الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف قرن والمعاناة مستمرة

محسن طاهر

2019 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في الخامس من تشرين الأول (1962) كان الموعد مع الإعلان المشؤوم للإحصاء الاستثنائي في الجزيرة خُطِّطَ له في دهاليز الأقبية الأمنية بدمشق, ليتم بموجبه تجريد أكثر من مائة وخمسين ألفاً من أبناء الشعب الكردي من حقوق المواطنة, بما يكتنفه من المعاني والدلالات .

صُوَّر الأمر للوهلة الأولى مجرد احصاء روتيني, ونسيان تسجيل بضع أشخاص سهواً... أو نتيجة الأخطاء التكنيكية للقائمين على سير العملية, بينما الحقيقة كانت مختلفة تماماً, فالعقول الشوفينية عمدت إلى تجاهل عشرات الآلاف من أبناء الكرد وعدم تدوين أسمائهم في السجلات الرسمية السورية, كحلقة أولية للسياسة الممنهجة ضد الكرد في سوريا, تبعتها حلقات متتالية من إجراءات تعسفية نُفِذت تباعاً وتصوير الشعب الكردي بـ ( قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت, وستعصف بالأمن القومي العربي في أية لحظة حسب مرافعات الرأس المدبر للسياسة الشوفينية تجاه الكرد الضابط المخابراتي محمد طلب هلال رئيس شعبة الأمن السياسي في محافظة الحسكة و المعروف بكراهيته للعنصر الكردي والذي عمل بدأب وبكل السبل لصهره وامحاء وجوده القومي وقد كُوفِئ فيما بعد بترقيته إلى منصب الوزير نتيجة ذلك) .

لا غرو أن يتزامن توقيت هذه الإجراءات الاستثنائية بعد سنة من إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق عن ثورة أيلول المجيدة /1961/ بقيادة الزعيم الخالد ملا مصطفى البارزاني, والتي هزت أركان النظام الدكتاتوري في العراق, بما حققتها من انتصارات عسكرية ومكاسب سياسية للشعب الكردي في الاجزاء الأربعة من كردستان, حيث لاقت الدعم العارم من لدن أبناء الشعب الكردي في كل مكان, مما دفع النظام السوري للبدء بتنفيذ المشاريع العنصرية المخططة لها مسبقاً من قبل محمد طلب هلال وذلك تحسباً لانعكاس الثورة الظافرة على كردستان سوريا, فكان الإحصاء والاستيلاء على آلاف الهكتارات من أخصب الأراضي الزراعية العائدة ملكيتها للكرد, وتوزيعها على العرب المستقدمين من الرقة وحلب, واسكانهم في مستوطنات خاصة ومنحهم القروض المالية المغرية والتسهيلات الزراعية بحجة غمر أراضيهم بمياه بحيرة ( الثورة ) إثر تشييد سد الفرات, كما قامت السلطات الامنية بالتخطيط لإفراغ الشريط الحدودي المحازي للحدود التركية العراقية بغية عزل الكرد عن اخوتهم في كردستان الشمالية والشرقية وبما يزيد عن ثلاثة مئة كيلو متر طولاً وبعرض عشرة كيلو مترات (الحزام العربي) وتحويلها إلى مزارع الدولة لتؤول فيما بعد إلى شركات وهمية خاصة مملوكة لكبار الضباط المتنفذين, كشركة النماء وريما.

اليوم وبعد مرور أكثر من خمس عقود على تطبيق الاحصاء الجائر والسياسات العنصرية ذات الصلة, لا تزال المسألة قائمة والمعاناة مستمرة والمفاعيل تستوطن الارض, وتمسّ أصالة الكرد, علماً أن الشعب الكردي لم يتوانَ يوماً عن الوقوف إلى جانب الوطن, وناضل بلا هوادة من أجل نيل الديمقراطية لعموم السوريين, وقدم تضحيات جسام بهذا الصدد, فبعد هذا التاريخ الطويل الحافل بالماسي والسياسات الاستثنائية حيال الشعب الكردي, آن الاوان للشعب السوري وحراكه السياسي والثقافي والميداني, أن ينصف الكرد ويتعاطف مع قضيته الوطنية العادلة... كما يترتب على الحركة السياسية الكردية بكافة تياراتها وفصائلها, اعادة النظر في سياساتها وعلاقاتها وبما تنسجم ومصالحها القومية والوطنية في البلاد, مع ايلاء الأولوية لترتيب البيت الكردي الداخلي وصولاً لوحدة الموقف والصف حيال القضايا العامة على الصعد المحلية والإقليمية والدولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا