الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعلموا اللقاءات الصحفية من تركي الدخيل

رزاق عبود

2006 / 4 / 16
الصحافة والاعلام


يا "صحفيو" الفضائيات العربية تعلموا اللقاءات الصحفية من تركي الدخيل

برنامج "اضاءات" الذي يقدمه الصحفي المقتدر، وواسع الثقافة الاستاذ تركي الدخيل من الفضائية المتميزه "العربية" يمنح الامل، في ان جزء من صحافتنا العربية بخير، وهناك رموزآ اعلاميه للمهنية العالية، والقدرة الفنية المتطورة باستمرار. فانت تستمع الى الاستاذ خالد ملحم من وراء المحيط،، وهو يستقبل ضيوفه بابتسامة، ويودعهم بامتنان، ويشاركهم في كل حديث، والهدف توضيح الحقيقة كاملة الى المشاهد العربي. واذا كانت طبيعة برنامج ملحم السياسية تختلف، ويتخللها نقاش، واخذ ورد باسلوب حضاري. لا تجده ابدا عند من يفتعلون صراع الديكه في برامحهم، وكان المهرج لا يضحك الناس الا بالكشف عن عورته. ولكن عندما تجلس، وتستمع للقاءات التي يجريها تركي الدخيل، وفي أي مادة، او موضوع، ومع أي شخص تجده دائما سيد الموقف مهما كان مقام الشخصية التي يقابلها فحجته قوية، وسؤاله ذكي، وخزينه المعلوماتي هائل. يحترم ضيوفه رغم تقاطعه احيانا معهم بالكامل. لكنه يعرف جيدا انه لا يحاكمهم، لا يقاضيهم، لا يستجوبهم، كمحقق، انهم ضيوفه، وليسوا اسراه. انه يستزيد من المعلومات لان ملايين المشاهدين تراقبه، وتتابعه، وهو يستخلص من اهل الراي، او العقد، او الفكر مانريد نحن المشاهدون ان نعرفه. وهو لهذا يختار ضيوفه بعناية، ولكي يطلع المشاهد على هدف، وقصد اللقاء.

انا في الواقع اجلس منشدا، متسمرا، امام التلفاز، ويعتريني احيانا نوع من الحسد البرئ، اوالغيره، الشريفة الممتزجتان بالاحترام، والتقدير، والاعجاب بهذه المقدرة. خاصة، ونحن الذين نعيش في الغرب لدينا حس تعالي، وميل الى الشعور باننا الافضل. وغرور لا اساس له. اضافة الى الافكار المسبقة عن مجتمعات نسميها مغلقة، او متخلفة حسب تصنيفاتنا، متناسين ان شكسبير جاء من مجتمع مغلق، وان روائيي مصر جاؤوا باغلبيتهم الساحقه من قرى نائية قسم منها لا يعرف الكهرباء حتى الان، وان بويب انجبت السياب، وقرية اخرى قريبة منها قدمت سعدي يوسف، وان مظفر النواب برزت موهبته وصقلت في الريف. وردة الفعل هذه جاءت في الواقع بعد ان احتشدت الساحة بفضائيات استقطبت كتاب، وشعراء، وفنانين صاروا بين يوم، وليلة "اعلاميين" دون احترام لمكانتهم. وهم يجادلون في كل شئ من تصليح السيارات حتى تفسير المعلقات. ضاربين عرض الحائط التخصص، ومتناسين، ان الاعلام ليس صفة تمنح، بل دراسة، وامكانية، وموهبة، وقدرة، وتخصص، ومهنة صعبة جدا، لايقدر عليها الا اهلها الاكفاء.

ان التقنية العالية، التي يتبعها هذا المايسترو تجعلك تذوب في المشهد. انه يوجه اسئلته بدون استفزاز. يحرج صاحبه برقه، لا يثيره، ولا يجرحه، وتجد محدثه يقول مالا يود ان يقوله. يستدرجه لصالح اللقاء والمشاهد، دون نية خبيثة للايقاع، او نصب الفخاخ، والمصائد. ومهما حاول ضيفه ان يتهرب من الجواب المباشر،او الصريح فان الدخيل ينجح دائما في ان يجعل ضيفه يبوح حتى باسراره. انه يلح، ويلف، ويشجع بذكاء، وبطريقة بارعة ليصل الى ما يريد سماعه. ورغم الاحساس انه يختلف، او غير مقتنع بالجواب، الا انه يخلق جوا من الود، والالفة، والتقرب النفسي، يوفر جوا من الصداقة تخيم على اللقاء، وتخدمه. يحبب لك المتابعة فتجده، وكانه متفحص ذكي للغز، او سر، او ابهام. يكتشف ببراعة الخبير، وحصافة المدقق. رغم ان دوره لا يشبه ابدا الهدف من التحقيق البوليسي، ولكنك تجد متعة في متابعة عجيبة لاستخلاص مايريد ان يعرفه المشاهد. فهو يعرف ضيفه جيدا. درسه، وقرأ له، وعنه، وتابعه بعمق، ومعه دائما مقتبسات من اقواله، او كلمات قالها ،او تعليقات قيلت عنه، وهو يستعين بكل هذا بهدوء، وسعة صدر، وابتسامة، او ضحكة استفهامية، او جملة اعتراضية، او سؤال اضافي، او نظرة ذات معنى. فيؤسر الاثنين الضيف، والمشاهد. وتمر ساعة اللقاء، وكانها ثواني. تفاجأ بانتهاء البرنامج، وانت في اوج انفعالك، ومتابعتك، وتمتعك.

شكرا للعربية، وتهانينا لها بهذا الكنز الثمين تركي الدخيل.

رزاق عبود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: -الذخائر الموقوتة-.. إرث مسموم من ألغام الحربين العال


.. أحزاب فرنسية تسعى للتصدي لليمين المتطرف.. كيف؟




.. أفكار الانتحار.. هل تراود أطفالنا دون أن نعلم؟| #الصباح


.. صدامات بين أتراك وسوريين ومساع ومواقف من النظامين للتقارب وإ




.. الانتخاباتُ الفرنسية.. زلزالٌ يَضرِبُ أوروبا #بزنس_مع_لبنى