الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول أيام الحرب : الإعلام في خدمة صدام !

علاء الزيدي

2003 / 3 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

لندن - علاء الزيدي

الهجوم الجوي والصاروخي الأميركي على العاصمة العراقية بغداد فجر اليوم ( 20/3/03 ) جاء مخيبا لآمال من اعتقدوا أن أميركا استفادت من التجارب السابقة في التعامل مع نظام صدام . فقد وضع في متناوله مادة إعلامية رائعة لحشد الرأي العام الإقليمي والعالمي ضد واشنطن وخططها .
فبعد عد عكسي مضن سهرت معه ملايين العيون حتى الصباح ، وبعد تطبيل لا حدود له ومبالغات رهيبة ، جاءت الضربة الأولى لعملية " حرية العراق " العسكرية الأميركية مدعية أنها استهدفت مقر قيادة صدام ، في حين أن مصفى الدورة في بغداد ومرسلات التلفزيون وبعض الأبنية في غرب العراق كانت هي الأهداف الرئيسية !
لم يقتل صدام طبعا ، وهرب بعض أعضاء نظامه إلى الأردن وسورية ، فيما قتل وجرح أبرياء عراقيون بالإضافة إلى سائق تاكسي أردني غربا .
هنا ، يحق للمراقب المستقل أن يتساءل : أين ذهب ، إذا ، كل ذلك الضجيج عن دقة الضربات والقنابل الذكية التي تفرق بين عناصر النظام وغيرها !
لقد حدا الفشل الذريع بالسلطات العسكرية الأميركية إلى القول بأن هذه هي ليست الضربة الحقيقية ، و ما هي سوى إطلاقات في الهواء أو " ضربة جراحية " حسب تعبير هذه السلطات أما الهجوم الحقيقي فلم يبدأ بعد !
بموازاة ذلك ، بدأت حرب إعلامية تقنية إذا جاز التعبير . فقد شوشت الأجهزة الأميركية على قناة العراق الفضائية ، و ما زالت الحرب التشويشية متواصلة والقناة و موجة إذاعة بغداد عبر الأقمار الاصطناعية تذهبان و تأتيان بين وقت و آخر بعد أن وعد وزير الإعلام محمد سعيد الصحاف في مؤتمره الصحفي اليوم  ب " معالجة " الموقف .
لكن معالجة الموقف وفق أسلوب نظام صدام ، المعروف بمكره و اهتمامه بالإعلام ، جاءت – هذه المعالجة – على شكل آخر . فقد بدأ بث القناة الفضائية باللغة الإنكليزية ( ATV ) وهي اختصار لعبارة : ARAB  TELEVISION  تحت شعار A TOTAL VIEW ( نظرة شاملة ) ويقال أن هذه القناة تبث بتمويل عراقي رسمي وتحت إدارة النائب العمالي البريطاني ذي العلاقات الوثيقة مع الحكومة العراقية جورج غالاواي ، وعبر استخدام و توظيف مجموعة من الصحفيين البريطانيين .
المتابعة السريعة لبعض ما بثته هذه القناة اليوم تشير إلى أنها ستلعب لعبة ماكرة من شأنها تضليل الرأي العام الناطق بالإنكليزية وخاصة البريطاني . فقد ركزت اللقاءات التي أجريت مع برلمانيين وصحفيين بريطانيين معادين لصدام أو مرتبطين بسياسات الحكومة البريطانية ، على مواضيع حقوق الإنسان في العراق ، وأهمية انفتاح الحكم على المعارضة وعلى الداخل العراقي ، ومنح الحرية لعموم مكونات الشعب العراقي ، هكذا بعد خراب البصرة !
وبهذا ، تبدو هذه القناة كمن يضرب أفراد عائلته صباح مساء ، ثم ينصب مكبرات صوت في الشارع يرفع عقيرته بالصراخ فيها مناديا بضرورة الرحمة والرفق بأفراد عائلته و احترامهم و ما إلى ذلك !
والهدف من ذلك طبعا هو تسريب الرسائل الإعلامية الأخرى التي لا علاقة لها بموضوع حقوق الإنسان إلى الغربيين ، في تضاعيف هذه البرامج العادية التي تبدو بريئة وإنسانية وحرة و عفوية ( أو عفوائية حسب تعبير أحد عقداء صدام في اللقاءات الاستعراضية التي سبقت الحرب بأيام قليلة ! )
هو إذن تطبيل لصدام بلغة أخرى و  بتصاميم أخرى .
و هكذا ، تتضاءل إزاء هذه القناة الهامة ، في سياق حرب النظام مع أعدائه ، أهمية قناة العراق الفضائية التي لا تبث إلا هوسات لمواطنين مجبرين ، أو شتائم من قبيل تافه وحقير وسافل والمملكة المتحدة ما تسوى حذاء ، وما إلى ذلك مما اعتدنا نحن العراقيين حتى المعارضون منا على تداوله ولا يزعل مني أحد ، فيكفي أن يقرأ ما يكتب في مواقعنا ليرى لغتنا الجديدة ! فليشوشوا على الفضائية الشتامة ما طاب لهم التشويش !
على صعيد آخر ، يبدو أن علينا أن نقطع الأمل من أية حملة إعلامية مضادة لهذه الأساليب ، خاصة من قبل الجهات المعارضة . فقد نامت المعارضة و رجلاها في الشمس ، اعتمادا على إذاعة " سوا " وإذاعات الطائرات الأميركية التي لا تعرف طبيعة تفكير الشعب العراقي . وكمثال على هذا الجهل ، كانت إذاعات الطائرات الأميركية تبث عشية عاشوراء ، الحزن العراقي الكبير ، أغان و رقصات جوبية ، في حين أنه حتى المقاهي في العراق تتحول في مثل هذه الأيام إلى مسجلات الصوت التي تبث المراثي والتعازي  الحسينية ، مغلقة بذلك أجهزة الراديو والتلفزيون لمدة ثلاثة عشر يوما . و لو كانوا يفهمون حقا  لركبوا الموجة الدينية كما يركبها النظام الماكر ، الذي كانت له تجربة غريبة ولكن ناجحة ، في هذا المجال ، حينما أغرق الأثير خلال شهر محرم في العام 1969 بالمراثي الحسينية على مدى العشرة الأولى من الشهر المذكور ، ما مكنه من اجتذاب الشارع الشيعي العراقي ( أغلبية 70 % على الأقل ) للوهلة الأولى ، ومسح بقايا ذكريات جرائم حزب البعث الفاشي العام 1963 من أذهان العراقيين ، تمهيدا للسيطرة عليهم عقائديا وسياسيا .
أما أغرب الأساليب الإعلامية الأميركية ، فهي دعوة طواقم الدبابات العراقية إلى إدارة ظهورها عند مغادرتها . وكأنهم يتحدثون عن طواقم دبابات في قوة دفاع البحرين أو الحرس الرئاسي في جزر القمر ، وليس في جيش لا يعطس جندي فيه إلا تحت رقابة الاستخبارات ، من زملاء المتهم الأول الركن نزار الخزرجي وصاحبه سيادة اللواء وفيق السامرائي اللذين تبشرنا العسكريتاريا الأميركية بحكمهما الديموقراطي المستقبلي !


[email protected]

=====================================================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 400 مليون ناخب يختارون ممثليهم في البرلمان الأوروبي


.. قصف متبادل وتصعيد مستمر بين حزب الله وإسرائيل| #غرفة_الأخبار




.. جندي إسرائيلي يعرب عن دهشته من منازل الفلسطينيين بغزة


.. الإعلام الإسرائيلي يواصل تسليط الضوء على مجريات حرب غزة




.. سيناريو إسرائيلي يتوقع انتهاء دولة ا?سراي?يل عام 2029 فهل يص