الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقطقة الكعب العالي

حسام جاسم

2018 / 12 / 20
الادب والفن


تلهث الأنفاس ترتعد العيون المحدقة نحو لا شيء و تطقطق الأسنان رافعتا صفارها بابتسامة منكسرة
الشتاء لا يبدأ قبل أن تتصارع الشمس و تكسر الظلال و تقاوم الغيوم
لا شتاء يعرف في ذاك الحي و لا صيف يفهم في ذاك الرصيف
تتابع أقدامها صوت الأسنان تتناغم ركبتاها بالتنورة القصيرة مع أجراس القرط الذهبي على صدرها
الأقراط وضعت على (التي شيرت) الأبيض تقارب موضع الحلمه نحو  الثدي
تهتز الإقراط مع كل ممشى سريع و ريح بارده
لا تعرف متى بدأ الشتاء
لا أحد يعرف 
الكل  صيفا و شتاءا يلتحف بالسواد من اقدامهن لأعلى الرأس و الرحمه أطلقت عنانها نحو البعض منهن فكشفن الوجوه
الحرية المطلقه لديهن هي كشف الوجه من الجبهه نحو الحنك و للة الحمد يسجدن سجده شكر أن زوج إحداهن وافق لكشف الوجه أم يفرض عليها البرقع الأسود و الجلباب
لا تعرف إحداهن الشتاء من الصيف فالناس رأيها بملابس النساء  هو ذاته و المجتمع يصمت و يشجع صنع الملابس ذاتها السوداء و الملابس نفسها مغطاة فلا تحس ببرد كي تعرف الشتاء
و تلح على نفسها لكي تفهم الصيف لأن جسدها بدأ يتعرق و بحاجه للهواء النقي و عيونها تعبت تحتاج إلى ضوء نقي
الهواء و الضوء لن يكونا نقيين ابدا داخل الغطاء الأسود
لا تفهم معنى تلك الطقطقه أليس الحي بلا كعب عالي !!!!
من تلك التي تطقطق بجسدها و يتتمايل بالظلام
أبصرت النور وراء النقاب لكنها لم تكن ترى إلا ظلام دامس و الصوت ذاته يعاود ظهوره بقوة
حدثت نفسها أنها تتوهم فلا تلبس بنات هذا الحي الكعوب العاليه فهي دليل على سوء الأخلاق و الآداب العامه
لكن الصوت يفرض نفسه على مسامعها كأنه الكابوس الذي شارف الخروج من حالة العقل الباطن 
فادركت أن اذنها لا تكذب و أن صوت الكعب قادم و واقع لا محال
تمثل أمامها الجسد الممشوق يتراءا رويدا خلف سلال النفايات و عثرات الطريق
هل هو ذكر فاقد الرجولة و ارتدى تلك الملابس فلا يمكنها أن تتوقع أن يكون هذا الكائن أنثى فصفات الأنثى التي تربت عليها في ذاك الحي لا يمكن أن يكون غيرها صحيح
فامتلك الرجال السلطه جسديا و جنسيا على نساء هذا الحي و  ارغامهن على الرجوع إلى مله حق لا ينضب
ما هذة الصوت هل جاءت ساندي بيل أم سندريلا من التلفاز  لتمشي في هذا الحي !!!!
ظلت تكلم نفسها و تخمن في الشارع المظلم بلا إنارة ( رجال الحي لا يضعون إنارة في البيوت المطلة على الشوارع خوفا من الحسد و خوفا من رؤية ظلال أجساد نساءهم بانعكاس الإنارة على جسد إحداهن حتى الظل تم الحجر علية )
بدأت تتعثر بالحفر الموزعه بعشوائية في الشارع  كي تلاحق هذا الجسد الممشوق و صوت الطقطقه فلا يمكن أن يكون هذا إلا صوت الكعب العالي الذي لم تراه و تسمع صوته سوى في الأفلام الأجنبية و الكارتون .
طقطقه قديمه تداعب خيالها منذ الطفولة
طقطقه حلمت أن تفتعلها كما فعلت بطلات الكارتون و فنانات الجيل
طقطقه اختفت من مسامعها في هذا الحي فلم تسمعها من أي فتاة في هذا الحي
هل من المعقول أن يكون الجسد المسرع الذي تلاحقه جسد أنثى مثلها
اذ كانت  أنثى فلما شعرها يتطاير في الظلام !؟؟؟
لا يوجد شعر للنساء فالرجل وحده من يتطاير شعرة علنا في هذا الحي 
إذن هذه ليس أنثى
و أن كانت أنثى فلما تطقطق بالكعب ؟؟!!
صحوه الحديث مع النفس لا يمنعها أحد حتى أن كانت قنبلة نووية .
و بدأت ترفع نقابها بهدوء حذر و تتلفت في الظلام (فالوجه عورة في هذا الحي و له قدسية رجعيه لتسليع الجسد تحت مسمى العفه و الشرف ) قبل أن يراها أحدهم و يبلغ أهلها
فالجميع من رجال الحي لهم نفس السلطه في التدخل في جسد إحداهن حتى أن لم تراه في حياتها او حتى أن رآها مرة واحده فقط فله الحق في تقييم سمعتها و إبلاغ أهلها و تشوية أخلاقها  .
أرادت بكل قطرة ضمير حي في جسدها المغلف باكوام الملابس أن ترى من صاحب أو صاحبه الشعر و الطقطقه فلا يمكن أن تجتمع طقطقه أنثوية مع شعر رجولي في مخيلتها المحدوده
فالطقطقه للنساء و ظهور الشعر للرجال
إذن من هذا الكائن الذي جمع الاثنان في جسده ؟!!!
و بدأت تفكك النقاب و تمسكه بيدها و رأت النور في الظلام
أبصرت عيونها لأول مرة في الشارع لترى ما منعها الرجال من أن تراه
أنها لذة المعرفه لذه كسر المجهول و الدخول لاعماقه
فلا يوجد خوف الآن
و بدأت تركض في الحي المظلم لتلحق هذا الكائن قبل أن يختفي كما اختفت حذاء سندريلا في أفلام  الكارتون .
و لم ترى إلا الأفق 
إلا طريق يتلاشى نحو  لا شيء و لا شيء يقطعه او يتشبث به إلا ظلام دامس
و واصلت الركض بكل قوتها و لم ترى إلا الأفق
عادت هلاوسها تضغط عليها للركض  و ادركت أن لاشيء هناك
لاشيء سوى أحلامها سوى صوت الطفولة و نداء الأعماق للتخلص من الجلباب
وجدت نفسها في الحي أما الموت أو ظهور وجهها للشمس
ها قد بزغ الفجر و الهلاوس المحكومه بالخوف و الأحلام الطفولية تضغط معا  نحو الكسر
رمت ملابسها السوداء و ظلت تركض نحو لا شيء
و رمت النقاب و الحجاب و ضحكت عاليا و صرخت لايقاظ الحي من سباته المجنون المكبوت بجسدها
و بقى صوت الصراخ و نشوة الحرية في ضوء شمس الفجر الجديد يردد صداه على بيوت الظلام
خرجت جموع الناس من شرفات البيوت و أطلت لترى جسد حر يواجه الشمس بشعره
لم يصدق أحد هذا المنظر الذي كاد ينعدم في الحي
فاشفق الناس عليها و نزلت نساء الحي لتستر شعرها لانها فقدت عقلها
و كل  رجال الحي قالوا : لا حرج على فاقده العقل
فلا يوجد أنثى تخلع الحجاب و الجلباب إلا عند فقدان العقل
فايقن رجال الحي بفقدان عقلها فالعاقلات من النساء لا يخلعن شيئا إلا عند ارتداء الكفن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط