الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا والفوبيا الكردية

طه عيسى

2018 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


المخطط التركي في سوريا وكل أجزاء كردستان ضد الكرد هو إنهاء وجودهم بشكل كامل وليس لأجل القضاء على جماعة أو حزب معين . ففي تركيا عملت وتعمل على تخدير ومحو وجود 20 مليون كردي منذُ عشرات السنين بأبشع الأساليب القمعية والبعيدة عن القيم الإنسانية ، وأعتقد إنها نجحت في ضياع وطمس هوية جزء كبير منهم ، و الدليل على ذلك إننا نرى تقاعسهم في المطالبة بحقوقهم بشكل يليق بحجمهم أولاً وعدم قدرتهم على دعم ومساندة اخوانهم في الأجزاء الأخرى لكردستان ولو بإقامة مظاهرة تندد بما يفعله المجنون أردوغان بحق أبناء جلدتهم في سوريا ثانياً. وفي المقابل يخرجون بالآلاف في شوارع آمد( ديار بكر) لأجل القدس والفلسطينيين أو دعم حركة دينية كما حدث أثناء المظاهرات الداعمة لحركة الاخوان المسلمين في مصر الذين لم نرى منهم موقفاً مشرفاً تجاه قضيتنا بإستثناء بعض الشخصيات الثقافية منهم ولهم كل الاحترام والتقدير .
أما في جنوب كردستان (العراق) فمن يذهب إلى هناك سيلاحظ بشكل واضح السيطرة التركية على مفاصل الحياة الإقتصادية والتجارية والحركة العمرانية هناك وهذا ما عدا السيطرة العسكرية والاستخباراتية عن طريق عشرات القواعد التي أقيمت في عهد صدام المقبور وبعد ذلك بموافقة الأقليم على مضض في السنوات ما بعد 2003 وذلك بحجة القضاء على حزب العمال الكردستاني وملاحقة عناصره، لكن الجميع يعلم كذب ونفاق الدولة التركية وحقيقة مطامعها في المنطقة التي تتمثل في القضاء على كل ما يمت بصلة بالكرد وحقوقهم وكذلك رغبتها في استعادة أمجاد الدولة العثمانية على حساب حقوق وأحلام الشعوب الأصيلة في المنطقة .
في سوريا وتحديداً في شماله ،عملت تركيا منذُ بداية الثورة السورية على تسخير كل إمكاناتها واستخدام كافة الاساليب الممكنة والغير ممكنة للاستفادة من الأزمة السورية أقتصادياً وسياسياً . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ضرب وإفشال أي مخطط أو حلم كردي مشروع في إقامة كيان تحت أي مسمى: حكم ذاتي، إدارة ذاتية ، فيدرالية إلخ . وفعلت لأجل ذلك كل ما هو متاح، ففتحت حدودها لكل شذاذ الأرض والإرهابين والجماعات التكفيرية التابعة للمعارضة السورية وحتى جعلت المعارضة السورية السياسية تطلق تصريحات مهينة جداً بحق الكرد، كوصفهم بالبويجية أو مهاجرين وعصابات. وكانت النتيجة هي هجوم داعش على كوباني في 2014وتشريد أهلها وتخريب المدينة عن بكرة أبيها . كل ذلك لضرب أي أمل في التعايش السلمي مستقبلاً بين جميع المكونات السورية وبشكل خاص العرب والكرد باعتبارهم المكونان الرئيسيان . لن نطيل كثيراً في شرح وتفصيل السياسات التركية في المنطقة بشكل عام وخاصة تجاه المنطقة الكردية باعتباره بات واضحاً للجميع. لكن ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على المخطط التركي في شرق الفرات في الأسابيع الأخيرة وما تلاه من قرار ترامب بسحب قواته من سوريا وترك قوات قسد والشعب الكردي وغيرهم لمصير مجهول بعد أن قدموا الغالي والنفيس دفاعاً عن قيم الحرية والكرامة لكل العالم وليس لأجل شمال سوريا والكرد فقط، حتى وصل الأمر بالرئيس الامريكي أن يقول لأردوغان : تفضل سوريا كلها لك. ونحن نعلم إن هذا الأمر غيرممكن في الواقع في ظل وجود قوى كبرى أخرى في المنطقة مثل روسيا وايران، لكن بأعتقادي أراد ترامب بهذا القرار خلط جميع الأوراق وتفكيك التحالف الثلاثي بين تركيا وروسيا وايران وغير ذلك من الأهداف الأمريكية التي لا نعلم عنها.
المهم إن تركيا تخطط لشرق الفرات كما فعلت تماماً في عفربن حيث قايضت روسيا والنظام على الغوطة الشرقية مقابل السماح لها بدخول عفرين وأحتلالها وأرتكاب أبشع الجرائم بحق أبنائها مع مرتزقة المعارضة السورية التي تركت ساحة حربها مع النظام وأتت لتحارب الكرد وتهجرهم من قراهم ومدنهم وتسكن في بيوتهم وتستولي على مزارعهم وبساتينهم وحتى الاعتداء على شرفهم لإجبارهم على الهجرة وإسكان العرب والتركمان بدلاً منهم في أكبر عملية تغير ديمغرافي أمام أنظار العالم وبذلك تكون تركيا قد حققت أهدافها هناك ولو سلمتها إلى النظام أو روسيا فيما بعد، فالمهم هو التغير الديمغرافي وتهجير الكرد وتشتيت قوتهم وشملهم ومنع اتصالهم وتواصلهم مع الأجزاء الأخرى لكردستان . واستكمالا لذلك المشروع الخطير تحاول الآن أن تعيد نفس السيناريو ولكن هذه المرة مقايضة إدلب بشرق الفرات وتوجيه كافة الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة إلى شرق الفرات إن نجحت في أحتلاها وكذلك إعادة اللاجئين السورين العرب إلى هناك والتخلص منهم وضرب عشرة عصافير بحجرة واحدة وبذلك تكون قد ضمنت إنه لم يبقى مشروع أو طموح كردي قوي في سوريا المستقبل حسب ظنها وتكون قد قطعت أوصال وطن الكرد وضيقت الخناق على اقليم جنوب كردستان الذي لا تخفي تركيا ندمها على القبول به في ذلك الوقت وقالت مراراً لن نسمح بتكرار تجربة العراق في سوريا والجميع رأى إن تركيا جنت جنونها أيام استفتاء أقليم كردستان وأغلقت جميع المعابر الجوية والبرية ونسقت مع العبادي و ايران وقوات الحشد الشعبي العربي والتركماني لأحتلال كركوك هذا ما عدا التصريحات النارية والتعبئة الإعلامية ضد خطوة الأقليم الشرعية وهي بالأساس خارج حدودها ، ولكن الفوبيا التركية من الكرد ستبقى ولو كان ذلك على المريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل