الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كائنات البراد المغلي

الشربيني المهندس

2018 / 12 / 27
الادب والفن


..غلاء الأسعار الذى امتد إلى كل شىء، جعل «الزبون» يناكف بائعا لم يعد قادرا على الصبر، قبل أن تتوقف لعبة الكر والفر بين الشمس والمطر .. غيوم تداعب سماء سرعان ما تنتصر للنور رغم السحب الداكنة ..
مَرَّ بالمقهى وقد أنهى ما عليه مِن التزامات، عازمًا أن يقضي هناك بعضَ الوقت، قبل أن تدرك أهدابَه حبالُ النوم.
جلس على المقعد متأوهًا، ومدَّ ساقه فرفعها، آمِلًا أن يتحسن وضعها، وأن يصبح غدًا؛ فيجدها قد تخفَّفَت مِن تورمها وأوجاعها.
كان الليلُ وشيكًا والطقسُ مُنعشًا ولطيفًا ؛ لا برودة تخترقُ العظـــمَ ، ولا سخونةٌ تكتم الأنفاسَ أو تخنق الصدرَ، والناسُ في حال الخفَّة والائتناس، يتبادلون الحديثَ ترفًا ..
لا أدري كيف دخلت . كيف طاوعتني قدماي ، وحملتني إلي هذا المكان .. نظر في ساعته .. لا بد من انتظاره وهنا كما حدد ..
مقهي رمسيس .. جلس بجواري شاب أسمر ..
شكلك اسكندراني .. أعطاني حبات فول سوداني ..وضعت يدي في جيبي ، اتحسس التذكرة والفلوس .. ابتسمنا ..
قال :أنا محمد حافظ رجب ..لاحظ أنني أنظر بدهشة إلي رأسه ..
قال : هذه رأسي فعلا أما الكرة في الملعب .. واضح أنك تعرفني ..
كنت أحاول إستجلاء طلعته .. وماذا فعال السمار في قسمات وجهه ..
قال : ماذا قرأت غير قصة الكرة ورأس الرجل .. بائع السوداني يتحدي ..كنا نغرق في الصمت ثم نعاود الحديث ..
هل قرأت العودة من داخل الرأس لعبد الفتاح رزق ..؟
كنت أحاول أن أخفي انفعالاتي خلف قناع من الابتسامات قبل أن يسألني عن هواياتي ..
عمار يا اسكندرية .. وشارع النبي دانيال .. إنه رجل الطموح والخيال الجديد الذي يتحدي الكبار ..
أدرت وجهي أتفحص المكان .. التلفزيون الملون هناك .. توقفت عند نظرات رجب علي الحائط المقابل ، وهو يحكي ..
- هذا (ماردونا) لاعب الكــرة الأرجنتيني في فانلته الزرقاء ، ذات الخطوط الطويلة البيضاء .. هرش رأسه : فانلة الخطيب حمراء أليس كذلك ..
ثم قال : هذه أظنها فانلة بيضاء ذات خطوط طويلة زرقاء ..
نظر نحوي وجدني فاغر الفاه .. أشار إلي جاره في الصورة ..
بيليه الملك البرازيلي بفانلته الصفراء .. وهذا الألماني بيكنباور .. القيصر يا رجل .
الا تشجع الكرة . مصفقا أحمد يا صالح لو جبت الجون ..وقام البعض يرقص معه
المقهي مزدحم .. مكتب صاحب المقهي علي ما يبدو بجوار الباب .. نظراته الثعلبيه في كل إتجاه .. بجواره تمثال رمسيس ..
قلت لجاري : وهذا هو رمسيس الثاني الذي انتصر في معاركه حتي علي اليهود ..
همس الرجل واضعا أصبعه علي فمه .. صاحب المقهي يهودي ..
سألته كيف عرفت .. ضاحكا التمثال قال لي ذلك ..
قلت ربما مال عليه التمثال الضخم فانتقم منه ..
يبدو أنك لا تعيش الأحداث .. لقد تم تهريب التمثال بعد أن رفعوه من ميدان باب الحديد .. بعد معاهدة التطبيع اياها ..
لحق بدمعة هاربة .. كانت إحتفالية الخروج من الميدان رهيبة ..عاودته الابتسامة ..هذا التمثال من البلاستيك الصيني .. إنت بتشتغل ايه ..؟
قلت بائع روبابيكيا
أصوات القواشيط ولاعبي الطاولة والدومينو تغطي المكان .. صورة كبيرة لرئيس الجمهورية بزيه العسكري والنياشين .. بطل أكتوبر .. ضحكت ..
إتعلموا .. وتقوللي يهودي ..
تفحصته من جديد .. إنه من النوع الذي ينتظرلكن البرابرة لا يأتون .. إعلانات عن سيارات يابانية وصينيه .. قال : فاكر السيارة رمسيس ؟
تجاهلته .. في الجانب الآخر كان إعلان إنسف حمامك القديم .. كليوباترا تحييكم ..
.. استخدم قباقيب شجرة الدر بأمان ..
علبة سجاير مارلبوروو حجم كبير.. تشعر بسخونة نارها ..
بحثت عن حافظ .. كان هناك يتأمل بوستر كبير لتوم وجيري .. راودني السؤال لماذا يهزم الفأر القط ..؟
وبكل هدوء وثقة .. هل هو الذكاء مقابل الغباء ..؟
هل هو الجديد مقابل القديم .. حافظ رجب والتجديد . مثلا .
سألته متي سيعود إلي الحياة الأدبية ..؟
قال : بالطبع تطاردني مئات الأفكار الإبداعية ورغم الحاحها وطرقها علي زجاج بابي وشباكي إلا أنني أخرج لساني لها واتهرب ..نحن ابناء الشوارع المظلمة نحس باللاجدوي واللامعني واللا أمل ..
..سأعود لو عاد الغوغاء إلي جحور الفئران السود ..باغتني بالسؤال وهل تستطيع التمرد ..؟
مع قهقهات الحمير الذكية هناك توقف الحديث وشعرت بآلام في قدمي .. لقد مشيت كثيرا ..
كنت أجرب الحذاء الجديد ..منذ إصابتي بالفلات فوت ( تسطح القدمين ) والذي حرمني من المشاركة في حرب أكتوبر وأنا أجرب الأحذية الجديدة مدة معينة ..قبل الإطمئنان لها فهي تصيبني بالعصبية أحيانا ..
طبعا شاركت في حرب الإستنزاف .. ؟؟
ضاحكا .. ما زلنا نحارب .. لكنه الجهاد الأكبر .. جهاد النفس والغلاء والفساد ..
تلفت حولي .. تحاشيت نظرات صاحب المقهي .. أخرجت الهاتف وخاطبت رفيقي بحدة .. أنا في انتظارك بالمقهي .. مليت وطقيت ..تعال بسرعة وبلاش تعمل عنتر ..أغلقت الجهاز متأففا ..
كانت نظرات الفأر جيري نحوي تقول الكثير .. تلفت حولي من جديد
كانت كائنات غريبة ترقص مع حافظ وهو يرفع براد الشاي واطلقت ساقي للريح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح