الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحتاج العراق إلى سفينة نوح جديدة

مرتضى عبد الحميد

2018 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


(كل ثلاثاء) ( هل يحتاج العراق إلى سفينة نوح جديدة؟)
في كل عام، وقبل مجيء الشتاء بفترة قصيرة، يتبارى المسؤولون في أمانة العاصمة والدوائر الخدمية في سائر المدن والمحافظات العراقية، بإطلاق التصريحات الجوفاء، عن الاستعدادات الاستثنائية، والتهيئة الجدية، لمعالجة محنة الأمطار المتوقع سقوطها في فصل الشتاء القادم، وعلى وفق "خطة علمية" حسب ادعائهم إستطاعوا بموجبها تسليك المجاري وتنظيفها من أخر حجر فيها، كما أنجزوا المشاريع المتوقفة بسبب غياب التمويل، أو هروب المقاول، وقاموا بأستبدال التالفة والمكسورة منها.
والهدف من كل هذه الوعود البراقة هو تطمين المواطنين، وخاصة سكان المناطق الشعبية، بأنهم سينعمون بشوارع نظيفة خالية من النفايات، ولا أثر لقطرة مطر فيها، وبالتالي عليهم أن يناموا رغداً ولا يفكروا بفيضانات الأعوام السابقة التي ذهبت إلى غير رجعة.
لكن النتيجة (تعرفون بقية المثل الشعبي) وفي أول زخة مطر غرقت الشوارع والبيوت والمحلات، والمدارس والدوائر الحكومية، وأتضح أن كل ما قيل بهذا الصدد هو مجرد هواء في شبك ولا جديد على الإطلاق.
وهذا السيناريو يتكرر في كل عام، دون أن تكون هناك حلول ولو جزئية، عدا صدى الوعود المستهلكة والرخيصة، ولذلك يتساءل المواطنون الغرقى بحق، أين ذهبت المليارات والأموال الطائلة، التي رصدت على مدى السنوات الماضية لبناء مجارٍ حقيقية، قادرة على تصريف مياه الإمطار، وإنقاذهم من محنة تبدو وكأنها مزمنة، أو أزلية، فضلاً عن ضرورة خزنها للتعويض عن شحتها في دجلة والفرات، بسبب الجارين الكبيرين؟
لقد تبخرت هذه المليارات، وإنتقلت إلى جيوب الفاسدين عديمي الضمير كما هو الحال في بقية القطاعات الإنتاجية والخدمية.
ربما المطلوب من هؤلاء المسؤولين التفكير الجدي، ببناء سفينة شبيهة بسفينة "نوح" لإيواء الموشكين على الغرق في بحر الوعود الكاذبة، إلى أن يحل الصيف، برفاهه الكهربائي، خاصة وأننا بدأنا بتصدير الكهرباء إلى دول الجوار منذ عام 2013!
والمفارقة المضحكة المبكية أن أموال بنك الرافدين، هي الأخرى أغرقتها مياه الإمطار (مبلغ بسيط، فقط 7 مليارات دينار) التي دخلت من خلال الشقوق الكثيرة في الخزائن المصفحة! حسب الوقاحة التي تحدث بها المسؤولون في ذات البنك والمركزي أيضاً.
إن الحكومات السابقة لم تلتفت إلى معاناة الناس، لا في هذه القضية ولا في غيرها، والأمل معقود بناصية الحكومة الجديدة، لعلها تكون مختلفة بعض الشيء وصادقة في التعامل معهم، لمداواة جراحهم التي تقيحت، وتوفير ما يحتاجون إليه من ماء وكهرباء ومجارٍ وصحة وتعليم وسكن، ووضع حد للفساد السياسي والإداري والمالي، الذي لا يقل خطراً عن الإرهاب، بل هو الوجه الأخر له، فلولاه لما تذيل العراق، قائمة الدول الأكثر سوءاً وفشلاً في العالم.
إنها مسؤولية تاريخية، وفرصة نادرة لإصلاح ما خربه الفاسدون والمزورون وبناء تجربة جديدة، تعيد للشعب العراقي الأمل، وترسم الابتسامة على شفاه أبنائه، عن طريق دفن المحاصصة والطائفية السياسية، وإبعاد رجال الصدفة، وعديمي الكفاءة عن مواقع المسؤولية، وإستبدالهم بمن هم أهل لذلك، وهم كثيرون جداً في عراقنا المستباح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث