الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليتورجيا الاحتجاج

مجدي مهني أمين

2018 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يتحدث الصديق سليمان شفيق عن ليتورجيا الاحتجاج التي قادها الأنبا مكاريوس في مواجهة الاعتداءات المتكررة على مواطنين أقباط، دون أي ذنب لهم سوى كونهم أقباطا، والليتورجيا هي العبادة والصلاة، فعندما تكون العبادة تعبيرعن احتجاج أو اعتراض، نكون أمام عمل يربط الواقع اليومي بالإيمان والمعتقد، وهو ما يعطي الإيمان زخمه ومعناه، فالإيمان هو ما يعطي لحياتنا معن، ونعيش به ومن خلاله واقعنا اليومي.

فالعلاقة بين الإيمان والواقع علاقة أصيلة ومستمرة، لو انقطع الإيمان عن الواقع، اصبح أيمانا معزولا تائها ومجردا من المعني، فالواقع هو مرآة الإيمان.

لو انفصل الإيمان عن قضايا الناس، عن العدل، عن المحبة، عن الأخوة، أصبح إيمانا بلا مضمون، وإيمانا بلا قلب، فالواقع هو ما يعطي الإيمان مضمونه كما يعطيه معناه.. الواقع هو المرآه، وهو المحور، وهو المضمون، وهو قضية الإيمان برمته، لا إيمان بدون واقع، حتى الرهبان والمتصوفون الذين يعيشون في البراري والإديرة، لا ينفصل إيمانهم عن الواقع، فهم أيضا مرتبطون بالواقع، بل أنهم يخلون أنفسهم كي تصفو قلوبهم ويقدمون لنا ما يرونه صالحا للواقع المنزه الشفاف، كي يقدموا لنا مثلا ونموذجا، وبصيصا من ضوء لطريقة أفضل نعيش بها الواقع، الواقع هو المعني، والهروب من الواقع هو هروب غير مبرر.

بل أن كل الأديان تؤمن أن حسابنا- يوم الحساب- يدور حول كيفية تعاملنا مع هذا الواقع، مع الناس، ومع الحياة، ومع ما نملك، وما يملكه غيرنا، كله حساب حول واقع.

لذا ليس غريبا أن يدعو الأنبا مكاريوس، كما يصوره الصديق سليمان شفيق، إلى "ليتورجيا الاحتجاج"، تجمُّع للصلاة تعبيرا عن ضيق وتبرم من الظلم والجور الذي يتم ممارسته في ظل الدولة المنحازة ضد الأقلية، الدولة التي لا تؤمن بحرمة الدم، أو تؤمن به بالقدر الذي يسمح بهروب الجاني، أو يسمح بتهريبه من العقاب المناسب، طالما أن الضحية تنتمي لتلك الأقلية.
الأمر يتطلب ليتورجية احتجاج، يتطلب تعبيرا عن احتجاج من خلال العبادة، احتجاج تتم فيه الشكوى بطريقة علنية منظمة للمولى عز وجل، طالما أن ولي الأمر متقاعس، "بيمشي على سطر ويسيب سطر"، أو "بيمشي على سطر ويسيب المجرم يمارس اجرامه"، ضد الأقلية، وضد الدولة، وضد الدين، فكل الأديان تؤمن بحرمة الدم، حرمة لا يدركها الحاكم، ولا تدركها المؤسسات الدينية، فكلها صامتة رغم ما يصيبها من ضرر، وإلا لاعترضت كلها كي تحمي المواطن، وكي تحمي صحيح الدين من تلك الممارسات الجائرة التي لا ترعي حرمة الدم.

- فكيف لا تعترض كافة الأديان، كافة المؤسسات الدينية، في "ليتورجيا احتجاج" لمواجهة مثل هذا الشطط، وهذا الاعتداء الذي يصيبها و يصيب المواطن على حدٍ سواء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 1.5 بالمئة من سكان العالم نازحون قسريا | الأخبار


.. الدعم العسكري لأوكرانيا: ورطة أوروبية بلا مخرج؟ | بتوقيت برل




.. المؤثرة الجزائرية لينا تكشف حقيقة علاقتها المثيرة مع صفحات ا


.. يورو 2024.. التوقعات للمتأهلين من المجموعات النارية في ألمان




.. رفح تحت النار.. ما جديد مساعي التهدئة في غزة؟ | #رادار