الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


..ويظل المذيع يكذب حتى يُكتب عند الناس -قرموطًا-

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2018 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


فجأة ومن دون مقدمات، خرج علينا الصحفي جابر القرموطي ليصرخ قائلًا: "معلش إحنا بنتبهدل"، شاكيًا في ذلك البطالة التي يُعانيها منذ شهور وأنه خلال هذه الفترة عاطلًا عن العمل في الفضائيات.
الثابت إنسانيًا أن البطالة شعور قاسي، قد يُضاهي الموت حرقًا خاصة مع عزيزي النفس، لكن في الوقت ذاته كانت كتابة "القرموطي" فرصة للتندر والسخرية لا التعاطف، وهذا ليس عجزًا في أسلوبه، لكن الكذب لا يستحق الشفقة.
ادعى "القرموطي" أنه عاطلًا عن العمل في الـ53 من عمره، وربما فاته أن يقول إن الرأس اشتعل شيبًا، ولا أحد يعرف كيف لرجل بقى على خروجه على المعاش بضع سنين يقول إنه عاطلًا، فهو نائب رئيس تحرير الأهرام، ويكتب مقالًا أسبوعيًا في مجلة الأهرام العربي التي ترعرع فيها، ولمن لا يعرف فإن مؤسسة الأهرام هي الأعلى في رواتب الصحفيين بين جميع المؤسسات الصحفية القومية، ومع درجته كنائب لرئيس التحرير فيمكن بسهولة ويُسر أن يعرف الجميع أنه من الفئة "أ" في الرواتب.
"ومن شر حاسدٍ إذا حسد"، راتب "القرموطي" لا يقل عن 10 آلاف جنيه، ولن نحسب له بدل التكنولوجيا الذي تقدمه نقابة الصحفيين لأعضائها، وبعيدًا عن حسابات الدخل، فإنه كيف لـ"جابر" أن يقول أنه عاطلًا وهو على ذمة أكبر جريدة في الشرق الأوسط ومن أكبر صحف العالم، لهذه الدرجة يحتقرها؟!
نسى أو ربما تناسى قدره ومكانته كـ"صحفي" في المقام الأول والأخير ولم يتحرج في أن يكتب عن نفسه كمتسول يطرق الأبواب ليتسول عملًا إضافيًا، عارضًا في ذلك خدماته كما البهلوان: "أنا الذي أدخلت الحمار وأحضرت الخراف، وخاطب المسئولين لعلاج مريض وحركت إسعاف لتنقذ حالة وفعلت كذا وكذا وأنا الذي واللذين ..، وربما كتب بين سطور المقال: "فرصة عمل لله يا محسنين" وحذفها القائمون على الجريدة حتى لا يتسخ ثوب المهنة أكثر.
"جابر" يُعدد علينا مآثره، وأنه رغم كل هذا لا يجد فرصة عمل، في حين أنه لم يتحرك حينما فصلت القنوات التي يعمل فيها شباب الصحفيين وألقت بهم في الشارع، كما أن رجال الأعمال أصدقاءه شردوا المئات منهم، فلم يبد اهتمامًا، وهل يعلم "القرموطي" أن هناك صحفيين يعملون بنظام المكافآت التي لا تتجاوز 500 جنيهًا؟، هل يعلم أن هناك صحفيين مرتباتهم لا تتجاوز 1200 جنيهًا؟، هل يعلم أن معظم شباب الصحفيين يحاولون العمل في "شفتين" صباحًا ومساءً من أجل قوت يومهم فقط؟ هل يعلم أن هناك حالات فصل بالجملة للصحفيين حدثت ولم يتحدث عنها برنامجه بسبب علاقاته برجال الأعمال؟.
المهنة تتقزم على لسان "جابر" ومن قبله "الغيطي" الذي خرج ليعدد مآثره في الكذب وأنه ساند السلطة في صدقها وكذبها وحقيقتها وزيفها، فلم يقل أي منهما أنهما نقلا للناس الحقيقة وواجهوا السلطة، بل كل منهما كان يفخر بالتأييد المطلق فقط.
حينما كانت الصحافة لا تعرف "القرموطي" أو "الغيطي"، دار حوار بين نقيب الصحفيين الأسبق ونقيب النقباء كامل الزهيري والرئيس الأسبق أنور السادات حول الصحافة، وتهكم السادات قائلًا: "شوف لنا صحفيين يمكن ينفعوا يكونوا وزراء"، فرد عليه النقيب قائلًا: "في وزراء لا يصلحون صحفيين من الأساس".
الغريب أن مهنة القلم الحر تقزمت لدرجة أن جابر القرموطي لم يستطع أن ينطق صراحة بمنّ الذي منعه، في حين أن الممثلة غادة عبدالرازق فعلتها وجهرت بها، وما زال "جابر" يُغازل لعل هناك من يمنّ عليه بفرصة عمل ولو في الإذاعة.
الرعب الذي أصاب "القرموطي" جعله يغازل بطريقة "خلوا بالكم في دفة تانية"، ليختتم مقاله بأن رئيس قناة تبث من الخارج اتصل به ليعمل في القناة، لكنه رفض لأنه يعشق البلد، هل العمل بالخارج دون أن تمس الوطن بسوء أصبح عيبًا؟.
بعيدًا عن المزايدة فإن "جابر" الذي يُذكرنا بأنه تخطى الـ53 من عمره، ظل طوال هذه السنوات في المهنة، لكنه لم يُدرك أو يعرف أن المهنية إذا حكمت قواعد العمل فإنها يُمكنها أن تجعل أي منظومة خلية نحل، دون أن تتداخل الاختصاصات.
"جابر" على طريقة جحا لم يتحرك لسانه إلا حينما أتته الفاحشة، بدليل أنه لم ينطق إلا بعد محاولات فشلت، وقال: أتحدث عن حالة عامة نلمسها جميعا، لكن نستحى أو نخاف من الكلام عنها"، أي أنه ظل خائفًا إلى أن أصابته النيران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل