذار يجب على كادحي كل بلد أن ينظموا حشودا في كل مكان احتجاجا على الهجوم الوحشي الذي جرى تنفيذه في كرونشتادت من قبل الحزب الشيوعي الروسي على العمال و البحارة الثوريين و للمطالبة بإطلاق سراح الناجين الذي هزلوا في السجون البلشفية أو أدخلوا معسكرات الاعتقال في فنلندا .
نشر في ديلو ترود , 10 مارس آذار 1926

* نستور ماخنو : أناركي ثوري أوكراني قائد جيش الأنصار في أوكرانيا الذي حارب البيض قبل أن يحاربه البلاشفة و ينتقل إلى المنفى .

و نستنتج من هنا التهرب الذي قام به قائد الجيش الأحمر السابق والذي يمتلك الفضل في اغلب مايسمى بالارهاب البلشفي من مسؤوليته عن هذه المجزرة بحق اناس أرادوا ان
يستعيدوا حقوقهم التي دثرتها راسمالية الدولة التي يدافع عنا تروتسكي باستماتة لانها من افضل السبل التي كان يمكنه ان يحكم فيها كأي دكتاتور وكأي رجل دموي .

ثانيا تحذير لينين كثيرا من تروتسكي وستالين لكونهما وجه لعملة واحدة

حذر لينين الحزب من الخلاف بين ستالين وتروتسكي وأكد أن هذا الخلاف وإن بدا لأول وهلة قليل الأهمية لكنه قد يشكل فيما بعد تهديداً خطيراً لوحدة الحزب ويؤدي بالتالي إلى انشقاق وهو ما حدث فعلاً بعد ثلاث سنوات فقط (1927) حتى وإن لم ينشق مع تروتسكي إلا نفر قليل، لكن ذلك أدى إلى مواجهة الحزب صعوبات جمّة على طريق تنفيذ خطط التنمية والتصنيع منذ العام 1923 وحتى العام 1941 لدى نشوب الحرب في مواجهة الغزو النازي،
وحذر الحزب من أي شرخ في تحالف العمال والفلاحين وأكد أن الحزب الشيوعي السوفياتي هو حزب بلشفي أي أنه يقوم على دعامتين هما طبقة العمال وطبقة الفلاحين، وسيكون انهياره محققاً إذا ما فقد إحدى الدعامتين . في العام 1952 فقط قرر المؤتمر العام التاسع عشر للحزب إلغاء صفة البلشفية من اسم الحزب وهو ما يعني توجه الحزب إلى " محو " طبقة الفلاحين بتعبير لينين .
وحذر أيضاً من قلّة بلشفية تروتسكي والبلشفية بمفهوم لينين هو تحالف العمال مع الفلاحين . حافظ تروتسكي طيلة وجوده القصير في حزب لينين 1917 ـ 1927 على إنكار دور الفلاحين في الثورة . رحيل لينين في يناير 1924 رآه تروتسكي زوال السد المنيع في وجه نظريته القديمة " الثورة الدائمة " التي تنكر أي دور للفلاحين في الثورة الاشتراكية في روسيا تخصيصاً، وكان لينين قد عارضها بقوة حيث أنها تعارض بناء الاشتراكية . لذلك عارض تروتسكي السياسة الإقتصادية الجديدة (النيب) وإعطاء امتيازات هامة للفلاحين بقصد المحافظة على استمرار الثورة في روسيا قبل أن تمتد إلى الخارج . لقد أكد لينين أنه بدون كسب الفلاحين إلى جانب العمال لن تكون هناك ثورة في الأصل .

ثالثا الاتحاد السوفيتي وسلطة العمال الوهمية فيه


كلنا نعلم انه الاقتصاد السوفيتي منذ بداية عشرينات القرن الماضي اعتمد على مايسمى (رأسمالية الدولة) حيث من المعروف المجازر السيبيرية التي اقامها ستالين لإخضاع الفلاحين والعمال لسلطته الوحشية التي مارسها الاتحاد السوفيتي كأي دولة دكتاتورية في العالم والتي لاتختلف عن دكتاتورية صدام حسين وهتلر او فرانكو ، مع كل هذا يدافع تروتسكي عن الاتحاد السوفيتي ويعتبره بلد اشتراكي لكن مشوه بيروقراطية وهو الأمر الذي لا افهمه الى الان حيث يقول انه الاتحاد السوفيتي يتمتع بسلطة عمالية ورقابة عمالية ولكن هناك القليل من البيروقراطية التي جعلت هناك خطأ بالموضوع ، مما يثير ضحك واستهزاء الكثيرين وحيث يتضح التناقض لدى تروتسكي حيث انه يعتبر ستالين دكتاتور وبنفس الوقت يمتدح السلطة السوفيتية وذلك ليس الا دليل انه يمتلك من العجرفة والنرجسية والدكتاتورية اكثر من ستالين نفسه ولكن لنعود الى سؤال هل كان الاتحاد السوفيتي فعلا سلطة عمالية مشوهة بيروقراطية كما يدعي تروتسكي والتيار الماركسي الاممي والاممية الرابعة حيث هنا اقتبس من مقال منصور حكمت حول نقد التجربة السوفيتية

العلاقة بين الاقتصاد والسياسة في عصر ديكتاتورية البروليتاريا

يورد البعض، غالباً، ملاحظة حول التجربة السوفيتية مفادها بغض النظر عن المصاعب الاقتصادية، "يجب ان تكون بنية الدولة ديمقراطية". ان هذه الملاحظة صحيحة بذاتها. لكن دعني ارد قليلاً حول الديمقراطية البروليتارية وعلاقة الاقتصاد بالسياسة في عصر ديكتاتورية البروليتاريا.
ليس ثمة ديمقراطية اكثر راديكالية من تلك التي لاتألوا جهداً في ازالة الاسباب المادية لغياب الديمقراطية. ان هذه "الديمقراطية" التي اعدت لكي تتقبل بقاء راسمالية الدولة، شريطة ان "تبقى الدولة ديمقراطية" ليست، برايي، "ديمقراطية". يتمثل مجمل طرحي في ان مجادلاتنا لاتقف بالضد من نقد نقوصات الديمقراطية في المجتمع الروسي فحسب، بل تقدم النقد الحقيقي الوحيد لمسالة الغاء الديمقراطية هناك. انه لوهم وتصور تافه ان نفترض ان بمقدور العامل ان يكون مضطهَداً اقتصادياً في دولة تضطهده، وتبقى الطبقة العاملة طبقة مقتدرة وسائدة سياسياً. ولاتترك راسمالية احتكار الدولة، اي العلاقات الانتاجية في مثل هذا النظام، ادنى مجال للممارسة الديمقراطية لارادة العمال. فاذا، ما اعتقد شخص ما بامكانية صيانة الراسمالية وفي الوقت ذاته توسيع المؤسسات الديمقراطية للحكومة العمالية ايضاً، فان عليه ان يرد على طرحنا. واذا ما اراد امرء ما ان يكون المنتجين المباشرين، العمال، سلطة صنع القرار على جميع الاصعدة، يجب ان يعلم ايضاً وجوب الغاء الاخضاع الاقتصادي للعمال حتى في "رأسمالية الدولة".
لقد قيل "يجب ان لايعطى تفسير أحادي الجانب لهذه المسالة. لماذا تجعلون، وبصورة احادية الجانب، القضية الاقتصادية محور الموضوع". نحن لا نجادل بصورة احادية الجانب. انه التاريخ الروسي نفسه الذي حددت مصيره المسائل الاقتصادية

لديكتاتورية البروليتاريا. فاذا ما سُئِلَ امرء ما قبل حدوث هذه الثورة عما يمكن تكونه ظروف انتصار الثورة، سيورد عواملاً عديدة لذلك. ولكن اذا ما سُئِلَ، بعد الثورة، عن اسباب اخفاقها، عندها يجب عليه ان يصوغ اجاباته على اساس تلك المسائل التي هي محورية في هذا التاريخ. فثمة من يدعي بان العمال، اساساً، لم يستحوذوا على السلطة قط. نحن نعتقد خلاف ذلك. لقد استولى العمال عليها؛ ولكن ما حال دون تكوين اشكال جديدة لحكم العمال؛ وادى في المطاف الاخير الى فقدان السلطة من بين ايدي العمال هو بقاء واستمرار العلاقات التي اصبحت اساس للتطور الاقتصادي للمجتمع والتي ابقت العمال تحت نير العمل المأجور. ولم تترك راسمالية الدولة، التي فيها تقوم وزارة معينة للتنمية بوضع خطة معينة فيما تقوم دوائر حكومية اخرى بتنفيذها، مجالاً لبقاء السلطة الفعلية لسوفيتات العمال الا شكلياً وفي قضايا ثانوية مثل الشؤون المدنية، الثقافية والقضائية وغيرها. ان الطريقة التي كان من الممكن للعمال ان يمارسوا سلطتهم، كما يرغب اؤلئك الذين يطالبون بتركيب ديمقراطي واسع لديكتاتورية البروليتاريا، اي سبيل ممارسة السلطة الطبقية الواسعة ممكن فقط عبر ممارسة السلطة الاقتصادية الواسعة. حيث ان مكانة الجماهير العمالية داخل العلاقات الاجتماعية الاقتصادية هو الذي يحدد مكانتها في البنية السياسية. ففي منتصف العشرينات، تعتمد صيانة السلطة بيد الطبقة العاملة وتقدم الثورة العمالية، كلياً، على ما يجري في العلاقات الاقتصادية السائدة في المجتمع. في الحقيقة، مازال العمال، في تلك السنوات، تحت وطأة العمل المأجور يفتقدون الى ادنى سيطرة على ادوات الانتاج وصنع القرار الاقتصادي؛ كما انهم يشكلون عصب تضحيات التي قدموها امام هجمات البرجوازية. لكن لوشارفت هذه المرحلة على نهايتها بسيادة تشريك الانتاج والغاء العمل المأجور و المصحوبة بتنظيم اقتصادي جديد على اساس مجالس العمال، عندها لن يصان حكم العمال فحسب، بل ستتطور بنية الدولة العمالية ايضاً بموازاة ذلك الاقتصاد الجديد؛ وتستند الى النماذج الملائمة لاكثر اشكال ديمقراطية البروليتاريا سعة والممارسة المباشرة للسلطة من قبل الجماهير العمالية. ففي منتصف العشرينات، مازالت هذه القضية غير محسومة. وفي اشكال النقد الديمقراطية، فان مجرد وجود الانحرافات الادارية في الحزب والدولة او الاخطاء الايديولوجية كافية لشطب هذه الإمكانية والإنكار أية إمكانية للتطور المؤزر للثورة. نحن لا نشاطر اصحاب هذه النظرات الرأي.
خلاصة قولنا، لقد استولى العمال في ثورة أكتوبر على السلطة السياسية. لقد تم صيانة الدولة من الهجمات العسكرية والسياسية للبرجوازية والمقاطعة الاقتصادية على حساب تضحيات الطبقة العاملة وطلعيها وعقد المساومات والتنازلات المتعددة ( لم تكن سياسة النيب سوى احداها ). ولكن في المرحلة اللاحقة، ما ان حُسمت مسالة السلطة السياسية، وطرحت على بساط الواقع مسالة التحويل الاشتراكي للمجتمع، لم تستطع البروليتاريا مواصلة ثورتها. وايدت ذلك النمط من التطور الاقتصادي الذي لم تكن عواقبه سوى الاخضاع الاقتصادي للعمال؛ واستمرار علاقة العمل- الراسمال وديمومة البيروقراطية كاسلوب ملائم للاساس الاقتصادي والحل المنظم للسوفيتات والهيمنة الفكرية للنزعة التحريفية المطابقة لتلك العلاقات الجديدة. وبكلمة واحدة، تحولت تلك المساومات السياسية الى تفسخ سياسي واداري دائب ومنظم قوض معه حكم العمال.
يمكن طرح السؤال، وفي الواقع تم طرحه هنا، هل كان ممكناً اساساً القيام بمثل ذلك التحويل الثوري للعلاقات الاقتصادية التي بوسعها، في الوقت ذاته، ان تلبي انتاج الحاجات اليومية والمتطلبات الجارية للمجتمع؟ برأيي، يجب على شيوعيي اليوم إيلاء هذا السؤال اهتمامهم. هل ان هذه المهمة ممكنة التحقيق؟ أيجعل المسعى الشيوعي هذا الامر ممكناً ام أُصدر حكم الهزائم المتتالية للعمال حتى بعد استلام السلطة؟ لم تكن، برايي، الثورة الاقتصادية امراً وارداً فحسب، بل ضرورياً جداً لتلبية حاجات المجتمع المادية. يتمثل جوهر الماركسية في: عند حلول ازمة الراسمالية، فان الاشتراكية فقط بوسعها ان تعبد السبيل نحو تطور قوى الانتاج. فيما يجب ان تُحَدَدْ بشكل ملموس هذه الاجراءات والخطط. اي يجب تقديم لوحة مفصلة وشاملة اكبر للملكية العامة والانتاج الاشتراكي المبرمج. ينبغي اعطاء تصور ملموس للملكية الاشتراكية والانتاج طبقاً للبرنامج الاشتراكي. ونظراً لانعدام مثل هذا الافق لدى البلاشفة، لهذا بحثوا عن هذا السبيل لتطور قوى الانتاج في راسمالية الدولة. واذا ما وُجِدَ يوماً ما تبرير لنقص البلاشفة هذا، فبالنسبة لشيوعيي اليوم الذين شهدوا عمل راسمالية الدولة في بلدان مختلفة عليهم ان يزيلوا هذا القصور بعد الان.
ان تعريفاً لديكتاتورية البروليتاريا، والذي اتفق معه كلياً هو: "ان ديكتاتورية البروليتاريا يجب ان تكون الدولة التي يقوم فيها المنتجون انفسهم، اي العمال، بتشكيلها". حسناً، لكن مثل هذه لدولة لايمكن تشكيلها الاعلى اساس علاقات اقتصادية خاصة. ولايمكن تشكيل المؤسسات السياسية لمثل هذه الدولة وانجازها، ومن ثم تتبعها مسالة علاقات الانتاج بصورة منفصلة. بيد ان العملية نفسها التي تحسم مسالة الانتاج والعلاقات الاقتصادية هي التي تحدد بنية وتركيبة الدولةومكانة الجماهير فيها. واذا ما قبلنا بان على الطبقة العاملة ان تتحكم بالانتاج وتديره جماعياً، ذلك الانتاج المنتشر على امتداد البلاد في وحدات اقتصادية مختلفة، عندها علينا ان نقبل ايضاً ان تركيباً محدداً ضروري لان يصهر السلطة السياسية والادارية التي تعمل عبرها المنظمات الجماعية للعمال على مستويات مختلفة من القاعدة الى القمة كاقسام لهذه الدولة.
في الثورة البروليتارية، لن تكون لدينا مرحلة تتحدد فيها بدءاً وتترسخ، بغض النظر عن الطريقة التي تمارس بها السلطة الاقتصادية، بنية ديمقراطية لممارسة السلطة السياسية للطبقة العاملة وتدخل الجماهير العمالية والافراد؛ ومن ثم تمتد ممارسة هذه السلطة الى الميدان الاقتصادي. مادام لم تُعهد ادوات السلطة الاقتصادية الى ميدان سلطة المجالس، عندها لن تصبح المجالس الهيئة الدائمة لممارسة سلطة العمال السياسية الادارية. او على اية حال، سوف يُبعد العمال خارج الميدان الفعلي للسلطة المباشرة. ان علاقة العمال بادوات الانتاج هي التي تحدد التركيبة النضالية الملائمة للعمال ( بالاضافة الى الحكم ). فعلى سبيل المثال، تلائم النقابات العمالية الطبقة العاملة التي ترى في التحكم بادوات الانتاج بيد حزب خارج عنها وتعمل له. وان مجالس العمال الماسكة بزمام السلطة هي المنظمات الملائمة للطبقة العاملة التي سيطرت عبر التحكم، بصورة فعالة، على الاقتصاد؛ ومارست سلطتها على الصعيد المحلي. على اية حال، اذا ما طالب امرء ما باقامة بنية ديمقراطية لديكتاتورية البروليتاريا، فان عليه ان يدرك بان هذا يفترض وجود الملكية العامة والغاء العمل المأجور؛ كما يستلزم تشريك علاقات الانتاج والقضاء على الراسمال كعلاقة اجتماعية سواء أكانت بيد الافراد ام الدولة.
في حالة روسيا، في الوقت الذي اصبحت فيه ضرورة طرح مثل القضايا اعلاه، كانت الفترة نفسها التي تحدد فيها ايضاً مكانة الطبقة العاملة وموقعها الاجتماعي، اي عندما ترسخ انتاج وملكية الدولة على اساس العمل المأجور. لقد حدد هذا التطور، بصورة لامناص منها، الموقع السياسي وملامح الطبقة العاملة وموقعها في النظام السياسي والاداري في المجتمع. ومن المحتمل ان هذه العملية التي لايمكن القفز فوقها قد استغرقت سنوات حتى تصل الى خاتمتها المنطقية. لم يكن ثمة شك حول ما ستؤول اليه هذه النهاية المنطقية والتي تتمثل بالحرمان السياسي للطبقة العاملة ومصادرة دورها السياسي والقضاء على الدولة العمالية التي أوجدتها ثورة اكتوبر.

النواقص والانحرافات النظرية والسياسية والإدارية بعد ثورة اكتوبر

نحن لاننكر ان الثورة الروسية قد تعرضت للتفسخ كما عانت التراجع السياسي. لكن ما يعنينا هو توضيح المكانة الحقيقية لهذه الشواهد عند تحليل اسباب هزيمة الثورة الروسية. ووضعنا، في طرحنا هذا، جل تاكيدنا على معضلة التحويل الاقتصادي للمجتمع الروسي. كما اشرنا الى ان السبب الرئيسي لهزيمة الثورة العمالية في روسيا يتمثل بعجز الحزب والطبقة الطليعيين عن ان يعصف جذور النظام الاقتصادي القائم وان يقوم بقلبه. قد ينتقدوننا وذلك لعجزنا عن تقييم المسألة؛ ووجوب البحث عن السبب الرئيسي لهذا العجز في الساحة السياسية وتقهقر الحزب وحكومة العمال. كما قد تُطرح المسالة بان ظهور البيروقراطية واضعاف الديمقراطية داخل الحزب وتهاوي سلطة العمال والمنظمات الجماهيرية امام سلطة الحزب والدولة والمساومات المستمرة التي عقدتها مع مؤسسات المجتمع القديم وضغوطات البرجوازية كانت، فعلاً، العوامل التي جردت، بحلول عام 1924، الطبقة العاملة، فعلياً، من اي فرصة لان تحرز اي تقدم على الصعيد الاقتصادي. هذا هو الاعتراض الأول. اما الاعتراض الاخر الذي من الممكن ان يثار هو ان لا تتمثل مهمة البروليتاريا اساساً بالانتقال الى مرحلة التحويل الاقتصادي على الاطلاق؛ ذلك ان قضية ذلك العصر الاساسية تتمثل بالمحافظة على الدولة البروليتارية وصيانة نقاوتها و التزامها بالمباديء ومد يد العون للارتقاء بالثورة عالمياً. وبهذه الطريقة، بامكان الاقتصاد السوفيتي ان يتخذ شكل رأسمالية دولة او اي شكل اخر. بيد أننا لا نشاطر كلا الفهمين رأيهما. لقد اسهبت بالحديث عن الاعتراض الثاني. برأيي، ان ذلك الرأي يعدل تعاملاً ذهنياً وترفعاً عن الرد على المعضلات المادية الحقيقية لثورة اجتماعية معينة. لايمكن لاي انتظار، حتى وإن كان انتظاراً ايجابياً فعالاً، للثورة العالمية ان يكون بديلاً عن تقدم ثورة معينة في مرحلة تاريخية معينة. لقد طُرِحَتْ ، وبجدية، قضية ما يمكن ان يكون عليه الافق الاقتصادي لروسيا في عام 1924 ومابعده؛ كان تحدياً كبيراً يتحتم الاجابة عليه. لايمكن اعتبار رأسمالية الدولة او "اي شكل آخر" جواباً على هذه المعضلات. كانت مرحلة تاريخية استوجب فيها على الثورة العمالية في روسيا ان تصدر مرسومها الاقتصادي المحدد والا تواجه امكانية حتى فقدان سلطتها السياسية.
اما فيما يتعلق بالاعتراض الاول الذي يتمثل بوضع الاولوية التحليلية للانحرافات السياسية في خلق اسباب هزيمة الثورة العمالية، فعلي ان اتحدث بتفصيل اكبر. برأيي، ثمة فرق شاسع بين التفسخ السياسي والذي يعكس القاعدة المادية والاقتصادية والتي تعيد انتاج التخلف والبرجوازية وبين تلك الهفوات والنواقص والميول السياسية الممجوجة والتي لم تعُد انتاج نفسها بعد كظاهرة اجتماعية والتي تسببها، في الواقع، النواقص والضغوطات المرحلية والمصاعب الوقتية اوقوة العادة والتربية القديمة للصفوف المتقدمة من الثورة. لقد كانت هناك العديد من الهفوات السياسية والنظرية منذ اليوم الاول لثورة اكتوبر 1917. اذ يمكن مشاهدة عدة ميول غير مرغوب بها فيما يخص المساومات التي تم عقدها مع مؤسسات المجتمع القديم وتبلور البيروقراطية واضعاف الديمقراطية داخل الحزب وانعدام سلطات الهيئات المسؤولة عن الممارسة المباشرة للعمال والتنصل عن تعميق التحول السياسي في الحياة القانونية والثقافية للمجتمع...الخ.ولكن كل تلك الامور لاتقدم لنا قائمة بأسباب هزيمة الثورة لانه طالما لم تبدأ بعد حينذاك معركة البروليتاريا الحاسمة من أجل التحول الاقتصادي للمجتمع حيث بدات هذه المعركة في العشرينات. فلو عقد لواء النصر في هذه المعركة لبديل الملكية العامة والغاء العمل المأجور، اي البديل البروليتاري في الميدان الاقتصادي لروسيا، عندها لن تفقد هذه الميول السياسية والادارية الممجوجة الاسس المادية لبقائها فحسب، بل ستُجتث ايضاً، في مسرى التحويل الاقتصادي العميق للمجتمع، وستحل محلها الطرائق والاليات السياسية التي تطابق هذا الاقتصاد المتحول وهذا التطور الاوسع للثورة في اكثر ميادينها حسماً. ولكن اذا ماطبع البديل القومي الصناعي للبرجوازية افق التطور الاقتصادي لروسيا بطابعه، كما حصل في الممارسة، عندها فان هذه الهفوات والنواقص التي كان من الممكن ان تكون عوامل ثانوية وعرضية وغير حاسمة لمصير الثورة تتحول الى اقسام عضوية ولها القدرة على اعادة انتاج نفسها في البنية السياسية الفوقية. ومن هنا، فان تحول هذه الهفوات والنواقص السياسية والقانونية والادارية الى تفسخ سياسي كامل يستوجب، قبل اي شيء اخر، ان تكون مسالة الاقتصاد محسومة في صالح القاعدة الاقتصادية البرجوازية وفي صالح سبيل التطور الاقتصادي الراسمالي. وتعتبر البيروقراطية مثالاً بليغاً لتوضيح المسالة. حيث لجأت دولة العمال، تحت ضغوط وظروف ما بعد الثورة الى عقد عدة مساومات؛ فقد استفاد الجيش الاحمر من جوهر الجيش القيصري. اعيد بناء اقسام الدولة على اكتاف البيروقراطيين القدماء؛ فيما منحت الامتيازات الى فئات محددة من المجتمع من اجل استخدام مؤهلاتها التخصصية والادارية. تشير مجمل هذه الامور، دون شك، الى وجود ميول غير مرغوب فيها على المستوى السياسي والاداري. ولكن قبل بدء المجادلات الاقتصادية في العشرينات، كانت البيروقراطية ثمرة المساومات التي عقدتها الطبقة المتقدمة بسبب الضغوطات الخارجية المفروضة عليها. بوسعنا ان نعتبر هذه المساومات، جزئياً أو كلياً، مساومات محتومة لامناص منها، ولكننا لانشك في الحقيقة القائلة ان تلك النواقص قد فُرِضَتْ على القوة المتقدمة من الثورة.
بوسع المرء ان يجد عشرات الامثلة في مناقشات قادة البلاشفة؛ ففي الوقت الذي كانوا مدركين، فعلاً، لوجود هذه الميول غير المرغوب بها وقد عانوا منها وحاولوا اجتثاثها، فانهم بقوا يتحدثون عنها على انها مساومات مؤقتة وعابرة وتنتفي ضرورتها مع ترسيخ سلطة البروليتاريا. اما بعد العشرينات، اي ما ان ترسخ مجرى التطور الذي يستند الى راسمالية التخطيط الحكومي المستند الى العمل المأجور كأساس لحركة المجتمع الثوري؛ وما ان اصبحت رؤية البرجوازية القومية اساساً لاعادة الانتاج الاجتماعي، عندها لم تعد البيروقراطية ضغطاً مفروضاً أو نتاج المساومات المعقودة، بل اصبحت جزءاً عضوياً يعيد انتاج نفسه في البنى الفوقية السياسية. هنا، نتكلم عن البيروقراطية كمؤسسة فوقية تطابق القاعدة الاقتصادية للمجتمع كما تطابق دينامية تطور العلاقات التحتية. وتم اضعاف السوفيتات بعد اكتوبر لعدة اسباب؛ واساساً جراء ضغط الاوضاع الاستثنائية في تلك الفترة. ويبدو ان المؤسسات العمالية قد تم حشدها بمجملها حول تقوية حزب العمال والحكومة العمالية؛ وفي خضم هذا، تم اضعاف اشكال الاقتدار اللاحزبية والعمالية المباشرة. ولكن ما ان حُسِمَ مجرى التطور الاقتصادي في صالح الافق البرجوازي القومي، عندها يجب ان لانبحث عن سبب تفسخ السوفيتات او تغييبها وهيمنة البيروقراطية في الاوضاع الاستثنائية والمرحلية لتك الفترة. لقد مثلت البيروقراطية البنية الفوقية المطابقة للافق الاقتصادي لراسمالية الدولة التي ترسخت الان في المجتمع؛ ففي المرحلة الاولى ، دعت الحاجات الملحة للاوضاع الى مركزة السلطة لكي تتمكن الدولة العمالية من التغلب على مصاعبها، مما ادى الى اضعاف السوفيتات. اما في المرحلة الثانية، توجب انكار كلياً كي يتطابق مع الية صنع القرار السياسي والاقتصادي في البلد طبقاً للمنطق البرجوازي للتطور الاقتصادي.
لذا، اننا نميز، بصورة كبيرة، بين الانحراف والنواقص في البنى الفوقية السائدة في المجتمع الروسي بعد الثورة مباشرة "على الاصعدة الايديولوجية، السياسية، الثقافية والادارية" وبين الانهيار السياسي لما بعد العشرينات. براينا، كانت النواقص السياسية للمرحلة الاولى وتلك النواقص التي في البنى الفوقية عوامل فرعية وثانوية؛ ولم تلعب اي دور حاسم في تحديد مصير الثورة الروسية. إذ يمكن تصحيح هذه الميول والنواقص واجتثاثها؛ ولايمكن اعتبارها شاخصاً مميزاً في تحليل الثورة العمالية. بعد العشرينات، وما ان غدا اخيراً المسار البرجوازي- القومي سائداً، حتى اصبحت هذه السمات الفوقية اجزاء عضوية يعاد انتاجها في النظام الاقتصادي والاجتماعي. بناءاً فوقياً، نفسه، يعكس السمات المميزة الاساسية للقاعدة الانتاجية.
لأوضح هذه المسالة من زاوية اخرى. اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التقسيم الذي اكدت عليه في مقالتي "الدولة في المراحل الثورية"، ان تقسيم مرحلة ما بعد الثورة الى مرحلة ثورية بالمعنى المحدد للكلمة ومرحلة ديكتاتورية البروليتاريا، عندها بوسع المرء تبيان المسالة بالشكل التالي: في المرحلة الاولى، عندما كانت القضية المركزية للثورة هي ترسيخ الدولة العمالية الفتية، فُرضَتْ على الطبقة العاملة مساومات كثيرة. لم تكن هذه المساومات لااخلاقية ولامبدئية، بل كانت، ولحد كبير، نتاج مقتضيات فرضتها قوى العدو او المقاومة الضارية المستميتة التي ابدتها البرجوازية المحلية والعالمية؛ حيث تم فرض الانحرافات السياسية والادارية في هذه المرحلة على الحزب الطليعي رغم ارادته ورغبته. واجتازت الطبقة العاملة الروسية هذه المرحلة بنجاح على الرغم من جميع تلك المساومات. وبحلول عام 1924، ارست الدولة العمالية دعائم سلطتها ضد مقاومة البرجوازية. لهذا السبب على وجه الدقة، اصبحت قضية ما يجب ان يكون عليه المحتوى الاقتصادي للثورة العمالية والمهام الملقاة على عاتق ديكتاتورية البروليتاريا القضية الاساسية للثورة؛ اي انجاز الثورة الاقتصادية التي بدونها، بلغة انجلز، يصبح الانتصار السياسي دون محتوى. لم تحدث الثورة الاقتصادية طالما لم تضع الطبقة العاملة وحزبها الطليعي مثل هذا الافق نصب عينيهما. لهذا، خرج البديل البرجوازي القومي- التصنيعي المتجذر والتاريخي لبرجوازية روسيا في القرن العشرين، والذي لم تفصل الاشتراكية الديمقراطية نفسها عنه بوضوح، منتصراً من هذه المرحلة من الثورة. لم تكن حصيلة هذه الاوضاع عدم اجتثاث هذه النواقص والاخطاء السياسية والادارية للمرحلة الاولى اوتعديلها نتيجة الثورة الاقتصادية الكبيرة التي كان بمقدورها اقامة الملكية العامة، بل ارتقت هذه النواقص والاخطاء الى مرحلة اعلى بعد هيمنة الافق الاقتصادي البرجوازي وترسخ بديل اقتصاد الدولة الذي يستند الى العمل الماجور في المجتمع الروسي. ان البيروقراطية وغياب الديمقراطية داخل الحزب وحجب سلطة السوفيتات وانهيارها اللاحق والغاء تحكم العمال و...الخ رُسِخَتْ بوصفها اجزاءاً ومكونات عضوية من هذا النمط الاقتصادي البرجوازي. والان يعاد انتاج هذه المشاهدات كبنية فوقية تتناغم مع العملية الاقتصادية الجديدة. ومن هنا، بمقدورنا الحديث عن تلك الميول التحريفية في البنية الفوقية السياسية والادارية في المجتمع الروسي على انها عوامل غير حاسمة في كلا المرحلتين. ففي المرحلة الاولى، كانت هذه العوامل ثانوية اذا ما قورنت بحاجة الطبقة العاملة الى اقامة سلطتها وحكمها الفعلي. اما في المرحلة الثانية، لم توجد هذه الميول لاول مرة، او من فراغ، بل انها نفسها حصيلة ونتاج انحراف سياسي اكثر تحتية واساسية، اي اختيار المسار البرجوازي لتطور المجتمع الروسي.
علي ان اذكر هنا عدداً من النقاط. اولاً، قد يجادلوننا حول سر اعتبار الانحرافات السياسية والايديولوجية للمرحلة الاولى اموراً يمكن قلبها وتغييرها. برأيي، اذا ما قبل امرء ما على ان ما كانت روسيا بحاجة اليه في الميدان الاقتصادي يتمثل بالثورة الاقتصادية؛ اذا ما قال امرء ما ان لمثل هذه الثورة امكانية موضوعية لقيامها في العشرينات، اي ثمة فرصة تاريخية لتحقيقها، عندها لن يواجه صعوبة في فهم ان بوسع مثل هذه الثورة ان تجلب معها انبعاث السوفيتات واحياء اكثر اشكال الديمقراطية البروليتارية سعة داخل بنية الدولة والحزب وافول الميول البيروقراطية.
بوسع التقدم نحو ارساء الملكية العامة والغاء العمل الماجور والاندفاع صوب فرض تحكم العمال الفعلي على الاقتصاد وصنع القرار الاقتصادي، مرة اخرى، ان يشدد من هجومه على بقايا اشكال التحكم البيروقراطية والبرجوازية في الميادين السياسية والادارية. ذلك ان المقاومة التي تبديها هذه الاشكال هي اضعف بكثير من مقاومة مجمل النظام السياسي والاداري للقيصرية والبرجوازية الروسية.
لنا خلافات جدية مع تلك النظرة التي تحكم على الثورة والديمقراطية البروليتارية بالاخفاق؛ وليس ثمة سبيل لعودتهما وذلك فقط بصعود ستالين الى السلطة واصدار مرسوم ما يمنع فيه حق التكتل او تعارض مفوضية شعب معينة مع نطاق سلطة السوفيتات او اللجان المعملية. ان حزباً، باخطاء كثيرة، بوسعه ان يخرج من المجادلات الاقتصادية في العشرينات وهو مكلل بغار النصر لوكانت ثمة انطلاقة قوية نحو ارساء الملكية العامة واشكال الانتاج الاشتراكية؛ وبذلك يضع الاسس المادية لازالة النواقص والاخطاء السياسية والادارية السائدة في البنية الفوقية للمجتمع. لايكمن سر الصعوبة في بقاء هذه النواقص والاخطاء في الحزب، بل ان النقص الاساسي يكمن في مكان اخر، اي تحديداً غياب الرؤية الواضحة لاشكال الملكية والانتاج الاشتراكي.
من ذلك يستتبع اننا نخالف تلك النظرات التي تستند في تحليلها الى وجود الميول القومية التحريفية في الحزب البلشفي والمجتمع الروسي والتي تعزو تفسخ الثورة الروسية الى انه انعكاس للتفسخ السياسي للحزب او الانحطاط الاداري للدولة السوفيتية. بيد ان هذا التفسخ السياسي نتيجة للتفسخ الاقتصادي للثورة، لاسبباً له. وعليه، يجب ان يُفسَرْ كمآل حتمي لهذا التفسخ الاقتصادي. من جهة اخرى، نعتبر من الخطأ ان نعزي لخرق الديمقراطية في المرحلة الاولى للثورة،"اي مباشرة بعد اكتوبر"، نفس الاهمية التي يعزوها الاخرون. ان هذه رؤية ديمقراطية للثورة العمالية، دون شك. على الرغم من انه قد تم تبني اوسع الاشكال الممكنة للديمقراطية حتى ديكتاتورية البروليتاريا الا انه لم تكن هزيمة الثورة، اساساً، حصيلة اخفاق العمال الروس في هذا الميدان. فعلى الرغم من كل هذه النواقص، فقد اجتازت الثورة مرحلة حاسمة وهي مكللة بالغار. يجب البحث عن السبب الرئيسي للهزيمة النهائية للعمال في روسيا في الهزيمة الاقتصادية للطبقة في العشرينات. فلو نجحت الطبقة العاملة الروسية في احراز النصر في هذه المعركة الحاسمة الثانية، عندها لن ترقى نواقص المرحلة الاولى وصعوباتها الى بعض المصاعب المرافقة لمخاضات ولادة مجتمع جديد؛ وستوضع في مكانها المناسب؛ ولكانت اجتثت في تاريخ مابعد الثورة في روسيا.
قد تثار، هنا، اعتراضات اولاً في نقدهم لتأكيدنا حول مسالة التحول الاقتصادي؛ اذ يقال يجب ان يترافق التحويل السياسي والاقتصادي بصورة متزامنة "بموازاة احدهما الاخر". ان هذا سوء فهم لطرحنا. بصورة عرضية، يتمثل جوهر طرحنا في ان يسبق التحرر السياسي التحرر الاقتصادي. ولكن تكمن مجمل القضية في ان العامل الروسي قد احرز تحرره السياسي في اكتوبر 1917. حقق اهدافه السياسية المباشرة في الميدان السياسي حيث استولى على السلطة السياسية. بيد ان الطبقة العاملة لم تكن في السلطة حين انطرحت ادارة دفة المجتمع وتنظيم الانتاج الاجتماعي. اؤكد، مرة اخرى، لقد كانت الثورة البلشفية ثورة عمالية. حيث وضعت تلك الثورة العمال على ناصية السلطة وجعلت سلاحهم ضمانة حكمهم. ليس هناك ثورة في تاريخ الانسان قادرة حتى اليوم على نيل مثل هذا الانجاز.
وبالطريقة التي افهم بها ماركس ولينين، فان الاستيلاء على السلطة السياسية يسبق الثورة الاقتصادية. ان تقديم مناظرتنا على انها تعارض هذ الفهم مع الاشارة الى وجوب الشروع بالتحرر السياسي والاقتصادي " بموازاة احدهما الاخر" تعتبر عملية مخطوئة وغير مبررة. يمكن ان ياتي مثل هذا الفهم لارائنا، فقط، من تلك النظرة التي هي نفسها لاتؤمن بان السلطة السياسية قد احرزها العمال فعلاً. ومن هنا، فان في معارضتهم لنظرتنا حول ضرورة تثوير البنية الاقتصادية لصالح العمال، يضطرون للاشارة الى "ومع ذلك، ليست السلطة بيد الطبقة العاملة بعد". دعوني اؤكد هذه المسالة مرة اخرى. كانت السلطة السياسية بعد اكتوبر بيد الطبقة العاملة فعلاً. ولكن ما ان استولت على السلطة، فان الطبقة العاملة، كما هو حال البرجوازية، عبرت عن نفسها باساليب متنوعة ومختلفة. اما اليوم، فان السلطة السياسية بيد البرجوازية دون ان تكون لاي فرد برجوازي القدرة على ممارستها بشكل مباشر. لممارسة السلطة، فان لكل طبقة طرائقها المستقلة الخاصة بها والتي تعتمد كل منها على الاوضاع الخاصة بمرحلة محددة؛ فعندما يتحدث ماركس عن الديمقراطية البروليتارية، فانه يتحدث لا عن دولة عمالية منهمكة في حرب، دولة تشن قمع عسكري للمقاومة البرجوازية، بل عن النظام الاداري للمجتمع في مرحلة ديكتاتورية البروليتاريا. وتتمثل مناظراتنا، التي تم التعبير عنها بوضوح ولاتترك مجالاً لسوء الفهم، بان السلطة السياسية قد استولى عليها العمال فعلاً؛ فيما حاربت الطبقة العاملة من اجلها وصانتها. ولكن، على وجه الدقة، في الوقت الذي وجب فيه استخدام هذه السلطة من اجل تحقيق رسالتها التاريخية الفعلية، اي تحديداً اسقاط كل نظام الملكية البرجوازي والعمل المأجور، عجزت الطبقة العاملة عن دفع خطاها للامام طالما لم تستخدم هذه السلطة من اجل مثل هذه السياسة.
زد على ذلك، قد يُطرح راي مفاده ان ظروف مابعد مرحلة الثورة كانت معادية للديمقراطية بحدٍ بحيث حتى لو وُجِدَ خط مبدئي داخل الحزب لتعرض للقمع. اولاً، نحن لانشارك هذه الاراء نظرتها. برأيي، لقد بولغ في مسالة المدى الذي "حُدِدَتْ" به "الديمقراطية" في هذه الفترة. ثانياً، اذا ما افترضنا صحة مثل هذا الادعاء، فعلاً، فاننا لانعرف وصفة جاهزة بامكانها ان تكفل الحماية المضمونة للميول السياسية ضد هذا القمع. بالاضافة الى ذلك، نعتبر ايضاً انه من الوهم الادعاء القائل بانه في ظل غياب الافق البروليتاري الواضح حول مستقبل اقتصاد المجتمع، فان مجرد الطلب بلامركزة السلطة وديمقراطية النظام بمقدورهما ان تكونا الضمانة لتصحيح مسار الثورة. ففي المراحل الثورية، تميل السلطة الى التمركز لكي تمثل الطبقة السائدة في الصراعات الاساسية في المجتمع. ان التشكي من "التيارات التي اغتصبت السلطة" هي، على الاطلاق، طريقة يائسة للادراك؛ والاسوأ من ذلك ان تعظ بانه كان عليهم ان يقوموا بهذا العمل وان تحل هذا الوعظ محل تفسير هزيمة الثورة. هنا، نود ان نجادل حول امكانية النصر الاشتراكي لا حتميته اذا ما اعتبرنا جميع هذه النواقص غير موجودة. على اية حال، ينبغي على كل ميل في ميدان الصراع الواقعي ان يحشد قواه للخروج منتصراً من هذا الصراع. نعتقد ان في عام 1924، لم يكن للميل الاشتراكي حضور فعلي. واذا ما وجد هذا الميل، عندها ستتركز مناقشتنا حول كيفية توطيده وتقويته.
دعوني اقدم تفسيراً لقضية "إغتصاب الحزب للسلطة". اولاً، اود ان اذكر عرضاً، لم "يستول" احد على السلطة في الفترة التي شغلت بال النقاد الديمقراطيين للثورة البلشفية، اي تحديداً السنوات الاولى للثورة. كانت السلطة منتشرة وموزعة الى حد كبير تديرها محلياً مؤسسات مختلفة من العمال والكادحين؛ ذلك انه حتى لعدة سنوات لاحقة، لم يكن من الممكن توحيد قوانين الدولة وسياساتها وان يُضفى طابع موحد على المنظمات واسلوب صنع القرار في الميادين المختلفة وتوحيد ومركزة المحاكم والقوانين الجزائية؛ وان حتى قرارات مجلس السوفيت الاعلى لم تكن بالضرورة ملزمة محلياً وتقوم المجالس المحلية بتطبيقها. وخلاف مايرونه عبر نظارات الديمقراطية البرجوازية من مصادرة السلطة، فان تجربة السنوات الاولى للثورة هي تجربة تشريع السلطة وممارستها محلياً. كانت المشكلة في روسيا، ولفترة طويلة، تكمن في عدم وجود صيغة موحدة في المناطق المختلفة من البلاد لمجازاة الجناة وتنظيم القضايا الاجتماعية...الخ. لم تتجاوز السلطة الرسمية والمباشرة للحزب البلشفي الذي "اغتصب‍"ها، نطاق المدن الكبيرة. تكمن السلطة الحقيقية للحزب البلشفي في تشضيته للسلطة بين الجمعيات المحلية للعمال والجنود. كما لم ينظم البلاشفة، اساساً، اي سلطة مستقلة تقف بالضد من ممارسة العمال للسلطة قاعدياً. لذا، لايمكن الحديث هنا عن انتهاك "القمة" للجماهير؛ وهذا لايعني شيئاً سوى ديكتاتورية البروليتاريا. ان العمال الذين اطاحوا بالدولة البرجوازية؛ واستولوا على السلطة بصورة مباشرة؛ ومن ثم نظموا انفسهم باشكال مختلفة على الصعيد المحلي؛ قد اقاموا فعلاً ديكتاتورية البروليتاريا. لم تكن البنية القضائية والقانونية لسلطة العمال هذه قضية غير مهمة في تلك الفترة فحسب، بل من الناحية التاريخية لايمكن اساساً انهائها بسرعة في المرحلة الثورية. ومن هنا، ليست الدعاوى التي تطلق حول مركزة السلطة بيد الحكومة البلشفية امراً غير صحيح فحسب، بل لم تكن مثل هذه المركزة أمراً ممكناً اساساً. لقد كانت هذه المسالة نفسها مشكلة حقيقية للدولة ؛ وحتى لو اراد البلاشفة اغتصاب السلطة، فان العملية الثورية المادية والأوضاع التاريخية المحددة لايمكن ان تجعل ذلك امراً وارداً.)
قد يجيب منصور حكمت على بعض التساؤلات حول تجربة العمال في الاتحاد السوفيتي وقد نراه يصف بجانب البلاشفة اكثر من غيره ولكن هو منصف اكثر ايضا، لكن الحقيقة التي نطق بها لا يمكن ان نغفل عنها لحظة وانا ارى انه العمال لم يستولوا على السلطة السياسية بعد الثورة انما فقط في بداياتها ولكن بعد وفاة لينين اصبحت مجرد سلطة بيروقراطية استغلت الاسم لثورة اكتوبر حيث ظهر لنا ستالين باسم الماركسية اللينينية والادعائات الكثيرة والاوهام التي يبين نقص اتباع تروتسكي وغيره من الستالينية والماوية والخوجوية (الخط الالباني ) لقراءة ماركس وانهم فعلا لم يفهموا ما هي الماركسية ضنا منهم انها كالاديان فيها شفيع وانبياء ونقص المعرفة بالماركسية يولد جهل بالنقاش حول النقد واساسه قد يجد البعض تناقضا في هذا المقال لكن انا عن نفسي استعرضت حقائق تاريخية وامور لايمكن ان نغفل عنها خصوصا مع ظهور التيار الإصلاحي الشعبوي (التروتسكية) وهجومهم على الأسس المادية والفلسفية واتباع تعاليم افكار ما اسميها انا انحطاط المدارس الشيوعية التقليدية فهذه التيارات اللاشيوعية تتمثل بتيار تروتسكي أكثر من غيره حيث انه يعتبر مع اتباعه انه كل ما كان ومازال من بقايا الكتلة الشرقية انه دولة اشتراكية وعمالية ايضا مما يوضح تناقض الواقع مع الكلام والابتعاد عن الفكر الفلسفي والاقتصادي والاجتماعي لماركس حيث ينعت تروتسكي واتباعه هذه الدول الدكتاتورية التي اعطت صورة الشيوعيين القتلة والدكتاتوريين للعالم عكس ما قاله وراه ماركس حيث يتجلى في البرجوازية الشيوعية دثر ماركس وجعله من مفكر وفيلسوف وقائد الى مجرد صورة وتمثال واعياد وهو الصنمية والجمود الفكري حيث لايتقبل احدهم النقد او الحقيقة المرة لفشل ثورة اكتوبر على الصعيد الاقتصادي والسياسي ، ان مايسمى بالاسم دول شيوعية وهي لم تحقق اي شيء من اهداف الاشتراكية التي وضعها ماركس في بيانه.
رابعا الاممية الرابعة وتروتسكي خصم الثورة
بعد غياب الدعم الجماهيري للاشكال الانتهازية امثال تروتسكي جمع عدد من مؤيديه حول العالم عام 1938 بما يسمى بالاممية الرابعة في جنيف وقد اعلن معارضته للاتحاد السوفيتي ولكن سرعان ما اضمحلت وانحطت الاممية الرابعة بسبب اللاوعي الماركسي لديهم وعدم وجود القدرة السياسية والاجتماعية لتحقيق اي شئ انها مجرد حركة لاصلاح خطاء بالاتحاد السوفيتي الذي طالما كان نظامه بالنسبة لتروتسكي نظاما اشتراكية ويقوده العمال لكن اراد ازاحة الدكتاتور الجورجي وان يكون هو محله ليكمل مسيرة اعوام على فشل ثورة اكتوبر.
مقدمة من (التروتسكية - خصم الثورة):
كانت التروتسكية، وجوهرها المتمثل بنظرية الثورة الدائمة، كتيار سياسي معاد للماركسية والقضية الثورة، قد ظهرت الى حيز الوجود في مطلع القرن العشرين.
وآنذاك بالذات تكونت اهم احكام سياستها ونظريتها وتكتيكها.
وحققت التروتسكية، باعتبارها مجمل الآراء النظرية والمبادئ السياسية المعادية للينينية، أقصى حد من التطور في فترة ثورة اكتوبر والحرب الاهلية في بلاد السوفييت وفي سنوات البناء الاشتراكي.
وتتميز التروتسكية استنادها الى الأساس المنهجي المثالي الذاتي في النظرية والتطبيق، والنزعة المغامرة والنزعة الإرادية في السياسة، والرياء والوقاحة وعدم الالتزام المبدئي والميكافيلية والخيانة والتحول من معسكر الى اخر في السلوك السياسي.
وكان لينين قد قال في عام ١٩١٤: لم يكن تروتسكي يمتلك آراء راسخة ابدا في اية مسألة جدية من مسائل الماركسية، فهو دوما "يندس عبر شقوق" هذه الخلافات وتلك ويتحول من جانب الى اخر.
لقد كانت التروتسكية، كتيار سياسي، تضمر العداء دوما للينينية وتلتزم بمواقف مضادة لها في جميع المسائل الجذرية للنضال الثوري وبناء الاشتراكية.
ولكي ندرك على نحو صائب مسلك الغدر والوقاحة لدى تروتسكي نفسه ولدى اتباعه المعاصرين ينبغي ان نأخذ بنظر الاعتبار ان اشكال هذا النضال كانت وما تزال تتغير بغية التكيف للظروف التاريخية المتغيرة.
ففي مطلع القرن العشرين عندما كن تروتسكي يأمل باشغال مكانه قيادة الحركة العمالية في روسيا,شن نضالا حاقدا على لينين ومارس الدسائس دوما وشكل مختلف الكتل المناوئة للبلاشفة واعلن تروتسكي انه سيناضل ضد لينين وانه يشكل المضمون الرئيسي لنشاطه السياسي .... وذكر في الكتاب ايضا ان تروتسكي دخل بعراك شديد مع لينين وزعم ان لينين سيتجرع الموت وزعم باحد رسائله ان لينين وبياناته وثوريته مبنية على الكذب .... ويذكر الكتاب مدى انتهازية تروتسكي ومدى عدم صدقه حيذ يذكر هنا..........(قد اشار لينين مرارا الى ان تروتسكي يتميز بالعبارات اليسارية والتحالف مع اليمينيين ) وفي عام 1917 كتب لينين عن تروتسكي قائلا(انه يساوم نفسه على الدوام ويتظاهر باليسارية وهو يساعد اليمينيين طالما امكن ذلك).
في النهاية سؤالي لكل التروتسكيين سواء في IMT او غيره لقد مر اكثر من 60 عاما عل اممية تروتسكي والى الان لم ارى ثورة اشتراكية لم اشم رائحة الحكومة العمالية مما يجعلني افقد ايماني بهذا التيار البرجوازي الشعبوي الذي لم يحقق ولا مرة اي حركة تغير المجنمع فقد ادعى احد اصدقاء او اعضاء IMT من الذين ينقصهم الفهم المارركسي والصنمية الطاغية عليه وتحويله التحليل الى احاديث نبوية تنقل من فلان وفلان وبعد عجزة عن الرد علي بالنقاشات والجدالات التجئ نحو الاستفزاز والتجاوز على الحركة العماليةالتي انا فيها , فسؤالي له عددكم 500 الف شخص حول العالم اضافة للمحبين والمؤيدين ولديكم نقابات وشخصيات منذ سبعينات القرن الماضي الى اليوم اين الثورة الدائمة واين هي الحكومة العمالية الديمقراطية خاصتكم ؟؟؟؟؟؟؟ لا من مجيب اذا نكتشف ان تروتسكي كان عدوا للثورة وللطبقة العاملة ويمتلك منالنرجسية والدكتاتورية الذاتية اضعاف ستالين وغيره , وله اليد في كل قطرة دم لعامل او فلاح او اناركي او يساري اريقت على يد الجيش الحمر بأختصار انه الخائن ليون تروتسكي .

سيزار ايوان ماثيوس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا