الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نخيل العراق..وشفيق الكمالي ..وموطني المستعار

اسماعيل موسى حميدي

2018 / 12 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نخيل العراق ...وشفيق الكمالي ...وموطني المستعار
.........................................................
د.اسماعيل موسى حميدي
يقول شاعر الاحساس والتراقق، السوري، نزار قباني: ان شعراء العراق بعدد نخيله، وهذا ليس بكلام تخاطر انما حقيقة نابضة في قلب تاريخ الادب العربي، فما من مهرجان او محفل شعري يقام حتى يقف مشاركوه وجلا ومهابة امام مفردات الشعر العراقي العميقة ،والذي على مايبدو تغذت شياطينه الشعرية من موروثات حضارية تأصلت وتناسلت عبر طيات التاريخ، بعد ان حبكها الالم العراقي المزمن ليُختزل الاحساس عنده بصور شعرية متناغمة الابداع والتشكيل.
والشعر هو الاخر لايبتعد عن السياسة فبه تنشد الامم امجادها وتستحضر تاريخها من خلال نشيد وطني لكل دولة محبوك المعاني يربط تاريخها بحاضرها وامجادها بابنائها.
وعندنا في العراق ولأسف غريب وأمر معيب ، بعد مضي خمسة عشر عاما على تغيير النظام الدكتاتوري ، وعراقنا من دون نشيد وطني رسمي.
إذ ان من بديهيات سيادة البلدان هوياتها الوطنية التي يُعبر عنها برمزيات تثبت وجودها الكوني مثل النشيد الوطني للدولة، والعلم وغيرها. والنشيد الوطني غالبا ما يحمل رمزية عالية لحضارة وتاريخ وجغرافية البلد يستنهض حماسة ابنائهم من خلال حبكة كلاماته المنسجمة مع مضمونه المعنوي الذي يثير الوطنية عندهم بحب متطرف ليس له منافس .

اما نشيد (موطني موطني) والذي يعول عليه حاليا في المناسبات الوطنية والمحلية هو قصيدة شعبية للشاعر الفلسطيني "ابراهيم طوقان" اطلقها سنة 1934،ولحنها اللبناني "محمد فليفل" واصبحت بعدئذ النشيد الوطني لفلسطين،وهكذا رحنا نستعير لوطننا من فضلات الشعوب ونتجاهل تاريخنا السيادي والادبي... الامر يعطي رسالة واضحة من الطقمة السياسية الحاكمة في العراق بان دولتنا ما زالت منقوصة السيادة وهي هاوية خاوية وتنتظر اهلها المناسبين لها كي يكملوا سياتدتها.
كلنا يتذكر النشيد الوطني العراقي السابق والذي يبدأ ببيت شعري مزلزل، شئنا ام أبينا ،(وطن مد على الافق جناحا... وارتدى مجد الحضارات وشاحا).عندما اتفقت المعاني مع اللحن والاداء بجودة عالية ، وهو من كلمات الشاعر العراقي "شفيق الكمالي" الذي هو الاخر لم يخلص من ظلم الطاغية، إذ تفيد الاخبار عنه انه توفي بعد مدة وجيزة من خروجه من السجن بسبب تهمة لفقت له ،بعد ان اعتقلوا ابنه الطالب في كلية العلوم بجامعة بغداد بتهمة تسجيل صوتي عليه وهو يتبادل مع زملائه دعابات ساخرة عن السلطة وقائدها.
والكمالي رقم ادبي ليس بالسهل، بغض النظر عن نشاطه السياسي، فأنه ترأس وأسس الكثير من المؤسسات الادبية العراقية والعربية منها ترؤسه لاتحاد الادباء العرب وتأسيسه لدار "افاق عربية" ودار ثقافة الاطفال التي اصدرت مجلة مجلتي كذلك هو مؤسس دار الازياء العراقية وله دواوين شعرية ومؤلفات كثيرة.
عدم وجود نشيد وطني حماسي خالص عراقيا هو استهانة بالعراق وسيادته وتراثه وشعرائه.خصوصا ولدينا مئات القصائد الوطنية المحبوكة لشعراء النخيل كما اسماهم نزار قباني، وانا شخصيا ارى في القصيدة التي تُنسب لشاعر العرب الجواهري والتي مطلعها (سلام عليك على رافديك عراق القيم). ما يناسب ذلك مضمونا وشكلا ،كما أشير اليها من قبل.
ترك الامر سائبا بهذه الصورة المشبعة بالخجل انتقاص واستهانة لتاريخ بلد كامل لا يقف وراءه الا الجهل والغباء المحاصصي السياسي، فالامور المفصلية لابد ان تحسم للصالح الوطني العام ، ولابد من التعامل معها بمهارة السياسي الوطني الحاذق .
اذا فشلت سياسة اليوم ،وبعد خمسة عشر عاما، في تحقيق مثل هذه الجزئيات البسيطة في بناء الدولة العظيمة فهي حتما الافشل في البناء الخدماتي المنشود ،وهذا واعز حيوي حقيقي لدعوة إعادة النظر شعبيا بالنظام السياسي كاملا في البلد.لان الفاشل ليس لديه من شيء الا الاستمرار بالفشل وتوسيع رقعته الجغرافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض