الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقطات ترامب .. انسحاب مفاجئ يقلب موازين التحالفات ويعيد العراق الى المواجهة من جديد

خالد الخفاجي
(Khalid Al Khafaji)

2018 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


شكل قرار الرئيس ترامب بسحب اكثر من (2000) عنصرا من القوات الخاصة الامريكية من شمال شرقي سوريا ضربة قاصمة لحلفاءها السوريين بشكل عام وقوات سوريا الديمقراطية الكردية بشكل خاص الى الدرجة التي وصف فيها قادتها الانسحاب بانه خيانة وطعنة في الظهر، وبدا ان خارطة الصراع الاقليمي سيعاد رسمها من جديد على ضوء الفرص والتحديات المتوقعة.

لقد أدى الانعكاس المفاجئ لسياسة الولايات المتحدة بانهاء تواجدها العسكري المحدود في مساحة صغيرة بالغة الاهمية شرق الفرات إلى إثارة حنق حلفاءها من الاكراد, الذين عولوا على موقف الرئيس الامريكي في اتخاذ موقف صارم تجاه التحالف الذي تقوده روسيا اولا, ثم كبح جماح الرئيس التركي "اردوغان" الذي تستعد قواته لاقتحام المنطقة ثانيا, وبدلاً من ذلك، يأتي قرار الانسحاب ليفتح الباب واسعا للمزيد من توسع الجيش السوري وحلفاءه على الارض، ويعزز المخاوف الامريكية من نجاح ايران بإقامة ممر بري يوصلها بالبحر المتوسط وزيادة قدرتها على تحدي إسرائيل بشكل مباشر, كما انه يلقي بظلال من الشك في قدرة واشنطن من الحفاظ على تعهداتها تجاه حلفاء آخرين في المنطقة, ويمكن أن يدفع الكثير منهم الاتجاه الى الغريم الروسي الذي سيملأ الفراغ الذي تخلفه الولايات المتحدة ويعزز قواعده الجوية والبحرية في طرطوس واللاذقية وزيادة قدراته على نشر القوات العسكرية في غرب المتوسط.

لقد توصل الأمريكيون إلى استنتاج مفاده أنهم لن يستطيعوا ممارسة السلطة المطلقة في العراق وسوريا دون الاصطدام المباشر مع تركيا ثاني اكبر قوة عسكرية في حلف الناتو والحليف الاقوى, والتي بدأت بالانسلاخ التدريجي والاقتراب اكثر من الروس, او بايران وحلفاءها من الفصائل العراقية المسلحة, ومن هنا فانها ستفقد التأثير الأكثر اهمية من انتشار اكثر من (2130) عنصرا من القوات الخاصة شرق الفرات يوفرون الدعم والاسناد الجوي لقوات سوريا الديمقراطية والعمل كحاجز ضد التوسع الإيراني في سوريا، في وقت يعزز الرئيس السوري بشار الأسد سيطرته على المناطق الخاضعة لنفوذ المعارضين.

اسرائيل لم تخفي مخاوفها من الانسحاب وفقدان منطقة خارج سيطرة السلطة الشرعية السورية ومنها يتم دعم الاكراد في ثلاث دول متجاورة, بل انها ابدت مخاوف جدية من انسحاب القوات الامريكية ايضا من قاعدة "التنف" الواقعة على الحدود العراقية- السورية والقريبة من الحدود الاردنية وما يشكله هذا الانسحاب من فرصة مغرية لسيطرة حلفاء ايران في العراق على المعبر الحدودي في هذه المنطقة, وبالتالي ستحصل ايران على أقصر طريق بري يربط بين طهران والعاصمة السورية دمشق، طريق يمكن أن تستخدمه إيران لاستمرار تدفق السلاح والعتاد لدعم الجيش السوري وتعزيز ترسانة حزب الله المتنامية في لبنان, ورغم عدم تأكيد او نفي الادارة الامريكية الانسحاب من قاعدة "التنف" التي ينتشر فيها "250" عنصرا من القوات الخاصة الامريكية الى جانب وحدة قتالية مدربة تدريبا جيدا من الجيش السوري الحر المنشق عن الجيش النظامي, الا ان تبليغا طلب من المنشقين الاستعداد للانسحاب الامريكي دون تحديد موعد لهذا الانسحاب.
وهذا الانسحاب اذا ما تم فانه سيحتم على اسرائيل ان تكون وحيدة في مواجهة اعادة رسم خارطة التواجد الايراني في سوريا.

ولكن .. إيران اقتربت بالفعل من استعادة منفذ حدودي بري آخر يربط بين ايران ولبنان عبر العراق وسوريا من خلال المعبر الحدودي العراقي السوري في مدينة البوكمال السورية المحاذية لبلدة القائم العراقية, وهذا الموقع هو مفترق طرق للصراع الجيوسياسي, حيث يتقاتل للسيطرة عليه كل من الحكومة السورية وتنظيم "داعش" الارهابي وقوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وقوات الحشد الشعبي المدعومة من ايران, وقبل عام كان هناك سباقا محموما بين هذه القوى للسيطرة على المعبر عندما فكر الجيش السوري في استعادته, وافشلت الولايات المتحدة العمليات العسكرية التي قام بها الجيش السوري, ومع سحب الولايات المتحدة لقواتها من الحدود السورية، فان شعور اسرائيل بالقلق يتضاعف فيما اذا قررت امريكا سحب قواتها من العراق ايضا والذي ينتشر فيه حوالي 5200 جندي أميركي ويقدم معظمهم التدريب والمشورة والدعم للجيش العراقي، والحد من نفوذ ايران وحلفاءها في العراق.
وحيث المنطق يفرض علينا القول "إذا كانت الولايات المتحدة هزمت داعش في سوريا وبدأت الانسحاب، فإن داعش انهزم في العراق ويجب عليهم الانسحاب منه ايضا".

وازاء هذه المخاوف, ستبذل اسرائيل جهدها لعرقلة الانسحاب الأمريكي من العراق، خاصة من الحدود العراقية – السورية لضمان عدم تمدد النفوذ الايراني، حيث مازالت القوات الامريكية تحتفظ بقاعدة في الجانب السوري من الحدود في البوكمال تعمل كرادع لمنع تواصل إيران وحلفاءها عبر الحدود منذ ان غادرها الجيش السوري، في حين تمارس القوات الامريكية دورا اكبر في السيطرة على الحدود من الجانب العراقي من خلال قواتها المتمركزة في قاعدة "عين الاسد" وهناك معلومات مؤكدة بان الجيش الأمريكي يبني قاعدة جديدة على الخط الذي يفصل الأنبار عن محافظة نينوى المجاورة, وستتمركز القوات الامريكية على بعد 30 كيلومترا شمال نهر الفرات قريبا من الحدود السورية, هذه القاعدة الجديدة ستوفر الدعم للفرقة الذهبية العراقية المقرر نشرها على الحدود السورية.

ولعل تلويح قادة قوات سوريا الديمقراطية بالانسحاب من مواجهة داعش في دير الزور بذريعة الاستعداد لمواجهة القوات التركية وعدم مقدرتهم على الاحتفاظ بمئات المعتقلين من التنظيم الارهابي هو تلويح وارد التطبيق لاعادة نفوذ داعش وتمكينه مجددا من السيطرة على الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا, ويأخذ التنظيم دور القوات الامريكية في قطع الطريق امام التمدد الايراني, وسيبرع الامريكان في ضرب المتصدين لهم بنيرانهم الصديقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد لحظة انهيار كنيسة تاريخية في تشيلي بسبب حريق هائل


.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن أسر مقاتل من حزب الله




.. حزب الله: الاحتلال قصف بلدتي حانين والطيري بقنابل عنقودية


.. واصف عريقات: الشعب الفلسطيني لن تنطلي عليه أكذوبة إرهاب الجغ




.. عبر الخريطة التفاعلية.. ما مناطق عمل قوات اليونيفيل؟