الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش سياسية

اسماعيل شاكر الرفاعي

2018 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


هوامش سياسية


قبل نصف قرن ، كانت مشاركتنا كأفراد وتجمعات مدنية أقوى بما لا يقاس من مشاركتنا في احداث عالم اليوم . كان لنا رأي في ما يجري في العالم البعيد او القريب ، عبر المقالة والقصيدة والمظاهرة ، وعبر نقاشات المقاهي وحتى داخل الصفوف الدراسية وأماكن العمل . كنا نشعر باننا نقف وسط العالم وننتمي اليه ، وكلما قويت مشاركتنا في احداثه ، كلما قوي توقنا لان نبني مجتمعاً قوي يشبه تلك المجتمعات القوية ، وان نعيد تاسيس ذواتنا مجدداً في ضوء نقاط القوة التي انطلقت منها تلك المجتمعات ذات الحراك الدوءوب .
كانت اوطاننا قوية بنا : بمواقفنا وبما نبديه من حراك واراء لا فصل فيها بين العالمي والوطني ، اذ لم يكن شعورنا بالعجز طاغياً كما هو في الاوان الذي نعيش ، لقد تسلل الخدر الى دواخلنا ، فزاد بما لا يقاس ابتعادنا عن احداث العالم فانخفضت أصواتنا في ابداء اراءنا ، وصار الحديث عن الخارج - ان لم يكن مغلفاً بغلاف الدين - نوعاً من المحرمات . لقد سورنا ذواتنا باسوار نفسية عالية ، منعتنا من التفاعل الخلاق مع أصوات الخارج وأحداثه ، وصرنا لا نفتح الباب الا لابن الدين والطاءفة والقبيلة والعشيرة والمحلة ، وبهذا الانغلاق الغريب ، رغم ان البلاد تعيش تحت ظل نفوذ طاغ من دول قريبة وبعيدة ، ضعفت اوطاننا وتجمدت فيها حركة الحياة العصرية : وصار الاخر البعيد والقريب يرثي لعجزنا ويستغله ، وأبرز مثال على ذلك هو مجال الطاقة الذي نتصدر فيه قاءمة الدول المستخرجة والمصدرة له ، ولكن العاجزة عن تطوير هذه الثروة الوطنية ، على الأقل من اجل سد حاجتنا الذاتية منها ، ولا نقول قولة الكذاب الكبير باننا سنصدرها ...

مظاهرات ذوي الستر الصفر في فرنسا هي احتجاج على الطريقة التي حاولت بها السلطة الفرنسية معالجة مسالة ارتفاع حرارة الجو ، تطبيقاً لقرارات باريس حول المناخ ، وهي قضية تخص كل ساكني كوكب الارض ، اذ ان الارض ستتحول الى كرة من لهب تحترق في داخلها كل الكاءنات الحية في بحر السنوات القادمة ، اذا لم يتم وضع حد لسخونة الكوكب المتصاعدة .
لكن السلطة الفرنسية حملت كل طبقات الشعب ، ما عدا اصحاب الاموال الطاءلة ، مسوءلية تحمل اعباء معالجة تلوث المناخ ، رغم ان احداث التاريخ الحديثة تشير الى ان الطبقة البرجوازية - الى جانب البورجوازيات الاوربية - تتحمل المسوءولية الأكبر في ما حدث من زيادة في نسبة السموم كناتج من نتاءج استخدام النفط والطاقة الاحفورية في مجالات التصنيع المستمرة لأكثر من قرنين . من حق البرجوازية الاوربية ان تفخر بما قامت به من تصنيع ، استولدت من خلاله حضارة جديدة في التاريخ تختلف كلياً في منهجها العلمي وفِي مفاهيمها السياسبة وفِي بنية الدولة التي جاءت بها عن كل معطيات الحضارة الزراعية ، لكن ليس من حقها ان ترمي بالمسوءولية على الاخرين عبر سياسة ضريبية جديدة ...

يحدث في البلدان المتخلفة ، ومنها البلدان العربية ، الشيء نفسه ، فتطبيقاً لسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين في الإقراض المالي ، يرفع سياسيو أشباه الدول هذه الدعم الحكومي عن حاجات شعوبهم الاساسية في الخبز والسكن والكهرباء والتربية والصحة ، ويسمون ذلك : إصلاحاً اقتصادياً ، لكان الشعوب التي تسببت سياساتهم الاقتصادية الكارثية وعجزهم عن الانجاز وحروبهم العبثية وامتيازاتهم الأسطورية وفسادهم المالي والإداري في إفقارها : روحياً ومادياً - هي المسوءولية عن مستنقع التخلف الذي تخوض فيه ، انها نوع من التنمية العنصرية ، تنمية السادة الذين يصدرون القوانين ، والعبيد الذين عليهم ان يتحملوا لوحدهم اعباء هذا النوع من التنمية الفاسدة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: روسيا ليست حاضرة معنا لأنها غير مهتمة بالسلام


.. تصاعد دخان جراء قصف الاحتلال لمباني في رفح جنوبي قطاع غزة




.. اليمن.. عودة طريق تعز الحوبان للعمل بعد 9 سنوات من الإغلاق


.. إلياس حنا: الاحتلال يقاتل في بيئة معادية لا يعرف فيها سوى ال




.. مؤتمر سويسرا.. عملية السلام من دون روسيا لا يمكن أن تستمر| #