الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل عند الجعفري

علي شايع

2006 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


هذا العنوان أعنيه في كلمة( الحلّ) ولا أعني الجعفري كاسم، لسببين: الأول ليس لشخصه هو،فلو كان الجعفري ينتمي للجهة التي أتمناها ديموقراطياً لأسميتها بالاسم وقلت: الحل عند مرشحها الجديد،والثاني لأني لا أعنيه بمثل ما عناه وقصده من حملوا صوره في مشهدٍ تسأمه الذاكرة العراقية منذ عهد قديم، له فيها حكايا مريرة لا تختصرها صور الطاغية التي ضمنتْ في نهاية عهده وقوداً للعراقيين، دفع عنهم الحاجة القصوى إلى النفط ومشتقاته، في الاحتياجات المنزلية لأيام الفوضى الأولى،فأهل هذا البلد مـُنحوا الخبرة والفطنة في أشياء كثيرة أيام الحصار الجائر وأيام التصنيع والعيش(المـُعاد) بضم الميم وبفتحها في (المـَعاد) لأن القائد الضرورة وحزب(البعث) منحا أهل العراق قدرات جديدة في اكتشاف الوقود بعيداً عن مشاكل النفط الموهوبة كوبوناته نهباً لمريديه، فالتحطيب في زمن المدنية الصدامية،وفي بريـّة قراها العصرية التي بنى بعضها خصيصاً في صحراء ليا ليضيّف فيها أهل الدجيل ومن تبعهم من المعارضين..هذا التحطيب صار سراً للحرية التي يخرج أليها منفيون في هواء طلق،والتي يحسدهم عليها الديكتاتور هذه الأيام ومن يلهج بمودته في الإعلام العربي..
أما ما حكاية التحطيب وأين مربط الكلمات؟.. إن صح التعبير،وحتى ال"صح التعبير هذه"لها ماركة سياسية عراقية، لشخصية خطرة،لذا أخشى الإفصاح عن سرّ هذا الاصطلاح، وذكر القائل به؛لأسباب أمنية تخصني ف"التحطيب" متوارث في العراق ولازال يطال الأعناق بحراب شتى..لكني في هذه اللحظة أقدرُ على الجعفري أكثر مما أمون عليه (مثلما نقول في الدارج العراقي) على الأقل الآن؛ مدحاً ونقداً،وليته لا يقبل المديح مثل القاضي رؤوف عبد الرحمن..

السيد الطبيب الجعفري "سياسي رغماً عنه" والاشتقاق أتعمّده هنا معتمداً على عنوان مسرحية للكاتب الفرنسي موليير"الطبيب رغماً عنه" وحكايتها عن الحطاب الذي أصبح طبيباً رغماً عنه ليعالج ابنة غنيّ لم يكن فيها من علّة سوى العشق..
السيد الجعفري طبيب حـَطـَبَ من الزمن العراقي الكثير،وخـَطـَبَ فيه الكثير أيضاً،وحين أقول "عنده الحل"،أصر هنا على مسألتين لغويتين في هذين الكلمتين "الحل" و"عند":الأولى تكشف سرّ من يصرون على تنحيه،فأكثرهم لحّ في هذا،و"لح" هي مقلوب كلمة (حل)،فلعل في هذا بشرى خير.. وثانياً..في كلمة (عند) الدالة على معنيين؛ (عند) من العناد،وقيل كثيراً هذه الأيام عن عناد الجعفري،فأمريكا ومن معها يريدون قوياً ولا يريدون عنيداً..وربما القوي المطاوع..والمعنى الآخر ل(عند) التي في مثلها خبر جهينة ويقينه..فالخبر يقول تواً أن السيد الجعفري تنحى عن منصبه،ووجدت في هذا الخبر دلالة شؤم لا أتمناه وأتمنى أن يبقى في هواجسي ولا يخرج إلى الواقع،ومردّ هذا الشؤم هو البداية القلقة والمخاض المتذبذب الذي سبق المشكلة التي أصبح السيد الجعفري فيها محوراً،فدولة جديدة تبدأ بهذه الصورة الديموقراطية الحزينة لا يعول عليها أبداً،لأن الديموقراطية لها معنى واحد معروف وليس أربعة معانٍ بعدد جهات التيه العراقي،فالمعاني الثلاثة الباقيات(الغير صالحات)،أولهن ديموقراطية من ضغطوا من الجهة الأخرى لأجل انسحاب السيد الجعفري وانتخاب غيره من الائتلاف في مشهد غريب ولا يليق كبداية لحكومة وحدة وطنية،لأن حكومة الوحدة الوطنية تعني ذوبان المعارضة في صفوف الحكومة،والمعارضة هنا لا يبدو أنها ستذوب بل ستكون حصى في الماكنة متى شاءت،والمعنى الثاني للديموقراطية معنى مستورد من الجماهيرية الليبية العظمى، حيث فسّر عقيدها عقدة المعنى في الديموقراطية بإعادتها إلى أصلها في ديمو كراسي، وديمومة الكراسي يعرفها هو كأقدم زعيم عربي حي على الأرض وربما سينال لقب العالمية،ومثل تلك الديمومة أردها حملة الصور -وبأفق ضيق- للجعفري مع كرسيه،والمعنى الثالث للديموقراطية يكمن في الدم قراطية ،مفصولاً فيها الدم فصل الرأس عن جثة أي ضحية في أعراف الإرهابيين القتلة..

وأما لم بدأت مشكلة الجعفري ولم وصلت إلى هذا الطريق؟. ربما لأن الدولة تأكل أبنائها كما الثورة،والسيد الجلبي مثالاً، وربما ستبدي لنا الأيام ما نجهله عن التنحي والضغط،في صفقة من بدأ الفتنة ومن افتتنوا معه في التحالف للضغط على الجعفري،لأن المرحلة القادمة هي أهم مرحلة في تأريخ العراق على الإطلاق،ففيها سيحدد شكل الدستور النهائي وترسم ملامح الدولة الواضحة،ودولة الجعفري هي دولة العراق دون تقسيمات واقتطاعات،فهذا السيد الجرّاح أجده الأعلم برتق الجراح وكان ضد من لوحوا بالبتر والانفصال،وفي ضياع فرصة تكملته المشوار خطر مبير،لا لرهانٍ على شخصه كما أسلفنا بل على الموضوعية في تناول موضوعة الخلاف ،وإتلاف الائتلاف بصورة معارضة مستترة في جبة الحكومة الوطنية، وستكون قادرة على فعل ما تشاء،لتنقلب على صوت الأكثرية بحجج لا سلطان لنا على الغيب لمعرفتها،لأنها أثبتت قدرتها منذ البدء،وقد قالت كسابقةٍ في تنحي الجعفري وفعلت،فانتظروا منها المزيد من آياتٍ ستريكم من أيامها العجب ولا ينفع نفساً ندمها، فما كانت لتؤمن بمعنى الديموقراطية الأول ،لتكسب فيه خيرا عن باقي المعاني..قل انتظروا فإنا معكم منتظرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-