الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس مجموعات قصصية المجلّد الأول، مدخل للقصص

صبري يوسف

2018 / 12 / 23
الادب والفن


صبري يوسف

المجلّد الأوَّل

خمس مجموعات قصصيّة
احتراق حافات الرّوح
ترتيلة الرَّحيل
العلّوكة والطَّبّكات
مفاجآت مدهشة للغاية
هدهدات عشقيّة
خمسون قصّة قصيرة


مدخل للقصص

بقلم: صبري يوسف
كيفَ أكتبُ قصصي؟!
كل قصصي أكتبها عن تجربة، عن معاناة، عن مماحكة، عن فرح، عن حب، عن شغف، عن شوق كبير لترسيخ فكرة تنويريّة، إنسانيّة، حنينيّة، فكاهيّة برغبة عميقة لا تقاوم! ..
تولدُ الفكرة في ذهني وتظلُّ تختمرُ في ذهني أحياناً وقتاً قصيراً وأحياناً شهوراً وسنيناً وعقوداً، وعندما أكتبُها أكونُ جاهزاً لكتابتها بتدفّقٍ عجيب، وكأنَّ هناكَ من يُمليها عليّ فأكتبُها، كأنَّ الحدث، الفكرة، الحكاية، الوميض، قد حدثَ معي منذ دقائق، ولا يمكن تأجيل الكتابة، لأنّي أكونُ في وضعِ المخاضِ لولادةِ القصّة ــ النّص.
أكتبُ قصصي من وحي أحداث ووقائع ومواقف وحالات وحكايات وأفكار، ولحظة ولادة النَّص أتركُ خيالي يأخذُ مداهُ في صياغةِ خيوطِ القصّة وتشابكاتِ الأحداثِ، فيتداخلُ الحدثُ مع وهجِ الخيالِ وأصيغُ قصّتي بتدفّقٍ لا يمكنُ إيقافه، وبعدَ أنْ أنسجَ خيوطَ القصّة، أعودُ وأقرؤها قراءة أولى، ثمَّ أقومُ بالاشتغالِ عليها في البناءِ الفنّي واللُّغوي والسَّردي، أحياناً تخضعُ القصّة إلى العديد من المراجعات والصِّياغات، ولا تكتملُ معي ولا أوقّعُ عليها، لأنّني أثناءَ قراءَتِها أشعرُ أنّها غير مكتملة ولم تولدْ بصيغتها النّهائيّة رغم مراجعتها وصياغاتها مرَّاتٍ ومرَّات، أرى ما ينقصها فأتركها في آرشيفي للزمن ولصياغتها في وقتٍ آخر، والمهم هو أنَّ الخيوطَ العريضة من القصّة تمَّ كتابتها وأصبحَتْ في أمان، وهكذا أجدُ نفسي أحياناً عاجزاً عن اتمامِ ما أراهُ ناقصاً في القصّة معّ أنّني لا أرى مكامنَ النّقصِ، لكنّي عندما أقرأ النّص أجدُهُ غير مكتمل لأنّي صارم مع نصوصي وقصصي ولا أوقّع عليها بسهولة، فمثلاً هناك قصّة "خوصة وخلّوصة"، وقصّة "الشّروال"، استغرقتا قرابة عشرين سنة إلى أن وجدْتُ الوقتَ الملائم لصياغتهما صياغة نهائيّة، فتولدُ القصص بطريقةٍ لا يمكنُ التَّحكُّم بها بكلِّ تفاصيلِها من المرّةِ الأولى، حتّى أنا نفسي غير قادر على التَّحكّمِ بكيفيةِ ولادتِها سواء أثناء كتابتها أو خلال تدقيقها، وهناك بعضُ القصصِ تولدُ بطريقةٍ انسابيّةٍ دفعةً واحدة كما في قصّة "احتراق حافات الرّوح، حالات انفلاقيّة قُبيلَ الاِمتحان، ترتيلةُ الرّحيل، فراخُ العصافير، وإيقاعات الفلامنكو" وغيرها من القصص، فقد ولدَتْ هذه القصص شبه جاهزة ودفعةً واحدة، لكنِّي اِشتغلْتُ على الصِّياغة النّهائيّة وبعض اللّمسات الخفيفة في البناءِ الفنّي، وأشعر أحياناً أنَّ بعضَ القصصِ غير قادر على استكمالِ خيوطها، فالحدثُ يظلُّ ثابتاً في نقطةٍ ما ولا يتحرّكُ. في هذهِ الحالة أتركُ القصّةَ في آرشيفي بينَ القصصِ الَّتي لم تكتملْ وأتركُها للزمنِ، .. وأحياناً أكونُ خارجَ المنزل وإذ بي في حالةٍ انجذابيّة لاتمامِ قصّةٍ ما ظلَّتْ معلّقة في الذّهنِ، فأكتبُ الأفكارَ الجديدة حتّى لو كنتُ في القطارِ أو في حفلةٍ أو في أيِّ مكانٍ آخر، ثمَّ أعودُ وأعالجُها بصيغةٍ نهائيّة.
الكتابةُ حالةٌ بديعة جدّاً، وتتطلَّبُ قراءة عميقة وثقافة شاملة فيما يخصُّ الجنس الأدبي الَّذي يكتبُهُ الكاتبُ، فمثلاً عندما يطرحُ القاصُّ نفسَهُ قاصَّاً عليهِ أنْ يكونَ قارئاً نهماً وعميقاً ودقيقاً ويعرفُ كيفَ يختارُ القصصَ الَّتي يقرَؤها، فقد قرأتُ الكثيرَ من التَّجاربِ القصصيّة الشَّرقيّة العربيّة، والكثير من القصصِ الغربيّة العالميّة، وعلى القاص أن يشكّلَ لنفسِهِ لغةً رشيقةً ويكونَ لديهِ مخزون كبير في اللُّغةِ وفي فنونِ كتابةِ القصّة، وأنْ يكونَ لديهِ خيالاً جامحاً وقدرةً رهيفة على ترجمةِ وصياغةِ ما يتراءى لهُ في الخيالِ ويكونَ قادراً على دمجِ وتسخيرِ الأحداثِ والحكاياتِ والأفكارِ القصصية لتدفُّقاتِ خيالِهِ، وإلّا ستفتقرُ إلى الوهجِ الإبداعي، وقد اشتغلْتُ في مجالِ البناء الفنِّي للغة، واطّلعْتُ على تجاربِ مئاتِ الكتّابِ، ولم أتأثَّرْ أثناءَ كتابةِ قصصي بأيِّ كاتبٍ شرقي أو غربي، نصِّي القصصي والإبداعي ينبعُ منّي ويصبُّ بي، لكنّي بلا شك استفدْتُ من تجاربِ الآخرين وعرفْتُ كيفَ أمزّقُ عباءاتِهم، لأنَّ عباءَتي واسعة وفسيحة الرَّفرفات، تتّسعُ لآلافِ الأفكارِ والصِّياغاتِ، وهكذا أوجدْتُ لغةً وأسلوباً وبناءً فنِّيَّاً يخصُّني، سواءَ في الشِّعرِ أو القصّةِ أو الرِّوايةِ أو عبرَ الحوار مع الذّاتِ أو معَ مبدعين! لغتي واضحة، سهلة، سلسة، متدفّقة، حميميّة، شاعريّة، رومانسيّة، رهيفة، دقيقة في بنائِها، ومتجدّدة في ابتكارِ صورِها كي يتآلفَ معها المتلقّي.
أكتبُ عن متعةٍ والكتابةُ عندي حاجةٌ حياتيّة، ولا أفكِّر بالقارئِ والقارئة والرَّقيبِ نهائيَّاً أثناءَ الكتابة، أكتبُ حبّاً وشغفاً وعشقاً بالكتابةِ، لأنّها متعتي الأقوى في الحياةِ ولا يوجدُ متعةً أخرى، تستطيعُ أن تنافسَ الكتابةَ. تولدُ نصوصي وقصصي بحرّيّةٍ كبيرةٍ ومتدفِّقةٍ من دونِ أيَّةِ عوائق إبداعيّة لحظة ولادةِ النّصِّ، وقد تدرّبْتُ على هذا الأمرِ على مدى عقودٍ من الزَّمنِ، لأنّ المبدعَ عليهِ أن يكونَ جريئاً ويكتبُ مشاعرَهُ كما يحسُّها ويترجمُ أفكارَهُ ووجهاتِ نظرِهِ كما يرى هو وليس كما يرى الآخر، وقد وجدْتُ في تجربتي بعدَ قراءتها قراءة تحليليّة نقديّة أنَّ هناكَ الكثير من قصصي هي أفكارٌ بسيطة فكاهيّة طريفة، وهدفي من كتابتها هو أنّني أحببْتُ الفكرةَ وكتبتُها كما في قصّةِ "الكرافيتة والقنّب"، حيثُ اقتنصَ والدي عن حقٍّ وحقيقة إحدى كريفاتاتي وجدلَها معَ قنّباتِهِ وحوَّلها حبلاً لغنمتِهِ، وإذ بي أمسكُهُ بالجرمِ المشهود، وإذ بي أيضاً أحوِّلُ هذه القصّة إلى قصّة فكاهيّة طريفة في غايةِ العذوبةِ، حتّى أنّني عندما أقرأ هذه القصّة أندهشُ كيفَ استطعْتُ أن ألتقطَ الفكرة وأحوِّلُها إلى قصّة، لأنَّ الحدثَ كواقعٍ حصل لكن هناك تدفّقات في حيثيات القصّة تدفّقتْ من توهُّجاتِ بوح الخيال! وهناك قصص أخرى أفكارها بسيطة وعادية ولكن طريقة تناولي للقصة وسردها وبنائها وحبكتها، فيها حرفيّة وبراعة في كيفية كتابتها، وعندما درسْتُ شخصيّتي الأدبيّة وهذه الطّاقة في غزارة إنتاجي وكتاباتي، وجدْتُ أنّني كإنسان في الحياة قاص وحكواتي وأعيشُ الحياةَ كقاص، فأيّة فكرة بسيطة عابرة في جلسات المسامرة سرعان ما أحوّلها إلى قصّة فكاهيّة أثناء الدّردشات، ولدي شغف كبير في تحويلِ بعض المواقف إلى حكايات فكاهيّة مسلِّية خلال لقائي مع الأصدقاء والأهل، وعندما أسردُ الحكاية يقهقهونَ عالياً، إلى درجةٍ أنّني أنخرطُ معهم في الضّحكِ ولا أستطيعُ استكمالَ الحكاية والّتي غالباً ما تكونُ فكرة بسيطة لكنِّي أعطيها طاقة حكائيّة فكاهيّة مستساغة، وقد ورثْتُ بالحقيقة هذه الرُّوح الجامحة نحوِ الفكاهة والطّرافة والعفويّة من والدي الرّاحل، واستمدَّيْتُ قدرتي وشغفي في السّردِ من عمّي الرّاحل، حيثُ كان يمتازُ والدي بفكاهاته وعفويّته، وعمِّي بقدراتِهِ الرَّائعة في سردِ القصصِ الملحميّة الطَّويلة، فتنامَتْ عندي طاقة المخيّلة منذُ الطُّفولة، ولدي عادة لا يمكن أن تتزعزعَ أبداً وهي أنّني كلّما أسيرُ مشواراً في غابةٍ أو أسافرُ في قطارٍ أو طائرة أو باخرة أو أيّة وسيلة نقل أخرى، سرعانَ ما يجنح بي الخيال وأسردُ عبر مخيالي قصصاً وفصولاً من روايات وأحياناً أكتبُ روايةً كاملة عبر خيالي وأنا في رحلة، وكم يؤلمني أنّهُ لا يوجدُ جهاز معيّن ممكن أن ينقلَ ما كنتُ أتخيّلُهُ وأسردُهُ في خيالي إلى الورقِ وأحوِّلُهُ إلى نصوصٍ إبداعيّة حيثُ تتدفَّقُ المخيّلة بسردِ أحداثٍ قصصيّة وروائيّة لا يمكنُ في الحالةِ الطبيعيّة أنْ أكتبَ 10 بالمئة ممّا يراودُني عبر تدفُّقاتِ بوحِ الخيال، وأستطيعُ القولَ أنّني لم أكتبْ حتَّى الآن إلَّا نسبة قليلة ممّا جال في مخيالي، لأنّ اللُّغةَ لا تتَّسِعُ لتدفّقاتِ الخيالِ وغير قادرة نهائيّاً أنْ تستوعبَ ما ينبعثُ من الخيالِ أثناءَ تدفّقاتِهِ عبرَ الكتابة، لأنّني عندما أكتبُ أجدُني غير قادر على ترجمةِ تدفّقاتِ خيالي لأنَّ الخيالَ أوسع وأكبر وأعمق وأرقى بكثير ممَّا نلتقطُهُ من الخيالِ، ويفوتني مئات المشاهد المنبعثة من الخيال لحظات الكتابة الإبداعيّة وأحاول قصارى جهدي أن ألملمَ وألتقطَ ما فاتني فلا أتمكَّنُ، لهذا راودَني كما قلْتُ آنفاً، حبذا لو استطاعَ الإنسانُ أن يخترعَ جهازاً يلتقطُ ما يراودُهُ وما يتخيّلُهُ المرء، لكنْتُ أسعدَ إنسانٍ على وجهِ الدُّنيا كي أكتبَ هذا الانبعاث الحلمي، لأنّهُ يكفي لكتابةِ مئات الكتب وذلكَ بحسبِ تدفّقاتِ انبعاثِ الخيال لدى كل مبدع!
أودُّ الإشارة إلى ضرورةِ كتابة المشاعر بمصداقيّة عالية وإلَّا فالكتابةُ تعتبرُ فضفاضة، ولهذا أكتبُ قصصي بمشاعرٍ حميميّة عميقة وصادقة، وتتضمّنُ قصصي أفكاراً وغايات متعدِّدة حتّى ولو كانت الغاية أو الهدف هو متعة الكتابة والقراءة، إضافةً إلى أنّني أجنحُ نحوَ فضاءاتِ السَّلام والحبِّ والفرحِ والتَّفاؤلِ والوئام بين البشرِ، فأغلبُ رؤاي الإبداعيّة تصبُّ في فضاءات السَّلام والحبِّ والفرحِ والطفولةِ والمرأةِ والتَّنويرِ والحرِّيّةِ والعدالةِ والمساواةِ والطبيعةِ والكونِ والموتِ والحياةِ والعمرِ والزَّمنِ والفنِّ والإبداعِ وكل ما أكتبُهُ ينبعُ من أعماقي، وممكن أن أكتبَ عن أبسطِ أمرٍ في الحياةِ إلى أرقى شيءٍ في الحياةِ، كما في قصّة "استنفار لإنقاذِ قطّة"، لأنَّ الكتابةَ هي الّتي تحدِّدُ القيمة الإبداعيّة وليسَتْ المواضيع، صحيح أنَّ المواضيعَ لها أهمّيتها ولكن طريقة كتابتها هي الأكثر أهمِّيّةً، ولدي ميل شديد إلى كتابةِ النّصوص الفكاهيّة والمرِحة، إلى درجة أنّني أصلُ أحياناً إلى درجةِ الضّحك أثناءَ كتابتها، لشدَّةِ تفاعلي مع الحدثِ والحالةِ الَّتي أجسِّدُها، وكذلك الأمر فيما يتعلّقُ بالحزنِ، فأكتبُ نصوصي الحزينة النَّابعة من حالةٍ ألميّة مريرة وأصلُ في بعضِ الأحيانِ إلى مرحلةِ البكاءِ خلالَ العمليّة الإبداعيّة وتتراكمُ المحارم حول حاسوبي، وقد أمسكْتُ أكثرَ من مرّة بكلِّ عفويّتي موبايلي وصوَّرْتُ نفسي وأنا في أوجِ بكائي وانغماسي في الكتابة ولا أعلمُ كيفَ خامرني أن أصوِّرَ نفسي وأنا في هذه الحالةِ، وعندما أعودُ إلى الصُّور، أجدُ نفسي في حالة ألميّة لا يمكن ترجمتها بالكتابة، لأنَّ الصُّورَ أكثرَ تعبيراً ممّا كتبتُهُ ولكن الكتابة أيضاً كانَتْ منصهرة معَ حالتي الأنينيّة، وهكذا تولدُ القصصَ والنُّصوصَ من أعماقِ مشاعري، حزينةً كانت أم فرِحة، ولو لم تولد الكتابة والقصص من أعماقِ المشاعرِ، ستكونُ الكتابةُ مفتعلة ولا يتفاعلُ معها القارئُ، ربَّما تكونُ جميلة في صياغتها لكنّها من دونِ روحٍ وتفتقرُ إلى الإنسيابيّة، وهنا أودُّ أنْ أشيرَ إلى أنَّني أكتبُ لنفسي أولاً وأنا قارئي الأوَّل! وعندما أجدُ نصِّي لا يستهويني، أتساءلُ، كيف سيستهوي القارئ إذا لم يستهوِني؟! وكم من القصص كتبْتُها ولم تستهوِني ومزّقتها دونَ أنْ يرمشَ لي جفن! وهكذا كنْتُ حريصاً على أنْ تولدَ نصوصي من مشاعري العميقة، من منعطفاتِ تجاربي وتجلِّياتِ أفكاري المنبعثة من تدفُّقاتِ الخيال المنساب معَ بهجةِ الأفكارِ الّتي أنسجُها، ودائماً أراني مجنّحاً نحوَ إشراقاتِ وهجِ الشّعرِ حتّى عندما أنسجُ قصصي. الشّعرُ هو رحيقُ اللُّغة وصفوةُ عسلِها الشّهيِّ، وهناكَ بعض قصصي ممكن أنْ أدرجَها في سياقِ القصّةِ الشّعريّة أو الشِّعرِ القصصي، ويوجد بين دفّتي هذا المجلّد بعض ما أطلقْتُ عليها قصصاً لكنّها حقيقة الأمر هي منسابة نحوَ النُّصوص الأدبيّة الّتي جنحتْ نحو ألقِ القصّة، لكنّها تفتقرُ لوهجِ القصّة وحبكتها وتتوارى أحياناً مسارات خيوط السَّردِ فيها ثمَّ تعودُ خيوطها تظهرُ باستحياء، فهي أقرب من النّصّ الأدبي منه إلى القصّة، لكنَّ حبّي الشَّديد لهكذا نصوص دفعني أن أدرجها في فضاءات هذه القصص، لأنَّ هدفي من القصّة أو الكتابة هو الإبداع والمتعة والتَّجلِّيات، فقد وجدْتُ متعةً وتدفّقات شاهقة ورهيفة في بعضِ النّصوص فهي تتعانقُ بصيغةٍ ما معَ عوالمِ القصص، لهذا أدرجتها وأنا مرتاح البال لأنَّ الهدفَ الأوَّل والأخير من القصص والكتابة هو ماذا ممكن أن نقدّمَ للقارئ كي يتمتَّع بنصوصِنا وكتاباتِنا ويستفيدُ منها بطريقةٍ أو بأخرى؟ هذا هو المهم وليس القصّة بكلِّ دقّةِ عناصرها، فأنا بكلِّ بساطة لا أقلقُ عندما أخلخلُ بعضَ عناصرِ القصّة أو أي عنصر من عناصرِ الأجناسِ الأدبيّة عندما ينبعث النَّص من خلالِ تجلِّياتٍ شاهقة فهوَ المهمُّ عندي، أكثر من التَّقيّدِ بعناصر القصّة وغيرها من القيود الّتي تحدُّ من إمكانيّات الكاتب ويقدِّمُ بالتّالي نصَّاً عاديّاً ويفتقرُ إلى وهجِ التَّدفُّقِ الإبداعي الرَّصين!
وقد أشارَ بعضُ النُّقّادِ إلى أهمِّيّة وفائدة تداخل الأجناس الأدبية معَ بعضِها بعضاً. وفي هذه القصصِ الخمسين، سيجدُ القارئ والقارئة قصصاً قد تجنحُ نحو فضاءات النَّصّ الأدبي أحياناً والسَّرد الرّوائي أحياناً أخرى، وربّما يشعرُ وكأنّ القصّة هي فصل من عملٍ روائي، أو تدفّقاتٍ شعريّة في بعضِ فضاءاتِ القصّة، كما سيجدُ أيضاً قصصاً طريفة وفكاهيّة واجتماعيّة وعشقيّة ورومانسيّة وحنينيّة والعديد من الأفكار الّتي حبكتُها في فضاءاتِ هذه القصص، وهدفي من كلِّ هذا أنْ أقدِّمَ للأحبّةِ القرّاء والقارئات خمسينَ قصّة قصيرة متنوّعة وغنيّة بمواضيعِها وبنائِها وفضاءاتها، آملاً أن يستمتعَ القارئ وتسمتعَ القارئة بقراءتِها، ويجِدا في فضاءاتِها كل ما هو جديد ومفيد وممتع.
في تجربتي القادمة، المجلّد الثّاني، سأقدِّمُ تجربةً قصصيّة عن "أدبِ الحربِ" بكلِّ جنونِها وخرابِها ودمارِها، ومقاربتِهِ بـ "أدبِ السّلامِ" في البلادِ الّتي تنشدُ السَّلامَ بكلِّ مرافئهِ ورفرفاتِ أجنحتِهِ، مسلِّطاً قلمي على أسبابِ انحسارِ عوالمِ الفرحِ والحبِّ في دنيا الشَّرق، ومستوحياً قصصي القادمة من أنينِ ما نراهُ ويراهُ الجميع، كي أميطَ اللِّثامَ عن آثارِ الحروبِ الوخيمة، وأنشرَ رؤاي المبرعمة في اخضرارِ السَّلامِ والجامحة نحوَ احلالِ السَّلام في ربوعِ الشَّرقِ وفي سائرِ أنحاءِ المعمورة!

ستوكهولم: 18 . 10 . 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختار نوح يرجح وضع سيد قطب في خانة الأدباء بعيدا عن مساحات ا


.. -فيلم يحاكي الأفلام الأجنبية-.. ناقد فني يتحدث عن أهم ما يمي




.. بميزانية حوالي 12 مليون دولار.. الناقد الفني عمرو صحصاح يتحد


.. ما رأيك في فيلم ولاد رزق 3؟.. الجمهور المصري يجيب




.. على ارتفاع 120 متراً.. الفنان المصري تامر حسني يطير في الهوا