الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للحرب الأهلية... انها حرب التحرير

ارا خاجادور

2006 / 4 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قلنا من اللحظة الاولى للعدوان الامريكي على العراق: ان هذا العدوان سوف يفشل فشلا ذريعا. وبادرنا على الفور اعضاء هيئة الدفاع عن الاحتلال – مجلس الحكم - بالقول: لا هذا تحرير وليس احتلال، وانهم يمثلون الشعب كله، وكل حزب على انفراد. ومن غيرهم في الساحة السياسية وحتى الوطنية؟ وقالوا أشياء اخرى لا تقل سطحية وتهورا، ولا ندري هل كان وهمهم عن جهالة او عمالة، ولكن ما نحن على يقين منه أنهم لا يعرفون الطبيعة الثورية للشعب العراقي.

وقالوا في مراحل لاحقة: استلمنا السيادة كاملة واجرينا انتخابات لا نظير لها. ولكنهم فشلوا ايضا في استكمال اللعبة عند توزيع الغنائم المستباحة. وجاءت زيارة رايس و سترو الاخيرة لتكشف لمن لم يكتشف حتى الان مدى الانحطاط الذي وصلت اليه ما تسمى بالعملية السياسية ومدى عزلة الضالعين بها، فقد عجزوا حتى عن حماية انفسهم، وظل أملهم معقودا على القوات الغازية.

ان ضربات المقاومة أوجعت المحتل ودفعته الى اعادة ترتيب ادوار الخونة المهوسين والمسكونين بالخوف من انتهاء ادوارهم ومن حساب الشعب، وهم لا يعلمون ماذا تريد واشنطن محاصصة طائفية وعرقية، ام مناصفة امريكية – ايرانية، ام الجمل بما حمل. ان الشعب العراقي لا يمكن ايهامه بأن الذي ادعى انه اصدر اوامره للامريكيين لضرب الفلوجة والنجف تحول الى ديمقراطي عطوف، والذي طالب القوات الامريكية بطول البقاء قد تحول الى معارض لا يرهب الدبابات التي حملته الى قمة السلطة، والذي تحول الى بقرة ضحوك قد اعبس وجهه حزنا على ضحايا المثلث او المربع او المستطيل ولا نستثني الدائرة طبعا. كم ضحك أسيادهم في البنتاغون من مسرحيات التمنع، هذا اذا كان هذا التمنع خارج هذه المرحلة من السيناريو المعد امريكيا، وتساءل الامريكيون: هل جئنا الى بغداد بأمر من الجعفري ووو...؟ وهل هم ادخلونا الى العراق ام نحن أدخلناهم؟ لقد أوكل المحتلون لهؤلاء مهمة التشهير بالمقاومة الوطنية واتهامها بالارهاب، ومحاربة كل المناضلين المناهضين للاحتلال وتصفيتهم والتشهير بهم وحسب.

ان تصاعد الازمة الضارية اجبر المحتل على الاعتراف بالواقع، وان استمر الوافدون معه بالهذيان ضد كل من يقاوم او حتى من لا يريد ان يساوم. لقد تحول الامر الى فخ نصب للقوات الغازية، وان الوقت سوف يطول قبل ان نرى النهاية. لقد تحول الغزو الى ورطة حقيقية للاحتلال تتعمق يوما بعد آخر. وأننا بهذه المناسبة لا يسعنا الا ان ندين كل من ساهم في جعل اسوار بغداد واطئة في تلك اللحظة من الحرب الطويلة بغض النظر عن السبب سواء كان غباء او أنانية او جهلا او خيانة.

وما كان للمقاومة الباسلة ان تأخذ هذا الزخم والسرعة لولا الهول الذي تعرض له الشعب العراقي على ايدي الاحتلال وعملائه. ونورد بعض الاحداث كمؤشرات وحسب؛ في ال BBCبتاريخ 31/3/2006 جاء ما يلي: (قال "جوش كي" الجندي الأمريكي الذي هرب إلى كندا متجنبا الخدمة في العراق إنه "صُدم" بما يقول عنها إنها "انتهاكات قام بها الجيش الأمريكي". جاء كلام "كي" أمام هيئة اللاجئين في كندا. ومن بين الحوادث التي وصفها "كي"، ضرب بعض الجنود لرأس مقطوع يعود لعراقي في الرمادي وكأنه كرة قدم.)

ونشرت الصنداي تايمز تقريرا عن الفظائع التي يشهدها العراق تحت العنوان التالي "المثقاب القاتل ينشر موجة جديدة من الرعب في العراق". وأعلن مسؤول في مكتب الأمم المتحدة في بغداد، أن فائق بكر، مدير مجمع الجثث المجهولة في بغداد، كشف عن مقتل 7 آلاف شخص خلال الأشهر الأخيرة، على يد «فرق الموت»، وفرّ إلى الخارج خوفاً على حياته. ونقلت صحيفة «الغارديان»، عن جون بايس، أحد مسؤولي الأمم المتحدة في بغداد، أن عمليات القتل المنظمة وقعت قبل تفجير مسجد العسكريين في سامراء ولا علاقة لها بالأحداث الأخيرة، وأضاف أن الغالبية العظمى من الجثث تحمل علامات تدل على وقوع أصحابها ضحية لعمليات إعدام منظمة، حيث عثر على الكثير من الجثث أيديها مقيدة إلى الخلف، في حين ظهرت على عدد آخر من الجثث علامات تعذيب جسدي وبعض الدلائل على استعمال أدوات كهربائية كالمثقاب أثناء التعذيب.

وفي 15اذار نشرت / و.خ.ع/: قال عامر الفياض مدير ناحية الاسحاقى فى محافظة صلاح الدين ان القوات الامريكية اعدمت أحد عشر شخصا من عائلة واحدة بينهم طفل عمره ستة اشهر واربعة اطفال لا تتجاوز اعمارهم 11 سنة. وقال الفياض فى تصريح للوكالة بان الاشخاص اعدموا امام منزلهم بعد ان اوثقت القوات الامريكية ايديهم واطلقت النار عليهم مضيفا ان المروحيات الامريكية قصفت بيت العائلة بعد عملية الاعدام ودمرته تدميرا كاملا .وحصل ذات الشيء في مدينة حديثة.

وعلى صعيدعمليات تدمير العقل العراقي يتعرض الأكاديميون في العراق إلى تصفية خطيرة، ووفق التقديرات المتحفظة، فقد تم قتل أكثر من 250عالما، واختفاء مئات آخرين، وهروب الآلاف إلى الخارج بسبب الخوف على حياتهم. وبذلك يتعرض العراق إلى استنزاف رهيب لعقول أبنائه. ولا نعيد هنا ذكر ما اشرنا اليه سابقا من فقدان الامن والامان والامل وانتشارالبطالة وغياب الخدمات كالماء والكهرباء والخدمات الطبية ووو.

في الذكري الثالثة لغزو العراق تطرح التساؤلات: هل أصبح العالم أفضل؟ هذا لمن يعتقد باكذوبة ان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل او انه مركز للقاعدة او انه يتعاون معها. وهل أصبح العراق أفضل حالا؟ هذا لمن اعتقد او روج لاكذوبة الديمقراطية او اعمار العراق. وهل الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا وغيرها أكثر أمنا؟. وهذا لمن يطمح الى الاستقرار الدولي باخلاص.

ان حصيلة سنوات الاحتلال هي الدمار الكامل لكل مكونات الشعب العراقي، ان مجرد تأجيج الطائفية هو بحد ذاته يشكل اكبر ضرر لجميع الطوائف العراقية بلا استثناء، وقد تجسد ذلك في أول افرازاته في عمليات التهجير الرهيبة الجارية حاليا. ومن حقنا ان نسأل ما هي الفائدة التي حصلت عليها الاحياء والمدن الفقيرة؟ وماذا تحقق للاقليات المسيحية والمندائية والشبكية والايزيدية وغيرهم؟ لا ننكر ان بريمر وزع العطايا على كل من أراد خدمة الاحتلال.

بدأ الغزو تحت ذريعة اسلحة الدمار الشامل التي ادعت واشنطن ان العراق يمتلكها، وقد ثبت أنها ذرائع مزيفة وملفقة، وثبت ايضا ان كل ما رددته الإدارة الامريكية لتبرير الغزو وقبله الحصار الاقتصادي الذي كان يخفي وراءه أهدافا أخرى تخدم استراتيجية الهيمنة على النفط وضمان أمن اسرائيل وضمان بقاء الدول العربية والاسلامية متخلفة على مختلف الاصعدة والمجالات.

وانتقل اركان الإدارة الامريكية لاحقا الى ترديد مقولة نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والاكذوبة الكبرى – اعمار العراق- فإذا بهذه المقولات تسقط أيضا لتنكشف الحقيقة عن واقع يتمثل بإقامة نظام طائفي مذهبي يقوم على المحاصصة، ويذكي شأن المصالح الشخصية الانانية والفئوية الضيقة على مصلحة الوطن، وينتهك حقوق الانسان بأبشع الممارسات التي شهدتها البشرية في تاريخها كما حصل في معتقل أبو غريب، ناهيك عن اجتياح المدن وتدميرها وقصف المدنيين واعتقال آلاف الأبرياء من الرجال والنساء.

وامتدت يد الرذيلة الى وسائل الاعلام ففي 03 آذار 2006 صرح الجنرال جورج كيسى قائد القوات الامريكية فى العراق ان الجيش الامريكى سيواصل دفع اموال لوسائل الاعلام العراقية لنشر تقارير فى صالح قوات الاحتلال الامريكية وذلك اثر الاعلان عن تحقيق فى هذه الممارسة. ونقلت/رويترز/عن كيسى قوله للصحفيين فى مؤتمر صحفى ان التحقيق الذى امر به واجراه اميرال فى الاسطول خلص الى اننا نعمل فى حدود سلطاتنا ومسؤولياتنا مشيرا الى انه حتى الان لم يصدر اى امر بوقف دفع هذه الاموال، وعليه فهو عازم على الاستمرار بعمله على المدى القريب.

وأرادوا تخريب وحدة الوطن والمواطنيين عبر نظام المحاصصة وتشكيل الوحدات العسكرية على اسس طائفية وعرقية وليس على اساس المواطنة العراقية. وقدموا أخبث البرامج والوصفات من اجل اندلاع الحرب الاهلية من اجل ان يتحول المحتل الى حكم بين قادة الطوائف يمدهم بالسلاح والاموال والخطط من اجل ذبح الاخر من ابناء الوطن الواحد. وتنقل صحيفة الاندبندنت في 25/3/2006 عن بيتر جولدرايث الدبلوماسي الامريكي السابق والخبير في الشؤون العراقية ان الجيش العراقي(الذي أقامه الاحتلال) كان يتألف في الصيف الماضي من 60 كتيبة شيعية و45 كتيبة سنية وتسع كتائب كردية وكتيبة واحدة مختلطة. وتتوقع الصحيفة في تقريرها ان ينقسم الجيش العراقي على نفسه بمجرد اندلاع ما تسميه الصحيفة "الحرب على بغداد"، مشيرة الى احتمال ان يبقى الجيش الامريكي على الحياد. باعتبار أن بغداد المحطة الاولى في حرب اهلية، ومن اجل التشجيع على الحرب الاهلية ورد على لسان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع في 31/3/2006قوله إن قواته الموجودة حالياً في العراق لن تتدخل على مستوى واسع النطاق، فيما لو نشبت الحرب الأهلية، تاركاً بذلك للعراقيين لكي يتدبروا أمرهم.

ورغم كل المخططات بدأ الارتباك في صفوف المحتلين وخدمهم بعد ان وصل الانهيار في الاوضاع الى حدود الفعل الذي لايمكن انكاره، وسوف نشير الى بعض المؤشرات الصادرة خلال الايام والاسابيع الاخيرة فقط،، فقد اعتراف وزير الخارجية البريطانى جاك سترو بوقوع بعض الاخطاء. واضاف سترو فى حديث لصحيفة "التايمز" اللندنية نشرته في 18/3/2006 ان الحرب كان لها ما يبررها لكن الاخطاء جاءت لاحقا، واعترف سترو بان الوضع بعد الحرب كان اكثر تعقيدا مما خطط له سابقا. وأقرت لاحقا وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بأن بلادها ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق.

ان الجزء الظاهر من المخطط الامريكي لا يعكس كل واقعه ومضمونه، وان الحرب على العراق تتجاوز حدود العراق بمسافات شاسعة اكثر مما يتوقعه الكثيرون ، وان نفط بحر قزوين لمرحلة لاحقة. وبدأت الولايات المتحدة اولى خطواتها في زج احتياطها الخاص داخل كل القوى المشاركة معها في تدمير العراق مثلا قال جلال الدين الصغير وهو نائب كبير ينتمي للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق لرويترز انه يدعو الجعفري للتنحي كمرشح لرئاسة الحكومة، وهذا الصغير اسندت له وظيفة طائفية من قبل قوات الاحتلال، وقبله لبى نداء اسياده في ذات الاتجاه قاسم داوود الذي تبجح في اوقات سابقة وكأنه مالك القرار في ضرب الفلوجة والنجف، وقبل أيام قليلة انضم اليهما عادل عبد المهدي الذي تعد دعوته لسحب ترشيح الاشيقر(الجعفري) هي الاخطر والاهم لحد الان. والبقية تأتي وفق مقتضيات اخراج اللعبة الامريكية الرعناء. التي لا تقبل على اية حال ان ينس الجعفري حجمه ودوره.

ورغم الفهم الخاطيء لطبيعة ما يجري في العراق الا أن بعض اشارات الاعتراف بالخذلان بدأت تظهر مع محاولات حرف الاتجاه، قال توماس فريدمان كلمة صحيحة:( اصبح مستقبل العملية الاميركية بأكملها في العراق على المحك مع دخول الحرب مرحلة خطيرة جديدة من العنف الوحشي المعتمد على الهوية. ويحاول فريدمان ان يكن موضوعيا من خلال قوله: (لا تصدقوا احاديث فريق بوش المتفائلة. لا يهم اذا كان العراق هادئا في الجنوب او في الشمال. فاذا كانت بغداد، قلب البلاد، ممزقة، فليس هناك عراق، لأنه ليس هناك مركز.

وبدأوا يسربون بعض الاخبار عن انسحاب قوات الاحتلال حيث كشفت صحيفة الديلي تلجراف ان القوات الامريكية والبريطانية تحضران لانسحاب شامل من العراق بحلول ربيع العام المقبل بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرة الى ان الامر الوحيد الذي قد يعرقل مثل هذه الخطوة هو اندلاع حرب اهلية واسعة النطاق. وكتب شون رايمنت مراسل الشؤون الدفاعية في الصنداي تلجراف تحت عنوان "بريطانيا والولايات المتحدة ستسحبان كل قواتهما في العراق بحلول ربيع 2007". وبغض النظر عن اهداف مثل هذه الاعلانات الا أنها علامة ارتباك اخرى.

ونقلت صحيفة التلجراف عن بلير قوله في 4/3/2006 ان الله والتاريخ سوف يحكمان عليه ما اذا كان قد تصرف بالشكل الملائم حين شن الحرب على العراق، وقال انه يتخذ قراراته بناء على ضميره الذي يحكمه الايمان المسيحي. وهذا غرق في مستنقعات اخرى.

ورفض رئيس الوزراء البريطانى تونى بليرالمقارنة بين الوضع فى العراق وحرب فيتنام، ورأى ان الوضع فى العراق صعب لكنه ليس شبيها بفيتنام . وقال بلير فى حديث اذاعى خلال زيارة الى نيوزيلاندا في 29/3/2006 فى فيتنام كان الامر احتلالا والظروف فى العراق مختلفة جدا. واضاف نحن موجودون فى العراق بموافقة حكومة انتخبت بطريقة ديموقراطية، واذا قالت هذه الحكومة انه علينا ان نرحل فسنرحل. مؤكدا ان القوات الاميركية والبريطانية يجب ان تبقى فى العراق حتى تصبح القوات العراقية مستعدة لتحمل مسؤولية الامن. وهذا الشرط فقط الله يعلم سره.

بل ان التداول حول الانسحاب قد خرج عن اطار اثارة رعب الوافدين مع الاحتلال الى هم امريكي حقيقي حيث عرض زبيغنيو بريجينسكي المستشار السابق للأمن القومي على الرئيس الاميركي جورج بوش خطة من 3 نقاط للانسحاب من العراق، وذلك في مقابلة مع التلفزيون البولندي الخاص «تي في ان24». وقال بريجينسكي ان هذه الخطة ستتيح لواشنطن فك ارتباطها تدريجيا في العراق «بدون انتصار، لكن ايضا بدون هزيمة». وتنص النقطة الاولى على ان «تقترح واشنطن على السلطات العراقية مطالبة الولايات المتحدة علنا بالانسحاب من العراق». والنقطة الثانية تنص على ان يحدد الجانبان الأميركي والعراقي معا موعدا لانسحاب القوات. واعتبر بريجينسكي أنه على الحكومة العراقية ان تدعو بعد ذلك الدول المجاورة لها لعقد «مؤتمر اقليمي للدول الاسلامية» بهدف ارساء الاستقرار في العراق. وأخيرا تنص الخطة على ان تقوم الولايات المتحدة بمبادرة لتنظيم مؤتمر دولي للدول القادرة على دعم اعادة اعمار العراق ماليا، وقال بريجينسكي: اعتقد ان مثل هذا البرنامج إذا انجز خلال سنة يمكن ان يؤدي الى اغلاق القضية بطريقة لا يمكننا فيها الحديث عن انتصار واضح، لكن ليس عن هزيمة ايضا او هرب.


وبديهي ان تتواصل تداعيات الاضطراب في صفوف القادمين مع الاحتلال ايضا، فقد قال رضا جواد تقي القيادي في المجلس الاعلى ان خليلزاد قال ان "الرئيس الامريكي جورج بوش لا يريد، ولا يدعم، ولا يقبل ان يبقى الجعفري رئيسا للحكومة". وعلق ناطق آخر باسم الجعفري على ما قاله خليلزاد، مشيرا الى ان "تدخل سفير اجنبي في شؤون خاصة بسيادة العراق امر غير مقبول". يا سبحان الله لماذا هذا الاستعراض؟ ومن جهتها، اكدت السفارة الامريكية في العراق ان خليلزاد التقى الحكيم، ولكنها نفت ان يكون قال ما جاء على لسان تقي. وقال ناطق باسم السفارة الامريكية في العراق ان البرلمان العراقي المنتخب هو صاحب الصلاحية في تسمية رئيس الحكومة، وان السفارة الامريكية لن تتدخل في ذلك. وفي الوقت نفسه ومن طرف آخر بدأت الولايات المتحدة وإيران اختبار ردود الفعل على عزمهما بدء مفاوضات حول العراق، وأصر السفير زلماي خليل زاد على تسميتها محادثات. وقال إن البحث جارٍ الآن لتحديد موعدها، شرط أن تكون في بغداد. هل هذا منطق سفير ام حاكم فعلي؟ وغني عن البيان قول كوندوليزا رايس في قلب بغداد خلال زيارتها الاخيرة بصحبة الوزير البريطاني جاك سترو: اننا نريد رئيس حكومة قوي. ومن الواضح ان رايس تريد عميلا ودكتاتورا معا وكما يقال في الدعاية: اثنان في واحد.

كما ان فضيحة محاولات عزل العراق عن محيطه العربي تتواصل حيث وجدت تلك المحاولات تجسيدها المخجل والمؤسف في التعامل مع فلسطيني العراق الذين مضى على وجودهم فيه اكثر من نصف قرن بسبب محنتهم وهي محنة كل الانسانية ويعرفها ويدينها كل شرفاء العالم، وهاكم نداء الضحايا: نداء عاجل ومناشدة في 13/3/2006 - نحن أبناء فلسطين في العراق نوضح لسيادتكم بأننا أصبحنا في عداد الموتي بعد الأحداث الأخيرة وتعرضنا وما زلنا لمجازر واعتداءات يومية حتى أن كل من تم ويتم اعتقاله نبحث عنه في مشرحة الطب العدلي فقط لغرض استلام الجثة أو يوجد مدفونا لا علم لأهله مكان دفنه. لذا نود إعلامكم بأننا نطلب منكم أيها السادة والقادة والمسئولين أن تجدوا لنا حلا سريعا لانتشالنا من كارثة مرتقبة لا تحمد عقباها وحينها لا ينفع الندم وسيشهد التاريخ على كل من سمع بهذه المجازر واكتفى بالصمت- .

نقول لعشاق الماضي الذين يريدون خدمة اسيادهم وليس وطنهم ان اعقد القضايا يمكن ان تعالج بروح ايجابية كما فعل السيد أحمد الحسني البغدادي عن وجه حق في نظرة تاريخية للتعامل مع الاحداث عندما يكون الوطن في خطر قال اية الله البغدادي: لقد شاهد الإمام زين العابدين واقعة الطف الدموية الرهيبة بأم عينيه في حين أصدر دعواه لأهل الثغور في صحيفته السجادية لصد الغزوات الصليبية ضد الدولة الاسلامية الفتية ، ودعا الى مساندة الجيش الاموي الذي قتل أبوه الإمام الحسين، لان هذا الجيش رابط وقاتل ضد الهجمات الخارجية المشركة الكافرة. واضاف بصدد اللحظة الراهنة: ان مسألة تأطير القتال ضد المحتلين الغزاة بـ (( المثلث السني )) انها ( مؤامرة استخباراتية دولية) ان الشيعة يقاتلون في تكريت ، وفي راوه ، وفي الفلوجة .. كذلك السني يقاتل في الديوانية والبصرة. اننا نرى في كلام اية الله قربا واقعيا من المنطلقات الثورية عامة والماركسية خاصة في مجال الدفاع عن الوطن، ان فهد صاغ الموقف الوطني بقوله عندما اصبحت شيوعيا شعرت بمسؤولية أكبر تجاه وطني.

وأنه لامر شديد الاهمية ما جرى في حلبجة حيث قامت قوات الأمن التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بإطلاق النار علي متظاهرين في مدينة حلبجة وقتلت أحد المتظاهرين وجرحت عشرة آخرين وذلك أثناء إحياء الذكري التاسعة عشرة لمجزرة حلبجة. كان المتظاهرون يحتجون علي نقص الخدمات، وقاموا بتدمير نصب وإحراق متحف ذكري المجزرة، إن سبب ما حدث في حلبجة هو الاختلاف بين أولويات المسؤولين وبين أولويات الشعب... يريد المسؤولون إلقاء الخطب أما الشعب فيريد خدمات. يريد المسؤولون إطعام الناس كلاما أما الشعب فيريد الخبز. يجتر المسؤولون الماضي أما الشعب فيريد الحاضر والمستقبل. ان احداث حلبجة أثبتت ان الشعب لا يطعم وعودا وكلاما وشعارات وانتخابات ودستور بلا مضمون حقيقي أعد كابرع وصفة باتجاه تمزيق وحدة الشعب العراقي.

ومن الاسلحة الاحتياطية لاخافة العراقيين الشرفاء كان التلويح بتقسيم البلاد. وكانت صحيفة صنداي تليجراف أكثر الصحف البريطانية تناولا للشأن العراقي قد طرحت السؤال التالي: هل يكمن الحل في تقسيم العراق؟ وطرحت كاتبة المقال، جاريث ستانسفيلد، فكرة مثيرة للقرف، وهي أنه في ظل نذر الحرب الأهلية التي تلوح في الأفق العراقي، قد يكمن الحل في تقسيم البلاد.

وبصدد المؤشرات على محاولات الصاق تهمة الارهاب بالمقاومة نرى أن من المناسب ملاحظة ما طرحته صحيفة الأوبزيرفر في موضوع يتناول انتقادات موجهة إلى سياسة تصدير الأسلحة البريطانية بعد أن تم العثور على أسلحة كان يفترض أن تذهب للشرطة العراقية، ولكنها وصلت الى أيدي مسلحين موالين للمتشدد الأردني المولد أبي مصعب الزرقاوي، الذي أعلن مسؤوليته عن عمليات قتل واختطاف في العراق. وكشف تحقيق للصحيفة أن آلافا من الأسلحة التي زودت بها بريطانيا الشرطة العراقية قد وقعت في أيدي تنظيم القاعدة. والسؤال الذي نطرحه نحن: كيف وقعت تلك الاسلحة بيد من يصفهم الغرب بالارهابيين؟. كما ان اكثر من حالة تم فيها اعتقال اعداد من جنود الاحتلال متنكرين بملابس مدنية ويحملون انواعا مختلفة من المتفجرات ولم يظهر اي تحقيق او اعلان عن التحقيقات حول تلك الحوادث.

إن مسألة دخول العراقيين في حرب أهلية مسألة غير واقعية وليست لها أي أرضية او سند في تاريخ العراق القديم والحديث، ولا في مصالحه الراهنة واللاحقة. رغم ما جاء في تصريحات رامسفيلد التي تطابقت مع تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي الذي قال في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي»: «للأسف اننا في حرب أهلية. نحن نفقد يومياً في المتوسط 50 أو 60 شخصاً في كل أنحاء البلاد ان لم يكن أكثر.

ان راسمي السياسة الخارجية الامريكية يحرصون في كل الاحوال على ان تظل الاتجاهات العامة لخطواتهم الفعلية في العراق مجهولة، ويمارسون ذلك من خلال ضخ المعلومات المتضاربة، وتسريب الخطط الوهمية، واختراع الاعداء والاصدقاء الوهميين ايضا وغير ذلك... كما اتضح في كامل سلوكهم ومن خلال العرض او الجرد الذي قدمناه في السطور السابقة.

حاولنا فيما سبق ذكره عرض مقطع عرضي لجسد الحالة القائمة في العراق، اتضحت من خلالها محاولات المحتل ضخ معلومات ومواقف متناقضة بهدف ارتباك العراقيين عامة، وهي في الوقت ذاته تعكس ارتباك المحتل نفسه بعد ان شعر بالخذلان في تطبيق مشاريعه، وهو مازال يواصل ترديد مواقف وكلمات متناقضة: الانسحاب، احتمالات بناء قواعد ثابتة، عدم التدخل في الحرب الأهلية لو اندلعت، التعاون تارة مع هذا الطرف والبصق في وجهه تارة اخرى... الخ.

ان ما يجري في العراق ليس حرب أهلية، ولكن في الوقت نفسه لايمكن انكار ان عمليات التدمير تأخذ سعة مثيرة للقلق الجاد، ان الكوارث التي تحل بالشعب العراقي هي فادحة الاضرار من الناحية الانسانية والاقتصادية والوطنية، ولكنها يمكن أن تكون من فعل زمر محدودة العدد، فلا فرق الموت الحكومية كبيرة العدد وعميقة الجذور ولا الأعمال الارهابية التي توجه الى وضد المدنيين العزل في دور العبادة والأحياء الشعبية وغيرها.

حقا ان جماهير العراقيين الواسعة لا تريد زج نفسها في اتون حرب أهلية هذا تجلى خلال السنوات الماضية بمناعة الشعب العراقي ضد الحرب الاهلية رغم كل الشحن في هذا الاتجاه، ولكن المحتل الذي يهيمن حاليا على كل شئ يستطيع أن يضع الاخر في حالة الشعور بالدفاع عن النفس والشعور بالخطر الداهم، وهو يملك الوسائل المادية والمعنوية والاعلامية لحياكة بعض الأعمال الاجرامية والصاقها بالمقاومة او بهذه الفئة او تلك، وان المحتل يعلم بأن الحرب الأهلية اذا اندلعت تفقد جميع الأطراف المشاركة فيها تعاطف واحترام الناس في الوطن وخارجه، قبل هذا تفقد الاطراف المشاركة في الحرب الموضوعية وحتى ادراك مصالح جماهيرها التي تدعي احتكار تمثيلها، وهذا ما يسعى اليه المحتل اذا وجد في لحظة ما ان إذكاء نار الحرب الأهلية قد يغطي على فشله الذريع، خاصة بعد العار الذي لحق به من جراء ترويج أكاذيب اسلحة الدمار الشامل، توطين الديمقراطية، اعمار العراق، وتقديم النموذج لشعوب الشرق الأوسط الكبير، الخ...

إن الكفاح ضد الاحتلال وبكل أساليب هو الطريق لإنقاذ البلاد من الحرب الأهلية، وإن الكفاح الذي تسعى اليه القوى الحية من ابناء العراق يتضمن أبسط الأشكال الى أعلاها، وهو وسيلة للوصول الى التحرير الكامل، ويخضع للأهداف السياسية المنوطة به، ويجب فضح الدعاية التي توسم الكفاح المسلح بالارهاب، فالارهاب يهدف الى تخويف الشعب وربما قتله وليس الدفاع عنه وحماية حقوقه وكرامته، وان الارهاب لا تخدم الا الاحتلال.

وهنالك من يحمل السلاح ولكنه يرتكب خطأ فادحا بالادعاء بأنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي، لأن حمل السلاح وحده لا ينتزع قيمة واهمية ودور بقية أساليب النضال الأخرى، ان وسائل النضال المشروع لا تقف بالضد من بعضها البعض الاخر، بل تتكامل فيها بينها. إن ادعاء وحدانية التمثيل من حيث الأساليب أو القوى إنما يمثل دعوة الى احتكار حق وواجب الدفاع عن الوطن، ان هذه النغمة أقرب ما تكون نحن الشعب، نحن القيصر، نحن ونحن...

ان طريق حرب التحرير الشعبية هو الذي يوحد الشعب بكل مكوناته. وان حرب التحرير اتية لاريب، وهي السد المنيع أمام الحرب الأهلية، وهي التي تنسجم مع الروح الثورية للشعب العراقي التي خلقتها شبكة عوامل لا تحصى.

لا وهم لدينا بأن أمريكا جاءت لتبقى في العراق ولتوسع هيمنتها على كامل المنطقة، والفشل الذي رافق العدوان الأمريكي قد يحرك العدوانية الأمريكية بأكثر من اتجاه: الانسحاب او مزيد من التورط او المواصلة في حياكة المؤامرات، وقد تسعى أمريكا الى حرب طويلة لا شكل لها بالمعايير الكلاسيكية المعروفة، اضافة الى اختبار ما يمكن أن يسمى بالحرب المتعددة الرؤوس، حرب داخل القومية الواحدة، حرب داخل الطائفة الواحدة، حرب شاملة بين الطوائف، حروب مع الأقليات، والتصفيات الوحشية غير الواضحة الأهداف. تصفيات عشائرية، تصفيات بين اللصوص، الخ...

ان توعية الجماهير ضد كل هذه المخاطر يدفع الى الاقرار بأن حرب التحرير هي الوسيلة الأقل كلفة وأنجع اسلوبا والأسرع حسما، ورغم كل حالات الغبش حيث لا يرى الكثيرون أن حرب التحرير قادمة ان عاجلا أو اجلا، ونقول لهم اين ذلك الزهو الذي اجتاحكم عند اجتياح الغراة لارض الوطن. ان الشعب وابناءه المخلصين يرون ما لا ترون. وهذا سر اليقظة الثورية عبر التاريخ.

ان حمل السلاح يتطلب شجاعة معترف بها ولكن الشجاعة ايضا تجد تجسيدها في الجرأة السياسية ونزول العاطلين عن العمل للمطالبة بفرص عمل، وفي التظاهر ضد ارتفاع أسعار الوقود، وضد نقص الأدوية، وارتفاع الأسعار، وضد الفساد واللصوصية، كل هذه الوسائل هي رافعات اضافية في معركة التحرير الكبرى.

أليس من حقنا في هذه الظروف المعقدة ان ندعو باخلاص كل مخلص لاستقلال العراق وتقدمه بأن يحذر من لعبة جر الحبال الامريكية، ان الغزاة سوف يواصلون لعبتهم المجربة في كل احتلال، وهي تقديم هذه الفئة اليوم وتهميش الأخرى وغدا تبدل المواقع، وعلى نطاق الأفراد سوف تواصل أمريكا لعبة تقديم عملائها بصفات ثورية أو احتجاجية أو حتى متمردة، انها سوف تواصل كل عمليات التضليل الممكنة، ان واشنطن تطمح الى ان ينشغل الرأي العام بوضع الآمال على البرلمان المزيف، وعلى تشكيل الحكومة اليوم او غدا لاضافة مشكلة جديدة، وكل ذلك يهدف الى تجميد طاقات الجماهير وابقائها في حالة يأس، ولكن هذه اللعبة تواجه صعوبات في العراق فخلال ثلاثة أعوام لم يرى الشعب الا تلك الوجوه التي استقدمها الاحتلال معه أو رفعها من موقع الأرقام المجهولة الى دور النار على العلم، وهذه النظرة لن تمحى من ذاكرة الناس من خلال تبديل الادوار، ولكن في كل الاحوال يجب عدم الاستخفاف باللعبة المشار اليها. ان الاتجاه الى حرب التحرير الشعبية لا يدع مجالا لكل مهارات الغرب الاستعماري بما فيها النوع الخبيث، ناهيك عن الأهوج.

وندعو ايضا الى الوقوف ضد النزعات التكفيرية والتشدد والتطرف بكل أنواعه محلي كان او مستورد، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بعيدا عن محاولات الاساءة لأخواننا العرب، والتشهير بالتضامن العربي مع نضال شعبنا من أجل التحرير، ألم يتطوع العراقيون في معارك أشقائهم في فلسطين ومصر وغيرهما، ألم تشكل الأحزاب الشيوعية الأربعة: العراقي والسوري واللبناني والأردني منظمة الأنصار الشيوعية سنة 1969 للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني.

ان تبني الكفاح المسلح وحده على اهميته وجدواه دون الاساليب الاخرى ينطوي على نزعة انعزالية مفرطة، ويحمل في طياته استهانة بقدرة الجماهير وعدم الاعتراف بكونها صانعة التاريخ، وليس أي حزب او فئة او بطل او فرد هو الذي يحقق النصر. ان الانعزالية هي خميرة النزعات الدكتاتورية، لا نريد العودة الى لغة أنا الامبراطور، انا يوليوس قيصر. ان حرب التحرير أوسع مضمونا وأبعد هدفا، وهي تتجاوز النزعة العسكرية التي تصيب بعض الثوريين احيانا. ان السلاح وحده لا يحقق النصر، وان كان لا نصر على محتل من دون سلاح. ان بوش احتل العراق ولكنه لم يستطع استثمار ذلك، وكذلك الحال للذين جلبهم الاحتلال معه، لان المحتل وعملاءه معزولون عن الشعب. ان النصر الحقيقي الواعد للمقاومة هو ذلك الذي يتحقق بدعم الشعب ومعززا بثقته ورعايته.

كما يجب فضح الادعاء الزائف بأن المقاومة تبرر للاحتلال بقاءه، وكأن الاحتلال كان مشروعا خيريا قدم للشعب العراقي لوجه الله وحسب.

إن المقاومة نبعت من ضمير الناس البسطاء، بدأت من الدفاع عن البيت والعائلة والشرف الشخصي، ومن رد الاهانة ومن القهر والغضب على الإستباحة المطلقة لحقوق الناس في وطنيهم وإستباحة المقدسات التي شعر بها الاحياء حقا من ابناء هذا الشعب العظيم. ولن تتوقف حرب التحرير الا بجلاء المحتل، بالجلاء الكامل لاغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت