الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاسع من نيسان .. يوم للتحرير والإحتلال

محمد محبوب

2006 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


قبيل أندلاع الحرب الأمريكية لإسقاط نظام الدكتاتور صدام .. خرجت في ألمانيا مظاهرات كثيرة ، لعل مدينة ألمانية لم تخلو من مظاهرة أو أحتجاج ، وكان للحكومة الألمانية والحزبين الحاكمين أنذاك الديمقراطي الأشتراكي والخضر دورا كبيرا في إخراج مثل هذه المظاهرات المنددة بالحرب ...

وفي خضم هذه الأجواء الأحتجاجية أندفع أعضاء وموالون لحزب الدعوة الأسلامية والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق للمشاركة في مثل هذه المظاهرات التي أجتاحت شوارع ألمانيا ودول أوربا ، كما نظموا مظاهرات خاصة بالعراقيين للتنديد بالحرب ضد العراق ، وأندس في مثل هذه المظاهرات أتباع لنظام صدام وموالون له من العراقيين والعرب ، كما شارك بها ألمان دعاة سلام ومعادون للولايات المتحدة والعولمة ويساريون وغيرهم.

ومنذ تلك اللحظات بدأت التناقضات في موقف العراقيين بين مهللين للحرب أو رافضين لها أو الحالتين معا ! ، هل هي حرب تحرير أم أحتلال ؟!

مازلت أتذكر قسمات تلك السيدة الألمانية وهي تستمع لنا مستغربة ، كان زعيمنا في المظاهرة ( أبو علي ) بصوته الجهوري يهتف : أوقفوا الحرب أنقذوا الأطفال ، الموت لبوش .. الموت لصدام .. صدام أرهابي .. ، وما الى ذلك من الهتافات التي أثارت إستغراب السيدة الألمانية ، فدنت منا ..

وقالت : ماذا تريدون بالضبط , لاتريدون صداما ولا تريدون بوش ، عماذا تبحثون ؟!

العراقيون أنقسموا في موقفهم من الحرب ، منهم من أحتفل وكبر ( الله أكبر ) عند سقوط أول صاروخ وراح يوزع الحلوى ويقيم الولائم أحتفاءا بإندلاع الحرب ، ومنهم من شعر بالمرارة والحزن لإندلاعها بكل ماتحمله من ويلات وقتل ودمار ، ومنهم من ظل متحيرا في مشاعره ، هل يفرح أم يحزن ... أم يفرح ويحزن في آن واحد ؟!

أين مساحة الموقف الوطني ، في الفرح أم في الحزن أم في الأثنين معا ....
رباه أية حيرة هذه !

الأختيار كان سهلا جدا أمام الساعين الى ( التغيير ) وإن جاء على أشلاء آلاف من الأبرياء والمزيد من خراب العراق ، كان أحد عراقي الخارج ، يقول ( نعم لإسقاط صدام ولو كان على جثث مليون عراقي ) قال ذلك ومضى الى شقته التي لايصلها دوي مدافع الحرب وزمجرة الدبابات ..

كما كان الأختيار أكثر سهولة على المتباكين على عراق صدام حسين ...

لكن الأختيار بالنسبة للكثير من العراقيين كان ومازال مهمة شاقة وعسيرة ، الأختيار بين التحرير والأحتلال ! ، ثم وجدنا أنفسنا فجأة نحدق في سحنة الجندي الأميركي ، الجندي المحرر المحتل ( ! )، نعم حررنا السيد بوش ليس من نظام صدام فحسب ، إنما من تاريخ طويل من المظلومية والتسلط ، الرئيس الأميركي بوش بحربه هذه لم يعد رسم خارطة المنطقة فقط ، بل أعاد كتابة تاريخ المنطقة من جديد ، لكن ... لايوجد عاقل على وجه هذه الأرض ، لا يعرف الأهداف الحقيقية لحرب السيد بوش ، أنها النفط وأمن أسرائيل والنفوذ وحرب الصليب والتعجيل بظهور المسيح ...

في زمن مضى جاءنا هولاكو وحررنا من العبودية في ظل نظام المستعصم بالله
العباسي !!! ومازال الشيعة يُتهمون حتى هذه اللحظة بالتعاون مع المحتل المغولي وفي المقدمة زعامات شيعية بارزة مثل الشيخ الطوسي ...

واليوم يأتي الرئيس بوش ويحررنا من نظام صدام .. يحررنا من عبودية قرون
طويلة ... ومازال الشيعة يُتهمون كذلك بالتعاون مع المحتل الأميركي وفي المقدمة زعامات شيعية بارزة أيضا مثل السيد السيستاني ...

مالذي يجعل عراقيون لانشك في وطنيتهم ، عراقيون فوق الشبهات يهللون لسقوط نظام المؤمن بالله ( لقب صدام ) كما هللوا لسقوط نظام المستعصم بالله ، حتى ...
وإن جاء هذا السقوط من خلال قوات أجنبية !!!

نعم كما كان تغيير نظام المستعصم بالله مستحيلا بدون تدخل أجنبي ، كان تغيير نظام المؤمن بالله مستحيلا أيضا دون تدخل أجنبي ...

الأزدواجية في الموقف لم تأتي من فراغ ، نعم تم أحتلالنا في نفس الوقت الذي تحررنا فيه ، كان المحرر محتلا ، وكان المحتل محررا ، يوم التاسع من نيسان يوم تحرير وأحتلال في آن واحد !!!

كاتب عراقي مقيم في ألمانيا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ