الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة التغيير .. وتغيير الأزمة

أبو العز الحريري

2003 / 3 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

اتخذنا مواقف تصحيحية متوالية . فى مواجهة عبد الناصر وسياساته، خاصة بعد هزيمة النظام التي ألحقت بالجيش المصري هزيمة هو من جريرتها براء عام 1967 .. ونبهنا بعد  بيان 30 مارس لخطورة الميوعة فى مواجهة قوى الثورة المضادة وضد استبعاد الإرادة الشعبية أو دمجها فى فكر القائد أي قائد .. .. لكن مقتضيات تحرير الأرض والإرادة لم تعطنا فرصة التركيز على الديمقراطية . سنوات ثلاث حافلة بالصور والإعداد وبدء الاستنزاف . ثم رحل عبد الناصر مخلفاً وراءه حاكماً . سار في الطريق العكسي لطريق الثورة، وبعد مماطلات نفذ الجيش بقرار الشعب في 9،10 يونية 67 .

وفي مواجهة السادات وللآن

استمرت جهودنا مع المخلصين المستنيرين من شعبنا لاستعادة الديمقراطية المغيبة تمكيناً للإرادة الشعبية في انتخابات برلمانية وشعبية محلية ونقابية عمالية ومهنية .. وكل جمعيات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية طبعاً .. ورفع يد وسطوة الإدارة المحلية والأجهزة الأمنية خاصة أمن الدولة عن تشكيلات النقابات العمالية والمهنية والجمعيات والمجالس الشعبية ومجلس الشعب، وعن التدخل في اختيار القيادات الإدراية والتنفيذية، والجامعات أساتذة وطلاب .. وسعينا للتفرقة بين شمولية التخطيط والتنظيم الاقتصادي . إنتاجاً وخدمات لتحسين الاستفادة من إمكانيات الوطن في حمايته بالديمقراطية والشفافية في مواجهة طبقة ساداتية مفسدة . وبين شمولية الدولة البوليسية التي غرقت في الفساد والطفيلية والتبعية، وبالتالي أصبحت بوليسية وأصبح تزوير الانتخابات وإفساد الحياة العامة والسلطة والرأسمالية الطفيلية أمراً واقعاً . وسادت عوامل الهدم – وتراجعت إيجابيات الحياة .. وتقدمت العملة الرديئة على العملة الجيدة .

عصر من الثورة المضادة

كان مجيء السادات تتويجاً لنمو سرطاني لقوى الثورة المضادة التي بدأت جذورها أواخر أيام عبد الناصر . ولهذا توالت الانتكاسات بدءاً من رفع الأسعار في 17 يناير 1977 إلى زيارة القدس المشئومة . وكامب ديفيد التي أضاعت السلام على حد تعبير إبراهيم كامل وزير الخارجية الذي استقال احتجاجاً عليها بعد استقالة إسماعيل فهمي على زيارة القدس .. وتسلح نظام السادات بترسانة من القوانين سيئة السمعة والمضمون . وتحالف مع الأمريكان والرجعية العربية . وتوجه قسراً بالوطن اقتصادياً واجتماعياً في الاتجاه المنحاز للرأسمالية الطفيلية التابعة . واستعان بقوى التأسلم المتخلف المتستر عن قصد أو جهل بالدين، وتولت بعض أجنحته تنظيم وتدريب الإرهابيين خاصة في الجامعات وتولى بأجهزته ترويض الأفكار الإرهابية المتطرفة بل زايدت على الإرهابيين أنفسهم وواصل اتهام معارضيه بالكفر والإلحاد والخيانة والعمالة.
وحين لقى مصرعه، وجدت السلطة صعوبات جمة لتحجيم الإرهاب والقضاء المؤقت عليه . فما يزال تحت رماد الوطن يحاول أن يطل برأسه، وكانت المحصلة وصول الوطن لمأزق لا يحسدنا عليه أحد .

ولادة قيصرية للانتصار

أكثر من أربعين عاماً تنوعت فيها القضايا والمواقف والعنت والمعاناة . كلنا لم نفتقد يوماً ثقتنا بالانتصار المر للشعوب . وتوافرت ظروف عالمية ومحلية ضاغطة للتغيير الذي يفرض نفسه على الحكام عناداً ومعاندة وحكماً وتحكماً مقيتاً .. وفي مصر كان حكم المحكمة الدستورية العليا بالبطلان الثالث لمجلس الشعب أداة معنوية وحزب متحكم مغتصب للأغلبية . وتحتم إشراف القضاء على كل صندوق انتخابي . لقد انتصر القضاء للشعب وأعمل روح الدستور . وأسرع قادة الحزب الوطني بعد الهزيمة الفاحشة للتغني بالنزاهة . ولسان حالهم يعترف بجرم التزوير سنين طويلة . ثم استدار على الدستور وحكم المحكمة الدستورية وإرادة الشعب فقام بتزوير قانون الانتخابات وألغى إشراف القضاء على انتخاب المجالس المحلية . وأصبحت بعض النوادي الرياضية أكثر شفافية في الانتخاب والحساب والتحاسب من الانتخابات العامة .. وزور القانون مرة ثانية بتعديل شرط صفة العضوية بأثر رجعي للإبقاء على عضوية باطلة لعدد من نوابه في تدخل فاضح في أعمال القضاء .

أزمة التغيير وتغيير الأزمة

للعام الثالث يتزايد الأمل الضعيف تراجعاً فيما سمي يوماً ببرلمان الأمل . ولم يتحسن الأداء بعد مؤتمر الحزب الوطني ولم نر فكراً جديداً، ولم نر نقداً شجاعاً للفكر القديم . وكأن كوارثاً لم تحدث واستمرت نغمة " أفضل قرار وزيادة وتوقيت وسياسة ونتائج " . واستحكمت الأزمة حول خناق الوقت . وجاء قرار لجنة السياسات مفرغ المضمون .. فإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة عملية شكلية .
فالقانون في مصر لا يطول إلا الفقراء . ومبررات السجن تتكاثر بانهيار الحياة الاقتصادية والاجتماعية لأغلبية الشعب . وما تزال عقوبة الإعدام لأسباب تدين المتسببين للمشنوقين في التفاف حبل المشنقة حول رقابهم .
وإلغاء محكمة أمن الدولة أبقى على محكمة أمن الدولة طوارئ، وهي الأسوأ والأكثر تعارضاً مع الدستور وأبسط حقوق الإنسان . أما المجلس القومي لحقوق الإنسان فإنه يقتضي أن تسود قيم وسلوكيات حقوق الإنسان حياة المجتمع حكاماً ومتحكمين، قبل الشعب الذي يعاني تحكمهم، وأن تسود كل آليات المجتمع الحر اقتصاداً وديمقراطية وحقوق إنسان لأنها شبكة من العناصر، فتعطيل واحدة منها يوقف التأثير الإيجابي لباقي العناصر .. ولهذا أثار رئيس التحرير في العدد السابق للوصايا العشر التي تتناقض مع بنيان حزب تتآكل فيه العناصر المخلصة وتتوارى الكفاءات لصالح شجعان السيما والمفسدين . والطريقة التي أعلنت بها القرارات تجعل من رئيس الحكومة سكرتيراً بدرجة رئيس وزراء . ألم يفكر الحزب الوطني أن تكون رئاسة الحزب لرئاسة الوزراء . وبقاء رئاسة الجمهورية بعيداً عن الأحزاب لضمان الحياد وفتح المجال لتنافس حزبي حقيقي، وعدم جرجرة مؤسسات الدولة ووزاراتها السيادية في دعم البنيان المتهالك لحزب السلطة .. أليست هذه تجارب الشعوب كلها .
كان من الأوفق استجابة الحزب الوطني لهذه الوصايا التي طالما نادينا بها مع غيرنا منذ تأسيس الحزب عام 1976 بدلاً من الانتظار لما بعد الزيارة للوغد الأمريكي . وفي لحظة باتت فاضحة ومفضوحة . ألم يكن من الأفضل ألا تمتد حالة الطوارئ وألا يجدد قانون التفويض .. ورغم الشكلية فإننا نتمنى أن يخطو الحزب في مياه التغيير، لعلنا نستطيع يوماً أن نوقف عجلة التخلف التي أدت بمصر إلى المرتبة الثالثة والعشرين بعد المائة في ترتيب الدول، بينما قفز العدو الصهيوني إلى مستوى الخمسة الأوائل .

أبو العز الحريري

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه