الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الجبهة الشعبية من مسألة الميراث: ضرورات الإنخراط في الفرز

محسن عامر

2018 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



تصريح أحمد الصديق حول قرار الجبهة الشعبية التصويت لصالح قانون المساواة في الميراث(عدى كونه مسألة مبدئية)، موقف سليم من الناحية التكتيكية لأسباب عديدة. إثارة مسألة قانون الميراث من قبل رئاسة الجمهورية شطحة "نمطية" هدفها تصدير النزاع مع حركة النهضة خارج إطار الصراع الفوقي(ٱلذي خسر فيه النداء الجمهوري ضد النداء الحكومي المدعوم من حركة النهضة)،و دفعه نحو فرز شعبي حول شعارات محورية مثل العلمانية و الحداثة و طبيعة الدولة المدنية،عن طريق إعادة إستثمار الخوف الشعبي العام داخل الشرائح الإجتماعية التونسية من تغول حركة النهضة و مشروعها الديني.في خضم هذا الفرز كان لزاما على القوى السياسية "المدنية" أخذ موقف و تجشم مخاطرة الوقوف في إحدى الجانبين و ما سيترتب عنه من خسائر(حساسية مسألة الميراث حسب الرأي العام الشعبي...)..

تيارات سياسة كانت متقاطعة في ما مضى مع حركة النهضة آثرت حسم موقفها نحو ضفة الحداثة. التيار الديمقراطي الحزب الصاعد و الذي يأخذ يوما بعد يوم موقع الوسط الليبيرالي الإجتماعي قدم موقفا شجاعا حول مسألة الميراث. كانت الغاية الأساسية منه سياسياًّ حسم ضبابية مواقفه تجاه العلمانية (الموضوع المحرج له بطبيعة الحال..)،و بالتالي الدخول إلى سوق الكسب الإنتخابي و السياسي من باب الشرائح الوسطى "المدنية" ٱلتي تتوجس من حركة النهضة(ٱلتي تملك خزانها الشعبي المنسجم مع رؤاها الفكرية..)، أمام ٱنفضاض الجموع من حول حزب "البورڨيبية" و المعبر عن "النمط المجتمعي التونسي" نداء تونس .

معركة الكسب هنا ٱلتي تتحدد حسب الخيارات الكبرى، خرجت أو كادت من سيطرة ثنائية القطبية بين النظام القديم ذي الملكية الحصرية لنداء تونس سابقا ذات المضامين "الحداثية" و شعار الدفاع عن الهوية للتونسية و التيار السلفي و المحافظ ٱلذي تهيمن عليه حركة النهضة بخطابها الديني الإغترابي.لنرى المسألة بأكثر تفصيل:

يوسف الشاهد نجح في قضم قطعة كبيرة من نداء تونس و يمضي نحو تمثيل اليمين الليبيرالي ٱنتخابيا بنفس مضامين حركة نداء تونس.
نداء تونس رغم إضعافه بقي يحافظ على وزن ٱنتخابي لا يستهان به في دواخل البلاد مستفيدا من تركة ماكينة التجمع ٱلتي مازال يملكها مع أوراق الرئيس ٱلتي يلعبها حاليا لمحاصرة حركة النهضة، و بالتالي سيبقى لاعبا محددا في تشكيل المشهد في مستوى المهيمنين.
التيارات الإجتماعية ٱلتي فشلت في خلق قوة سياسية وسطية إجتماعية في مواجهة التمشي الإقتصادي المتوحش لتحالف الحكم الحالي، تحاول منفردة للبقاء ضمن السباق الإنتخابي و تحسين مواقعه جزئيا..

الجبهة الشعبية ٱلتي تعاني حالة من العزلة شعبيا تنعكس على حاصلها الإنتخابي ، ينضاف إليه بروز قوى ٱجتماعية منافسة، لا تملك خيارات كثيرة لتوسيع وزنها الشعبي في مواجهة قاعدة ٱجتماعية محافظة و تناقضها مع مصالح البورجوازيات المسيطرة ٱقتصاديا ..هنا لعب الورقة المدنية أصبح مسألة شديدة الأهمية من أجل محاولة كسب بعض التعاطفي "الحداثي" معها ، ٱلذي قد يتجه نحو المثال الجار التيار الديمقراطي. معركة قانون الميراث تفرض فرزا إجباريا مفروضا من فوق في مستوى السلطة . و لكنه في الأخير يحدد مواقع الفاعلين المعارضين أيضا تجاه الفرز الحاصل.إذا أن الحياد الآن الذي يدفع نحو الربوة يخلق عزلة في مرحلة تشكل مشهد يفرض على الجميع التعاطي الفعلي معه.

*كاتب تونسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال