الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بتشكيل الحكومة الرابعة ... هل ستكون الناس هي الرابحة ؟

محمد عنوز

2006 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يترقب الناس عملية تشكيل الوزارة الرابعة بعد إنهيار النظام الدكتاتوري في نيسان / أبريل 2003، منذ الإعلان المتأخر لنتائج إنتخابات كانون الأول / ديسمبر 2005، بقلق عميق وينتظرون ما يسر النفس والصديق، وقبل أن نضع ملاحظاتنا حول هذا الأمر الحيوي والمصيري لإرتباطه وتأثيره على العملية السياسية الجارية في البلاد وإمكانية دفعها بإتجاه يلبي حاجات الناس ويحفظ للوطن سيادته وإستقلاله، وهذا لن يتحقق من دون أن تكون الإرادة الوطنية العامة حرة في التعبير عن نفسها وقائمة على أساس وحدة عمل حقيقة في هذه المرحلة التي أقل ما يمكننا وصفها إنها عصيبة وتنذر بعواقب وخيمة إذا ما إستمر الحال على هذا المنوال الذي يدور من دون أن يحسب مصلحة الشعب والوطن أي حساب، نعم أي حساب ومن مختلف الأطراف ولا نريد الدخول في التفاصيل والجدل الذي لا يوقف النزيف ويفسح في المجال لعمل النظيف.
وفي هذا الإطار نؤكد على ضرورة عدم الوقوع في خطل التفكير وسؤ التفسير، مما يجعلنا نفقد بوصلة التدبير، ويمنعنا من جمع الطاقات الحريصة على العراق وأهله فعلاً وليس قولاً، فهذه الأيام تمر ذكرى إنهيار النظام الصدامي الثالثة ونحن في كارثة، والوقائع لا تحتاج إلى كشف وتعريف فهي أمام الناس ماثلة، ومن هنا نقول أن ملاحظانتا التي نتكبها في هذا المقال تقوم على أساس القطيعة التامة مع فكرة " الدفاع " عن النظام المنهار أو التفكير بالحوار مع أيتامه العتاة أو مجرد القول بأنه يعتبر أفضل مما يجري الآن، فالمساومة طالحة والمقارنة غير صالحة، ورفضنا للمقارنة يقوم على أساس إعتقنادنا بعدم صحة وضرورة التمييز أو المقارنة بين الأسوء والسيء، وإذ نرفض السيء نعمل على تحقيق الجيد حتى لو بخطوة بالإتجاه الصحيح تتبعها خطوات، كما إن سنوات النضال ضد الدكتاتورية كانت تستهدف الخلاص منها وهذا تحقق بالطريقة المعروفة من ألف إلى الياء، والتي بدلت لنا طبيعة وحجم المشكلة ومسببها ووفرت إمكانية فعلية للمناضلين الحقيقين كي يعملوا ويحشدوا الطاقات من أجل توحيد وتحرير الإرادة الوطنية العامة في آن واحد، ولذلك تبرز مهمة إستكمال عملية قيام نظام وطني ديمقراطي ينطلق من الإرادة الوطنية العامة ويحترمها من دون لف ودوران ويلبي حاجات الناس الأساسية، وبذلك نكون قد وضعنا حد للمشكلة وبدأنا بخطوات جادة على حلها، وهذا ما يطمح له ويسعى من أجله العراقيين والدليل تضحياتهم الجسام ودعودتهم المستمرة إلى نبذ الإنقسام .
ومن هذا المنطلق، تجدر الإشارة إلى أهمية وضع الحقائق أمام أنظار الشعب، فالجميع مسؤول عندما يتعلق الأمر بمصير الشعب والوطن، ولابد من تجنب الضحك على الذقون والعدوان على العقول، فالدكتاورية البغيضة غيّبت الإرادة الوطنية العامة والمحتل عمل ذات الأمر واليوم تجري محاولات الخروج من المأزق عن طريق الكواليس وجعل الناس تعيش في الكوابيس.
إن التعامل مع واقع الحال لا يعني في اي حال من الأحوال أن نكون جزء منه وبالتالي القبول به كما هو من دون النظر للثوابت الوطنية والإنسانية كالقرار السياسي العراقي المستقل وتلبية حاجات الناس الأساسية، وهذا يستلزم عمل مشترك تتوفر به ومن خلاله إمكانية حقيقية للعمل الكفاحي المناهض لكل من يضع العقبات أمام الإرادة الوطنية العامة كي تظهر وتعبر عن نفسها بصورة جليّة على طريق إستعادة السيادة الوطنية بشكل حقيقي وبمعناها الملموس لا الشكلي وغير المحسوس، والذي يعني على وجه الدقة، إعادة القرار السياسي للعراقيين وليس كما نسمع الكثيرين من خلال التصريحات والتلميحات والكتابات والبيانات من الكثير من الأطراف السياسية، بأن السيادة تم نقلها من الناحية القانونية في حزيران 2004 وكأن النقل القانوني لا يعني الممارسة العملية، علماً إن جوهر السيادة الوطنية وعملية إعادتها لا تعني إخراج القوات الأجنبية فقط أو جدولة إخراجها كما يطالب البعض، إنما جوهرها يكمن قبل كل شيء في القرار السياسي ومصدره على إعتبار ذلك يشكل العامل المحدد لطبيعة السيادة الوطنية، فمن خلال القرار السياسي ومصدره بالإمكان معرفة ما إذا كانت السيادة كاملة أو منقوصة في هذا البلد أو ذاك، وبالتالي فأن القرار السياسي هو الذي يحدد طبيعة وحجم وجود القوات الأجنبية بمعزل عن توافق ذلك مع قرار دولي/ مجلس الأمن أو كان يتعارض معه.
وفيما يتعلق بالعراق فالأمر واضح والسلوك صارخ ومشاركة السفير زلماي في الكثير من الأراء وإتخاذ القرارات، إضافة للزيارات المكثفة من قبل المسؤولين البريطانيين والأمريكان، وخصوصاً الزيارة الأخيرة لوزيري خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية في آن واحد ولغرض واحد يكفي كدليل للقول إن السيادة في بلادنا لا تزال منقوصة، وما يجري من تصرفات هي وقواعد الشرعية على خلاف بذات الدرجة من الخلاف مع الإرادة الوطنية.
وفي سياق الحديث عن الجوانب القانونية ونقل السيادة من الناحية القانونية، نتسائل في سبيل لفت النظر إلى أهمية الإستجابة لطبيعة المرحلة ومهامها وعدم القفز على متطلباتها، كما جرى ويجري منذ نيسان / أبريل 2003 حتى هذا اليوم، حيث الإجراءات في مختلف المجالات ذات طابع إستثنائي والأدوات لا تتناسب مع الظروف والإمكانيات ومنها العملية الإنتخابية ذاتها، التي لم تحترم نتائجها في كل المرات ليس فقط من الأطراف غير المشاركة بل حتى من القوى الفائزة، ففي إنتخابات كانون الثاني / يناير 2005 التي كان يراد لها أن تفرز جمعية وطنية من أولى مهامها كتابة دستور دائم للبلاد، لكن شهدنا عدم إلتزام بذلك وجرى التفاوض مع أطراف خارج الجمعية الوطنية وتم توسيع اللجنة المكلفة بكتابة مسودة الدستور بإضافة عدد منهم من دون التوقف عن سبب ذلك، فهل السبب يكمن في خطأ تقدير طبيعة المهمة؟!!! وهي كتابة دستور، الذي هو عبارة عن عقد إجتماعي سياسي في أوجز التعريفات، وبالتالي يجب أن يشارك في إعداده وكتابته كل أطراف العقد، وبذلك تكون وسيلة الإنتخابات لمثل هذه المهمة غير مناسبة، أو يعتبر توسيع اللجنة هو خرق لقانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، بإعتباره القانون الأساسي في البلاد، إلى جانب هذا الخطأ في التقدير أو الخرق للقانون، فأن العملية السياسية بحد ذاتها دفعها البعض خارج منطقها الحقيقي، وجرى النظر إليها والتعامل معها وكأنها معركة سياسية وكذلك العملية الإنتخابية غدت معركة إنتخابية.
ونحن نختلف مع فكرة وممارسة المعركة لخطورتها الواضحة للعيان ونؤكد على إعتبارها عملية سياسية أو إنتخابية لأن العملية لا تستلزم إستعراض القوة وإستخدام العنف وممارسة الخداع وتوظيف الأموال بشكل غير معقول، فمثل هذه المستلزمات تتطلبها المعركة وليس العملية، إلى جانب كون العملية يكون مسؤول عنها ومشارك فيها ومستفيد منها الجميع، الذين يريدون بناء العراق على أسس ديمقراطية تحترم التعددية السياسية والقومية والدينية، أما المعركة فهي معركة كل تلك القوى ضد الإرهاب وقوى التكفير ومن يريد عودة الدكتاتورية وكل جهة تعمل على تغييب الإرادة الوطنية العامة.
وكذلك العملية الإنتخابية التي جرت في كانون الأول / ديسمبر عام 2005 ، شاهدنا ما حصل وأنتظرنا تقرير الجهات الدولية والنتائج الأخيرة للمفوضية الوطنية، ومع ذلك ظهرت أصوات وصلت إلى حد الإتفاق العام على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، فماذا يعني ذلك؟!!! هل الخطأ في الوسيلة أم في مطلب حكومة الوحدة الوطنية، وعلاقة كل ذلك بطبيعة مهام المرحلة، وكم من الوقت إستغرقت عملية إعلان النتائج والوقت الذي تتطلبه عملية تشكيل السلطات أو ما يصطلح عليه اليوم بالرئاسات، ( رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ) ؟!!!
علماً أن المواعيد الخاصة بالإنتخابات وفترة كتابة مسودة الدستور الدائم وإستفتاء الشعب عليها كانت محددة في قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، الذي إستمد مضمونه وتلك المواعيد من إتفاقية تشرين الثاني / نوفمبر 2003 ، التي وقعت من قبل السيد جلال الطالباني بإعتباره الرئيس المناوب لمجلس الحكم وقتذاك والحاكم المدني الأمريكي للعراق السفير بول بريمر.
ومن هنا نجد أن السؤال يلد سؤال، والحال هو ذات الحال حيث الحاصل تغيير للمشاكل في حين الناس تنتظر وتعمل وتضحي من أجل حلول لهذه المشاكل!!! لذلك نتسائل، هل يراد من القول للناس بأن السيادة تم نقلها من الناحية القانونية خداع الناس أم إن الأمر مع معطيات الواقع عدم أهلية الجهة المنقولة لها السيادة أم أن ذلك القول أمر شكلي لابد من التأكيد على ضرورة نقل السيادة بشكل فعلي؟! وهذا ما نحن ندعو إليه ونعمل من أجله، وهل دولة القانون قد تم بناءها في العراق بمجرد أن أظهرت صناديق الإستفتاء بأن الأغلبية مع الدستور؟!!! على الرغم من إقراره من قبل الجمعية الوطنية المنتخبة في أخر اللحظات وبعد عدة تعديلات أساسية وإتفاق بعض الأطراف على مراجعته وتعديله كما نتصت المادة (141) منه :
أ ـ يشكّل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور. وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها.
ب ـ تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت، وتعد مقرة بموافقة الغالبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
ج ـ تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب، وفق ما ورد في البند الثاني من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لاتزيد عن شهرين من تاريخ إقرار التعديل.
د ـ يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر.
هـ ـ يستثنى العمل بالمادة (122) (المتعلقة بتعديل الدستور) من الدستور، ويعاد العمل بموجبها بعد البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المـادة، (هذه المادة تنص على: لايجـوز تعــديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين) أي 8 سنوات.
مع العلم إن أغلبية المواطنون لم يطلعوا على النص الذي كان من المفروض أن يوزع لهم مع الحصة التموينية وبالتالي لم يعرفوا ما فيه من نصوص ولم يدركوا الكثير من مضامينه في نهاية المطاف؟!!! ومما يؤكد هذه الحقيقة، حصول خروقات واضحة للقواعد الدستورية من دون أن تثير أي إهتمام ولم يتوقف عندها أحد، بل ولم يجري التعليق عليها منذ أن جرى العمل بقانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية وإلى أن بدأ العمل بالدستورالقائم ( خرق المواعيد المحدد، إستحداث وزارات بدل تشكيل الهيئات التي حددها القانون..... ) وإذ نشير لذلك إنما نستهدف التأكيد على أن الجانب التربوي الناتج عن عملية التطبيق الخاطئة بطريقة الخرق أو المماطلة لها أثر أخطر على الوعي العام من الخطأ في الجانب النظري الذي يكثر في النصوص العديد إلى درجة التكبيل، وفي الحالتين يفقد المواطن ثقته تدريجياً بجدوى النصوص الدستورية وأهمية إحترام القانون، ويقع في عملية تشبيه غير منطقية بين الأمس اليوم.




*** ملاحظة: كتب المقال في 15 / شباط ـ فبراير / 2006
أرسل للنشر في 14 / نيسان ـ أبريل / 2006
لكثرة ما ينشر ترددت في النشر ولم أرسل هذه المادة في حينها ولديّ عدد من المقالات تحمل بعض الأراء المتعلقة بتطورات الأوضاع وإتجاهات هذا التطور والمسؤولية الوطنية في هذه الظروف، لم أنشرها أيضاً، فكنت أمام حالة تبدو الأمور بهذه الصيغة أمامي ( الصخب عالي والدم على ما يبدو مو غالي ) ولا تزال، الآن أرسل بعض من هذه المواد إستجابة لنصائح بعض الأصدقاء عسى ان تحمل شيء غير ضار.
وفي الذكرى الثالثة للتغيير قدمت محاضرة بعنوان ( الإحتلال الأجنبي والإختلال الوطني ) في مدينة يتبوري بالتعاون بين جمعية تموز وشبكة العراق الجديد في السويد، وقبلها محاضرة بعنوان ( دستور جمهورية العراق دائم أم عائم ) في الجمعية الثقافية العراقية مدينة مالمو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام