الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم مابين الحمار والفيل

محمد السعدنى

2018 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


قالوا لحكيم: لماذا لاتعامل من يسيئون إليك بما يعاملونك به؟ رد مبتسماً: إذا رفسك حمار فهلا ترفسه؟ وبدورى ضحكت من المفارقة، ذلك أن الحمار الجمهورى الأحمر لم يرفسنا مرة لكنه اعتاد ذلك وربما تبادل الرفس والضرب لكل عالمنا المعاصر مع زميله الفيل الديمقراطى الأزرق بكل مؤسساتهم وإدارتهم، يتبادلون الأدوار ولا يعدمون فى كل مرة ضحايا جدد. ظل الحمار والفيل يمارسان لعبتهما المفضله عقوداً طويلة مع شعوب العالم الثالث بصفة خاصة، إلى أن جاء ترامب ليشعل العالم كله حتى أقرب حلفاءه التقليديين فى أوروبا من دول الاستعمار القديم لم يسلموا من أفعاله، ما اضطر الرئيس الفرنسى منذ أيام أن يعلن أن على أورروبا إنشاء جيش أوروبى موحد يدافع عن مصالحها، ذلك أن ترامب هدد كل مصالح حلفائه الأوروبيين بسياساته الخرقاء فى السياسة والاقتصاد والبيئة والشعبوية التى أسس لها فكانت رصيداً ساعد اليمين الأوروبى المتطرف للصعود، كما هدد النظام العالمى المستقر لسنوات طويلة فى حلف الأطلنطى واتفاقيات التجارة الحرة وخرج من اتفاقية التغير المناخى، والاتفاق النووى مع إيران، وفرض عقوبات عليها وعلى الصين تضررت منها أيضاً الشركات الأوروبية، والسياسات والقوانين العنصرية التى تبناها والتطرف والإرهاب الذين يحميهما ويمدهما بالسلاح والأموال بما هدد القيم الانسانية والديمقراطية حتى فى الداخل الأمريكى ذاته. حدث هذا أيضاً فى سنوات سابقة مع أسلافه من الديمقراطيين باراك أوباما وبيل كلينتون، والجمهوريين دبليو بوش وريجان وغيرهم، لكنهم جميعاً مارسوا الرفس تحت الحزام واحكموا لعبتهم بشياكة وحذر ولياقة افتقدها هذا الترامب ولعب على المكشوف كمراب مبتز وسمسار جشع نال عالمنا العربى من مكائده وسياساته الكثير، ونال حلفاءه الانجليز والألمان والفرنسيين واليابانيين نصيباً لايقل عن منافسيه ومناوئيه فى الصين وروسيا أيران وكوريا الشمالية. لقد بدا كمدير بنك فاسد يحاول الاستيلاء بغير حق على أموال المودعين بطرق احتيالية جديدة وكثيرة ومتنوعة.
لذا أعجب من أولئك الكتاب والمحللين الذين هللوا لحصول الديمقراطيين على أغلبية مجلس النواب، آملين أن يستعيد الكونجرس سيطرته على السياسة الأمريكية وتحجيم شطحات ترامب وربما محاسبته. لقد فعل البعض منا ذلك كما كثيرين فى العالم وداخل الولايات المتحدة نفسها، على غرار ما قرأت فى عدد "فورين أفيرز" الأمريكية الأربعاء الماضى ولأكثر من كاتب، ولعل هذا موضوع مقالنا القادم. وفى تقديرى أن من راهنوا على تحول ترامب إلى بطة عرجاء سيخسرون رهانهم. كلها تمثيليات وتوزيع أدوار، لكن السرقة واحدة طالما هناك مديراً أمريكياً فاسداً لبنوك العالم سيستمرون فى مراوغتنا وملاعبتنا بمقولاتهم ودعاواهم المخاتلة عن تغيير المفاهيم وأساليب التفكير والخبرة وإعادة الهيكلة والتركيز على الأهداف واقتناص الفرص وحتى السباحة مع التيار أحيانا. وفى حكايتنا الرمزية هذه مايلخص الأمر ويعريه.
تقول الحكاية: خلال عملية سطو في نيويورك صرخ اللص موجها كلامه الى الموظفين والعملاء: لا تقاوموا فالمال ملك الدولة وحياتكم ملك لكم فحافظوا عليها، فأستلقى الجميع على الأرض بكل هدوء، وهذا مايسميه الأمريكيون "تغيير المفاهيم وطريقة التفكير"، وعندما انتهى اللصوص من السرقة قال أحدهم :يا زعيم دعنا نحصي كم من الأموال أخذنا، نهره الزعيم قائلاً: هل أنت غبي؟! هذه كمية كبيرة من الأموال وتأخذ منا وقتا طويلا لعدها، وعلى المساء سنكون عرفنا من نشرات الأخبار كم من الأموال سرقنا، وهذا "ما يسمى الخبرة" وفى أثناء السطو حاولت سيدة إغراء أحد أفراد العصابة فتمددت وعرت ساقيها فغضب منها اللص وقال: هذه عملية سطو يا سيدتى وليست عملية اغتصاب! وهذا ما يسمونه "بالتركيز على الهدف" وبعد أن غادر اللصوص البنك، قال مدير الفرع لرئيس البنك: اتصل بالشرطة، فباغته الرئيس: إنتظر دعنا نأخذ لأنفسنا 10 ملايين دولار إضافية ونضيفها فى سجلاتنا إلى ال 70 مليون دولاراً التي قمنا بأختلاسها سابقا، وهذا مايسمى "السباحة مع التيار وتحويل الوضع لصالحك". كانت المفاجأة في اليوم التالي حين ذكرت وكالات الأخبار أن 100 مليون دولار تمت سرقتها من البنك. وعندما قام اللصوص بعد النقود مرة تلو أخرى، لم يجدوا إلا 20 مليوناً فقط، ضحك اللصوص، فقد خاطروا بحياتهم من أجل 20 مليوناً بينما رئيس البنك حصل على 80 مليون دولار دون أن تتسخ ملابسه" وهذا ما يسميه الأمريكيون" المعرفة التى تساوي قيمتها ذهباً". كان مدير البنك يبتسم سعيداً لأنه أصبح مليونيراً وجميع خسائره في البورصة تم تغطيتها بهذه السرقة وهذا ما يسمونه "اقتناص الفرصة". ولعل ترامب فى مواجهة نتائج انتخابات التجديد فى الكابيتول هيل سيقوم أيضاً بانتهاز الفرصة، بينما يظل عالمنا حائراً محاصراً مابين الحمار والفيل رغم نتيجة انتخابات الكابيتول هيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟