الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اختلفت المسميات
سليم البيك
2006 / 4 / 13العولمة وتطورات العالم المعاصر
أثناء تجوالي في أحد مراكز التسوق- و ما أكثرها- وقفت أمام محل لبيع "الحطات" أو "الشماغات" أبحث عن "السلك" أو "الكوفية" الفلسطينية المعروفة بنقشتها و أسودها و أبيضها الخاصة. و هذا, بالمناسبة, ما أفعله حين يقع في نظري أو بين يدي أي شيء, أبحث عن فلسطين فيه. على كل حال, لم أجد "فلسطين" في ذاك المحل, بل وجدت, ليس عوضاً عن ذلك, حطات بأشكال و ألوان جديدة, لا حرج في ذلك حتى الآن, فالتجديد مطلوب حتى و إن كان في الحطات.
المؤلم فيما رأيت هو أن يتصدر واجهات المحال حطات بماركات أجنبية معروفة, كحطة بماركة GIVENCHY و أخرى بماركة DUNHILL و غيرها. بل و يتنافس أبناء عروبتنا على وضع الحطة الأغلى و ذات الماركة الأشهر عالمياً و هي ما تزين بها المحال واجهاتها بعد أن رمت ما يصنعه العرب من حطات في "الستور", فما عادت معرفة العرب لذوقهم كمعرفة غيرهم له!
مؤلم أن يقول عربي لآخر رافعاً أنفه: هذا الشماغ الذي على رأسي من ماركة (كذا) أتعرفها؟ طبعاً أعرفها و لكن ما الذي جمع بين البكيني و الشماغ حتى يوجد شماغ بهذه الماركة في السوق؟
يبدو أن الغرب- المقصود بالغرب هنا الطبقة المسيطرة هناك أي الغرب الرأسمالي الامبريالي و ليس كل من انتمى لتلك المنطقة الجغرافية- خير من يفهم عقلية ورأس و ذوق العربي حين يفتخر ذاك الأخير بأن الحطة صناعة أجنبية و يفضلها على المحلية العربية, و في الذهن الجمعي العربي فإن كلمة "أجنبية" تعني غربية فقط, فالعربي ينظر لنفسه كصاحب عرق أنقى و تاريخ أشرف و حاضر أرقى لأي شيء يمت لما هو شرقه بصلة, و كأن الرقي, في البنى الفوقية و التحتية, يزداد كلما اتجهنا غرباً. فما سبب رؤية العربي للهندي أو الصيني بنظرة فوقية, أي "من فوق"؟ و ما سبب رؤيته للأجنبي أي الغربي أي الطبقة الرأسمالية في الغرب بنظرة دونية, أي "من تحت"؟ للجواب علاقة بتاريخ المنطقة و احتلالها و ما رافق ذلك من كتابات استشراقية ليس هنا المجال للكلام عنها.
و الغرب, مرة أخرى و الحمد لله, خير من يفهم ذوقنا في الطعام, و يفضح ذلك الإقبال الكبير على مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية, و على جبهة هذه المطاعة يتقدم "ماكدونالدز" الذي قال عنه المنظر للرأسمالية الذي لا يخجل من صهيونيته توماس فريدمان بأن الولايات المتحدة لن تحتل بلداً يوجد فيه قوسا النصر الذهبين, و قوسا النصر هما شعار "ماكدونالدز" وهو حرف M بالأصفر. فهذه المطاعم هي أقرب إلى مستوطنات و أحصنة طروادة للرأسمالية منها إلى أماكن لملئ المعدة.
لا حياة بلا تجديد, فلا حياة دون حركة و لا حركة دون تغيير و طالما أن التغيير يرتبط كأي شيء بعامل الزمن, فلا تغيير دون تجديد. و من يحاول التشبث بأصابع بيديه و رجليه العشرين بما شاخ و صدأ و يرفض التجديد تقديساً للقديم أو خوفاً مما قد ينتج أو حتى بسبب "قلة المروة", فلن ينوبه إلا "طأطأة" أصابعه و احمرارها, و الكلام هنا يشمل الفكر و الأدب و الصحافة و اللغة و التكنلوجيا و الطعام و طريقة اللبس و الرقص و المغازلة و حتى نتف الحواجب عند النساء.
أخلص إلى القول بأن التجديد النابع من حاجاتنا و خصوصيتنا و زماننا و مكاننا هو ما نحتاج, ليس التجديد المستورد السطحي, تجديد في ظواهر الأشياء, و كأنه حبة "بنادول" يسكن الوجع لفترة قصيرة, و لا يعالج الأسباب. و لا أقول أن "نتخشب" و "نعتكف" في خصوصيتنا و ننقطع عن تجارب الآخرين, خاصة و أن الكثير من هؤلاء الآخرين متقدمين علينا في مسألة التجديد. فإن اختلفت خصوصيات المجتمعات فالتجربة الإنسانية واحدة, و تبقى هي في النهاية مجتمعات إنسانية, و لكن تبقى لها خصوصيات, جديلة تستلزم المراعاة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجيش الإسرائيلي يواصل إغلاق مدخل بلدة حلحول شمال الخليل بال
.. تعرف على آخر تطورات العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين
.. ردود فعل سكان شمال قطاع غزة عند مشاهدتهم حجم الدمار بمعسكر ج
.. انتشال رفات 50 شهيدا من بين ركام المنازل في رفح وخان يونس
.. السودان.. دخان كثيف بمحيط مصفاة الجيلي جراء المعارك بين الجي