الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستتم إعادة الاستفتاء في بريطانيا؟ وما التداعيات؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بصراحة تمنيت أن يكون الحل في الجدل السياسي المضني الصعب الحالي بين الساسة البريطانيين في الحكم والمعارضة حول أزمة الاتفاق حول طريقة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي ينتهي بالفعل إلى رد (الأمر) للشعب البريطاني ليقول كلمته في استفتاء شعبي مباشر!... فلو حدث هذا فستكون تجربة مهمة في ميدان التجربة الديموقراطية وفي معملها العتيق والعميق والعريق أي المملكة المتحدة!.. ولكن من يدري؟ فقد يقتنع الساسة إذا انسد الأفق بهذا الحل أي استفتاء الشعب!.. فحجة مؤيدي الذهاب لإستفتاء جديد يقولون أن الشعب البريطاني في المرة السابقة التي اختار فيها الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لم يكن يدرك بشكل عميق ودقيق مخاطر هذا القرار ومردوده السلبي على العامة قبل الخاصة (!!) لذا يجب منح الناخبين البريطانيين فرصة أخرى لكي يفكرون ويقررون ويختار ونعن وعي تام بعد كل هذه المستجدات والمعلومات وما تضمنته من عواقب وعقوبات ستترتب على (بريكست)!.. فيرد عليهم رافضو اعادة الاستفتاء - ومنهم رئيسة الوزراء (ماي) - أن الشعب البريطاني قال كلمته وانتهى الأمر وأن اعادة الاستفتاء قد يكون التفافًا على خيار الشعب البريطاني وقد تكون له تداعيات خطيرة!.. ويُحذّر بعض المفكرين من هذا الأمر لأن كثرة اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي يخل بفكرة ((الديموقراطية البرلمانية الليبرالية)) التي تقوم على الجمع بين كفاءة وفاعلية (الخاصة) أي النخب السياسية وبين مراعاة مصالح وتطلعات إرادة (العامة) أي الشعب وخطوطه الحمراء!.. إذ أن اللجوء لإستفتاء حول الموضوع نفسه قد يفتح أمام القوى الوطنية والقومية المتشددة مستقبلًا اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي في ظل تصاعد الروح الشعبوية أو حتى العنصرية!.. وقد يمكنهم هذا اللجوء للاستفتاءات الشعبية من استحداث انقلاب خطير على القيم الليبرالية البريطانية العريقة والعميقة، وبالتالي جر البلد نحو الشعبوية وبالتالي الشمولية!... وفي الوقت ذاته يؤكد من قالوا: (نعم للخروج) أنهم قالوا (نعم) عن فهم ووعي وأنهم كانوا يدركون سلفًا أن ثمة ثمنًا مؤلمًا سيكون على البريطانيين دفعه جراء هذا القرار الخطير، وقال أحدهم حرفيًا كما تابعت في قناة ألمانيا الناطقة بالعربية: (نعم سندفع الثمن ولكن هذا الثمن لا يساوي شيئًا أمام ما سنكسبه من سيطرتنا على حدودنا واستعادة بلادنا!).... ولكن لِم الاستعجال؟ دعونا نراقب ونتابع ما يحدث ثم نستخلص العِبر والدروس من هذه التجربة وهذه الأزمة وكيف تتعامل معها الديموقراطية كطريقة سياسية عقلانية وواقعية وعملية لحل المشكلات الوطنية العامة في ظل تنافس النخب السياسية والفرقاء السياسيين على طرح الحلول التي يعتقدون أنها هي الحل الأفضل والأقوى والأجدر بحل المشكلة وتفكيك الأزمة!.
**************
سليم نصر الرقعي
(*) بصراحة الواقع الديموقراطي السياسي الغربي لم يعد بتلك الصورة الجميلة التي ظلت تداعب مخيلتنا وتعطشنا للحرية والتعددية السياسية!.. فمثلًا ما يجري الآن من صراع سياسي حاد بين الاطراف السياسية البريطانية حول اتفاق الخروج من الاتحاد الاوربي لا يتم على أساس وطني وقومي عام وتام بل هو صراع سياسي حزبي بالدرجة الأولى وليس صراعًا على تحقيق المصلحة الوطنية.. كما لو أنه فرصة لتصفيات الحسابات ومحاولة تسجيل نقاط رابحة ضد الخصم السياسي سواء بين الاحزاب أو بين القيادات داخل الحزب الواحد!!!، بل واحيانًا يشبه نوعًا من المكايدة السياسية التي غرضها النكاية ووضع العصا في العجلة والسلام رغبة في رؤية الخصم السياسي يفشل ويسقط!!.. وهي الحالة ذاتها التي تتخبط فيها النخب السياسية العربية بكل توجهاتها!.. فالأجندة السياسية الحزبية تعلو على المصلحة الوطنية العامة!... بريطانيا اليوم حالها حال الدول الغربية حيث النخب السياسية التقليدية تمر بحقبة من الافلاس الفكري والسياسي والاخلاقي والوطني مما يفتح الطريق أمام التيارات الوطنية والقومية الشعبوية المتشددة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انعدام الثابت
nasha ( 2018 / 12 / 18 - 23:37 )
الليبرالية كاي فكر بشري ليست فكر كمالي مثالي خالي من العيوب
من الخطأ تثبيت وتجميد الفكر كما هو الى الابد .
الفكر يخضع للزمان والمكان ويجب ان يتغير بتغير الزمان والمكان.
ما يحدث في بريطانيا وفي فرنسا هو هو ما يحدث في الشرق الاوسط مع فارق في عمق التغيير الجاري
بريطانيا وفرنسا تحتاجان الى تغيرات بسيطة وسهلة مقارنة بما يحتاجه العراق مثلا او ليبيا او غيرهما في الشرق.
الديمقراطيات مكنت الشعوب من الاستغناء عن الثورات والتغيرات الجذرية المدمرة التي تعصف بالشعوب التي كانت ترزح تحت الدكتاتوريات العسكرية المانعة للتغيير مثل شعوب الشرق الاوسط.
الديمقراطية من الشعب والى الشعب ولذلك لا خوف من تفكك المجتمع وتصدعه . الديمقراطية ضمانة للتغير بسلاسة دون الحاجة الى العنف.
المجتمع البريطاني تغير منذ الاستفتاء الاول بسبب تاخر الانفصال واصبح من الافضل اجراء استفتاء ثاني .
تحية

اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة شرق نابلس بالض


.. مقتل طفلين وا?صابة ا?شخاص بينهم رجال شرطة بانفجار قنبلة في ب




.. الجيش الإسرائيلي: رصدنا استعدادا من حزب الله لإطلاق صواريخ و


.. هيئة البث الإسرائيلية: حزب الله لم يتخل عن رده والهجوم سيكون




.. أكاديمي: إيران تستخدم تهديداتها لتعزيز مفاوضات حماس وهذه خيا