الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُرّاكش ورياضُ ليوناردو دافنشي

سعدي يوسف

2006 / 4 / 16
الادب والفن


في أيلول 2005 ، آنَ كنتُ بمرّاكشَ ، في أيّامٍ مشهودةٍ للثقافة والفنّ ، التقيتُ السيدةَ ســونه واد ، مديرةَ المعهد الثقافي الفرنسي بمدينة مرّاكش ، في عشاءٍ عجيبٍ بأعلى روضةٍ من رياض مراكش الأشدّ مدعاةً للعجب .
قالت لي ســونه واد إنني مدعوٌّ إلى الدورة الثالثة من " ربيع مراكش " حينَ يتدفّق الشِــعرُ ، طليقاً ، في حدائقــه ، منذ أواخر آذار ( مارس ) حتى بدايات نيسان ( أبريل ) 2006. كما أسرّتني أنها ســـوف تستضيفني في " رياض ماســون " ، لا في فندقٍ من فنادق المدينة . لم أكن أعـرف عن " رياض ماسـون " شيئاً ، آنذاك .
أندريا تييرني ، كانت معي .
حين هبطنا في مطار مراكش ، وجدنا من ينتظر ليأخذنا إلى الرياض .
لكن المفاجأة الحقيقية كانت عندما سألني شــرطيّ : أأنت فلان ؟ أجبتُ : نعم . قال : أأنت الشاعر نفسه ؟ أجبتُ : نعم . وهكذا بدأ بيننا حديثٌ ظريفٌ عن الشعر وأهله ، وعن معارفَ مشترَكين …
( علاقة مختلفة ، أكيداً ، بين الشرطي والشعر ! ) .
أندريا لم تكن لتصدِّق الأمر !
وأنا أيضاً .
*
كانت القراءات تتمّ في الحدائق العامّــة ، حيث الشجر وحده يستمع إلى الشعر .
في الجامعة .
وفي المدارس .
قراءةٌ واحدةٌ كانت في محلِّــها تماماً ، وفي مستواها اللائق ، هي القراءة المشتركة لبرنار نويل ومحـمد بنيس ، بـ " الدار الشريفة " ، حيث كنتُ قرأتُ ، مع أندريا تييرني ، قصيدةَ " نيو أورليانز " ، أيلولَ 2005 .
كان برنار نويل ، صديقي منذ أيام باريس ، مضنىً ، كامل الهدوء ، على غير عادته .
علمتُ أن عملياتٍ جراحيةً معينةً أجريَتْ له مؤخراً .
برنار مع إيزابيلاّ كانا يسكنان ، مثلنا ، " رياضَ ماسون " ضيفينِ على ســونه واد .
قصائد برنار نوَيل التي قرأها في " الدار الشريفة " كانت تنضح بأسىً عميمٍ ، وإحساسٍ بالزمن مؤذٍ .
قلت إن برنار وإيزابيلاّ كانا معنا في المنزل .
كنا نتناول فطور الصباح معاً .
في آخر فطور صباحٍ ، ودّعنا برنار وإيزابيلاّ عائدَينِ إلى فرنسا .
قلت لبرنار: إنك مستعجلٌ …
قال مبتسماً ابتسامته العذبةَ : أريد أن أشــهد الثورةَ !
كانت التظاهرات ضد قانون العمل الرجعي ، قانون دو فيليبان ، تجتاح فرنسا آنذاك .

*
مراكش ، ملأى بالرياض ، Riads، هكذا .
والرياض وهوجمعٌ يراد به المفرد هنا ، دارٌ عاليةٌ ذات حديقةٍ ( روضةٍ ) داخلية .
رياض مراكش يشتريها الآن فاحشو الغنى ، الأوربيون والأميركيون ، بملايين الدولارات .
هم يشترون كل شــيء .
وتدريجاً سوف يمتلكون خير منازل المدينة العتيقة ، أي الرياض ، بينما فنادقهم الياذخة تحتلّ الأحياء الجديدة .
أتذكّــرُ من قصيدتي " مجاز وسبعة أبواب " :
مرّاكشُ الحمراءُ تُبنى الآنَ
عاليةً
وعاصمةً
فهل نحن الحجارةُ ؟
*
دُنِــيز ماســون ( 1901-1994 ) ، التي سمّيت الرياض باسمها ، سيدة فرنسية سكنت مراكش أكثر من ثلاثين عاماً ، في المنزل نفسه ، المقدَّم هديةً منها إلى بلدها فرنسا ، والمستخدم حالياً من جانب المعهد الفرنسيّ بمراكش ، موئلاً ومحفلاً .
السيدة دُنيز ماسون ترجمت القرآن ومعانيه إلى اللغة الفرنسية .
وهي مولعةٌ بالموسيقى .
في المنزل أرغنٌ معطّــلٌ
وبيانو شــغّــالٌ .
وأندريا تريد أن تعزف …

عقدت أندريا صداقةً مع مدبِّــرة المنزل ، وبحثتْ معها في المكتبة الخاصة ، عن مدوّناتٍ موسيقية .
كانت الحصيلة كنزَ مدوّناتٍ موسيقية من القرنين السادس عشــر والسابع عشر ، بينها مدوّنــةٌ من ليوناردو دافنشي !
بدا الأمر معجزةً …
وفي ليل مراكش النديّ ، المفعم بضوع الورد ، كانت نغمات ليوناردو دافنشي تَصّــاعَدُ تحت أنامل أندريا وهي تعزف على بيانو دُنيز ماســون .
*
ليل مراكش يبدأ بأغنية الطير والشجر
وينتهي بأغنية الطير …
لندن 14/4/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف