الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية النقد

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 13
الادب والفن


هناك آراء عديدة حول ماهية النقد منها ما تختص بكشف عيوب النص، تسليط الضوء على جوانبه الخفية، إظهار جماليته، تطابقه مع القواعد والمعايير، إعادة قرأته بأسلوب جديد، تقييمه، تفكيكه، تمييز عناصره، منحاه الإنساني وغير الإنساني، وتوجهه الفكري-السياسي....وباختلاف تلك الآراء، اختلفت المذاهب النقدية واعتمد كل منها معياراً ومكيالاً خاصاً به تبعاً لمزاج وتوجه الناقد السياسي أو الفكري.
رفض العديد الكتاب توجهات النقاد وأحكامهم الصارمة ووجدوا بأن النتاج الإبداعي هو من خاصتهم ولايجوز للنقاد تشكيل محكمة لإصدار الأحكام المجحفة بحق ملكية الغير!. وتفسير النص وفقاً لمزاجهم ونوازعهم العدائية أو الشللية مع الكتاب، وبنفس الوقت فإن هذا الرأي لايلغِ حق النقاد في إبداء أرائهم الفكرية المستندة للبراهين العقلانية لمناقشة النص الأدبي بدافع الحرص على المسيرة المعرفية.
يعتقد ((أرنست همنغواي))"بأن النقد ما هو إلا محكمة نصبت نفسها بنفسها، وقاضي ومحلفون واتهام وسجن وكرسي كهربائي بغرض الكشف الفوضوي عن أخطاء النص للتعدي على حقوق الملكية الفكرية للآخرين".
إن إخضاع النص الأدبي لمنهج صارم في النقد يقتل الإبداع فيه والعمل الإبداعي الذي يخضع لأحكام وشروط مسبقة وصارمة يفقد سمة الإبداع، فالمنهجية يجب أن تكون منهجية علمية تتطور بتطور لغة النص المعاصر وإلا فإنها تصبح عبارة عن مسطرة يتم بها قياس مساحة النص فإن تطابق وقياسها أخذت به وأن اختلفت معه طالها الإهمال.
كما لايجوز التمسك بحرفية المنهجية في النقد لقياس أبعاده الفنية والجمالية، لأن النص نصاً متكاملاً ومتماسكاً وكائن حي أن تعطلت إحدى أجهزته أصبح عاجزاً عن ممارسة مهامه.
يرى ((كارلوني وفيللر))"أنه مهما كانت صعوبة التمسك بالحرفية فإن الانطباعية هي ضرورة يشعر بها النقاد دائماً، فحين يكون الناقد مسرفاً في المنهجية ينسى الجوهر، فالعمل الإبداعي ليس مهمته الإجابة على الأسئلة ولكن لتوفير الانطباع واللذة النفسية أو الفكرية....وأغلب النقاد وحتى المسرفين في المنهجية هم انطباعيون بشكل أو أخر".
وهناك من يجد أن النقد حًّرف عن اتجاه الصحيح فماهيته الأساس هي تفكيك النص أو تمييز عناصره لتسهيل قراءته بصورة أوضح وتسليط الضوء على مفاصله الأساس وأهدافه، وليس مهمته تقييم النص وإصدار الأحكام الجاهزة على جودته أو رداءته.
إن مهمة الناقد ليس إصدار الأحكام للاستحواذ على رأي القارئ وإقناعه بجودة أو رداءة النص من خلال اجتزاء فقرات أو جمل منه لإثبات صدق أحكامه!. وتختلف آراء القراء باختلاف مستوى ثقافتهم وبالمحصلة فإن رأيهم (أو رأي النقاد) غير مُلزم للكاتب لكنه يتطلع للنقد العلمي والبناء لتطوير عمله الإبداعي.
يقول ((محمد مندور))"أن كلمة نقد مأخوذة من الفعل اليوناني CRINO ومعناها (يُمييز) فكلمة النقد الأوروبية تعني تمييز العناصر المكونة للشيء الذي ننقده وليس بمعنى تقييم الشيء والحكم على جودته أو رداءته".
إذاً ماهية النقد الأساس تعني تمييز لمكونات النص أو تفكيكه بغرض تسليط الضوء على جوانبه الخفية وليس له علاقة بالتقييم أو إصدار الأحكام الجاهزة الخاضعة للمنهجية الصارمة لتبيان جودته أو رداءته. ومن ثم إطلاق العنان للنيل من الكاتب، باعتباره خالقه ومسؤولاً عن كافة أشلائه ومكوناته المشوهة أو الصحيحة.
تمر عملية الخلق الإبداعي بمخاضات عديدة منها بذات الكاتب نفسه ومنها عند خروجها من الذات لتسود الورق الأبيض، وفي كلا الحالتين تخضع لمنظومة اللاوعي عند الكاتب غير الملتزمة بالقواعد والمنهجية الصارمة....وفيما بعد تخضع لمنظومة وعيه عند التدقيق والمراجعة فتحذف مقاطع وتضاف أخرى وتعدل فقرات وتضبط الصياغات اللغوية لكن يبقى الجوهر على أصله دون تعديل.
وبهذا فإن الخلق الإبداعي من خاصة منظومة اللاوعي ولايجوز إخضاعه كلياً لمنظومة الوعي وإصدار الأحكام النقدية عليه دون مراعاة مراحل مخاضه المتعدد في منظومة اللاوعي والوعي ليستقيم العمل النقدي بمذهبه التمييزي وليس التقويمي!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دراسة مختصرة وجادة
فائز الحداد ( 2011 / 10 / 10 - 01:40 )
رائع ما قرأت .. تحياتي لك وتقديري.

اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده