الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي القيمة السياسية لإشراك حزب العدالة والتنمية في الحكومة؟

مصطفى عنترة

2006 / 4 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ما هي الخاصية الدينية التي يتميز بها نظام الحكم بالمغرب؟ وما هو الجديد الذي ستضيفه مشاركة حزب العادلة والتنمية في الحكومة القادمة؟ وهل انهوا أصدقاء سعد الدين العثماني عملية التأهيل الذاتي للانخراط في المرحلة المقبلة؟ هذه بعض من كثير من الأسئلة التي سنحاول ملامستها في الورقة التالية:

كثف حزب العدالة والتنمية من تحركاته داخل وخارج المغرب، حيث شارك أمينه العام سعد الدين العثماني في بعض اللقاءات بدول المشرق العربي، كما قام باتصالات مع بعض الفعاليات المدنية بأوربا، وفي نفس السياق يستعد للقيام بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي لازالت تشكل موضوع نقاش حزبي داخلي بين المؤيدين لها والمعارضين. أكثر من ذلك أن بعض وسائل الإعلام الدولية المهتمة والمراقبة للتحول السياسي ببلادنا أفردت أهمية سياسية وإعلامية لهذا الحزب لدرجة أن البعض منها منحه قيادة الحكومة ضمن "التناوب" المرتقب والبعض الآخر قلده تسيير بعض القطاعات الحساسة..
والحقيقة أن الاهتمام الدولي المتزايد بحزب العدالة والتنمية يرجع إلى عدة أسباب محلية وإقليمية ودولية بالدرجة الأولى:
أولها أن المغرب يعيش تحولات سياسية كبرى مست عدة مجالات، أدهشت سرعتها المنتظم الدولي، مما جعل المراقبين الدوليين يولون أهمية خاصة لبلادنا،
ثانيها أن الانتخابات القادمة ستمنح لا محالة إمكانية لحزب العدالة والتنمية لتحسين موقعه داخل الخارطـة السياسية ومن غير المستبعد جدا ألا يشارك أصدقاء العثماني هذه الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات التشريعية لعام 2007، خاصة وأنه تم إشراكهم في المجالس المحلية ومجالس المدن، إذ أن المحطة المقبلة في مسلسل إدماج الإسلاميين المعتدلين ستكون هي المشاركة في الحكومة،
ثالثهما أن حزب العدالة والتنمية استفاد جيدا من الأخطاء القاتلة للأحزاب التقليدية من جهة وعدم قدرة أحزاب اليسار الخارجة عن دائرة "الكتلة الديمقراطية" على فك القيود التي لا زالت تكبله وتحول دونه تحوله إلى قوة جماهيرية،
رابعها أن حكم الملك محمد السادس في حاجة ماسة إلى إطارات سياسية تتوفر على امتـدادات شعبية ولها حضور جماهيري واسع من أجل توظيفها في العمل الحكومي لتمرير الإصلاحات الموجعة المنتظرة، كما فعل بالأمس القريب حين نادى الراحل الحسن الثاني على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لقيادة حكومة "التناوب التوافقي"،
خامسها أن الظرفية السياسية داخل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط تعرف مشاركة التيارات الإسلامية المعتدلة في السلطة، وذلك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن غير المستبعد ألا ينخرط المغرب في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في تعامله مع "الجماعات الإسلامية" المعتدلة خاصة وأنه ( أي المغرب) اجتهد في السنوات الأخيرة في إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية وثقافية.. جعلت إدارة "البيت الأبيض" تنوه به وتجعله نموذجا للعديد من البلدان في منطقة "الشرق الأوسط الكبير" خصوصا في مجالات كالمرأة، المصالحة مع الماضي، الحقوق الثقافية واللغوية، الحرية الدينية..إلخ.
لكن نعتقد أن "المركتينغ السياسي" الذي يقوم به حزب العدالة والتنمية لصالحه أو يستفيد منه من طرف بعض وسائل الإعلام الدولية يعود بالأساس إلى طبيعة الظرفية السياسية التي تشهده تغلغل التيارات الإسلامية الجهادية بقيادة تنظيم القاعدة (بزعامة أسامة بن لادن)، فهذا الوضع دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى توطيد علاقاتها مع الجماعات الإسلامية المعتدلة ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة لمحاصرة وضرب "الإسلام الجهادي".. كما هو الحال في الماضي حين تحالفت مع الجماعات الإسلامية لضرب الحركات السياسية الموالية للاتحاد السوفياتي، كما أن حزب العدالة والتنمية استفاد جيدا من استمرار جماعة العدل والإحسان خارج الحقل السياسي الرسمي. فموقعه السياسي قد يتحسن أكثر كلما ظلت جماعة عبد السلام ياسين، التي تمثل قوة جماهيرية حقيقية، خارج الحقل المذكور. استفاد أيضا حزب العدالة والتنمية من ضعف اليسار الذي عجزه عن تذويب خلافاته الهامشية( الشخصية والتاريخية) وتشكيل قطب يساري موحد قادر على التأثير في دوائر صنع القرار السياسي.
فالنظام السياسي بالمغرب يتميز بخاصية أساسية تجعله مختلف كل الاختلاف عن باقي الأنظمة حول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مما يجعل صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة لا يشكل أي خطر عليه، لماذا؟
ـ أولا أن الملك الدستوري هو الفاعل المركزي داخل النسق السياسي، فهو يتمتع بسلطات دستورية ومؤسساتية واسعة، إذ نجده يرسم الاختيارات الكبرى للبلاد، يعين الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، كما أن وظيفة الحكومة ـ في نظر الملك الدستوري ـ تتمثل في تطبيق التوجيهات الملكية وكل خلاف داخلها يكون حول طرق ووسائل تنفيذ "برنامج الملكي"،
ـ ثانيا أن الملك بوصفه أميرا للمؤمنين، يحتكر السلطة الدينية، ويمنع باقي الفرقاء السياسيين من التدخل في الشؤون الدينية التي يخصص لها قنوات رسمية لإدارة شؤونها،
ـ ثالثا أن الواقع الاقتصادي مسيـج بإكراهات اقتصادية واجتماعية تتحكم فيها عوامل خارجية بالدرجة الأولى،
ـ رابعا أن الواقع السياسي محكوم بـ "علمانية جزئية" سواء بالنسبة للدولة أو المجتمع الذي يطمح إلى توسيع مجال حرياته،
ـ خامسا أن سياسة الملك محمد السادس في إدارته للشأن العام ببلادنا أفرغت الحكومة من سلطاتها، ذلك أن الملفات الكبرى تتم إدارتها خارج الجهاز التنفيذي، حيث نجده يعتمد على فريق عمله داخل الديوان الملكي، الولاة، اللجن والمجالس ذات الطبيعة الاستشارية (المرأة، المصالحة، الأمازيغية، الوحدة الترابية، الاستثمارات...)، ذلك أن الحكومة أصبحت بمثابة ديكور تقتصر وظيفتها في الغالب على الحضور البروتوكولي !!
ومن هذا المنطلق لا نعتقد أن مشاركة حزب العدالة والتنمية في طبعته الجديدة بعد مؤتمر الأخير ـ بالرغم من الكفاءة التي يتمتع بها بعض أطره ـ يمكنها أن تحدث اختلالات سياسية تؤثر على سير النسق السياسي المحصن، بقدر ما يمكنها أن تساعد "المغرب الرسمي" على تلميع صورته في المحافل الدولية والتأكيد على نهجه الموالي للإستراتيجية الجديدة للأمريكان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-