الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل الذي تحدى الانتداب000 ؟

شمس الدين العجلاني

2006 / 4 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تحتفل سوريه العربية في السابع عشر من نيسان بذكرى جلاء المستعمر الفرنسي ، وبهذه المناسبة نستذكر معا تاريخ رجل من رجال بلادي كان من صانعي الاستقلال 0

جميل مردم بك، تذكروا هذا الاسم جيدا ، انه رجل من رجالات سوريه ناضل ضد المستعمر الفرنسي وكان كبقية الرجال الذين صنعوا استقلال سوريه، كان يناضل بالدم والعرق والمال في سبيل إعلاء كلمه سوريه ، ولتبقى راية الوطن هي الراية الخفاقة في الأفق 00 جميل مردم بك هو الرجل الذي قال لمندوب فرنسا السامي اخرج من مكتبي 00 ؟ فمن هو هذا الرجل :
جميل مردم بك :
ينتسب هذا الرجل إلى أسرة دمشقية عريقة، ولد في دمشق عام 1893 وبدأ دراسته فيها، وبعد أن أنهى تحصيله الثانوي قصد فرنسا لاستكمال تعليمه، كان همه الأول أن يتقن العلوم الزراعية من أجل تحسين استثمار ممتلكات العائلة من الأراضي الزراعية، وانتسب في الوقت نفسه إلى معهد العلوم السياسية في باريس، وفي العام 1911 أسس بالاشتراك مع مجموعة من الشباب المثقف جمعية سرية سميت “الجمعية العربية الفتاة” في باريس، لتحرير الأرض العربية من الهيمنة العثمانية والأجنبية.
في العام 1913 انضمت بعض الجمعيات السرية إلى “الفتاة” في الدعوة إلى مؤتمر للعرب يعقد في باريس، وانعقد المؤتمر فعلاً وعرف باسم “المؤتمر العربي” وشارك فيه ممثلون عن جميع الأقاليم العربية، وكان جميل مردم بك واحداً من الثمانية الذين وجهوا الدعوة للمؤتمر وشغل فيه وظيفة أمين السر العام المساعد، وكانت مهمته تنسيق الجهود وتصنيف المطالب الوطنية للعرب، وصدرت عن المؤتمر قرارات تم تبليغها للدول العظمى ولسفير الإمبراطورية العثمانية في باريس، ومنذ ذلك التاريخ فرضت القضية العربية نفسها على الرأي العام بصورة متعاظمة. وعندما صدرت موجات الحكم بالإعدام من قبل محكمة عليا على رواد القضية العربية، كان مردم بك لا يزال في فرنسا، وعلى الرغم من ذلك صدر الحكم عليه بالإعدام غيابياً،
وبعد أن نجحت الثورة العربية وأعلنت الهدنة، قصد الشريف فيصل بن الحسين أوروبا من أجل الدفاع عن التطلعات العربية بعد انسلاخ الأقاليم العربية عن الإمبراطورية العثمانية، وقد انضم جميل مردم بك الذي كان لا يزال في فرنسا إلى الشريف، واستطاع في شهر فبراير/شباط ،1919 أن يُسمع صوت سوريا في خطاب ألقاه أثناء مؤتمر الصلح في فرساي، وكان الشعار السوري المطروح أمام المؤتمر هو أن سوريا، كما استطاعت أن تسهم في حدود إمكانياتها في المجهود الحربي للحلفاء، فإنها لا ترفض المساعدة الفنية من الغرب، ولكنها حريصة على ممارسة سيادتها الكاملة، وأن تكون هذه السيادة محترمة ومعترفاً بها علناً. وأحسنت أوروبا استقبال الشريف فيصل، ولكن مهمته اصطدمت بعقبات عديدة، وعاد مردم بك إلى أرض الوطن برفقة الشريف فيصل عام 1919 ، وأصبح من مستشاريه0
انضم جميل مردم بك إلى حزب الشعب، الذي أعلن في العام 1925 الثورة ضد الاحتلال الفرنسي، وأسهم في المعارك التي جرت بين قوات الاحتلال الفرنسي وبين المقاومة السورية التي كان لواؤها معقوداً لسلطان باشا الأطرش، وعندما حاصرت القوات الفرنسية جبل الدروز وأمرت باعتقال زعماء الثورة استطاع جميل مردم بك، والدكتور عبد الرحمن شهبندر الفرار والوصول إلى مدينة حيفا في فلسطين، وأصدرت سلطات الانتداب الفرنسي الحكم عليهما بالإعدام غيابياً0 وفي عام 1928 انتخب نائبا في البرلمان عن مدينة دمشق ، وفي شهر كانون الأول من عام1946 شكل الحكومة السورية وأعاد تشكيل الحكومة في تشرين الأول من عام 1947 ، وتقلد بنفسه وزارة الدفاع الوطني عندما بدأت العمليات الحربية في مايو/أيار ،1948 وأدخل إصلاحات جذرية في جهاز الجيش،و في شهر كانون الأول 1948 قدم مردم بك استقالة الحكومة، وكان السبب الحقيقي فشل الجيوش العربية في فلسطين.
وكان الرجل عارض بشدة الموافقة على الهدنة الأولى والثانية أثناء الحرب، والتي كانت الموافقة عليهما سبباً مباشراً للهزيمة، ولكنه اضطر في المرتين للموافقة تحت ضغط المصريين والعراقيين والأردنيين الذين كانوا لا يزالون يعانون من الاحتلال البريطاني، وكانت الحكومة الوحيدة التي تساند سوريا هي الحكومة المستقلة التي يرأسها رياض الصلح في لبنان. وبالإضافة إلى ذلك رفض مردم بك التوقيع على اتفاقية “التابلاين” حيث وجد أن نصوصها ليست في صالح سوريا، كما رفض قبل ذلك التوقيع على الاتفاقية النقدية مع فرنسا لأنها ترهن الاقتصاد السوري للاقتصاد الفرنسي، وبعدها رفض اتفاقية الهدنة التي دعيت سوريا لتوقيعها في رودس.
غادر مردم بك سوريا في كانون الثاني 1949 وأقام في القاهرة ، حيث نشر في شهر أيلول من عام1954 تصريحاً أعلن فيه رسمياً اعتزاله الحياة السياسية، ولم يكن قد تجاوز الواحدة والستين من العمر، وفي التاريخ المعاصر كان المثال الفريد للزعيم السياسي الذي يعتزل الحياة السياسية وهو في أوج نشاطه، وفي الأول من شباط “فبراير” 1958 دعاه الرئيس جمال عبد الناصر للوقوف معه ومع الرئيس القوتلي عند التوقيع على الإعلان عن الوحدة بين سوريا ومصر.
وافاه الأجل في عام 1960
حين قال اخرج لمندوب فرنسا :
بتاريخ 26ايار من عام 1945 شهدت شوارع دمشق موكب عسكري حافل ، تزأر سياراته بصفاراتها الحادة ، عربات جيب عسكريه 00 ضباط وشرطه 00 سيارات مدرعة ومصفحة 00 الموكب يخترق شوارع دمشق محيط بسيارة فاخره تحمل العلم الفرنسي ، ويصل الموكب بسلام إلى وزاره الخارجية ، وتقف السيارة الفاخرة ، ويقفز الجنود حولها ويتقدم احدهم ليفتح الباب للجنرال الفرنسي ( بينيه ) مندوب فرنسا السامي 0؟ يتمختر الجنرال ( بينيه ) بكل عظمه هو و كل الأوسمة والنياشين التي علقها على صدره ، ويدخل مع شله من ضباطه إلى مبنى الوزارة قاصدا مكتب الوزير 0؟ ولم يكن يدري هذا الجنرال أن وزير الخارجية آنذاك جميل مردم بك قد عجن بالوطنية ، وتلقى أول درس في حب الوطن من صدر أمه ولم يكن عمره آنذاك إلا أياما قليلة 00 لم يفاجأ الوزير بدخول الجنرال الفرنسي لان الضوضاء التي أحدثها هو وموكبه العسكري الحافل ، لفتت انتباه الوزير فأتجه إلى النافذة ليرى ثكنة عسكريه قد انتقلت إلى أمام وزارته 0؟ دخل الجنرال وكل نياشينه إلى مكتب الوزير بدون موعد أو استئذان ، وألقى تحيه الصباح على الوزير مردم بك ، الذي رد عليه بكل بروده الأعصاب وهو يشغل نفسه ببعض الأوراق التي كانت على مكتبه ، فتقدم الجنرال للوزير بمذكره تتضمن مطالب فرنسيه من الحكومة السورية ، فتناولها مردم بك واخذ يقرأها بكل هدوء بعد أن طلب فنجان قهوة لنفسه دون أن يطلب للجنرال أي شيء 0؟ وبعد مرور قرابة الربع ساعة قال الوزير إن سوريه لا تستطيع قبول ما جاء في المذكرة ، فرد عليه الجنرال وهل تستطيع سوريه عدم القبول وابتسم بسخرية قائلا هل تعتقد سوريه أنها دوله مستقلة لكي ترفض طلبات فرنسا 0؟ فابتسم مردم بك هو الآخر بسخرية ووقف وكل عنفوان رجالات سوريه معه قائلا : وهل تعتقد فرنسا أنها دوله عظمى لكي توجه هذه المذكرة إلى سوريه ؟ وأشار إلى باب مكتبه قائلا اخرج من مكتبي 0 عقدت الدهشة لسان الجنرال وتراقصت كل النياشين على صدره ، ولم ينطق بكلمه واحده ، إنما لملم نفسه وجرته قدماه إلى باب المكتب ، وخرج من وزاره الخارجية السورية مهزوما منكسرا 0
وأدرك الوزير مردم بك أن هذه الحادثة سيكون لها ذيولها ، ولا بد من وضع رئيس الجمهورية بصوره هذه الواقعة ، فتناول سماعه الهاتف يطلب رئيس الجمهورية والذي كان آنذاك الوطني الكبير شكري القوتلي ، وقص الوزير على الرئيس ما حدث فقال القوتلي للوزير : أنت غلطان لأنك لم تقطع رقبته ، أو على الأقل أن تأمر بإلقائه من أعلى درج الوزارة 00
هذه هي سوريه وهؤلاء هم رجال سوريه وصانعوا استقلالها ، فهل عرفتم هذا الرجل الذي قال لمندوب فرنسا السامي اخرج من مكتبي لأنه تطاول على الوطن على سوريه 0 انه جميل مردم بك واحد من عشرات بل مئات رجالات سوريه المجبولين بالكبرياء وحب الوطن الذي صنعوا استقلال سوريه ، لا تنسوا هذا الرجل انه واحد من رجالات سوريه والأمة التي لا تقرأ تاريخ رجالاتها لا تستطيع بناء مستقبلها 0000 ؟
---------------
صحفي وكاتب
دمشق 14-4-2006









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع