الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشريف....!

عبد الغني سهاد

2018 / 12 / 23
الادب والفن


الشريف..
ادركت منذ الصغر انه من صفات بعض الشرفاء..التهور..والبللاهة.وتعمق هذا الادراك مع التجربة ومرور الوقت ..واني لا اعمم هذا الادراك على جميعهم الشرفاء..ومنهم العقلاء الاحرار..نسمي الشريق ذلك الشخص الذي تنتهي شجرة نسبه بالرسول عليه السلام..وفي حينا القديم كانت توجد به صابة ..اي ردهة مظلمة منغلقة تضم اربع او خمس منازل صغيرة ..دويريات..كانت الصابة مظلمة ليلا ونهارا ..ويسكنها الدراويش والفقراء...ومنهم الشريف وامه العجوز..لم يكن لهما موردا للعيش سوى السعاية في الاسواق والطرقات..ام الشريق لم تكن تظهر كثيرا في الحي..كونها كثيرة الترحال والتجوال لاجل الحصول على لقمة العيش..تحمل على ظهرها كيسا ابيضا..تعود به ليلا مملوء بما كسبت في الطريق..كانت تعيش على الطريق..ولم يعد الشريف يرافقها في رحلاتها اليومية وراء كسرة الخبز..وكانت تلح عليه وتنصحه بان يصيررجلا ويبحث لنفسه غن عمل ما..يوما ما ستنتقل الى العالم الاخر ..ولن يجد من يلتيه بالخبز...والشريف غير مهتم بما سيحدث غدا ..او بعد الغد..!!يرتب شعره الاشهب المجعد ويرتدي جلبابه من الكتان الصلصالي ..وينتصب على باب الصابة السوداء..يظل منتصبا طيلة اليوم...في كل يوم جمعة تمنحه ما يسمح له بالدخول الى حمام الحي ..وحينها تحدث الجلبة والاظطراب في قاعات الحمام ..خصوصا الداخلية ..يجمع الشريف حولة اعدادا لا تحصى من القباب ..المملوء بالماء الساخن..ويجلس لا يفعل شيئا..اي لا يستحم ..ولكنه يحملق في المستحمين..ويتامل ردود افعالهم المستنكرة..كلما سئلت الجلاس عن القباب ..كان يرد علي .لا تاتي يا ولدي لتستحم يوم الجمعة ..!..ففيه يستحم الشريف..ويمنع عن الناس استخدام القباب ..!!..وكان من الافضل ان لا يحدثه احدهم بما يسببه للناس من احتكاره للقباب ..!!..جميع سكان الحي يدركون ان الشريف رجل ظريف لكنه متهور..!!
في الايام التي تنتعش فيها الحركة والنشاط التجاري في الحي في فصلي الربيع والصيف..يتنافس الجيران في ممارسة بعض التجارات الصغيرة ..كبيع البربوش..بطعم الشنتكورة..او بيع الرمان او جمع نوات المشمش وبيعها بالكيلو لمن يتوسط في بيعها لمصانع اللصاق..او بيع الثين الهندي ..الكرموس..الخ ..وحينها يهتدي الشريف الى حرفته التي لا يطيق عمل غيرها ..يستيقظ في الصباح الباكر رفقة والدته التي بدأت تنهزم امام كرور الايام..ياخد بيدها ليتجول ساعيا في سوق الخضر المركزي ..القريب من الحي ..وغالبا ما يعود الشريف بكيس ضخم من الخضر والفواكه..يفتحه امام الصابة ..ويرتبه بحسب نوع الغلة ..!..ويبدو للناس انه جادا في عمله..وتطول مدة انتظار الزبون..ولا ياتي الزبناء ..ولا يسال احد عن سلعة الشريف..وعندها تكون ردة فعله محبطة ..ينزع حلبابه الرصاصي ..ويتعرى تماما ..امام الصابة ..ويستمر مسمرا في وقوفه..وتتوقف حركة السير في الزقاق امام الصابة المظلمة...تقول احدى النساء...وهي تجري وتدفن راسها في الارض..،(،،سير الله يمسخك اولدي .. الشريف ..)..الناس تنبهر وتستنكر..وتختلف في ردات فعلها اما وقوف الشريف على الطريق عاريا ..امام بضاعته..وكانت عورته غير مستورة ..حيث يطهر ديكه متدليا ..ومؤخرته المتسخة معروضة على الجميع..
تمر الايام على عادتها ونكبر ..وتلكنا طاحونة الحياة ..وكلما عدت مع الحنين الى العودة لتلك الصابة الظلماء..وجد ت مكانها صيدلية الفتح...مرت الحيوات من هنا وماتت ام الشريف ..ورحل ذلك الشريف الى المجهول ..وتغيرت الحيطان والاحجار ووجوه الناس ولم يعد احد منهم يتذكر الشريف ..المتهور الممسوخ..وكنت كلما نظرت الى تمثال داوود..رمز النهظة في ايطاليا ..تذكرت الشريف رمز التهور على الاقل في حومتي ...!

عبد الغني سهاد
2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من


.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان




.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو


.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل




.. أحمد السقا يروى كواليس تعرضه للخطر في أفلامه ونجاته من الموت