الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد ورام الله والقاهرة.. تعددت الأسباب والسقوط واحد

هويدا طه

2006 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


أسبوعٌ ازدحم فيه الإعلام باحتفاليات وأنباء (السقوط) العربي، حتى أنك لا تستطيع- مهما حاولت- أن تخرج من أسر ذلك الشعور بما يمكن وصفه أنه (استمرارية التداعي).. كلما تابعت أخبار وبرامج شتى الوسائل الإعلامية، فإلى جانب ذلك الاحتفاء الإعلامي العجيب بذكرى سقوط بغداد- خاصة في القنوات الإخبارية- راحت تتوالى عروض أخرى للسقوط.. تتغلغل عبر التليفزيون في عقل المشاهد العربي البائس.. سواء من خلال نشرات أخبار متتابعة تنقل كل دقيقة خبرا عن سقوط- أو قرب سقوط عربي جديد- في مجال أو آخر.. أو من خلال برامج وثائقية أو حوارية لا تجد نصرا تحكي عنه ولا تلمس نجاحا تعرضه ولا ترى ملامح مستقبل تستشرفه فتلجأ إلى مادة عربية الهوية.. متاحة دوما وبغزارة.. "السقوط"، صديقة عراقية قالت غاضبة بعد أن أثقل عليها تكرار كلمة (سقوط بغداد) في تغطية خاصة قدمتها قناة الجزيرة طوال نهار الأحد لذكرى ذلك السقوط:"إيش فيكم.. سقوط بغداد سقوط بغداد.. حرام عليكم بغداد ما سقطت.. النظام سقط ربما.. لكن بغداد ما سقطت"، ألا تلفت ملاحظة تلك الشابة العراقية الانتباه إلى أن العرب.. خير أمة تحتفي بالسقوط؟!
نشرات الأخبار بدورها لم تنقل في الأيام الماضية خبرا موجعا كما حملت إلينا خبر قرب سقوط لقمة الخبز من يد الفلسطيني المحاصر.. تحت ضغط ديمقراطية غربية بلا أخلاق.. وأنانية عربية بلا كرامة.. وأوهام حكومة تعيش واقعا افتراضيا.. يُعجن فيه خبز الأحياء بدماء الشهداء على أبواب جناتٍ من أعنابٍ وزيتون، فالأخبار المتتالية عن قرار أوروبي وأمريكي بوقف المساعدات للشعب الفلسطيني.. لا لشيء إلا عقابا لذلك الشعب على اختياره الديمقراطي لحكومة من حماس..(ورغم أن البعض لا يتمنى أبدا أن تحكم في مكان عربي- أيا كان- حكومة تطرح نفسها من منظور ديني باعتبارها وكيلة الله على الأرض والعباد.. ورغم أن التنافر مع طرحهم الذي يخلط حياتنا اليومية بحياة هلامية بعد الموت هو تنافر غير قابل للحل).. فإن موقف تلك الحكومات الأوروبية (الديمقراطية) غير الأخلاقي تجاه تلك الحكومة لتركيعها وتجاه الشعب الفلسطيني لتجويعه عمدا.. هو موقف يثير في النفس شيئا أشبه (بالقرف) من هذه الديمقراطية الغربية التي تتسم بالنذالة.. لكنك تدهش وعلى مدى ذلك الأسبوع الماضي لطريقة الإعلام العربي في معالجة هذا السقوط القريب للقمة الخبز- النادرة أصلا- في يد الفلسطيني المحاصر، إذ يتم تناول الأمر من حيث كونه (خبرا) ليس إلا.. كخبر انقلاب قطار في بلد ما.. ربما ينتظرها الإعلام العربي حتى تسقط فعلا قبل أن يوليها اهتمامه، فأمام فوقية هؤلاء الديمقراطيين الغربيين في تعاملهم مع الفلسطيني أو العربي وكأنهم يقولون لنا.. "الديمقراطية أن تطيعونا لا أن تختاروا ما يحلو لكم"! لم تتبنى قناة تليفزيونية واحدة (حملة) لمواجهة هذا الحصار المشين اللا أخلاقي، نحن إذن خير أمة تنتظر حتى تسقط.. ثم تحتفي بالسقوط نفسه!
على قناة الصفوة وفي برنامج على الهواء كان هناك لقاء مع اثنين من الملتحين المصريين من هؤلاء الذين يعّطشون الجيم على غير عادة المصريين ولهجتهم.. ويتحدثون نيابة عن الله باعتبارهم الوكيل الشرعي الوحيد.. ويدخلون في معارك إعلامية تكفيرية تمنحك شعورا بأنك ومجتمعك مشرف لا محالة على السقوط إلى هاوية سحيقة.. فأحدهما تحدث عن (القتل) باعتباره يكون جائزا في سياق معين! بالطبع هو من يحدد هذا السياق لا غيره! فقد راح يمن على الناس بأنه لا يكفرهم عمّال على بّطال! شكرا على هذا الكرم! ما السقوط إذن إن لم يكن إرساء مبدأ (القتل على الفكرة) كما (القتل على الهوية).. بل هذا هو السقوط ذاته الذي نعيشه منذ زمن طويل.. ويوشك الآن أن يصل بنا إلى القاع، في مصر يتهيأ قانون الطوارئ للسقوط ، لكن بعد أن ضمن أن قانونا آخر مستنسخا منه اسمه قانون مكافحة الإرهاب سيرثه شرعيا، على قناة اليوم وفي برنامج القاهرة اليوم تعجبت صحفية من قول أحدهم إن مصر تواجه (مشكلة) أن جيلا بكامله من الضباط تربوا وهم لا يعرفون إلا التعامل بقانون الطوارئ وسوف يصعب عليهم التعامل بغيره! هذه هي (المشكلة) إذن! أليس سقوطا أن (يخشى) الناس الحرية؟!
ربما لا تجوز القسوة على وسائل الإعلام فهي على كل حال (لا تبتكر السقوط) وإنما فقط تعريه.. على قناة العربية كان هناك لقاء تليفزيوني مع حاكم (جاهل بالفطرة) أطلق تصريحات غير مسئولة.. ليدفع ببلده المنهك إلى السقوط في دوامة أزمة دبلوماسية مع شعب.. يتهيأ بدوره هو الآخر للسقوط في شرك الحرب الأهلية! فمن الغبن حقا لشيعة العراق أن يتهموا اتهاما صريحا في لقاء تليفزيوني مع رئيس- شاء القدر أن يكون حجمه أقل كثيرا من حجم البلد الذي يحكمه- بأن ولاءهم ليس لبلدهم وإنما لطائفتهم، بلدهم هذا هو العراق.. العراق الذي يملأ أرجاء التاريخ بإنجاز حضاري لم يكن ليتم إلا لأن أبناءه يقطرون ولاء لأرضهم.. لكن هؤلاء الأبناء هم أيضا ورغم غضبهم المستحق من هذه التصريحات.. يندفعون اندفاعا أخرق نحو السقوط في شرك الاحتراب الداخلي الذي أعده لهم أعداؤهم.. لتجد نفسك حائرا أمام تلك الدائرة المريعة من أشكال وأنماط السقوط العربي.. من بغداد إلى رام الله إلى القاهرة.. تتعدد الأسباب لكن السقوط واحدُ! تحار كيف يمكن الإفلات منه؟ إذ أن لكل داءٍ دواءٌ يستطبُّ له.. إلا الحماقة.. أعيت من يداويها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله