الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب التونسي

فريد العليبي

2019 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي حول ‏الشكوى المرفوعة من قبله الى القضاء العسكري ضد رئيس الحكومة ومدير ‏ديوان سابق لرئيس الجمهورية ومدير عام الأمن الرئاسي ، بتهمة التخطيط لتنفيذ ‏انقلاب على رئيس الجمهورية ، تمثل تطورا مثيرا في الأزمة السياسية .‏
سليم الرياحى أدلى بذلك في حوار أجرته معه قناة تلفزية فرنسية ، وذهب فيه حد ‏تأكيده أن حياته في خطر ، وأنه طلب الحماية الأمنية ، مبديا حرصه على سلامة ‏البلاد ، فالوضع خطير.‏
‏ والانقلاب برأيه ليس فقط مشروعا يستهدف أصحابه تنفيذه مستقبلا ، بل هو قيد ‏التنفيذ حاضرا ، أي إنه أمر واقع الآن ، وفي الربع ساعة الأخير من اكتماله ‏وكانت ساحته الأولى البرلمان ، حيث استولت حركة النهضة وحلفاؤها عليه، أما ‏الساحة الثانية التي فشل فيها فهي حزب نداء تونس ، ولولا تضافر جهوده وجهود ‏آخرين لحصل ذلك أيضا ، والساحة الثالثة التي لم يذكرها ، هى الحكومة ‏فالانقلاب فيها يبدو أنه قد نجح ، والساحة الرابعة هي الادارة ، التي زرعت فيها ‏النهضة رجالها خلسة ، و بقي فقط قصر قرطاج بعيدا عن نفوذ الانقلابيين .‏
‏ واللافت زجه بالمؤسسة الأمنية العسكرية في معمعة الانقلاب ، عندما قال إن ‏مشروع الانقلابيين من بين نقاطه أنه في حال اصطدم بعوائق ولم يمر بسلاسة ‏يتم اللجوء الى حملة السلاح ، وإن من المتورطين فيه متعاونون ومغرر بهم ‏تسيطر عليهم عقلية العصابة .‏
و ذكرت مصادر أن الأمر يتعلق بشريط فيديو، سجل في حفل ختان ابن أحد ‏البرلمانيين ، ذكر فيه وزير سابق لدى وزير داخلية في حكومة الحبيب الصيد أنه يعد ‏لانقلاب ، وذلك الوزير معروف عنه انبهاره بشيخ حركة النهضة ، باعتباره قائدا ‏سياسيا مُحنكا حسب تعبيره ، يملك دهاء سياسيا كبيرا ، و لـه قدرة علـى التأقلم مع ‏الظروف ، و يُدرك الوقت الذي يجب أن ينحني فيه للعاصفة ، و الوقت الذي يقف فيه ‏بعدها ، بما قد يعني أن حركة النهضة و ائتلاف رئيس الحكومة الحالي ، الذي ينتمي ‏اليه الوزير السابق قد التقت مصالحهما ، وهما القيمين الآن على ذلك الانقلاب . ‏
وقبل ذلك بأشهر قليلة قال الصحفي الفرنسي نيكولا بو ، في مقال صدر بموقع ‏الكتروني إن وزير الداخلية السابق لطفي ابراهم ، أعد انقلابا بدعم اماراتي سعودي ‏للسيطرة على السلطة ، غير أن استخبارات فرنسا وألمانيا والجزائر أفشت سره ، ‏مما أدى الى فشله وبين أن تونس تعيش حاليا ما يشبه نهاية حكم بورقيبة ، الذي عصف ‏به انقلاب 7 نوفمبر فالرئيس مسن والأزمة مستفحلة والصراعات محتدمة والشعب ‏محبط ، يبحث عن منقذ بعد تجريب " الثورة " الخلاصية ، التي لم تف بوعودها ‏فغدت أشبه بـ " الغورة" التي نفذها سياسيون شرهون للمال والجاه والسلطان. ‏
وإذا صدقنا نيكولا بو فإن الانقلاب الأول أعده جناح معاد للنهضة ، أما الانقلاب ‏الثاني اذا صدقنا الرياحي فأعدته تلك الحركة ، وإذا كان الأول قد أخفق فالثاني نجح ‏جزئيا ، وجار استكماله على قدم وساق.‏
واللافت أن من تقدم حتى الآن الى القضاء ضد الاتهام بالانقلاب هم خصوم النهضة من ‏الليبراليين القريبين من رئيس الجمهورية ، أما هي فلم تتقدم بأي شكوى وكأنها تقول في ‏سرها يضحك جيدا من يضحك آخرا ، فقد أعدت قبل واحد وثلاثين عاما انقلابا ضد ‏بورقيبة ، لم ينجح بسبب استباقه بيوم واحد من طرف زين العابدين بن على . ويبدو ‏أنها تدرك الآن أن الانقلابات من الطراز القديم ولى عهدها خاصة في تونس، التي هي ‏على أبواب أوربا ، بينما بالإمكان تنفيذ انقلاب على طريقة الاسلام السياسي التركي ‏حيث تمت السيطرة على مؤسسات الدولة بصمت ، وعندما نهض ضده انقلاب صاخب ‏اختلط فيه أزيز الطائرات بضجيج الدبابات في غير الأوان سحق بضراوة .‏
ومن المهم هنا التنبيه الى أنه عندما يكثر الحديث عن انقلابات وهمية فذاك للتمهيد ‏لانقلاب فعلي ، وعندما يأتي هذا الأخير فإنه يمر غالبا في صمت ، بل ربما صح ‏أنه ينفذ الآن دون اثارة انتباه أحد .‏
‏ في تونس اليوم ينظر بعضهم الى الانقلاب "الصاخب " وبيانه الأول كما لو كان ‏المهدي المنتظر، الذي سيملأ الدنيا عدلا بعد أن ملئت جورا ، بينما يشبهه آخرون ‏بغودو في قصة صامويل بيكيت ، الذي لن يأتي أبدا ، وأن انتظاره ليس سوى ‏تراجيديا حزينة ، وهناك قسم ثالث يرى ، كما مر معنا ، أن الانقلاب واقع ، ‏وهو انقلاب " صامت " ، وليس أمامنا إلا كتابة يومياته . وبغض النظر عن ‏صحة أى من تلك الآراء فمن المؤكد أن السياسة التونسية ترقص الآن على ايقاع ‏الانقلاب .‏

‏ ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا