الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كافكا والفتيات

رحيم العراقي

2006 / 4 / 16
الادب والفن


يعمل دانييل ديماركيه مؤلف كتاب :كافكا والفتيات ناقداً ادبيا وفنيا. أمضى سنوات من البحث لانجاز دراسة حول الرسام الفرنسي (الروسي الأصل) نيكولا دو ستايل الذي انتحر وهو في اوج شهرته وعندما كان عمره سبعة واربعين عاما فقط.
سبق لمؤلف الكتاب ان نشر عدة روايات مثل «مشهد الوداع» و«صخرة اتريتا».. و«اتريتا» هي قرية فرنسية صغيرة على شواطئ بحر «المانش». والمؤلف هو اخيرا عضو لجنة نشر الارشيف الدبلوماسي لوزارة الخارجية الفرنسية.
موضوع هذا الكتاب الجديد هو الروائى الشهير فرانز كافكا صاحب رواية «المحكمة» الشهيرة وايضا مؤلف المسخ.. الخ. ولكن من المهم الاشارة منذ البداية إلى أن هذا الكتاب ليس عن سيرة حياة «كافكا» بالمعنى الكلاسيكي لهذا التعبير وانما هو دراسة عن جانب محدد من حياته يخص علاقته مع المرأة.. وعبر هذه الرواية يلج القارئ خبايا العالم «الكافكوي» الغريب والذي يصفه المؤلف نفسه بانه عالم «منفر» و«ساحر» بنفس الوقت.. ولعل نمط العلاقة بين انسان مغرق في سلبيته وفي سوداويته جدير باهتمام طبيب نفساني على اساس انه يعبر ـ اي نمط العلاقة ـ عن حالة مرضية..
لكن مثل هذه الحالة تكتسب اهميتها الكبرى عندما يتعلق الأمر بكاتب من وزن «فرانز كافكا».. اذ وراء، وابعد من، العديد من الاشكاليات العميقة التي عاشها كافكا في علاقته مع المرأة بل و«قدرته» على «تدمير» النساء اللواتي كن يقتربن منه، كانت ترتسم ملامح «عبقرية» كاتب كبير اصبح بمثابة ظاهرة في عصره. اذ ليس هناك سوى «كافكا» واحد من نوعه. «استطاع ان يقدم افضل الاعمال الادبية في عصره، بل وربما في كل العصور». ولكن «هذا الكاتب المتفرد اخرج كتبه عبر تدمير النساء اللواتي كن مصدر الهامه».
إن القاسم المشترك بين تلك النساء اللواتي عشن لفترة من الزمن بالقرب من فرانز «كافكا» هو انهن كن من «الشابات» اللواتي بلغ عددهن حوالي عشر فتيات.. بل ويؤكد مؤلف هذا الكتاب على ان كافكا كان يتعامل وحتى مع الاكبر عمراً منهن على اساس انهن مازلن بمثابة «فتيات صغيرات» و«كان يطلب منهن باستمرار ان يعطينه صورة لهن عندما كن في سن الشباب المبكر.
لقد حاول «فرانز كافكا» مرات عديدة ان يدخل «القفص الذهبي».. مرة مع فتاة من برلين اسمها «فيليبس» والتي كان قد تبادل معها رسائل طويلة.. وكان قد اطلق عليها تسمية «الرائعة». ومرة اخرى مع «جولي» من مدينة «براغ»، وبعد ان تم اجراء جميع التحضيرات تراجع «كافكا» في اللحظة الأخيرة. وبكل الحالات تبقى العلاقة الأكثر ثباتا في حياته «كافكا» هي تلك التي اقامها مع «دارا» الجميلة.. وكانت هي التي رافقته خلال الايام الاخيرة من حياته بعد ان كان مرض السل قد انهكه.. كان قد فقد قدرته على التسلط.. وهو القائل: «ينبغي عدم السخرية من البطل وهو يترنح على خشبة المسرح بعد ان اصيب بجرح قاتل. اننا نمضي سنوات من حياتنا ونحن نرقص من الألم».
ويرى مؤلف هذا الكتاب بان فرانز كافكا لم يلعب مع الفتيات اللواتي اقتربن منه لعبة «القط والفأر» فحسب، ولكنه طلب منهن المستحيل. ولعل «الخطأ الأكبر» كما يتصوره هو ان جميع الفتيات المعنيات المعروفات منهن وغير المعروفات، انما قد وقعن في «وهم» انهن قد نلن الاعجاب الحقيقي ل«كافكا». لكن المؤلف يرى في هذا الكاتب نفسه «ضحية» وليس «جلادا» و«ساديا».. لقد ضحى بأمل السعادة في الحياة داخل اسرة لصالح هوى آخر ملك حياته كلها، واسمه «الأدب».
إن «دانييل ديماركيه» يتساءل في هذا الكتاب عن الاسباب الدينية والعميقة التي جعلت «كافكا» يركز في علاقاته النسائية على «تبادل الرسائل» وتجنب خوض تجربة «الزواج».. فهل كانت صحته «العليلة» هي السبب؟ ام كانت له ميول نحو الجنس المثلي، اي هل كان ساذجاً جنسيا؟.. ربما ان هذه هي المسألة الوحيدة التي اكتفى المؤلف حيالها بطرح الاسئلة.. او لم يتوقف عندها طويلاً.
بكل الحالات وعبر سلسلة الفشل في علاقة كافكا مع الفتيات «ولدت» رواياته واغلبية كتاباته الاخرى. ويؤكد المؤلف بانه في كل مرة التقى فيها «كافكا» ب«فتاة جديدة» انتهى الأمر ب«انتصار الكتابة» على «متعة السعادة». ومن خلال كل «لقاء» مع امرأة كان «يخرج» كتابا. هكذا كان العمل الشهير الذي يحمل عنوان «المحاكمة» حصيلة العلاقة مع «فيليبس».. واثر القطيعة مع «ميلينا» التي كانت تقوم بترجمة اعمال «كافكا» الى اللغة التشيكية، والمرأة التي يعتبرها المؤلف الأكثر ذكاء من بين جميع النساء اللواتي «اقتربن» من «كافكا». قام الكاتب الكبير بانجاز رواية «القصر». يقول المؤلف بهذا الصدد إن هذه الرواية كانت بمثابة «الكفن الرائع الذي لف به كافكا حبه. هكذا كانت قصص «كافكا» منذ سنوات مراهقته في «براغ» وحتى وفاته في احدى ضواحي مدينة فيينا. وهي قصص زخرت بالفتيات اللواتي لم يعرفن فيها سوى طعم المرارة.. ولم يبحث فيها كافكا، كما يبدو، سوى عن مادة لـ «قلمه».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال