الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ياسر رزق ..اغسلها وتوكل-

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2019 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


منذ 25 عامًا سألني أبي -قبل أن يرحل- هل صيد "السمك الغبي" رزق أم غيّة؟، لم أفهم وقتها المقصود من السؤال، لكن بعدما قرأت مقال الكاتب الصحفي ياسر رزق والذي يدعو فيه إلى تعديل الدستور، أو بالأحرى فتح مدد الترشح للرئاسة، فهمت المراد، وهو أن صيد "السمك الغبي" رزق للثائر الصبور.
ربما لو قرأ "رزق" هذه السطور لن يفهمها، ويرى أن كاتبها "عيل تافه"، وهو ما أريده بالفعل أن أظل في عين "رزق" ومن على شاكلته، تافهًا.
الحقيقة أن قراءة مقالات الأستاذ "رزق" في حد ذاتها رزق، لأنه من النوع الذي يكتب وينكر، فتتساقط منه الكلمات التي تفضح نواياه، وكثيرًا ما سقطت أفكاره على الورق، دون أن يدري والحقيقة هو معذور فموهبة الكتابة لها ناسها.
لم يكن ممكنًا أن تأتي دعوات مد فترات الرئاسة من أحد غير ياسر رزق، فالعيب له ناسه ولا يخرج إلا منهم، وهو أمر متعارف عليه معه، إذ سبق أن مدح جمال مبارك وقاد حملة التبشير به، فأكرمنا الله من بعدها، وها هو منذ عام ونصف العام -وليس الآن فقط- يحاول أن يقوم بنفس عملية التبشير بسحل الدستور.
قبل ثورة "يناير" قال ياسر رزق مُبشرًا بجمال مبارك: "ليست لدى جمال مبارك طموحات شخصية من وراء العمل العام إلا خدمة بلده، هو يحبه ويعشقه ككل مصري، لكنه يرغب في ترجمة عواطفه إلى فعل وعمل ملموس، وليس له دخل بأولئك الذين نظموا حملات دعائية له دون رغبة منه أو معرفة بهم".
بعد ثورة يناير، أما وإن أصبح له سيد آخر، هاجم سيده الأول وانقلب على ما خطت يداه وأخون جمال مبارك فقال: "جمال مبارك كان يتم إعداده لتسلم السلطة وأنا شاهد على وقائع كثيرة تشير إلى توريث الحكم، وأخشى وجود صفقة بين جمال مبارك والإخوان للوصول إلى كرسي الحكم.
أتى "ياسر" نفس فعلته مع "السيسي"، فاستعجل التبشير به، فقال في مقال عنونه بـ"حديث ليس مبكرًا عن الانتخابات الرئاسية" في أغسطس 2017: "بصراحة لا تشغلني انتخابات الرئاسة المقبلة بقدر ما أهتم بما هو بعد انتهاء المدة الثانية للرئيس السيسي، إذا ترشح وهذا ما أعتقد، وإذا فاز وهذا ما أحسب، فالساحة السياسية والحزبية مازالت غير قادرة على إنتاج كوادر جديدة مؤهلة لتولي هذا المنصب الرفيع وتحمل هذه الأمانة الهائلة في ذلك التوقيت، وهذا يضع القوى السياسية والأحزاب في بؤرة مسئولية عساها تنهض بها، لفرز شخصيات وطنية، مؤهلة، صاحبة رؤية وعزم، وقادرة علي كسب تأييد الجماهير ومعه احترام مؤسسات الدولة وركائزها، وإن كنت أظن نضج الحياة السياسية لا يأتي بقرار أو بقانون، ولا يتحقق قبل الأوان بالحَقْن، وأذكر حينما سألت الرئيس عن هذه القضية، كانت إجابته: إنني منشغل بها من الآن، وليس بما سيكون بعد سنوات".
السيسي حينما سُئل السؤال نفسه في إحدى المؤتمرات قال تقريبًا نفس الرد: "هو في حد مخلد؟ كلنا هنموت".
التبشير الثاني بتعديل الدستور قدمه ياسر رزق في مقال بعنوان "أحاديث المصالحة في رئاسة السيسي وما بعدها"، نشره في أغسطس 2018 وقال فيه: "يتصور الإخوان أن السيسي حين تنتهي رئاسته في الموعد الدستوري الذي يرتضيه الشعب، سيجلس في منزله يشاهد التليفزيون أو يدون مذكراته، وسيكتفي بأن ينزوي في الظلال تاركًا مصائر البلاد والعباد نهبًا لأهواء أصحاب الهوى!.
جملة في الموعد الدستوري الذي يرتضيه الشعب لا يمكن أن تقرأها إلا وتقول: "يا دين النبي على الحلاوة"، إذ أنها جملة أعادتنا لمدرسة رؤساء تحرير وإدارة أخبار اليوم الذين كتبوا مقالات عناوينها تليق بهم مثل "طشة الملوخية"، و"يوم أن وُلد مبارك يوم أن ولدت مصر".
وبعيدًا عن نوعية المقالات، لمح "رزق" إلى أن من سيرفضون السيسي هم الإخوان، والإخوان فقط ولا أحد غيرهم، وبالتالي فإن تعديل الدستور سيُدار بطريقة الصريخ الإعلامي ..وأن من لم يركب معهم فهو من الكافرين.
مؤخرًا، كتب "رزق" ما ادعى أنه رؤيته يطالب فيه بتعديل الدستور وتمديد فترات الرئاسة وتشكيل مجلس لحماية الدستور، وقال: "كان بالإمكان البدء مبكرًا، لولا أحوال أمن داخلية كانت لها الأولوية، وتهديدات خارجية استحوذت على بؤرة الاهتمام"، أي أنه يقول إن عملية تعديل الدستور سهلة وبسيطة، وستتم عاجلًا أم آجلًا.
يتهكم "رزق" على الجموع، حينما يقول: "لست أظن أحدًا من النخبة الفكرية والسياسية لا يستشعر الحاجة إلى إجراء تعديل في عدد معتبر من مواد الدستور"، وهي المواد التي أدرج بينها مدد الرئاسة، فهل هذا يعني أن كل المثقفين موافقون؟ ..وهو ما يُعتبر تزييفًا للواقع، وهل هنا خرج كل من يرفض التعديلات من زمرة المثقفين؟
وعلى طريقة الأطفال الساذجة يغازل بما سماه عملية إصلاح سياسي، حددها بعدم تمديد حالة الطوارئ عند انتهاء ميعادها، ولا أحد يعرف هنا هل الصحفي الهُمام الـ"رزق"، يُدرك أنه حينما يقول "إصلاح سياسي" فإنه يعترف صراحةً أن الأوضاع خربة بالفعل، وأن لفظة الإصلاح لا تطلق إلا على "الخربان".
يدعو الـ"رزق" لإنشاء مجلس انتقالي مدته 5 سنوات تبدأ مع انتهاء فترة رئاسة السيسي، وأطلق عليه مجلس حماية الدولة وأهداف الثورة، على أن يترأسه عبدالفتاح السيسي"، ويبدو أنه استخلص هذه الفكرة من فيلم "سكر هانم" حينما استلف كمال الشناوي وعمر الحريري ريالًا من الخادم ليعطياه له بقشيشًا، وها هو يأتي الفعل ذاته.
التحريض واضح وصريح في اللهجة التي تبدو حازمة وكأنها صيغة أمر حينما يقول: "ينبغي أن تباشر كتلة الأغلبية النيابية في البرلمان دورها، فتشكل مجموعة عمل متخصصة من النواب، تُجرى دراسة لفلسفة التعديل الدستوري الواجب إجراؤه في هذه الدورة البرلمانية".
وفي هذه الجملة تحدد كل شيء، الزمان: الدورة البرلمانية الحالية، والمكان: مجلس النواب، والكيفية: دعوة برلمانية، والمنفذون: الأغلبية البرلمانية، وبهذا لم يتبق إلا البضاعة فقط، لكن بعيدًا عن هذا وذاك فإن القاعدة تقول إن أكثر العمليات اطمئنانًا هي التي تُضبط فيها الجِمال بما حملت.
دعوة التعديل لا تُقلق إطلاقًا، بل هي بُشرة خير، باعتبار ما لـ"رزق" من فالٍ لطيف على السابقين، ولذلك قريبًا سيصيغ الخطة الإعلامية للتعديل، ولذلك نقول له: "اغسلها وتوكل"، يدك بالطبع!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إسرائيل؟| المسائ


.. الأردن.. مخاوف من امتداد نفوذ إيران للمملكة الهاشمية؟




.. الأمريكية نيكي هايلي تكتب عبارة -أقضوا عليهم- على قذائف إسرا


.. اليمن.. غضب في عدن بسبب ارتفاع أسعار الخبز • فرانس 24 / FRAN




.. بدء فعاليات اليوم الثالث من -منتدى الإعلام العربي- في دبي| #