الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق .. و شيء عن الأستقرار

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2018 / 12 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الأستقرار في أي مجتمع ( بمفهومه السياسي و الأقتصادي و الأجتماعي العام ) قاعدة أمان تهيء فرص التفكير السليم و التخطيط الجيد و العمل النشط المنتج لتطوير الاوضاع نحو الأفضل ، ولا شك في ان من يبحث باخلاص عن الأستقرار و تعزيزه في بيئته بما يملك من قدرات ، يسعى بكل تأكيد الى تحقيق المزيد من الرفاه و التقدم لمجتمعه . فالاستقرار هو اساس البناء الراسخ و البيئة الخصبة لنمو المجتمعات نموا صحيا سليما من دون أي عوق يمنع عنها التقدم في شتى مجالات الحياة ، و أي نظام سياسي حاكم ( بأي طبيعة كانت ) من دون هذا الأستقرار يعد كيانا هشا و كسيحا فاشلا ، يستحيل عليه قيادة مسيرة التطوير و النماء كما يجب ..

لذا فمن أولويات مهام أي نظام حكم هو مهمة بناء هذا الأستقرار و تعزيزه بأستمرار و هذا لايمكن إلا بالمشاركة العادلة لكل القوى الوطنية الفاعلة و الناشطة في المجتمع ، تجتمع كقوة بناء موحدة تخطط بحرص لسبل بنائه و صيانته كمشروع وطنى لا خلاف عليه و بضمانات دستورية تضمن للجميع حقوقهم مقابل واجباتهم .. مشروع تتوحد فيه كل الجهود بعيدا عن الخلافات الجانبية و المنافسات السلبية و كل ما يتسبب في تعطيل بلوغ هذا الهدف الذي يصب ( كتحصيل حاصل ) لصالح المجموع من منطلق انه لا تقدم و لا تنمية و لا رفاه و لا تغيير و اصلاح لأحوال المجتمع ككل من دون بناء الأستقرار ..

و إنه لأمر طبيعي أن تقود القوى الأكثر اقتدارا و خبرة والأكثر شعبية و حضورا بين الجماهير عملية بناء الأستقرار و ترسيخه لمنفعة الجميع و اي قوة و حركة مضادة لهذا الأتجاه يعد عداء سافرا للمجتمع و الجهود المبذولة لتقدمه ، فبناء الأستقرار بكل ابعاده كمؤشر على نجاح القوى السياسية الناشطة فيه و تأكيد تمكنها من المضي قدما على دروب التطوير ؛ يمنح المجتمع المناعة و قدرات ذاتية فذة للدفاع عن مصالحها و مكاسبها .

و من دون الأستقرار السياسي يستحيل تحقيق الأستقرار الأقتصادي و الثقافي و الأجتماعي التي هي بمجموعها العناصر الداخلة في استراتيجيات نهوض و تقدم أي مجتمع من المجتمعات البشرية ..

و يجب أن يكون معلوما انه لايمكن لأي نظام سياسي حاكم أن يحقق الأستقرار في مجتمعه من دون الخضوع لقواعد و اسس دستورية تلزمه بأداء واجباته في اطار قانوني و وفق أحكام هذا الدستور ( المشرّعْ برضا الشعب ) أي من دون الأستجابة لمطاليب الجماهير و تأمين حاجاتهم و فق المتغيرات الداخلية و الخارجية ، و من دون امتلاك هذا النظام أو السلطة السياسية القوة الكفيلة بحماية المجتمع من أي خطر و تدخل خارجي يربك شؤونه و يهدد مصالحه ..

و لايمكن تحقيق الأستقرار في المجتمع بالقوة العسكرية و الأمنية ، فالأستقرار الحقيقي يأتي من تأمين حاجات الناس عبر خطط و برامج عمليةفي كافة المجالات السياسية والأقتصادية و الأجتماعية و الثقافية (و ليس شعاراتية دعائية لتجميل الصورة ) بالشكل الذي يحقق رضا المجتمع و بالتالي تحقيق حرص الجماهير على قبولها و حمايتها و تطويرها و معالجة عثراتها و اخفاقاتها في أجواء سلمية هادئة و بشكل يجعل من المواطن ان يكون هو العين الساهرة على الأمن و النظام السياسي و مكاسبه و منافعه منها . بمعنى آخر لايمكن ترسيخ جذور الأستقرار في المجتمع من دون بناء و مد جسور الثقة بين المواطن و النظام السياسي و بالشكل الذي يمنح المواطن القناعة الكاملة بأن النظام منه و اليه ..

و بمفهوم عام فالأستقرار الداخلي لأي مجتمع يعني تماسك و ترابط شرائح و فئات المجتمع فيما بينهم من جهة و فيما بينهم و بين السلطة و مؤسساتها من جهة اخرى ، ترابطا عضويا يمنح المجتمع و كيانه السياسي كوحدة متماسكة متراصة الصفوف ، قوة الصمود أمام التقلبات و المتغيرات المفاجئة ، و هذا يعني أيضا تمتع هذا المجتمع بوحدة وطنية ، هذه الوحدة اللازمة لاستمرار و نماء كل كيان و نظام سياسي و اجتماعي ..

ختاما ، لابد من هذا السؤال .. اين هي مقومات الاستقرار و النماء و الترابط و الأندماج في الواقع الحالي الذي يعيشه المجتمع العراقي وسط كل ما يعانيه هذا المجتمع من فوضى الصراعات الطائفية المذهبية و القومية العرقية و تحت وطأة فساد سرطاني انتشر بكل أشكاله الخبيثة في كافة مفاصل و مرافق مؤسسات الحكم و المجتمع ، ناهيك عن التدخلات الخارجية السافرة و المكشوفة في شؤون البلد ، و ألوان التمايز و التفريق الأثني القومي و الديني المذهبي الظالمة غير العادلة و انتشار البطالة و تراجع مؤسسات التربية و التعليم و تفشي و تعميم ثقافات الخرافات و الشعوذة و الدجل بألوانه البغيضة و تنمية روح العداء و الخلافات الحادة بين كافة الأطياف المسمات بالعراقية .. الخ كل هذ بل و الأقل منها بكثير ا لا تمنح اي نظام سياسي حاكم في البلد القدرة على البقاء و شرعية الأستمرار ، بل تتحول الشرعية لصالح ان يطالب كل ذي حق بحقه بالوسيلة التي يراها الأنسب ، و الى كل اشكال ردود الفعل الجماهيرية الرافضة للكيان و التكوين السياسي العراقي من أبسط حالات الرفض والاستنكار ، والى تفكك المجتمع العراقي و انفصال مكوناته العرقية و المذهبية بحثا عن خلاصها من ازماتها المعقدة و عن حياة أكثر أستقرارا و أمانا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة